مقتل "باتيس" في منطقة سيطرة قوات أبوعوجا بوادي حضرموت    مايكل نايتس يكشف ل«العين الإخبارية».. كيف دحرت الإمارات «القاعدة» باليمن؟    تتويج الهلال "التاريخي" يزين حصاد جولة الدوري السعودي    جدول مباريات وترتيب إنتر ميامي في الدوري الأمريكي 2024 والقنوات الناقلة    مصادر سياسية بصنعاء تكشف عن الخيار الوحيد لإجبار الحوثي على الانصياع لإرادة السلام    لهذا السبب الغير معلن قرر الحوثيين ضم " همدان وبني مطر" للعاصمة صنعاء ؟    نادي الخريجين الحوثي يجبر الطلاب على التعهدات والإلتزام بسبعة بنود مجحفة (وثيقة )    لو كان معه رجال!    الحوثيون يسمحون لمصارف موقوفة بصنعاء بالعودة للعمل مجددا    ميليشيا الحوثي تجبر أعضاء هيئة التدريس وموظفي جامعة صنعاء بتسجيل أبنائهم بالمراكز الصيفية    بالصور .. مقتل وإصابة 18حوثيا بينهم قيادي في كمين نفذه أحد أبطال الجيش الوطني في تعز    مفاجأة وشفافية..!    الدوري الايطالي ... ميلان يتخطى كالياري    فوضى عارمة في إب: اشتباكات حوثية تُخلف دماراً وضحايا    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    القوات الجنوبية تصد هجوم حوثي في جبهة حريب وسقوط شهيدين(صور)    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    كوابيس أخته الصغيرة كشفت جريمته بالضالع ...رجل يعدم إبنه فوق قبر والدته بعد قيام الأخير بقتلها (صورة)    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    الاحتجاجات تتواصل في الحديدة: سائقي النقل الثقيل يواجهون احتكار الحوثيين وفسادهم    مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع في غزة وتلوح بإلغاء اتفاقية السلام    احتكار وعبث حوثي بعمليات النقل البري في اليمن    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة مميز    السلطة المحلية بمارب: جميع الطرقات من جانبنا مفتوحة    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    سلطة صنعاء ترد بالصمت على طلب النائب حاشد بالسفر لغرض العلاج    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    الذهب يتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ 5 أبريل    وفاة وإصابة أكثر من 70 مواطنا جراء الحوادث خلال الأسبوع الأول من مايو    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    رئيس انتقالي شبوة: المحطة الشمسية الإماراتية بشبوة مشروع استراتيجي سيرى النور قريبا    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بوزارة الخارجية وشؤون المغتربين    الدين العالمي يسجل مستوى تاريخيا عند 315 تريليون دولار    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الحصار والحب من أجل الانتصار) لصالح قائد الكهالي ( 1 –4)
مذكرات مقاتل من حصار صنعاء 67و1968م
نشر في 14 أكتوبر يوم 03 - 02 - 2014

كانت هذه المقدمة قد أعدت لطبع الكتاب على حلقات في صحيفة الراية في ذلك التاريخ إلا انه ومع الاسف كانت توجد عناصر (شطرية) تعمل خلف الكواليس حالت دون نشر الكتاب في حلقات ،ومع ذلك فكل شيء نصيب ومكتوب من الله العزيز الجبار والحمد لله الذي بيده كل شيء.
عرض موجز لمذكرات الكهالي حصار صنعاء
اعترف أن هذه هي القراءة الثالثة لمذكرات الرفيق صالح قائد الكهالي (ابو نائف) عن احداث السبعين يوماً التي شهدت خلالها ها صنعاء الباسلة حصاراً رهيباً من قبل القوى الملكية والمعادية لثورة 26سبتمبرالمجيدة وللنظام الجمهوري الفتي المنبثق عن تلك الثورة السبتمبرية الشماء، والحقيقة اقول لقد احسن الكهالي صنعاً وقدم خدمة جليلة للتاريخ والاجيال اذ تنبه من وقته فدون شهادته الحية في مذكرات غنية بالتفاصيل وبأسلوب العرض التقريري القصصي ولكن المطهم بالدراما واحسن بعد ذلك اذ اجتهد فرتب تلك الوقائع وصنفها في كتاب اخضعه للمراجعة والتدقيق والتمحيص مراراً وسماه (صنعاء الحصار والحب من اجل الانتصار)وهو اسم على مسمى ففي هذه المذكرات إلى جانب مأساة الحصار وروعة الانتصار قصة حب حقيقية اوردها المؤلف بأمانة لا بقصد التشويق كما يفعل بعض الكتاب ولكن لان اسلوبه في الكتابة والرواية والحديث والمعاملة مع نفسه واهله واصحابه والناس هو الصدق والصراحة المباشرة دون تزييف او تنميق او لف او التفاف وقد احسن ايضاً وسهل علي القراءة الثالثة أن عمد إلى طبع تلك المذكرات طباعة انيقة بآلة كاتبة اعداداً وتمهيدا لطبعها واصدارها ككتاب .
