هل ستُصبح العملة الوطنية حطامًا؟ مخاوف من تخطي الدولار حاجز 5010 ريال يمني!    في ذكرى عيد الوحدة.. البرنامج السعودي لإعمال اليمن يضع حجر الأساس لمشروع مستشفى بمحافظة أبين    حدادا على شهيد الريح : 5 أيام في طهران و7 في صنعاء !!    مفاتيح الجنان: أسرار استجابة الدعاء من هدي النبي الكريم    الرئيس رشاد العليمي: الوحدة لدى المليشيات الحوثية مجرد شعار يخفي نزعة التسلط والتفرد بالسلطة والثروة    رئيس إصلاح المهرة: الوحدة منجز تاريخي ومؤتمر الحوار الوطني أنصف القضية الجنوبية    قيادي إصلاحي: الوحدة اليمنية نضال مشرق    الرئيس العليمي يبشر بحلول جذرية لمشكلة الكهرباء    الرئيس العليمي : قواتنا جاهزة لردع اي مغامرة عدائية حوثية    "العدالة تنتصر.. حضرموت تنفذ حكم القصاص في قاتل وتُرسل رسالة قوية للمجرمين"    "دمت تختنق" صرخة أهالي مدينة يهددها مكب النفايات بالموت البطيء!    بطل صغير في عدن: طفل يضرب درسًا في الأمانة ويُكرم من قِبل مدير الأمن!    خبير جودة يختفي بعد بلاغ فساد: الحوثيون يشنون حربًا على المبلغين؟    الونسو: اتالانتا يشكل تهديدا كبيرا    بن عديو: الوحدة تعرضت لسوء الإدارة ولا يعني ذلك القبول بالذهاب نحو المجهول    ما بين تهامة وحضرموت ومسمى الساحل الغربي والشرقي    إيقاد الشعلة في تعز احتفالا بالعيد الوطني 22 مايو المجيد والألعاب النارية تزين سماء المدينة    محمد قحطان.. والانحياز لليمن الكبير    في ذكرى إعلان فك الارتباط.. الانتقالي يؤكد التزامه باستعادة دولة الجنوب (بيان)    أبين.. منتخب الشباب يتعادل مع نادي "الحضن" في معسكره الإعدادي بمدينة لودر    الوزير الزعوري يناقش مع وحدة الإستجابة برئاسة مجلس الوزراء الملف الإنساني    وزير الشؤون الاجتماعية يشيد بعلاقة الشراكة مع اليونيسف في برامج الحماية الإجتماعية    التعادل يسيطر على مباريات افتتاح بطولة أندية الدرجة الثالثة بمحافظة إب    القبض على متهم بابتزاز زوجته بصور وفيديوهات فاضحه في عدن    تراجع أسعار النفط وسط مخاوف من رفع الفائدة الامريكية على الطلب    الامين العام للجامعة العربية يُدين العدوان الإسرائيلي على جنين    لاعب ريال مدريد كروس يعلن الاعتزال بعد يورو 2024    المبعوث الامريكي يبدأ جولة خليجية لدفع مسار العملية السياسية في اليمن مميز    إحصائية حكومية: 12 حالة وفاة ونحو 1000 إصابة بالكوليرا في تعز خلال أشهر    الآنسي يعزي في وفاة الشيخ عبدالمحسن الغزي ويشيد بأدواره العلمية والدعوية والوطنية    الوزير البكري يلتقي رئيس أكاديمية عدن للغوص الحر "عمرو القاسمي"    تناقضات الإخواني "عبدالله النفيسي" تثير سخرية المغردين في الكويت    الحوثي للاخوان: "اي حرب ضدهم هي حرب ضد ابناء غزة"!!!!    مركز الملك سلمان للإغاثة يدشن حملة علاجية مجانية لمرضى القلب بمأرب    "وثيقة".. كيف برر مجلس النواب تجميد مناقشة تقرير اللجنة الخاصة بالمبيدات..؟    تقرير برلماني يكشف عن المخاطر المحتمل وقوعها بسبب تخزين المبيدات وتقييم مختبري الاثر المتبقي وجودة المبيدات    الحوثيون يعبثون بقصر غمدان التاريخي وسط تحذيريات من استهداف الآثار اليمنية القديمة    أين نصيب عدن من 48 مليار دولار قيمة انتاج الملح في العالم    هل يمكن لبن مبارك ان يحدث انفراجة بملف الكهرباء بعدن؟!    