دار الأوبرا القطرية تستضيف حفلة ''نغم يمني في الدوحة'' (فيديو)    وتستمر الفضايح.. 4 قيادات حوثية تجني شهريا 19 مليون دولار من مؤسسة الاتصالات!    صفات أهل الله وخاصته.. تعرف عليها عسى أن تكون منهم    الهلال يصعق الأهلى بريمونتادا مثيرة ويقترب من لقب الدورى السعودى    قيادي حوثي يفتتح مشروعًا جديدًا في عمران: ذبح أغنام المواطنين!    "الغش في الامتحانات" أداة حوثية لتجنيد الطلاب في جبهات القتال    شاهد.. جثامين العمال اليمنيين الذين قتلوا بقصف على منشأة غازية بالعراق في طريقها إلى صنعاء    شاهد.. صور لعدد من أبناء قرية الدقاونة بمحافظة الحديدة بينهم أطفال وهم في سجون الحوثي    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    حقيقة فرض رسوم على القبور في صنعاء    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    فتيات مأرب تدرب نساء قياديات على مفاهيم السلام في مخيمات النزوح    السلطة المحلية تعرقل إجراءات المحاكمة.. جريمة اغتيال الشيخ "الباني".. عدالة منقوصة    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    فارس الصلابة يترجل    صورة.. الهلال يسخر من أهلي جدة قبل الكلاسيكو السعودي    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    مبابي يوافق على تحدي يوسين بولت    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    تعاون حوثي مع فرع تنظيم القاعدة المخيف في تهديد جديد لليمن مميز    مليشيا الحوثي تقتحم قرية بالحديدة وتهجّر سكانها وتختطف آخرين وتعتدي على النساء والأطفال    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    البدعة و الترفيه    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخلافة السعودية بين كهولة أبناء المؤسس وتطلعات أحفاده
وافد مرتقب لعرش تتجاذبه الصراعات والاصطفافات..
نشر في يمنات يوم 06 - 12 - 2010

يبدو واضحاً بالنسبة للعديد من المهتمين بالشأن السعودي الداخلي، أن المملكة العربية السعودية تعيش منعطفاً حرجاً في مسيرة دولتها الثالثة التي أسسها الملك الراحل عبدالعزيز آل سعود في العقد العشريني من القرن المنصرم. العنوان الرئيسي للمنعطف الحرج يكمن في هوية القيادة القادمة، لمسببات لعل أبرزها الصراعات والاصطفافات القائمة بين الأمراء وتأثيرها المتوقع على التشكيلة القيادية المرتقبة، بموازاة التغيير الجذري المُرجح حدوثه على شكل النظام الملكي الوراثي.
فطيلة العقود التالية لمرحلة التأسيس، ظل انتقال السلطة محصوراً في أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، إذ كان نظام (التوريث الأخوي) ولازال هو المحدد الأساسي لذلك الانتقال.
لا يبدو أن التوارث بين الإخوة سيدوم طويلاً، فما تبقى من أبناء المؤسس وهم تسعة عشر نجلاً، أصبحوا كهولاً طاعنين في العمر يكابدون عناء الشيخوخة وأمراضها، وهو ما يعني أن تغييراً لنظام الوارثة بات حتمياً، إذ من المُرجح خلال السنوات القادمة أن يكون انتقال السلطة محكوماً بنظام وراثة أحفاد المؤسس لأبنائه.
ورغم أن انتقال العرش إلى الأحفاد لازال -حسب راهن المعطيات- بعيداً عن التحقق، إلا أن كهولة أبناء المؤسس، ووجود الأحفاد في المعادلة السلطوية كأعمدة نفوذية أساسية، بات يضع علامات استفهامية كثيرة حول آلية انتقال السلطة العليا إليهم والشكل الافتراضي المرتقب لتقاسم المناصب السيادية بينهم، وما إذا كان سيجسد إعادة إنتاج للتقاسم الراهن بين الأبناء أم سيتخذ طابعاً مغايراً.
تأرجح الاستقرار السياسي للمملكة بين خلافات أبناء المؤسس وصراعات أحفاده، لم يعد شأناً سعودياً داخلياً، إذ بات محط اهتمام عربي ودولي متزايد كنتاج لأمرين أولهما: إدارة الدولة السعودية للأماكن الإسلامية المقدسة (مكة والمدنية)، وثانيهما: مستوى التأثير السعودي في مفاعيل الاقتصاد الدولي ومسارات السياسة الإقليمية على مستوى الشرق الأوسط.خلافات الجيل الأول (الأبناء) على العرش، صراعات الجيل الثاني (الأحفاد) على التركة، شكل التقاسم المتوقع، تأثر اليمن سلباً وإيجابا بالتموضعات الحالية والمستقبلية، تلك وغيرها عناوين رئيسية سنعبر من خلالها في محاولة لرسم صورة تقريبية للمشهد المرتقب، وصولاً لإجابة واضحة حول هوية التركيبة القيادية القادمة للدولة السعودية، والشكل الافتراضي لانتقال السلطة من جيل الأبناء إلى جيل الأحفاد.