غير أن ما يحز في النفس أنها وفي حالتها الاخيرة قد ظلت حبيسة الادراج في مكاتب بعض قادة الحركة الوطنية وفي مكاتب بعض رؤساء ومدراء تحرير بعض الصحف المحلية لمدة لا تقل عن اربع سنوات دون ان يكلف احدهم نفسه باستعراضها أو حتى قراءتها قراءة متمعنة او كتابة عمود ولو صغير او مقال في اي حيز من صفحات تلك الصحف التي تشوه وجوهها في احيان كثيرة كتابات هي اقرب إلى فعل مرض الجدري من ان تقدم شياًء نافعاً والادهى من ذلك أن نسخة من هذا الكتاب ، المشروع ، قد فقدت بإهمال أولئك المسؤولين ، ولولا إن الكهالي كان قد احتاط فطبع من المسودة ثلاث نسخ بالاستنسل وجلدها اثناء تواجده للدراسة في موسكو لكان كل ذلك الجهد قد ضاع هباء وكم هو محزن مقبض للنفس ان يظل مثل هذا العمل التاريخي النافع مغموراً في حين تبرز اعمال ويهتم بها وتعطى فوق حقها ويروج لها ويعلن عنها وهي لا تبلغ في اهميتها ربع الربع مما لهذا ولكنها بلغت ما بلغت بسبب نفوذ لمركز صاحبها او قربه من فلان او علاقته بعلان.
واذا كان حصار صنعاء العاصمة التاريخية لليمن قد حظي بالكتابة من قبل الزميلين الجاوي وجارالله محمد عمر والمقالح ونفر قليل في السنوات الاخيرة وهو امر يستحق عليه اصحابه جل شكرنا وثنائنا الا ان هذه الكتابات وان كانت هي الرائدة غير كافية ولا تستطيع ان تغطي هذا الحدث الجلل و رغم اهميتها الا انها في الواقع تحليلات عامة من شاهد امين بسبب ظروف الحصار والقوى المدافعة عن صنعاء وطبيعة القوى المهاجمة والمحاصرة (بكسر الصاد) المعادية للثورة والجمهورية فأن الحاجة تبقى ملحة لشهادات الآخرين المشاركين في الدفاع عن صنعاء ومن المواقع التي كانوا فيها انذاك وخصوصاً اذا كانت هذه الشهادات مدونة ومكتوبة كشهادات الكهالي ليتسنى فيما بعد جمع كل هذه المعلومات التاريخية وإخراجها في كتاب كامل شامل عن الحصار، وهذه مهمة المؤسسات الثقافية في شطري الوطن ومهمة ايضاًمن يهمهم الحرص على تاريخ اليمن الحديث وجمعه وابرازه ناصعاً وباكتمال لاسيما وقد تهيأت معظم الظروف المساعدة على ذلك زد عليها الخوف من ان يقضي اشخاص نحبهم قبل ان يدلوا بشهاداتهم فنفقد بذلك كثيراً من شهود العيان وينبري إلى الساحة الادعياء ومزيفوالحقائق وهو امر نرجو ان لا يحدث ويجب ان يتلافى وقوعه.