قاتلكم الله 7 ترليون في الكهرباء فقط يا "مفترين"    فيديو فاضح لممثلة سورية يشغل مواقع التواصل.. ومحاميها يكشف الحقيقة    يوفنتوس يعود من بعيد ويتعادل بثلاثية امام بولونيا    "ضربة قوية لمنتخب الأرجنتين... استبعاد ديبالا عن كوبا أميركا"    وهم القوة وسراب البقاء    "وثيقة" تكشف عن استخدام مركز الاورام جهاز المعجل الخطي فى المعالجة الإشعاعية بشكل مخالف وتحذر من تاثير ذلك على المرضى    اتحاد الطلبة اليمنيين في ماليزيا يحتفل بالعيد ال 34 للوحدة اليمنية    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبام.. مدينة دهشة الزمان والمكان
المدن التاريخية من الثروات والكنوز في محافظة حضرموت


مقدمة:
شبام حضرموت ها نحن نقدمها للقارئ الكريم لتأكيد صدق ما ذهبنا إليه بأن اليمن غنية بمدارسها الإسلامية وثرواتها الحضارية على مستوى المحافظات والمديريات والعزل والقرى، وما علينا نحن اليمنيين إلا أن نحافظ على وحدتنا، ونسعى إلى استغلال هذه الثروات بروح الفريق الواحد. فقد أثبتت شواهد التاريخ أن اليمن كيان موحد، عبر تاريخه الطويل، وأن الذين ينادون بالانفصال هم مدفوعون من الجهات التي كانت وراء انفصال جنوب السودان عن شماله، فهل تأملنا ما هو وضع جنوب السودان وشماله حالياً؟. كما أن جغرافية اليمن تؤكد أيضاً أن موارد مياهها تنبع من مصدر واحد، وأن الذين يسعون إلى إعادة التشطير ربما لا يفهمون التاريخ اليمني، ولا جغرافية اليمن الموحد.
هل من المعقول أن يتخلى إنسان ما في أي مكان أو زمان عن جنسيته وعن إرثه الحضاري مهما كانت الأسباب، وبأي ثمن كان ولو أعطي مليارات الدولارات، ربما يقال إن الوحدة مع الشمال أفرزت هذا الواقع، لكنني أقولها بكل صراحة ووضوح أن أبناء الشمال قد ذاقوا مرارة الظلم والحرمان مثل ما ذاقه أبناء الجنوب، وما علينا إلا أن نجسد المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات في دستور اليمن الجديد، والذي يتم صياغته حالياً من قبل لجنة الحوار، وأن نفعل القوانين في كافة مرافقنا وعلى كل شبر من يمننا الموحد، ولا يعتقد أبناء الجنوب ولا أبناء الشمال أن الانفصال هو الحل، لأن التاريخ والجغرافيا علمتنا أن مصائب الجنوب تنعكس علينا نحن أبناء الشمال، وأن مصائب الشمال تنعكس عليكم يا أخواني وأحبائي أبناء الجنوب.
تسمى مناطق عديدة بشبام في الجمهورية اليمنية في أكثر من محافظة، فبالإضافة إلى شبام حضرموت، توجد شبام في لواء صنعاء في مديرية حراز؛ جبل وحصن حراز، والذي يطل على مدينة مناخة مركز مديرية حراز، كما ورد اسم شبام أيضاً في شبام الغراس، والتي تقع في الشمال الشرقي لمدينة صنعاء على بعد 25كم من ناحية مديرية بني حشيش، وورد اسم شبام في محافظة المحويت وهي مدينة شبام التاريخية عاصمة اليعفريين، والتي تبعد عن مدينة صنعاء 34كم، وكل هذه المناطق من المدن والمناطق التاريخية والتي تتركز فيها العديد من المواقع الآثرية، هي بحاجة إلى تنقيب عن آثارها، ولاشك أن نتائج التنقيب عنها سوف تكشف لنا العلاقة الحضارية والتاريخية بين هذه المناطق، ما يؤكد وحدة التاريخ ووحدة المكان ووحدة التراث في بلادنا اليمن.
