" فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ " إنّ الله لم يفطر الناس على مجموعة الأوامر ، والنواهي ، ولوائح العقاب ، وحدود الحرام ، والحلال ، والصلاة ، والصوم ، وحجاب المرأة ، بل فطرهم على حب الحياة .. الحب القديم الذي جئنا به إلى الدنيا ، والحنين الدائم الذي يملأ شغاف قلوبنا إلى الوطن الأصل الذي جئنا منه ، والعطش الروحي إلى النبع الذي صدرنا عنه والذي يملأ كل جارحة من جوارحنا شوقا وحنينا، وهذه هي حقيقة الدين الأعمق ، والأشمل ،
والأبعد .. فطرهم على الحياة الآمنة التي من خلالها يستطيعوا أن يكوّنوا مجتمعاً إنسانياً قادر على ردع منطق القوة بضمان حقّ الاغلبية في صياغة القوانين التي تزيح القبح ، والظلم ، والعبث ، والفوضى ، والاضطراب في هذا العالم . وهذه هي الرسالة التي عمل الأنبياء على تبليغها بالدعوة إلى إقامة العدل ..
فعمل الفقهاء وعلماء السلاطين على تغييبها بالدعوة إلى إقامة الشعائر وعبادات خالية من جوهر التعبد الحقيقي في معركة لا مبرر لها سوى حاجة الفقه إلى تطويع الدين في خدمة الاقطاع ولفعلهم هذا هاهي النتيجة ما نعايشه اليوم من ظهور لإسلام ضد الإسلام العادل ، والدين الحق الذي أتى لحفظ الأرض والإنسان .