وانطلاقاً من كل ما تقدم رأيت من الواجب ان اسهم باستعراض مذكرات الكهالي استعراضاً موجزاً وعلى حلقات في صحيفةً( 14 اكتوبر) قاصدا إيصال اهم ما تضمنته إلى القارئ الكريم
المقدمة بقلم الاستاذ لطف حمود السماوي
يوميات مقاتل من حصار صنعاء 1967م و1968م
الحصار الحب من اجل الانتصار
الاهداء
احتفلت جماهيرنا اليمنية في هذه الايام بمرور الذكرى التاسعة عشرة لانطلاقة ثورة الرابع عشر من اكتوبر 1963م الخالدة وسوف تطل علينا بعد ايام قلائل الذكرى الخامسة عشرة ل9فبراير لفك حصار صنعاء المشهور الذي كنت احد شهوده المشاركين ووفا للدماء التي غسلت سفوح عيبان والنهدين وعصر ونقم
والطويل والازرقين وبراش دفاعا عن صنعاء الجمهورية وثورة 26 سبتمبر 1962م فإنني اهدي هذه المذكرات التي دونتها اثنا وبعد الحصار إلى الرجال الذين سقطوا لتعيش الثورة والجمهورية.
1 معارك حصار صنعاء وخطة الدفاع عن صنعاء التي لم تنفذ :
كان ذلك في أول أيام شهر سبتمبر 1967م،انها ذكريات من صميم المعركة ومن بين صفوف الجماهير التي هبت تدافع عن صنعاء وتقدم كل شيء من اجل النصر وعلي أن أقول منذ البداية أن هذه الجماهير العفوية لم تكن تعرف أن القائد العام الفريق حسن العمري كان لديه من يعمل ضد ارادته وانه كان عنده عنصر مخابرات ورئيس شبكة جاسوسية هدفها تحطيم الجمهورية وانهاء ثورة الشعب اليمني والعمل على التجسس على الدول العربية التقدمية، أن هذه الوقائع التي لم تستطع كشفها اية جهة سوف اوضحها بالاعتماد على مجريات الاحداث التي جرت اثناء الحصار والتي توضحت روابطها فيما بعد عندما انكشف العميل الذي يعمل بحرس الفريق العميل الذي اثبتت الاحداث لاحقاً هو النقيب (حسين الحرازي).
وكيف لا وقد طبلت له صحف بيروت واسمته(بقائد فك حصار صنعاء )
(وبالقائد المنتصر) بحكم انه كان القائد العام ورئيس الوزراء اثناء الحصار رغم كل الاخطاء القاتلة التي مارسها اثناء الحصار وخاصةً المعارك الفاشلة التي كان يقدم عليها دون تخطيط او اعداد وكانت نتائجها وخيمةً وعندما اشتد الحصار وبدأ يلوح في الافق شبح سقوط صنعاء، اخذ الشباب يطالب بحمل السلاح وتشكيل المقاومة الشعبية. وكنت حينها احمل رتبة ملازم ثان ولم يمض على تخرجي من الكلية الحربية في صنعاء إلا تسعة اشهر فقط وكنا قد خضنا معارك عنيفة في تلك السنة وخاصةً معارك بني حشيش المجاورة والواقعة شرقي صنعاء والتي كانت تهدد القوات العربية المصرية في مطار الرحبة الدولي. وعندما بدات الوحدات المصرية تنسحب من صنعاء كنت في فرع العمليات العسكرية وكان (الرائد فاروق الصياد) يعرض خريطة الدفاع عن صنعاء. وهي الخريطة التي كانت القيادة العربية المصرية قد اعدتها على عجل ولكن الشيء الذي لفت نظري هو تلك المناشدات التي كان الرائد فاروق الصياد المصري يتوجه بها إلى مجموعة من الضباط الكبار اليمنيين الذين كانوا قد تحملوا مسؤولية العمليات حينها.
لقد كان يترجاهم قائلا:(يجب تطبيق خطة الدفاع هذه كما هو مرسوم، والا فأنها سوف تسقط عدة مواقع عسكرية، وتصبحون تحت رحمة مدفعية الملكيين .)وكان يقول لهم:(يا جماعة ارسلوا القوات إلى المواقع الدفاعية مضى علي هنا عندكم عشرة ايام ولم تنفذوا بنداً من خطة الدفاع عن صنعاء ) رغم ذلك فأنني لم الاحظ أي اهتمام من قبل ضباطنا المحترمين وكانت علامة الحسرة والغضب ظاهرة على وجه الرائد فاروق الصياد الذي كلفته القيادة العربية المصرية المنسحبة بالقيام بإقناع القيادة العسكرية اليمنية بسرعة العمل على تنفيذ الخطة.وقد لاحظت (الكروكي )الذي كان الرائد فاروق الصياد يضعه امامهم بهدف تحقيق المهمة، على أساس أن تقوم القيادة اليمنية بتجهيز القوات اللازمة وتحتل المراكز الاستراتيجية حول صنعاء وتدعم هذه المراكز حتى لا تسقط بيد الملكيين.وكان الرئيس السلال قد اصدرا امرا بفتح طريق الحديدة وكلف قوات المظلات والصاعقة في اواخر اغسطس 67م وتمركزت فيها لحمايتها من القوات الملكية ثم أعيدت إلى صنعاء في يوم 25 11 1967م بعد ان اصبح الخطر يهدد بسقوط العاصمة صنعاء وبعد كشف خطة الملكيين اللاحقة .