شبام حضرموت
مديرية شبام حضرموت تقع في محافظة حضرموت، يحدها من الشمال مديرية قف العوامير، ومن الجنوب مديريتا: ساه ووادي العين وحورة، ومن الشرق مديرية سيئون، ومن الغرب مديرية القطن. وتبلغ مساحة المديرية 1118كم2، ومركز المديرية مدينة شبام، وتضم المديرية 178 قرية تشكل مركزاً سكانياً واحداً هو عزلة شبام، ويبلغ عدد السكان في هذه المديرية 48293 نسمة وفقاً للتعداد العام للسكان والمساكن عام 2004م.
ومدينة شبام حضرموت وصفها المؤرخ اليمني الهمداني في كتابه (صفة جزيرة العرب) بأنها مدينة الجميع، وأنه سكنها - أي المؤرخ الهمداني - وبها ثلاثون مسجداً ونصفها خراب، وشبام تبعد عن مدينة سيئون19كم، وصفها زوارها من السياح الغربيين ب(منهاتن الصحراء) أو ناطحات السحاب اليمنية، ومدينة شبام تنسب إلى بانيها شبام بن حضرموت بن سبأ الأصغر، ولشهرة مدينة شبام فقد أُطلق عليها عدد من الأسماء عبر العصور المختلفة مثل (بجم، الصفراء، العالية، البلاد، مدينة حضرموت، الزرافة, الدافئة)، وأنا أسميها ب(مدينة دهشة الزمان والمكان)، لأنه عندما يشاهدها أي إنسان عند شروق الشمس أو غروبها، ويرى منازلها تتوهج كأنها سبائك من الذهب، لا يستطيع إلا أن يصاب بالدهشة والذهول والإعجاب اللامتناهي. وقد زرتها في عام 2003م، ولا تزال صورتها التي رأيتها فيها عند غروب الشمس ماثلة أمام عيني، ولا يمكن أن أنساها حتى آخر يوم في حياتي، فعلى عشاق الفن والجمال من القراء الكرام ألا يفوتوا هذه الفرصة في حياتهم، وأن يقوموا بزيارتها ورؤية مبانيها عند غروب الشمس أو شروقها، وسينظرون منظراً لا يمكن أن يتكرر في حياتهم، وهي دعوةٌ مني أُقدمُها إلى الفنانين التشكيليين والشعراء لزيارة مدينة شبام، وأن يقوموا برسم لوحاتهم، و إنشاء قصائدهم أثناء غروب أو شروق الشمس في شبام، التي تعتبر مناظر خلابة لا يمكن أن تتكرر في زمان أو مكان آخر في غير هذه المدينة.
وشبام مدينة متكاملة ومعلم من المعالم التاريخية التي يحق لليمن واليمنيين أن يفتخروا بها وبمدينة صنعاء، فهما جوهرتان ثمينتان على جبين كل يمني ويمنية عبر العصور، ولمدينة شبام حضرموت سور يحيط بها من كل الاتجاهات ولها بوابة، وبيوتها عبارة عن شبكة عنقودية كما شبهها السائح الأوروبي (فرايا ستارك) في كتابه (مشاهد من حضرموت)، ومنازلها هي شبيهة بناطحات سحاب، مثلها مثل مدينة صنعاء حيث اُعتُبرت منازلها أول ناطحات سحاب في العالم، ويتم تأسيس مباني مدينة شبام من الطين والتبن.
مدينة شبام حضرموت في التاريخ
شبام من أهم المدن التاريخية في محافظة حضرموت، وقد ورد ذكرها في القرن الرابع قبل الميلاد في النقوش التي وردت في نقوش مملكة حضرموت، فقد ذُكرت بضبط (شِبَم) ضمن مملكة حضرموت في نقش (32 أرياني)، وهذا يعتبر أول ظهور لاسم هذه المدينة في فترة ما قبل الإسلام، إبان حكم الملك «ذمار علي يهبر ملك سبأ وذي ريدان وحضرموت ويمنات»، حيث ذكر هذا النقش أن قوات هذا الملك حاصرت مدن حضرموت وفي مقدمتها مدينة شبام، وتدل عملية محاصرة المدينة على أنها كانت ذات نظام دفاعي قوي، يعكس مهارة سكانها في تصميم أنظمة دفاعية فعالة، مثل الأسوار المرتفعة المنيعة والأبراج الدفاعية وغيرها.
