أيهما أسوأ فساداً؟ ثلاثة وثلاثون عاماً خلال حكم الرئيس علي عبدالله صالح أم فساد أربعة أعوام أعقبت الربيع الدامي؟ قد تكون الإجابة شديدة الاستفزاز بالنسبة لمن ركبهم عفريت الفجور في الخصومة السياسية فاستكثروا على الرئيس السابق هذه الصفة مع أنها إقرار لواقع يتعاطاه اللبنانيون في تسمية رؤساء الجمهورية والبرلمانات والحكومات السابقة. عودة للسؤال الذي طرحه أحدهم أجزم بالاعتقاد أن سنوات ما بعد فبراير 2011 هي الأسوأ.. وماتزال. فساد النظام السابق كان فساد طبقة واسعة وفي المقدمة أولئك الذين ذكرونا بالمثل "الفئران أول من تغادر السفينة الغارقة". هذه واحدة.. أما الثانية التي عادها لما تكون وفقاً للهاشمي الذي قال هذه مسألة، فهي أن فساد 33 عاماً جرى في سياق إنجازات كثيرة ومحيط جغرافي شاهدنا فيها ترويج السياسية بالتجارة، كما أن رغبة التوريث هي الأخرى كانت لسان أحوال امتدت من العراقوسوريا إلى مصر وليبيا وربما إلى اليمن فما الذي جاء به "اللاحقون" الذين ليسوا في الحقيقة سوى "السابقين". هي كارثة أن تصل أطراف سياسية إلى السلطة على دماء الشباب ووهم ثورة الربيع ثم يغرقون في الفساد والاستبداد الذي زعموا الثورة عليه.. وهكذا فقد ردد الناس صراحة وضمناً كيف يمكن لك أن تصف نفسك بالثائر ثم تتكالب على صغار المكاسب وكبارها بصورة فجة وهلع فاضح ليته توقف عند هذا الحال ولم يدفع بالبلاد نحو التهلكة على كل الأصعدة . كيف يمكن لك أن ترى رئيس تونس يهرب ورئيس مصر يدخل السجن ورئيس سوريا يحرق المراكب ويحترق بها ورئيس اليمن يرحل من السلطة، ثم تأتي بعد كل هذا وتغرق في الفساد والإقصاء والاستبداد وتزيد على ذلك كل هذا النكوص الوطني الذي قوّض أركان الدولة الهشة وها هو في الطريق يحولها إلى شذر مذر. صحيح أن جزاء الكذب والفجور والفساد جاء من جنس العمل وما يزال الحبل على الجرار ولكن.. الصحيح أن اليمن يدفع ثمن دولة لا تريد أن تكون حتى بقايا دولة ثم يتباكى سلاطينها على أن هناك قوة أمر واقع تتطلع للديولة عبر النبش في بؤر الفساد الثوري. هل عرفنا الآن لماذا كانت ثلاث سنين من الفساد أسوأ من ثلث قرن من هذا الفساد؟