اعتلال صحة الملك وعودة مفاجئة لسلطان
الحديث عن هوية القيادة السعودية القادمة، يكتسب أهميته من تزامنه مع الأحداث اللافتة التي جرت مؤخراً في المشهد السعودي.
اعتلال صحة الملك، تعيين قائد جديد للحرس الوطني، عودة الأمير سلطان، ثلاثة مانشيتات بتفاصيل لا متناهية تشكل دافعاً لبحث السيناريوهات المرتقبة لشكل التركيبة القيادية السعودية المنتظرة.
قبل أيام خلت، كشف الديوان الملكي السعودي عن إصابة الملك عبدالله بن عبدالعزيز البالغ من العمر (86 عاماً) بانزلاق غضروفي، وهو نبأ سرعان ما أتبعه الديوان الملكي بإعلان قرار مفاجئ يقضي بتنازل الملك عن منصبه كرئيس للحرس الوطني لصالح نجله الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز الذي يحمل رتبة فريق أول في القوات المسلحة السعودية.
لقد جاء النبأ الثاني مؤكداً للمخاوف الناجمة عن النبأ الأول، فالملك عبدالله -حسب النبأين- لم يعد قادراً من الناحية الصحية على إدارة شؤون الحكم والدولة، وهو ما يضع علامات استفهامية حول هوية الملك القادم.
حين كان الملك -قبل أسبوع- يتأهب لمغادرة البلاد صوب الولايات المتحدة الأمريكية بغرض العلاج، ووسط ترقب سياسي بصدور تفويض ملكي للأمير نائف بإدارة شؤون الدولة، فوجئت الأوساط السياسية بنبأ عودة ولي العهد السعودي ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام للجيش الأمير سلطان بن عبدالعزيز من مدينة أغادير المغربية إلى الرياض قبل ساعات من مغادرة الملك.
لقد تسببت العودة السلطانية المفاجئة في خلط الأوراق، فالملك الذي كان يوشك على المغادرة، لم يكن في وسعه -رغم عمق خلافاته مع سلطان- أن يفوض الأمير نائف بإدارة شؤون الدولة بعد عودة سلطان لمسببات كثيرة.
فتفويض نائف في وجود سلطان، بقدر ما سيعد إقصاءً رسمياً لسلطان، فإنه سيجسد نقلاً للصراعات والخلافات إلى المستويين الدامي والعلني، وهي خطوة ليس في وسع الملك الإقدام على اتخاذها لاسيما في ظل تدهور صحته وعدم قدرته على مواجهة الخيارات الصعبة على الأقل في الوقت الراهن.
ورغم أن موقف الأمير سلطان بن عبدالعزيز تعزز عقب تفويض الملك له بإدارة شؤون الدولة، وأصبح نظرياً وعملياً هو الملك القادم للسعودية، إلا أن اعتبارات أخرى قد تجعل انتقال السلطة إليه أكثر تعقيداً مما يبدو عليه الأمر. فالأمير سلطان البالغ من العمر (85 عاماً) يعاني -حسب وسائل إعلام أميركية- اعتلالاً صحياً كنتاج لمرض السرطان وأمراض الشيخوخة، كما أنه -وفق مجلة فورين بوليسي الأمريكية- يعاني ضعفاً في الإدراك بصورة تعيق ممارسته لشؤون الحكم كملك للبلاد، بالإضافة إلى أن شقيقه الأمير نائف بن عبدالعزيز (النائب الثاني للملك ووزير الداخلية) الذي يبلغ من العمر (76 عاماً) أضحى يشاطره التطلع لاعتلاء العرش.
اعتبارات التعقيد لا تقتصر على ما أسلفناه، فهيئة البيعة التي أنشأها الملك عبدالله والتي تضم أبناء المؤسس وأحفاده، يُرجح أن تؤدي دوراً محورياً في تحديد هوية الملك القادم رغم أنها لم تعقد اجتماعاً لها حتى الآن.
إن صلاحياتها -وفق القانون المنظم لعملها- تمنحها الحق في تقييم المرشح لمنصب الملك، وتحديد أهليته الصحية وفحص مؤهلاته القيادية لتولي العرش.
ورغم أن إنشاءها -حسب التقارير الصحافية الغربية- جاء بهدف الحيلولة دون وصول الأمراء السديريين الستة إلى العرش، إلا أن ما يبدو راجحاً استناداً لمؤشرات عدة يكمن في أن الهيئة لن تقف حجر عثرة للحيلولة دون وصول أي من الشقيقين السديريين سلطان ونائف إلى الحكم، إذ أن نفوذهما في العائلة المالكة يوازي ما يتمتعان به من سلطات مطلقة في الجهاز الإداري للدولة والمؤسستين العسكرية والأمنية.