لقد كانت عناصر وطنية داخل القيادة العربية المصرية تعلم جيدا أن الجيش اليمني مضعضع وان القيادة العسكرية اليمنية مهلهلة وانها غير مؤهلة للدفاع عن صنعاء ولذلك حاولت وضع تلك الخطة للدفاع عن مشارف صنعاء حتى لا تسقط بيد الملكيين. بعد هذه الكلمات التي سمعتها من الرائد المصري وبعد أن تأكد لي أن القيادة العسكرية اليمنية لن تنفذ خطة القيادة المصرية وهو ما لاحظت في فرع العمليات العسكرية في رئاسة الاركان بصنعاء بعد ذلك تركت الرائد فاروق الصياد مع الضباط (الافندية) وخرجت افكر في الايام القادمة بعد انسحاب القيادة المصرية والجيش المصري من اليمن ولقد اخذت اسأل نفسي عما اذا كانت القيادة اليمنية تتآمر على الثورة من الداخل على انني لم احصل حينها على الجواب المطلوب.
بعد هذ التاريخ جاءت حركة (5)نوفمبر 1967م الرجعية وقد شاركت فيها كل قطاعات الجيش بفعل عملية الخداع والتضليل التي قامت بها القيادة السياسية العائدة من القاهرة ممثلة في (الارياني والعمري... الخ)لقد انخدع الكثيرون وكانوا يظنون أن هذه الحركة هي المنقذ للأوضاع المهينة التي كانت تعيشها صنعاء ولم تكن القوى الشابة والجديدة تملك الحنكة السياسية التي كانت تمتلكها القوى الرجعية التقليدية بغلاف جمهوري اما القوى الوطنية التقدمية التي كانت في طور النشوء فقد وقفت موقف المعارض بسلبية بسبب انها لم تكن تملك القوة والمنطق الذي تستطيع الانقلاب والمشاركة فيه.
لم اكن اعرف حينها ما هو هدف الحركة الحقيقي.
لقد اتى إلي احد افراد الاسرة التي انتمي اليها وهو من القضاة الشباب وقال لي بالحرف الواحد: (اما أن تكون مع الشعب او تكون ضد الشعب وتصبح مجرما فعليك أن تبقى بعد العقيد محمد الكهالي وتنفذ الاوامر ولا لك دخل في أي شيء.) وبعد ذلك وبالتحديد الساعة الواحدة ظهراً يوم 4 نوفمبر1967م اخذ القاضي علي عبد الله الكهالي الشاب العقيد محمد صالح الكهالي ودخل معه في جلسة طويلة استمرت ثلاث ساعات حتى الساعة الرابعة عصراً، وقد عاد العقيد محمد الينا بينما كنا ننتظر في السيارة خارج المبنى، وكانت علامة التغيير واضحة على وجهه فقد تمكن القاضي الذي كان يعلم بالحركة وهو من قادتها من اقناع العقيد محمد بضرورة مشاركته فيها وتمت الحركة بدون قتال فقد لعب الجميع كل حسب الجهة المكلف بها بموجب خطة الانقلاب المرسومة واخذ الطابع الأسري والقبلي يلعب دوره في اقناع من لم يقتنع بهذه الحركة وليلتها ذهبنا إلى قيادة الحرس الجمهوري بيت السلال وتمكن العقيد محمد من اقناعهم بعدم معارضة الحركة الانقلابية .
