الإرجاف والإرهاب والتدثر الباطل بعباءة الدين هو ما يسود، مع بالغ الألم والأسف، عالمنا العربي والإسلامي منذ سنوات طويلة. وقد اشتد وطء هذه الموبقات في السنوات الثلاث الأخيرة بعد أن نفخ ما يسمى الربيع العربي في هذه الموبقات وقدمها للناس على أنها مسلمات دينية يجب أن يلتفوا حولها ويحاربوا من أجلها. من صنعاء في اليمن إلى طرابلس في ليبيا يتقاتل (المسلمون) باعتبارهم شيعا وطوائف، وكل بما لديهم فرحون ومبشرون. لكن الحقيقة هي أن الجميع، ما داموا يقتلون بعضهم ويخربون أوطانهم بأيديهم، على باطل واضح وضوح الشمس في رابعة النهار. هم مجرد (حطب) لمعركة أجنبية، دولية وإقليمية، لا تريد بهم خيرا ولا تسعى إلى مصالحهم أو مصالح أوطانهم. وانجرارهم خلف هذه الأجندات سيقضي عليهم وعلى ما تبقى من وحدة بلدانهم وأمنها وسلامة مجتمعاتها. ومن هنا تأتي الأهمية الكبرى والقصوى لخطاب خادم الحرمين الشريفين، الذي وجهه للأمتين العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، وشخص فيه داء الإرهاب العضال الذي ينخر في جسد أمة العرب والإسلام اليوم. وتظهر أهمية هذا الخطاب من حيث التوقيت، عدا ما يفور من براكين القتل والنار، بتحميل قادة وعلماء الأمة الإسلامية مسؤولياتهم في الوقوف في وجه هذا الاعتداء الصارخ على (الإسلام) المختطف، الذي يقدمه الإرهابيون والمرجفون بإسراف على أنه دين تطرف وكراهية. التخاذل في المواجهة، كما كان الخطاب صريحا ومباشرا، سيكون أول ضحاياه المتخاذلون الذي لا يرقبون مصالح أمتهم وأوطانهم ومصالحها بقدر ما يرقبون مصالحهم الشخصية ومطامح أحزابهم التي تتآمر على أوطانها عيانا بيانا. وعلى العقلاء، العقلاء بالذات، أن يستدركوا، بعد ما جاء في هذا الخطاب، وقوعهم في براثن الإرجاف والإرهاب والمخططات المشبوهة ويعودوا إلى صوابهم وحياض أوطانهم المهددة بهذا الإرهاب وهذه المخططات.
الأوطان، وإن سولت بعض النفوس لأصحابها، لن تتسامح مع من يهدم وحدتها ويهدد استقرارها ويدخل أهلها في جحيم القتل والنزوح واللجوء والتشرد. كما أن الدين بريء ممن يعقد لواءه واهما ليقاتل أخاه ومواطنه وأهله. هذه فتنة كبرى لن تختار ضحاياها، بل هي ستحرق من يشعلها قبل غيره، فهل من متعظ، بعد أن أعطى الملك بلاغه وشهادته؟!. *عن (عكاظ)