نائف وسلطان.. أيهما يكسب الرهان؟
تشير راهن المعطيات إلى أن إعادة تشكيل خارطة التوازنات النفوذية التي تمت إثر تعيين الأمير نائف نائباً ثانياً للملك ستؤدي دوراً محورياً في تحديد هوية الملك القادم. فالملك عبدالله أضحى يفضل وصول الأمير نائف إلى العرش كخليفة له، بينما لا يزال الأمير سلطان -رغم متاعبه الصحية- متمسكا باستحقاقه الطبيعي بوصفه ولياً للعهد في أن يكون ملكاً. تطلعات الأمير نائف العاجلة للوصول إلى العرش لها ما يبررها، فمساندته للملك على حساب سلطان -في المرحلة اللاحقة لتعيينه نائباً ثانياً- ستجعل الأمير سلطان -فيما لو أصبح ملكاً- يتخذ إجراءات انتقامية قد تبدد تطلعات نائف في المُلك.
التوقعات تشير إلى أن وصول الأمير سلطان للعرش قد يؤدي إلى تعيين شقيقه الأمير سلمان بن عبدالعزيز حاكم الرياض الذي يبلغ من العمر (74 عاماً) كولي للعهد وهو ما يعني القضاء على طموحات الأمير نائف في اعتلاء العرش بعد سلطان.
لا يبدو أن مخاوف الأمير نائف مقتصرة على ذلك، إذ أنه يخشى -فيما إذا أصبح سلطان ملكاً- من إجراءات قد تطال تركته النفوذية المتمثلة بأجهزة الأمن والداخلية بما يُفضي لإخراج نجله الأمير محمد -مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية- من دائرة التسابق بين الأحفاد على العرش في المستقبل المنظور.
سلطان ملكاً ونائف ولياً للعهد
وفق الحيثيات الماثلة، بإمكاننا افتراض ثلاثة سيناريوهات لتحديد شكل التركيبة القيادية المنتظرة.يشير السيناريو الأول إلى إمكانية عقد صفقة بين الأمراء السديريين -في حال وفاة الملك عبدالله- تقضي بطي صفحة الخلاف بين الشقيقين سلطان ونائف بصورة تؤدي لأن يكون الأول ملكاً والثاني ولياً للعهد على أن يُمنح سلطان الحق في تعيين الأمير سلمان كنائب ثان له، مع احتمال تمسك الأمير نائف بتعيين الأمير متعب بن عبدالله (نجل الملك عبدالله) كنائب ثان.
في حال عدم التوافق بين نائف وسلطان، يمكن -كسيناريو ثاني- أن يسعى الأمير نائف للحيلولة دون وصول الأمير سلطان إلى العرش والضغط على هيئة البيعة لتعيينه -أي نائف- كملك بقوة الأمر الواقع.
يمكن لهذا السيناريو أن يتحقق عبر أحد أمرين، الأول: صدور قرار من الملك عبدالله بتعيين نائف ولياً للعهد كبديل للأمير سلطان وهذا القرار رغم أنه أصبح صعباً عقب تفويض الملك للأمير سلطان بإدارة شؤون الدولة لحين عودته، إلا أنه ليس مستبعداً -إذا ما عاد الملك من رحلته العلاجية إلى أميركا- لاسيما في ظل تطابق الرؤى بين نائف والملك.
والثاني: أن يلجأ نائف -في حال وفاة الملك- للاستعانة بحلفائه ابتداءً بالأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس جهاز الاستخبارات ومروراً بالأمير متعب بن عبدالله رئيس الحرس الوطني وانتهاءً بالأمير مشعل بن عبدالعزيز رئيس هيئة البيعة بهدف دفع هيئة البيعة إلى تعيينه ملكاً وإزاحة سلطان لأسباب صحية.
نجاح هذا السيناريو سيؤدي بالضرورة إلى تعيين الأمير مقرن بن عبدالعزيز كولي للعهد، بينما سيكون منصب النائب الثاني من نصيب الأمير متعب قائد الحرس الوطني، على أن يتولى الأمير محمد بن نائف منصب النائب الثاني مستقبلاً وتحديداً حال وصول الأمير مقرن إلى العرش والأمير متعب إلى ولاية العهد.
ثالث السيناريوهات، يفترض أن الخلاف على المُلك بين الأميرين سلطان ونائف قد يؤدي إلى حل توفيقي ألا هو الأمير سلمان بن عبدالعزيز الذي يحظى باحترام واسع في العائلة المالكة بموازاة حيازته على ثقة معظم سفراء الدول الكبرى في السعودية.
ويمكن لهذا السيناريو أن يمضي في أحد نسقين، الأول: يكون فيه الأمير سلمان ملكاً، والأمير نائف ولياً للعهد، على أن يُمنح موقع النائب الثاني للأمير خالد بن سلطان (نجل الأمير سلطان) كنوع من الترضية، والثاني: سلمان ملكاً ومحمد بن نائف ولياً للعهد كنوع من الترضية للأمير نائف، بينما سيبقى موقع النائب الثاني متأرجحاً بين الأمير متعب بن عبدالله والأمير خالد بن سلطان، علماً أن الأمير سلمان يعتبر الذراع اليمنى للأمير سلطان، وأكثر أشقاء سلطان قرباً منه، وقد رافقه في اعتكافه الأول والثاني بمدينة أغادير، حيث مكث معه في الاعتكاف الأول عاماً كاملاً، في حين مكث معه في الاعتكاف الثاني بضعة أشهر، قبل أن يعود معه أيضا إلى الرياض في الأسبوع الماضي!
