الاصل ان زيارة الجبهات و خطوط التماس لا تندرج ضمن مهامه كمبعوث سياسي كما لا نستطيع ان نفترض ان زيارة السيد غريفت للحديدة كانت فرارا من شتاء صنعاء القارس بحثا عن الدفء فالرجل قادم من بلاد الجليد و الثلج في شمال الكرة الارضية و لا نعتقد ان هدف الرجل التأكد من وجود كارثة إنسانية جراء قصف التحالف لمدينة يقطنها قرابة المليون انسان و من ان اغلاق الميناء الوحيد الذي يعتمد عليه غالبية السكان اليمنيين في الحصول على حاجاتهم الاساسية و تحويله الى ساحة عمليات عسكرية يعرض حياة اكثر من 17 مليون إنسان لخطر الموت جوعا فكل ذلك يمكن للسيد غريفت ان يستنتجه و هو في نيويورك او لندن .. زيارة المبعوث الأممي للحديدة تأتي في سياقين الاول ان المبعوث الأممي بلقاء قيادات مرتزقة الجبهة يحاول الاستيثاق من ان ما سيتم التوصل اليه مع مرتزقة الفنادق على طاولة التفاوض سيتم الالتزام به في الجبهة فالتجارب السابقة تقول انه بينما كان ممثلوا المرتزقة في مفاوضات الكويت يطالبون باطلاق الصبيحي و قحطان و ناصر هادي و فيصل رجب كانت وساطة قبلية تجري على الارض عملية تبادل لما يقارب المائتي اسير لا يعلم عنهم مرتزقة الفنادق شيئاً و من جهة اخرى إضافة الى ان هذا اللقاء يمثل رسالة لمرتزقة الفنادق بان تعنتهم في عرقلة المساعي التفاوضية لن يمكنهم من الاسترزاق بالحرب من فنادقهم الى ما لا نهاية وقد يتم تجاوز رمزية و التفاوض بين الاطراف الفاعلة على الارض .. السياق الثاني هو ان المبعوث بزيارته للحديدة كان يتلمس عن كثب احتياجات إعادة تشغيل الطرف الوطني للميناء باشراف أممي باعتبار ذلك امراً مفروغاً منه و ليس على حكومة المرتزقة غير التسليم به كإرادة أممية تستشعر الحد الأدنى من الخجل و تراعي ابسط مقتضيات ادميتها و تتسق مع ابسط مقتضيات النداءات الاممية و الدولية المتصاعدة مطالبة بصورة غير مسبوقة بوقف العدوان و رفع الحصار .. نحن هنا نحاول تلمس الفرضيات التي تكفل الاحترام للشعر الابيض في رأس السياسي البريطاني غريفت اما الركون فهو بعد الله على اولئك الذين إن لم يستطع العالم ان يحترم نفسه فإنه لا يملك الا ان ينحني إجلالا لهم كفرسان هذا العصر دون منازع .. المؤكد اننا في اقل احوالنا شعب لن ينقرض بإرادة معتوه و لن يخضع حتى آخر طلقة..