ثمة شيء يجب ان يفهم بخصوص حقيقة الصراع الدائر في صنعاء بين قوى جماعة الحوثي وحزب الإصلاح والأطراف الأخرى .. يعتقد كثيرون في اليمن ان الصراع الدائر هو صراع بين طائفتين إحداهما شيعية والأخرى سنية أو ما شابه هذا الأمر ، والأمر بخلاف ذلك بالمطلق . غالبية القيادات المتحكمة في الصراع في الشمال هي قيادات "زيدية" سوى تلك التي إلى جانب جماعة الحوثي أو الجماعات التي تتزعم حزب الإصلاح .. يقود علي عبدالله صالح حزب المؤتمر وكان رئيسا لليمن وخاض ستة حروب ضد جماعة الحوثي وهذا الرجل "زيدي" و يقود علي محسن الأحمر قوى الإخوان في اليمن ويحارب بضراوة ضد جماعة الحوثي وهو "زيدي" وقاد "عبدالله بن حسين الأحمر" حزب الإصلاح وخلفه أبنائه فيه وهم "زيود" ويقود "عبدالملك الحوثي " جماعة الحوثي التي باتت تحقق الكثير من المكاسب وهو "زيدي". ماحدث انه وبعد العام 1962وعقب ثورة 26 سبتمبر كان المد الحاصل يومها مد قومي عربي فذهبت هذه الأطراف الزيدية نحو مناوئة الحكم الامامي لكي تتحكم بالسلطة ، لأنها كانت تدرك وبشدة ان الزمن يومها كان زمن ثورات القومية العربية وحان الوقت لاستبدال الحكم فذهبت قيادات زيدية وتحركت ودعمت ثورة 1962 ورغم أنها أنهت ظاهرا الحكم الامامي الزيدي إلا ان الحكم والسلطة انتقل إلى يد قيادات وأطراف "زيدية" لبست يومها لبس الجمهوريين وكان المهم في الأمر ألا تخرج السلطة من الزيود وهو ماتم لها .
في ثمانينات القرن المنصرم جاء المد الإسلامي فتحولت الكثير من القيادات الزيدية صوب جماعة الإخوان ومن ثم تم تشكيل حزب الإصلاح للحشد لاحتلال الجنوب ، لم يكن بالإمكان إسناد مهمة تشكيل حزب إسلامي يحمل توجهات الإخوان المسلمين إلى شوافع الشمال لانعدام الثقة بهم فانبرى يومها "عبدالله بن حسين الأحمر" وعدد كبير من قيادات قبيلة حاشد وشكلوا حزب التجمع اليمني للإصلاح وبه خاضوا المواجهة إلى جانب نظام علي عبدالله صالح وحملوا لافتة الإخوان المسلمين رغم أنهم "زيود" . وفي العام 2011 اندلعت ثورة التغيير وهنا تحول "علي محسن الأحمر" وأبناء "عبدالله بن حسين الأحمر" وهم زيود في صف ثورة التغيير وتحدثوا بلسان الثورة وتمكنوا فعليا من ركوبها والاستيلاء عليها وإقصاء التيارات الأخرى . وجاءت حركة الحوثي لاحقا فغيرت الكثير من القيادات القبلية بعمران وصعدة ومحافظات أقصى الشمال التي كانت موالية لبيت الأحمر جلدها السياسي وتحولت صوب جماعة الحوثي والأمر بالنسبة لها التحول من مربع "زيدي" إلى أخر . يجمع بين كل الأطراف المتصارعة وهي "زيدية" لغة المصالح ولغة النفوذ ولا شيء غير هذا ، القيادات الزيدية التي تحولت إلى جمهورية في العام 1962 تحولت كذلك لان واقع اللحظة كان يقول ان الجمهورية هي من تسود لذا كانت قيادات زيدية بارزة مع الثورة لاجل تحقيق المصالح وتواصل الأمر . كل طرف من الأطراف الزيدية يمسك بمرحلة معينة من تاريخ الشمال ويتحكم به ويغير "جلده" بحسب الظروف السياسية الحاصلة ،ولو ان المد الشيوعي كان يملك القدرة للوصول إلى الشمال لكنا وجدنا قيادات "زيدية" شمالية تنافس لينين في نظرياته الاشتراكية . ضعوا "علي محسن الأحمر" في كفة وضعوا "عبدالملك الحوثي" في كفة واضيفوا لهم "علي عبدالله صالح" وابحثوا عن الفوارق الدينية لن تجدوا شيء يذكر . هذا هو جوهر الصراع السياسي الدائر في الشمال.. صراع على المصالح وهو صراع للأسف يذهب الكثير من الابرياء ضحيته .