هيئة البيعة والأمراء السديريون
على خلفية الصراع الذي نشأ بين الأميرين عبدالله وسلطان لخلافة الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز سابع الأمراء السديريين، جاء التفكير بإنشاء هيئة للبيعة بهدف تنظيم خلافات العائلة حول هوية الملوك وولاة العهد.
وتُرجح مجلة فورين بوليسي الأمريكية، أن إنشاءها جاء بهدف عرقلة الأمراء السديريين عن بلوغ العرش، غير أن الأصوب -حسب وقائع كثيرة- يكمن في أن إنشاءها جاء بهدف تحجيم الأمراء السديريين الستة وإنهاء انفرادهم في إقرار وتعيين الملوك وولاة العهد، علماً أن الأمراء السديريين السبعة هم: الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز وأشقاؤه الأمراء سلطان ونائف وسلمان وعبدالرحمن (نائب وزير الدفاع) وأحمد (الذي يشغل منصب نائب وزير الداخلية) وتركي الذي يعيش في القاهرة بعد أن تسبب خلاف عائلي في إقصائه من منصبه كنائب سابق لوزير الدفاع.
ويرأس هيئة البيعة الأمير مشعل بن عبدالعزيز البالغ من العمر (83 عاماً) وهو أخ غير شقيق للملك عبدالله، ويعد الأقرب إلى الملك والنائب الثاني منه إلى ولي العهد، وكان الملك قد عين ضابطاً سابقاً في الحرس الوطني هو خالد التويجري كأمين عام لهيئة البيعة لضمان إبقائها تحت سيطرة الجناح الملكي.
ورغم أن الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، كان قد أوصى بأن يكون الحكم من بعده لأرشد أبنائه، إلا أن ثمة قواعد أخرى ما لبثت أن تشكلت بالتقادم لحسم النزاع حول الخلافة، وحسب المعلومات المتاحة، فإن معايير تعيين الملك تنحصر في نقاط أربع، أولها: معيار الأقدمية والسن، وهو معيار تم الأخذ به لأول مرة حين انتقلت السلطة بعد المؤسس عبدالعزيز إلى أكبر أنجاله الملك سعود بن عبدالعزيز، كما تم الأخذ به أيضا في الخلاف بين عبدالله وسلطان، لكن هذا المعيار لم يكن فاعلاً (بشكل دائم) بدليل عدم وصول الأمير مساعد بن عبدالعزيز (أكبر أبناء المؤسس الذين لازالوا على قيد الحياة - يبلغ من العمر 87 عاماً) إلى عرش المملكة.
ثانيها: أن يكون المرشح لمنصب الملك نجلاً للمؤسس عبدالعزيز من أم سعودية، إذ حسب تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فإن نصف زوجات المؤسس -وهن 22 زوجة- أجنبيات ولسن سعوديات، وهو ما يحصر حق الوصول إلى المُلك في خمسة أمراء هم الأمير سلطان، والأمير نائف، والأمير سلمان، والأمير عبدالرحمن نائب وزير الدفاع الذي يبلغ من العمر (78 عاماً)، والأمير عبدالإله مستشار الملك الذي يبلغ من العمر (74 عاماً).
ثالثها: الخبرة والحنكة والاهتمام بالسياسة.
رابعها: الشعبية والاحترام في أوساط المراجع الدينية والمجتمع.
المعايير آنفة الذكر لا تعتبر نهائية أو مطلقة، إذ من حق أي ملك أن يجري عليها تعديلات جذرية شريطة الالتزام بوصية المؤسس، كما أن من حق أي ملك أيضا تعديل هيئة البيعة أو حتى حلها وإلغاءها.
المحاصصة السلطوية
بين فروع العائلة
تبدو السلطة في المملكة قائمة على أساس المحاصصة العائلية بين الأمراء، وحسب المعطيات السابقة فإن الأمراء السديريين (وهم سبعة أمراء لأم واحدة تنتسب إلى قبيلة السديري في المملكة) كانوا يهيمنون على الجيش والأمن والاستخبارات ومعظم الوزارات والمحافظات، في حين كان الأمراء الفيصليون يهيمنون على وزارة الخارجية وبعض الوزارات والمحافظات الأخرى، أما جناح الملك عبدالله وحلفاؤه من الأمراء الهامشيين (باقي فروع الأسرة) فكانوا يهيمنون على الحرس الوطني وبعض الوزارات والمحافظات، علماً أن المعيار الأساسي للتقسيم الأسري هو انتساب الأمراء إلى قبائل أمهاتهم.