وكان أول ظهور لهذه المدينة في التاريخ الإسلامي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أرسل إليها أحد عُماله وهو زياد ابن لبيد الأنصاري، الذي ظل والياً عليها إلى عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
والمتتبع لتاريخ مدينتي شبام وتريم من بداية الدعوة الإسلامية يجد أن الصحابي الجليل زياد بن لبيد الأنصاري قد اتخذهما مقراً لإدارة إقليم حضرموت كاملاً وأعتقد أنه كان يتنقل ما بينهما، وكانت مدينة شبام في العصر الأموي حاضرة وادي حضرموت.
الأباضية في اليمن جنوباً وشمالاً
وفي سنة ( 129ه) اتخذها عبدالله بن يحيى الكندي صاحب الدعوة الأباضية كعاصمة لدولته التي كانت تسيطر أيضاً على مدينة سيئون وغيرها من مدن وقرى الوادي، وجعلها منطلقاً لدعوته، ومنها زحف إلى الكثير من المناطق اليمنية حتى وصل إلى مدينة صنعاء وواصل تقدمه حتى دخل مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكانت دعوته تهديداً حقيقياً للدولة الأموية ثم توالت على الدعوة الأباضية الهزائم حتى انتهت المرحلة الأولى من تاريخ الأباضية بمقتله عام 131ه، ولا شك أن تاريخ المذهب الأباضي ودعوته الأباضية في حضرموت، وكل اليمن خصوصاً في المحافظات الشمالية كما ذكر العلامة زيد بن علي الوزير في كتابه عن تاريخ الأباضية في الشمال، يحتاج إلى بحث تاريخي علمي وموضوعي محايد لا يكون متأثراً بالصراعات المذهبية؛ بحيث يتم إلقاء الأضواء على تلك الفترات التاريخية من حياة شعبنا؛ لأنها جزء من تكوين التراث الإسلامي والديني لليمن خصوصاً أن المذهب الأباضي هو الآن سائد في سلطنة عمان الشقيقة والجارة المحاددة لليمن من جهة الشرق.
ناطحات السحاب في شبام حضرموت
تشتهر شبام حضرموت ببيوتها الشديدة الارتفاع، وقد وصفها زوارها من السياح الغربيين ب(منهاتن الصحراء) أو ناطحات السحاب اليمنية، وبيوتها عبارة عن شبكة عنقودية كما شبهها السائح الأوروبي (فرايا ستارك) في كتابه (مشاهد من حضرموت)، ومنازلها شبيهة بناطحات سحاب، مثلها مثل مدينة صنعاء حيث اعتُبرت منازلها أول ناطحات سحاب في العالم، ولم تكن المباني على ما نراه اليوم من ارتفاع شاهق، وإنما كانت مكونة من دورين أو ثلاثة، ولكن توالي الأحداث الكبيرة على المدينة، من تهدم معظم معالمها أدى إلى تقليص مساحتها، حتى انحصرت فوق أكمة ضيقة المساحة كما هي عليها الآن منذ أوائل القرن الرابع الهجري وانتشرت في المدينة منذ بداية القرن السادس الهجري المساجد والزوايا الصغيرة، ولم تزل تجدد حتى يومنا هذا وأصبح معظمها محصوراً داخل الأسوار.
ولقد بدأ نجم المدينة يظهر عندما ابتكر المعمار اليمني الشكل الهندسي الجميل لبيوت المدينة العالية، ففي العقد الثاني من القرن العاشر الهجري ساد الاستقرار النسبي وادي حضرموت تحت حكم السلطان بدر آبو طويرق الكثيري (977-922ه ) وانتقلت القبائل المجاورة إلى المدن الحضرمية ، فكان نصيب مدينة شبام النصيب الأكبر من النازحين، فبدأت تضيق بأهلها ومساحة المدينة محدودة بأسوارها، والبناء خارج الأسوار مهدد بالهدم، وبجرف السيول، ومعرض للغارات التي تجتاح المدينة من حين لآخر، فلم يكن أمام المهندس المعماري إلا التطلع إلى أعلى، وهو خير وأوسع مجال، فبنوا من أربعة وخمسة أدوار وتوجوها بطابق سادس يعلوه سقف مسطح مكلل ومطلي بالنورة، كتاج أبيض جميل يزين أعالي كل منزل في المدينة، وقلادة أخرى من النورة والنقوش ملقاة على واجهات جميع المنازل المترابطة، ولم يكن البناء معقداً قط، فإنما هو بمواد بسيطة: طين، تبن، وماء، وجذوع نخيل، وأخشاب السدر، وحرارة شمس استوائية لتجفيف اللبن. إضافة إلى قواعد المباني القوية، والأعمدة المستقيمة في المنازل التي تحمل الأسقف وتعين على تماسك البنيان، والتي تسمى باللهجة المحلية (الأسهم)، ونوافذ جميلة، وأبواب فريدة كلها مزخرفة بنقوش بديعة غاية في الإتقان.