و بعد نجاح انقلاب (5نوفمبر 1967م) الرجعي تم عقد اجتماع موسع ضم مجموعة كبيرة من الضباط الصغار والكبار وقد ترأس الاجتماع العقيد محمد علي الاكوع والعقيد عبدالكريم السكري وكان الاجتماع في مبنى القيادة العامة (بعرضي) صنعاء، ودار في هذا الاجتماع نقاش حاد حول تولي القاضي عبد الرحمن الارياني رئاسة المجلس الجمهوري، وكان اغلب الضباط وخصوصاً ذوي الرتب الصغيرة والذين لهم انتماءات حزبية سياسية وطنية سرية قد طرحوا عدة استفسارات منها ماهي الاسباب التي جعلت قادة الانقلاب 5نوفمبر 1967م يعطون الارياني رئاسة المجلس الجمهوري وكان الاحق بها واجهة عسكرية بديلة للسلال من قادة الثورة، ولكن العقيد الاكوع ومن بجانبه الذين يرأسون الاجتماع تمكنوا من مقارعة الذين طرحوا تلك الاسئلة والاستفسارات بطريقة مرنة تطمئن الضباط الصغار وزعمو (ان زمام الامور سيظل بيد الجيش وان الارياني سيكون لفترة معينة فقط حتى يتم اعداد البديل وانه انسان عادي) (وصدق الضباط الصغار هذا الزيف بحكم ضعف الخبرة السياسية لديهم ).
وفي ذلك الاجتماع نوقشت قضية العقيد علي الكهالي رئيس اركان الجيش قبل الحركة حتى ليلة انقلاب.. 5نوفمبر 1967م، وقد طرح البعض من خصومه داخل الجيش من العناصر الرجعية انه لابد من اعتقاله، وكان إلى جانب العقيد الاكوع العقيد عبد الكريم السكري الذي عين وزيرا للدفاع بعد الحركة وكانت مجموعة من الضباط الصغار والذين تدربوا في المركز الحربي في تعز على يده يعرفون دور العقيد علي عبدالله الكهالي ووطنيته، فتصدوا لمن راى اعتقالة، وكان الموقف سينفجر داخل الاجتماع حيث هدد احد الضباط الصغار قائلا وهو كاتب هذا الكتاب
انه اذا مس العقيد الكهالي رئيس الاركان السابق اي سوء فأن ذلك سيؤدي إلى مشاكل كبيرة وقال لهم معد هذا الكتاب ما يلي: انتم قلتم انها حركة بيضاء فأما أن تكون حركة بيضاء او تتحول إلى حركة حمراء ونبدأ من هنا وكان عندي رشاش آلي ابو مئة طلقة وقد كان الموقف سينفجر لولا تدخل العقيد عبد الكريم السكري لإيقاف الحاقدين وابدى رايه موضحاً :( ان رئيس الاركان السابق لم يكن يستحق ان ينظر اليه بتلك النظرة وانه انسان وطني ويجب ان يحظى باحترام كبير وانه سيظل في بيته معززا مكرما") وانتهى الاجتماع واغلبية الضباط غير مقتنعين بما طرح فيه من مواضيع حول اتجاه الانقلاب وهنا بدأت الشكوك حول هوية القيادة السياسية التي تحملت المسؤولية بعد 5 نوفمبر 1967م وقد شجع ذلك الموقف العقيد محمد صالح الكهالي لكي يطرح ضرورة اعطاء تصريح لرئيس الاركان لكي يذهب بيته في تعز معززاً مكرماً وبدون إساءة وقد تم ذلك وتم اخراج التصريح وذهبنا إلى بيت رئيس الاركان وتم اخراجه إلى نقطة باب اليمن وهناك حاولت الحراسة منعه من السفر لكننا طلبنا منهم الاتصال بوزير الدفاع العقيد عبد الكريم السكري الذي اكد لهم صحة التصريح وتم سفره مع السائق علي هادي صاحب حجة، وقام العقيد محمد صالح الكهالي مع القاضي علي الكهالي بسحب كل شيء في بيت رئيس الاركان الذي كان فيه اثاث بمبالغ كبيرة وقد تولينا نحن الاشراف والحماية من اي هجوم من اي وحدات اخرى وقد قام العريف محمد مسعد ثابت الكهالي بتوجيه من كاتب هذه السطور بحماية المنزل وكان ضمن صاعقة الوحدات المركزية ومنع اي مجموعة من دخوله وكان معه شكة قنابل دفاع وهجوم وبندق شيكي طويل و5طلقة وهكذا (جمل يعصر وجمل يأكل العصار") فنحن قد حرسنا والعقيد