المحاصصة الشخصية -في الواقع الراهن- تبدو أكثر دقة لتوصيف المشهد الحالي، فثمة كتلتان متصارعتان هما كتلة الملك التي توسعت بانضواء الأميرين نائف ومقرن إليها، وكتلة الأمير سلطان التي تضم سلمان وباقي الأمراء السديريين من غير نائف.
وتشير المعطيات الماثلة إلى أن ارتقاء الجيل الثاني في التسلسل الهرمي سيأتي عبر وراثة تمهيدية تتمثل في وراثة التركة النفوذية للآباء تمهيداً لوراثة العرش.
فالأمير متعب بن عبدالعزيز أضحى وريثاً رسمياً لتركة أبيه المتمثلة في قوات الحرس الوطني، هذا فيما يتوقع أن يرث الأمير خالد بن سلطان موقع أبيه كوزير للدفاع والطيران ومفتش عام للجيش، في حين ينتظر أن يرث الأمير محمد بن نائف منصب أبيه كوزير للداخلية ومسئول عن أجهزة الأمن والشرطة.
الصراع المرتقب بين الأحفاد يُرجح أن يمضي في فريقين، الأول: يعبر عن تحالف الأمير متعب بن عبدالله والأمير محمد بن نائف وبعض الأحفاد من الأمراء الهامشيين والفيصليين.
والثاني: يعبر عن خالد وبندر نجلي الأمير سلطان بالإضافة إلى أبناء الأمراء السديريين -باستثناء نائف- ويتوقع أن ينشطر أحفاد الأمراء الفيصليين والهامشيين بين الفريقين.
حسب المعطيات أيضا، فهوية الملك القادم، ستؤدي دوراً محورياً، في تحديد الفريق الذي سيشكل هوية التركيبة القيادية المرتقبة للبلاد من الأحفاد، إذ أن وصول الأمير نائف إلى المُلك سيؤدي لترجيح فريق الأحفاد الأول، في حين أن وصول الأمير سلطان سيؤدي بالضرورة إلى ترجيح فريق الأحفاد الثاني.
رهان وانشطار يمني
رغم أن ثمة رهاناً يمنياً رسمياً على وصول الأمير نائف إلى عرش المملكة، وما يمكن أن يتسبب به ذلك الوصول من تغيير في السياسات السعودية البروتوكولية إزاء اليمن، إلا أن التغيير في تلك السياسات لا يعد مضموناً بشكل مطلق.
في شأن الخليفة السعودي القادم، يمكن للموقف اليمني أن ينشطر إلى فسطاطين، فالرئيس والمؤسسات التوريثية الحديثة يرون في الأميرين نائف وسلمان أفضل الخيارات تحبيذاً لتولي عرش المملكة، هذا فيما يبدو الأمير سلطان بالنسبة لمشائخ القبائل والمؤسسات التقليدية -الحرس القديم- أفضل الخيارات.
أما في شأن الخليفة السعودي من الأحفاد، فالانشطار اليمني يبقى قائماً أيضا، إذ يبدو فريق متعب بن عبدالله ومحمد بن نائف أكثر الخيارات تفضيلاً بالنسبة للرئيس والمؤسسات التوريثية (الأولاد) في حين يبدو فريق الأخوين خالد وبندر نجلي الأمير سلطان الأكثر تفضيلاً بالنسبة للمشائخ والمؤسسات التقليدية.
وتشير التوقعات إلى أن السياسات السعودية الإيذائية تجاه اليمن شعباً وحكومة، ستظل هي السائدة في حال وصول الأمير سلطان إلى منصب الملك، وهو ما يعني أنها ستستمر أيضا في عهد فريق الأحفاد المسنود بالأمير سلطان، في حين تُرجح التوقعات حدوث تغييرات جزئية في تلك السياسات أن كان الأمير نائف هو الملك القادم وأصبح الأميران متعب بن عبدالله ومحمد بن نائف هما فريق الأحفاد المرتقب لقيادة المملكة في المستقبل.
أمريكا بوصفها الحكم والمرجعية
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية اتباع نهج الإمساك بالعصا من المنتصف للتعاطي مع الشؤون الداخلية للعائلة السعودية المالكة، إذ أنها تسعى دائماً لأن يكون دورها في الخلافات بين الأمراء متوازناً ومرجعياً أكثر من كونه مائلاً لطرف على حساب آخر.
سبق للولايات المتحدة أن قامت بدور أساسي في الخلاف الذي نشأ بين الأميرين عبدالله وسلطان في أواخر عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، ويشير محمد حسنين هيكل في مقال له بعنوان «نظرة على الأوضاع في السعودية» إلى أن الأمير سلطان لم يكن قابلاً بانتقال السلطة إلى فرع آخر غير السديريين وهو ما جعله يعارض صعود الأمير عبدالله بن عبدالعزيز إلى العرش.