تسمو المنازل وترتفع إلى أعلى شاهقة نحو السماء، في أطوال متوازية وزوايا متناسقة، تبلغ أطوالها في معدل ثابت يتراوح بين ثلاثة وعشرين إلى أربعة وعشرين متراً، كلها من الطين والخشب، لا تتأثر بالعواصف والأمطار مصقول أعلاها، متقن أسفلها، بلغ عدد منازلهم خمسمائة منزل متجاور متعاضد بعضها ببعض تتخللها الأزقة ويتوسطها المسجد الجامع بمئذنته العالية التي تقل عن ارتفاع المنازل، يقابل كل ذلك قصر الحكم والحصن النجدي وبوابات المدينة ومنازل الجنود.
وتم تأسيس مباني مدينة شبام من الطين والتبن، ويتميز الفن المعماري لمنازل مدينة شبام بما يلي:
1 - تشابك منازلها، ويفتح بين كل منزل ومنزل باب يسمى (المسلف)، ولعله يؤدي وظيفة اجتماعية، بحيث تقوم ربة الأسرة عبر هذا الباب بالسلف من جارتها بعض المواد الغذائية أو الأدوات المنزلية، ويمكن للنساء والرجال أن يتنقلوا من هذا الباب إلى عشرة منازل أو أكثر، أليس هذا التصميم يؤدي وظيفة اجتماعية وأخلاقية ودينية لا توجد في أي مدينة في العالم.
2 - البناء في مدينة شبام يتكون من مواد بسيطة تتكون من الطين والتبن والخشب وجذع النخل وأخشاب السدر، كما يوجد في المنازل أعمدة مستقيمة تحمل الأسقف وتسمى بالأسهم ونوافذها وأبوابها جميلة ومزخرفة بنقوش في غاية الذوق والجمال.
3 - توجد فتحات فوق النوافذ في داخل الغرف خاصة بالتهوية ودخول أشعة الشمس.
4 - حمامات منازل مدينة شبام هي أعجوبة في الفن المعماري حيث يوجد في كل حمام منفذ للمخلفات وكل منفذ في الحمام في الطابق الأسفل يختلف عن الفتحة التي في الطابق الأعلى، وبالتالي يعتقد الذي لا يعرف تصميم منازل مدينة شبام أن الحمام في كل طابق مستقل عن الطابق الآخر، والواقع هو أن المخلفات جميعها تصب في موقع واحد.
5 - الطابق الأعلى في منازل مدينة شبام له سقف مسطح ومطلي بالنورة وشكله كأنه تاج على كل منزل من منازل المدينة؛ مما يعطي هذه المنازل جمالاً وبهاءً.
وأقدم منازل شبام عمره 400 سنة، وهناك من يقول أن عمر المنازل الحالية يصل إلى 800 سنة، وهذا القول لا يزال يحتاج إلى المزيد من البحث والتنقيب ليتم التأكد من صدق هذه المقولة، وعدد منازل المدينة الآن 500 منزل، ويتراوح ارتفاع مبانيها من 25 إلى 30 متراً، ويتراوح ارتفاع الطابق الواحد ما بين 4 إلى 6 أمتار، ويتراوح سمك جدران الدور الأرضي ما بين متر ونصف ومترين.
