ودعتك حضرموت وعشاق فنك ومحبيك عصرية العيد الفطر المبارك في موكب جنائزي مهيب إلى مثواك بمقبرة يعقوب في مدينة المكلا التي عشقتها وبادلتك الوفاء بالوفاء ودعتك وهي تنتحب عليك حزناً وحسرةً وألم ، فأي رحيل هذا أبا صبري ولم يرتوي عشاقك من ينبوع نهر عطاءك الجزيل ، أي رحيل هذا يامرسال الفن الحضرمي الأصيل ورسوله وفارسه المقتدر ، غادرتنا ونحن نعيش الفرح العيدي ونردد رائعتك الغنائية .. أقبل العيدُ وشذى الطير وكبر .. وتهادى الروض من فرحتنا الكبرى وأزهر .، ولكن عيد هذا الجوش ثاني لم يكتمل الفرح أبا صبري !! وجاءنا الخبر الفاجعة فجر اليوم السابع لعيد الفطر المبارك الفنان كرامة مرسال في ذمة الله .. إنتشر الخبر مع أولى صباحات يوم الأحد إنتشار النار في الهشيم وخيم السكون على مدينة المكلاوحضرموت وكل عشاق الفن والطرب . إنتقل الأقرباء والأحباب إلى منزله في المساكن بفوة ليشاركوا أسرته الكريمة هذا المصاب الجلل ، يعزون في وفاته وإلقاء نظرة الوداع على جثمانه الطاهر .. وقد كنتُ هناك لأداء واجب العزاء وشاهدت الحزن والتأثر مسيطراً على الموقف ، ولا حديث غير لغة الدموع تغمر وجوه الأهل والأصدقاء والأحباب من الفنانين والعامة مجسدين بذلك الموقف كم هو عزيز وغالي وقامة فنية كبيرة وهامة من هامات حضرموت والوطن. يالها من خسارة فاذحة يتكبدها الفن الحضرمي ، ان أبا صبري لم يكن فناناً فحسب ، بل كان أسطورة فنية عاشت في وجداننا وهزت دواخلنا وشنفت أذاننا بأجمل الكلمات وأعذب الألحان والأنغام لأكثر من عقدين من الزمان ، تفرد في أداء الأغنية الوطنية ، وكنت وما زلت وستظل فارسها الأول ، وكنت مبدعاً في الأغنية الشعبية والعاطفية وجميع ألوان الغناء الحضرمي ، وحافظت على تربعك لعرش الغناء الحضرمي حتى وفاتك وسيبقى ما خلفته من موروث غنائي منبعاً صادقاً وصافياً ينتهل من الأجيال وتتوارثه إلى ما شاء الله . رحلت أبا صبري في زحمة الأيام والعيد السعيد ولكنك لم ترحل إلا إلى قلوب أحبتك لتعيش فيها وتسكن الوجدان لِتتشرب أصالتك وبساطتك وكل تاريخك الفني الغزير والطويل ، ومهما تحدثت عنك الأقلام وكل وسائل الأعلام فلن توفيك حقك من الوفاء والتقدير ، ويكفيك فخراً إنك سكنت قلوب ووجدان وعقول البسطاء وكل المحبين وكنت محل ثقة واحترام وتقدير كل فئات المجتمع فكم أسعدت ناس وشاركتهم أفراحهم وأحزانهم ، وستظل أبا صبري في المكلا سيد العشاق ورحيلك عنها شاق .. وآه ما أقسى الفراق ، اللهم لا اعتراض على حكمك وقدرك وقضائك ولك الشكر والحمد من قبل ومن بعد . سنبكيك وننعى رحيلك طويلاً فأنت لم تمت وأنت عايش في أعماقنا وخالداً فيها ، رحمك الله وأسكنك فسيح جناته وألهم أهلك وذويك وكل عشاقك ومحبيك الصبر والسلوان .. إنا لله وإنا إيه راجعون .