وحسب هيكل، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تدخلت في الخلاف واقترحت حلاً توفيقياً يقضي بأن يقوم الملك فهد بتفويض السلطة -وليس بإخلاء العرش- لأخيه غير الشقيق عبدالله حتى تنجلي الأمور.
يقول محمد حسنين هيكل «السياسة الأمريكية تجاه السعودية تتصور أنها تستطيع أن تمسك بصفارة الحكم في المباراة وتضبط قواعد اللعبة وهو أمر غير مؤكد».
لقد استطاعت الولايات المتحدة أن تؤدي مهمة الحكم في الخلاف بين عبدالله وسلطان، إذ أنها أسهمت في إجراء توافقات داخل العائلة المالكة انتهت بجلوس عبدالله على العرش وصعود سلطان إلى موقع ولاية العهد.
غير أن أمريكا اتبعت بعد ذلك، استراتيجية الموازنة في العلاقة بين طرفي العصا عبدالله وسلطان، وذلك للحفاظ على موقعها المرجعي كناظم للمسارات العائلية وضابط لإيقاع الخلافات بين الأمراء ومتحكم بقواعد اللعبة السلطوية.
الاستفادة الأمريكية من خلافات الأمراء
مؤشر التوازن الأميركي بين عبدالله وسلطان، لا يلبث أن يضطرب حين يتعلق الأمر بسلطان ونائف كشقيقين متنافسين على السلطة، إذ يبدو الميول الأميركي نحو سلطان أكثر وضوحاً.
فالأميركيون -حسب المحلل السياسي سايمون هندرسون- يعتبرون الأمير نائف رجلاً صعباً مقارنة بسلطان، ويعتقدون أن وصول نائف إلى السلطة كملك سيؤدي إلى إيقاف الخطوات المترددة التي قام بها الملك عبدالله باتجاه الإصلاحات السياسية والتي كان أبرزها تخفيف نفوذ المؤسسة الدينية وإجراء انتخابات بلدية جزئية وتعيين امرأة كنائب لوزير التعليم لشؤون الفتيات.
ثمة مبررات أخرى لعدم ارتياح الأميركيين للأمير نائف يمكن إجمالها في نقاط ثلاث، أولها: تمسك الأمير نائف باتهاماته العلنية لجهاز الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر في أميركا.
ثانيها: إصراره على أخذ بصمات الأميركيين الذين يزورون السعودية ومعاملتهم في المطارات السعودية بمثل ما يُعامل به السعوديون في المطارات الأمريكية.
ثالثها: موقفه العلني من الانتخابات وحقوق المرأة، حيث أكد أنه لا يرى ضرورةً لإجراء انتخابات أو لوجود نساء في مجلس الشورى السعودي.
حين يبدو الموقف الأميركي ناقداً للأمير نائف منحازاً للأمير سلطان، يحاول الأميركيون إعادة التوازن للعصا عبر أمرين، الأول: توجيه انتقادات للأمير سلطان واتهامه بالفساد والسعي لكسب المال من خلال صفقات الأسلحة مع بعض الدول الأوروبية وهو ما عبر عنه معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في أحد تحليلاته السياسية للأوضاع في السعودية. والثاني: الإشادة بأدوار وجهود الأمير محمد بن نائف (نجل الأمير نائف) في ملف مكافحة الإرهاب.
أحيانا يضطر الأميركيون للإشادة بالأمير نائف نفسه، حين تتضاعف جرعة النقد الموجهة إليه في الصحافة الأمريكية، كنموذج لتلك الإشادة -مثلاً- يقول روبرت جوردن السفير الأميركي الأسبق لدى السعودية «إن تمكن الأمير نائف من تفكيك تنظيم القاعدة والخلايا الإرهابية في المملكة أكد قدرته على تحمل مسؤولية أمن السعودية واستقرارها».
المحاولات الأمريكية لممارسة دور متوازن لها ما يبررها، فحين تشتد خلافات الأمراء تؤدي أمريكا دوراً مرجعياً لتهدئة الأمور بالتوازي مع استفادتها من خدمات وتنازلات الأطراف المتصارعة التي ترمي إلى كسب ود الأميركيين وتأييدهم!
وإذا كانت الصفقة الأخيرة لشراء أسلحة أميركية (قدرتها الصحافة الأمريكية بنحو 60 مليار دولار) تعد أعلى المكاسب الأمريكية من تيار الأمير سلطان، فإن حادثة الطردين بالمقابل تعد أعلى المكاسب الأمريكية من جناح الأمير نائف والاستخبارات (تسابق الأميرين لخطب الرضا والتأييد الأميركي قبل معركة الصراع المرتقبة على العرش).
توظيف أميركي للخلافات
ثمة مؤشرات عديدة تؤكد أن الأمريكان يسعون لتوظيف الصراعات بين الأمراء لأهداف أخرى أبرزها إيجاد تنسيق سعودي إسرائيلي في مواجهة إيران!
يقول سايمون هندرسون في أحد مقالاته «إن أكثر ما يهم أمريكا هو توحيد السعودية وإسرائيل في مواجهة إيران».