من أشهر المعالم التاريخية في شبام حضرموت
ومن أشهر المعالم التاريخية في شبام:
1 - جامع هارون الرشيد: يعتبر أشهر جوامع مدينة شبام، ويقع في وسط المدينة وينسب بناؤه إلى أحد ولاة الخليفة هارون الرشيد عام 200ه وتوجد العديد من الروايات تقول أن هذا الجامع هو امتداد لجامع قديم من عهد الصحابي الجليل زياد بن لبيد الأنصاري في بداية الدعوة الإسلامية، ويوجد في الجامع منبر قديم، وهو مصنوع من الخشب، وقد أمر بإقامته الملك المنصور عمر بن علي الرسولي ملك اليمن الموحد في العصر الرسولي و كانت تعز هي عاصمة الدولة الرسولية، ويعتبر الجامع واسعاً في المساحة عن بقية مساجد البلاد، وتوجد به الكتابات العربية والأدعية الدينية، وقد أعيد ترميم المسجد أكثر من مرة ولكن على نفس الأسس القديمة، ويتضح ذلك من الأجزاء الواضحة في أصل البناء القديم في الجانب الأيمن من المدخل الرئيسي للجامع. والملاحظ عند دراسة المدن التاريخية في محافظة حضرموت أنه لا يوجد بين المؤرخين والباحثين اتفاق على تحديد مواقع المساجد الإسلامية التي بنيت في بداية الدعوة الإسلامية ولا تاريخ بنائها، وإنما هناك آراء متضاربة ومتناقضة، بينما هناك اتفاق بين المؤرخين اليمنيين والعرب والمسلمين على تحديد موقع وتاريخ بناء جامع صنعاء وجامع الجند في محافظة تعز، مما يستدعي المزيد من البحث عن الجوامع الإسلامية التاريخية في محافظة حضرموت والتي أسست في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أو على الأقل تحديد مواقعها خصوصاً أن الهمداني أشار في كتابه (صفة الجزيرة العربية) إلى أنه في عهده كان يوجد في مدينة شبام ثلاثون مسجداً ونصفها مخرب، وبالإمكان القيام بالتنقيب الجزئي والفحص على التربة والمواد في العمق في بعض المساجد في مدينتي شبام وتريم والتي هي مظنة أنها كانت في الأساس مسجدين بناهما الصحابي زياد بن لبيد الأنصاري.
2 - مسجد الحارة: يقع في الركن الشمالي الغربي من السور القديم للمدينة وتجاوره القلعة ويتكون هذا المسجد من طابقين، حيث تقع المدرسة التابعة للمسجد في الطابق العلوي، وقد سقط سقفه مؤخراً، وهو الآن هيكل يحتفظ بأبوابه ونوافذه وأعمدته، وله محرابان جميلان في جدار القبلة أحدهما في الطابق الأرضي والثاني في الطابق العلوي الذي استخدم كمدرسة.
3 - مقبرة شبام: تقع المقبرة غرب المدينة على بعد (400 متر) في موضع يسمى (جرب هيثم)، وقد أجريت فيها دراسة من قبل برنامج اليونسكو لحماية مدينة شبام حضرموت. تقع المقبرة على مساحة تقدر بنحو (180 ألف متر مربع)، بها مسجدان ومبنى على قبر الولي القديم، وتقدر عدد شواهد القبور المكتوبة ب (121 شاهداً)، منها (106) شواهد حددت تواريخها في الفترة الممتدة من القرن التاسع إلى القرن الرابع عشر الميلادي، وهذه المقبرة لا زالت هي المقبرة الرئيسية للمدينة، يدفن فيها الموتى حتى اليوم، وتمتاز بمهارة تنظيم وتخطيط وضع القبور.
وقد رجعنا إلى العديد من المراجع عند إعدادنا لهذا المقال ومنها: (صفة جزيرة العرب/ للهمداني)، (معالم الآثار اليمنية/ للمرحوم القاضي حسين السياغي)، ، (الموسوعة اليمنية/الطبعة الثانية)، (تاريخ حضرموت/ تأليف صالح الحامد)، (تريم بين الماضي والحاضر/ تأليف أحمد بن عبدالله بن شهاب)، (حضرموت فصول في التاريخ والثقافة والتراث/ جمعية أصدقاء علي أحمد باكثير - القاهرة)، (معجم بلدان حضرموت المسمى إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت/ تأليف السيد عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف، تحقيق إبراهيم أحمد المقحفي وعبدالرحمن حسن السقاف)، (الموسوعة السكانية/للدكتور محمد علي عثمان المخلافي)، (نتائج المسح السياحي في الفترة 1999-1996م)، (موقع موسوعة ويكيبيديا على الإنترنت)، (توحيد اليمن القديم الصراع بين سبأ وحمير وحضرموت من القرن الأول إلى القرن الثالث الميلادي/ تأليف أ.د.محمد عبدالقادر بافقيه/ اصدارات الصندوق الاجتماعي للتنمية).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.