محمد صالح والقاضي علي اخذا كل شيء بحكم القرابة " وقد اعاد هذا الانقلاب الثورة اليمنية إلى الوراء خطوات، وبعد عودتنا إلى وزارة الداخلية التي كان قد احتلها المقدم احمد الرحومى عشية الانقلاب بينما تمكنت القوات المصرية من سحب وزير الداخلية السابق العقيد محمد الأهنومي تحت الحراسة المشددة إلى الحديدة ومن ثم إلى القاهرة عبر الجو خوفاً على حياته وكانت(احداث3اكتوبر )التي شهدتها مدينة صنعاء والتي عبرت فيها القوى الوطنية. بقوة ووضوح عن رفضها القاطع لاتفاق الخرطوم واللجنة الثلاثية ولأي مصالحة مع الرجعية الملكية القديمة والرجعية الجديدة كانت هذه الاحداث قد اقلقت حتى القيادة المصرية اليمنية في صنعاء واثارت قوى الرجعية اليمنية الجديدة، ودفعت إلى مزيد من التقارب بينهما مما مهد الطريق لقيام انقلاب 5 نوفمبر 67م الذي نفذته بعد شهر واحد من وقوع هذه الاحداث وقبل وقوعه كانت قد قامت بخطة دعاية ضد السلال وجماعته بين صفوف الجيش والشرطة وطرح للجيش فيه:( ان السلال هو السبب في استمرار الحرب الطويلة مع الملكيين ")وكانت احداث 3 اكتوبر 67م قد هبت وعبرت خلالها الجماهير اليمنية عن رفضها لمهمة اللجنة الثلاثية التي ارسلت إلى صنعاء (لدعوة للأطراف اليمنية المعنية إلى التصالح فيما بينها وفق ما قضى بذلك اتفاق اغسطس 1967م بين الرئيس عبد الناصر والملك فيصل بعد مؤتمر القمة في الخرطوم والذي ترك الأطراف المعنية امر تقرير طبيعة النظام الذي تريده( ورافق وصول اللجنة الثلاثية انتشار شائعات تقول:(ان اللجنة سوف تقوم بإزالة العلم الجمهوري واستبداله بعلم الدولة الاسلامية) وهنا كان صدى ذلك النبأ كصاعقة هزت مشاعر ووجدان القوى الجمهورية والوطنية فهبت يوم 2 اكتوبر67م بمظاهرة تمهيدية إلى بيت السلال وقام احد الوطنيين (مالك الارياني احد ممثلي الحركة الوطنية ) يخطب امام بيت السلال اثناء تواجد الجماهير المحتشدة متسائلاً( نريد يا سيادة الرئيس أن توضح لنا ما معنى حكومة ذات قاعدة عريضة التي تريدها اللجنة الثلاثية") والتي ارسلت من مؤتمر القمة العربي بالخرطوم وكانت هذه المظاهرة التي ذهبت إلى بيت السلال هي بداية تهيج الجماهير وأعدادها وتحضيرها ليوم 3 اكتوبر وكان رد السلال (حينها بقوله:( انه متعب وان رايه قد اوضحه تجاه اللجنة بعد مؤتمر القمة في الخرطوم وانه يرفض استقبال اللجنة) وللحقيقة والتاريخ اؤكد ان حركة القوميين العرب قد كانت المحرك الاول لمظاهرة 3 اكتوبر1967م فلقد كلفت من الاخ جارالله محمد عمر حينها الذي كان المسؤول عن تنظيم حركة القوميين العرب في الجيش والامن وطلب مني:
( العمل على اغلاق الدكاكين واخراج كل جمهوري ليعبر عن رايه امام اللجنة ")وذلك ماتم فعلا فقمنا بأغلاق الدكاكين واخراج الجماهير إلى ميدان التحرير استعدادا للمسيرة الكبرى إلى القيادة العربية المصرية مقر وصول اللجنة الثلاثية التي دعت( الاطراف اليمنية المعنية للتصالح) وتم اعداد الجماهير ليوم 3 اكتوبر الدامي الذي سقط فيه عشرات الكادحين من اليمنيين والمصريين وفي صباح يوم 3 اكتوبر جمعت الحشود في ميدان التحرير ومعهم الضباط الصغار والصف والجنود والتجار الوطنيون استعدادا للمسيرة التي سوف تبدأ والتي ستعبرعن راي الجماهير اليمنية.وكانت الجماهير تتجمع منذ الصباح الباكر في ميدان التحرير وشارع الشهيد علي عبد المغني.
*يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.