وتشير مجلة فورين بوليسي الأمريكية إلى أن عودة الأمير بندر بن سلطان مؤخراً إلى المملكة تهدف إلى الالتقاء بجميع الأمراء وشرح مخاطر أي صراع داخلي سعودي قد ينشأ حول العرش، في ظل ازدياد التهديد الإيراني، وهنا لا نستبعد أن تكون عودة الأمير بندر (نجل الأمير سلطان) تهدف أيضا للعب دور في إقناع الأسرة بضرورة رفع التنسيق السعودي مع إسرائيل لاسيما وهو -أي الأمير بندر- يعد حسب بعض المواقع الإلكترونية أحد أبرز مهندسي التقارب السعودي الإسرائيلي في مواجهة إيران، علماً أن صحيفة التايمز البريطانية أكدت -في تقرير خاص لها- وجود تنسيق سعودي إسرائيلي بهدف السماح للطائرات الإسرائيلية المقاتلة بالمرور عبر الأجواء السعودية لضرب المنشآت النووية في إيران، وهو أمر نفاه المسئولون السعوديون في تصريحات علنية.
وماذا بعد؟
ثمة ما يعزز واقعية السيناريو التصالحي الافتراضي: الأول بين الأميرين سلطان ونائف، فالولايات المتحدة حتى وإن جنت فوائد وعوائد عديدة من صراعات الأمراء، غير أنها لن تسمح بتطورها لاسيما حين يتعلق الأمر بشأن مصيري كهوية الملك القادم.
إن أكثر السيناريوهات ترجيحاً، يكمن في إمساك الولايات المتحدة بصافرة الحكم للفصل بين سلطان ونائف تماماً كما فصلت من قبل بين سلطان وعبدالله، غير أن دوراً كهذا قد لا يكون فاعلاً سوى عقب رحيل الملك عبدالله، إذ أن نائف -في وجود عبدالله- لن يكون قادراً على التوافق مع سلطان دون الرجوع إلى الملك، وذلك حرصاً على التحالف المصيري القائم بينهما.
التطورات الأخيرة (مغادرة عبدالله إلى أمريكا للعلاج وتفويض سلطان بإدارة الدولة) تؤكد أن الأمير سلطان عاد بثبات ليستعيد موقعه كرجل ثان في التركيبة القيادية للنظام السعودي الحاكم، وهي المكانة التي قام بتأديتها الأمير نائف على أكمل وجه خلال فترة غياب سلطان عن البلاد واعتكافه في مدينة أغادير المغربية. لقد كان لافتاً إصدار الملك عبدالله -قبل ساعات من مغادرته البلاد- قراراً قضى بتفويض الأمير سلطان بإدارة شؤون الدولة في غيابه، وهو ما يعني إقراراً ملكياً ضمنياً بأحقية سلطان في العرش.
يدرك الأمير سلطان متى يتحرك بالضبط، فلو لم يكن موجوداً قبل مغادرة الملك عبدالله مؤخراً إلى واشنطن، لما حصل على هذا التفويض بإدارة شؤون الدولة، فالتوقعات كانت تشير إلى أن تفويضاً ملكياً للأمير نائف بإدارة شؤون الدولة كان على وشك الصدور لولا العودة السلطانية المفاجئة التي غيرت مجرى الأمور في اللحظات الأخيرة.
إذ كان صعباً على الملك عبدالله أن يفوض النائب الثاني بإدارة شؤون الدولة في وجود النائب الأول (ولي العهد)، ومع هذا فإن الجزم القطعي بانتقال السلطة إلى الأمير سلطان في ظل التطورات الأخيرة، لا يبدو موفقاً، فالأمير نائف لازال يملك العديد من أدوات التأثير ووسائل القوة التي تمنحه امتياز المنازعة على العرش، فهو يسيطر على قوات الأمن والداخلية، كما أنه متحالف بشكل استراتيجي مع الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس جهاز الاستخبارات بالتوازي مع تحالفه أيضا مع الأمير متعب بن عبدالله قائد قوات الحرس الوطني الذي يعد معادلاً استراتيجياً للجيش السعودي الخاضع لسيطرة سلطان ونجله خالد.
وبالتالي فالصراع بين الأميرين سلطان ونائف على العرش قد يلج فصلاً جديداً، غير أنه في النهاية -وفق راهن المعطيات- سينتهي بصفقة -ترعاها أميركا- على غرار تلك التي حدثت في السابق بين عبدالله وسلطان عقب رحيل الملك فهد بن عبدالعزيز، حيث سيكون سلطان بموجب الصفقة ملكاً، في حين سيحظى نائف بولاية العهد، على أن يبقى موقع النائب الثاني معلقاً ومتروكاً للتوافقات المستقبلية، مع احتمال أن يكون من نصيب الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
المؤشرات الحالية، تؤكد أيضا أن السلطة باتت في طريقها للعودة إلى السيطرة السديرية سواءً عبر سلطان أو نائف أو سلمان، إذ يستبعد أن تقوم هيئة البيعة التي يحظى فيها الأمراء الهامشيون (غير السديريين) بالنفوذ والسيطرة، بدور للحيلولة دون عودة السلطة إلى الفرع السديري، غير أن الأمراء الهامشيين بالمقابل قد يراهنون على الخلافات بين الأمراء السديريين عبر توظيف التسابق بين سلطان ونائف لخدمة أجندتهم المستقبلية، وهو ما يضع احتمالاً لفرض نائبٍ ثان من الأمراء الفيصليين أو الهامشيين (غير السديريين).
