لا أحد كان يتمنّى أن تصل الأمور في "اليمن" البلد الجار إلى ما وصلت إليه من تنافر وتقاتل، وإن كان أهله قد تنبأوا بحدوث ذلك بناء على معطيات كثيرة لعل "نبتة الحوثيين" أحد أهم تلك المعطيات بالنظر لأنها تلقى دعمًا معنويًّا وماديًّا سافرًا من قبل إيران. الذين تنبأوا بهذا التصعيد كُثر، كان من بينهم رئيس الوزراء الأسبق حيدر أبو بكر العطاس، الذي حمّل -في لقاء أجرته معه هذه الصحيفة عام 2012- الرئيس السابق علي عبدالله صالح مسؤولية ما يحدث في اليمن، وأنه هو مَن صنع تنظيم القاعدة في اليمن، ودعمه ماديًّا وعسكريًّا، وأتى بالإيرانيين إلى جنوباليمن، لكن العطاس هوجم بعد هذا التصريح، ووصفه بعضهم بأنه عنصري وفاشي، وينظر للشمال نظرة دونية وحاقدة. إلاّ أن الواقع الذي يشهده اليمن الآن يؤكد بُعد نظر العطاس، وقراءته الجيدة لأحوال بلاده، والمستقبل الذي تنتظره. الأجواء في اليمن ضبابية، والحراب الموجهة لصدر الحكومة متعددة، بعضها منتفعة، وبعضها الآخر جاءت لتثأر لنفسها بعد أن «سادت ثم بادت» بعد أن أسقطها الشعب فالتمدد الذي هي عليه جماعة الحوثي الذي طال أجزاء مهمّة في أراضي اليمن، ووصل إلى مشارف العاصمة ليس طبيعيًّا، ومن المؤكد أنه يحظى بدعم وتأييد من بعض القوى في الداخل والخارج، تلك القوى هي من تملي عليه مطالبها، وتجبره على اتخاذ مواقف متصلبة تجاه المرونة التي تبديها الدولة مع المطالب الشعبية التي تضررت من رفع أسعار مشتقات البترول، ولم يعدْ خافيًا على اليمنيين -حسبما يدور في مجالسهم الخاصة، وما تنقله الحوارات التلفزيونية، وما تكتبه بعض الصحف في افتتاحياتها- بأن هناك دعمًا إيرانيًّا تتلقاه جماعة الحوثي، وأن هناك تحالفًا غير معلن بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وجماعة الحوثي على تعكير صفو أمن اليمن تلقى الحوثيون خلاله معدات عسكرية سبق أن صادرها أفراد أسرة علي عبدالله صالح، وذلك نكاية بالقوى الثورية التي أطاحت بصالح وأزاحته من السلطة. الأجواء في اليمن ضبابية، والحراب الموجهة لصدر الحكومة متعددة، بعضها منتفعة، وبعضها الآخر جاءت لتثأر لنفسها بعد أن "سادت ثم بادت" بعد أن أسقطها الشعب. والمستقبل لا يبشر بخير في أرض متخمة بصراخ الطوائف، وتغذيها بعض القنوات المتخصصة، وبعض شعبها لم يستفد من دروس الماضي، ويدرك بأن الحروب لا تلتهم سوى صناعها، خصوصًا تلك الرؤوس الخاوية التي ربطت شعارات حزب الله ودولة الفقيه على جباهها، إنهم المعاول التي ستهدم حضارة اليمن.