إن عودة سلطان مؤخراً والتفويض الملكي له بإدارة شؤون الدولة، يجعله بكل المقاييس ملكاً قادماً في حال تعثر صحة الملك عبدالله وعدم قدرته على العودة لإدارة البلاد، وبالتالي لن يكون في وسع نائف -في هذه الحالة- سوى الرضوخ للمصلحة السديرية العليا ومبايعة سلطان على العرش، غير انه سيكون رضوخاً مشروطاً ومحكوماً بصفقة تجعل من نائف ولياً للعهد وتحفظ له أمرين، أولهما: تركته النفوذية المتمثلة بأجهزة الأمن ووزارة الداخلية، وثانيهما: تركه حلفاءه مقرن ومتعب ومشعل المتمثلة بالاستخبارات والحرس الوطني وهيئة البيعة.
يمكن القول أيضا، إن العمر الافتراضي لنظام الوارثة الأخوية أضحى مشارفاً على الانتهاء، فالأحفاد بعد أن تمكنوا من إعادة إنتاج تموضعات الآباء عبر وراثة تركتهم، أصبحوا يتطلعون لوراثة المناصب الثلاثة العليا في التركيبة القيادية للنظام السعودي المتمثلة بالملك وولي عهده ونائبه الثاني.
إن جل المؤشرات تؤكد أن الصراع بين الأحفاد سينحصر في الثلاثي: متعب بن عبدالله قائد قوات الحرس الوطني وخالد بن سلطان نائب قائد الجيش السعودي ومحمد بن نائف مسئول أجهزة الأمن والداخلية.
ووفق المؤشرات أيضا فإن ملحمة الصراع بين الأحفاد ستتحدد في فريقين متنافسين، إذ بات واضحاً أن متعب بن عبدالله ومحمد بن نائف يشكلان فريقاً تحالفياً، في حين يشكل خالد وبندر نجلي الأمير سلطان فريقاً موازياً، بينما يتفرع باقي الأحفاد من فروع الأسرة سواءً الفيصليون أو الهامشيون بين الفريقين المتنافسين. أبرز ما يمكن تأكيده هنا أن جل الصراعات والتحالفات بين الأحفاد (الناتجة عن التقاسم الحالي للتركة) ستشكل إعادة إنتاج للصراعات والتحالفات الحالية بين الآباء، غير أن تطلعات الأحفاد قد تؤدي دوراً مستقبلياً في فصم عرى التمترس الراهن بصورة تسمح بتقاسم مغاير للتركة وإعادة تشكيل للاصطفافات والتحالفات بين الأحفاد.
يبدو واضحاً أن أمريكا ستعيد إنتاج دورها كحكم بين أبناء المؤسس، لتصبح حكماً بين أحفاده أيضا، إذ يُرجح أن تلعب دوراً في تعميد التقاسم الراهن بين الأحفاد أو تعديله بما يضمن انتقالاً آمناً للسلطة بين الجيلين الأول والثاني، دونما حاجة للصراعات أو العمليات الجراحية لحسم الخلافات الحالية والمستقبلية بين رموز الجيل الثاني.
بالنسبة لصنعاء لا تبدو الأمور باعثة على الاطمئنان، فحتى وإن ساد اعتقاد مفاده أن خلافات الأمراء تنعكس سلباً وإيجاباً على اليمن، إلا أن السياسات البروتوكولية السعودية إزاء اليمنيين ستظل هي المرجعية امتثالاً لوصية المؤسس عبدالعزيز آل سعود.
وبالتالي فسواء أكان سلطان هو الملك القادم، أو كان العرش من نصيب نائف، لن يكون الفارق -في السياسات السعودية إزاء اليمن- كبيراً، تماماً مثلما لن يكون الفارق كبيراً أيضا حال وصول الأحفاد إلى المناصب السيادية العليا في الدولة السعودية.
إن أي تغيير في التعاطي السعودي مع اليمن سيظل نسبياً ما لم تتخلق الإرادة السياسية اليمنية القادرة على إحداث التغيير المنشود وفق قواعد الشراكة والندية بين الدولتين اليمنية والسعودية، وبدون تخلق تلك الإرادة ستظل السياسات البروتوكولية ذات النمط الإيذائي تجاه اليمن قائمة مهما اختلفت وجوه الحكام السعوديين أو تعاقبت أجيال الأمراء!
المصدر : صحيفة الأهالي اليمنيه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.