عدن.. البنك المركزي يعلن سحب تراخيص منشأتين جديدتين للصرافة ويغلق فروعهما    عدن.. البنك المركزي يعلن سحب تراخيص منشأتين جديدتين للصرافة ويغلق فروعهما    أسبانيا تُفكك شبكة تهريب مهاجرين يمنيين إلى بريطانيا وكندا باستخدام جوازات مزوّرة    ترامب: لا علم لي بخطة احتلال غزة ونحاول الآن التركيز على إيصال المساعدات للفلسطينيين    حجة.. وفاة امرأة وإصابة طفلة بصاعقة رعدية    حجة.. وفاة امرأة وإصابة طفلة بصاعقة رعدية    حزب البعث يكشف ملابسات اختطاف رامي محمود ويطالب بسرعة الافراج عنه    انتشال جثث 86 مهاجرًا وإنقاذ 42 في حادثة غرق قبالة سواحل أبين    مسيرتان طلابيتان بالضالع تنديداً بجرائم العدو الصهيوني في غزة    أياكس الهولندي يتعاقد مع المغربي عبدالله وزان حتى 2028    فريق شباب الحزم يتوج ببطولة العدين الكروية بنسختها الرابعة    اجتماع أمني بالعاصمة عدن يبحث تنظيم العمل وضبط السوق السوداء    ستبقى "سلطان" الحقيقة وفارسها..    مقتل مرتكب المجزرة الاسرية بإب    لا تليق بها الفاصلة    اللواء بارجاش: مخطط حوثي لاستهداف حضرموت عبر خلايا محلية وسنواجه بحزم    البنك المركزي يسحب تراخيص منشأتين للصرافة ويغلق فروعهما    هناك اعلاميين رخيصين من الجنوبيين لمجموعة هايل سعيد    المشروع الأميركي – السعودي: نزع الشرعية عن المقاومة تمهيداً لفتنة داخلية!    الوزير باجعاله يؤكد أهمية حصول ذوي الإعاقة على كامل حقوقهم    الرئيس المشاط يعزي آل القاضي وعزلة سهمان في الطيال    محافظ عدن يقر رفع حافز المعلمين إلى 50 ألف    الشيخ الجفري يزور أبو الشهداء والد الشهيد عبداللطيف السيد    تعز.. اختتام دورة الرخصة الآسيوية (C) لمدربي كرة القدم    النفط يتراجع وسط تصاعد المخاوف من فائض المعروض    المجلس النرويجي للاجئين: "إسرائيل" تخرق القانون الدولي في غزة يوميًا    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    الحديدة: تدشين المرحلة 2 من مشروع إعادة تأهيل وبناء المنازل للمتضررين من السيول    رسميا.. (ستارلينك) تدشن خدمتها من العاصمة عدن    قرعة آسيوية ساخنة بانتظار ناشئي اليمن في كوالالمبور الخميس المقبل    وزارة الزراعة تناقش استعدادات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف    وزير الشباب ومحافظ ذمار يتفقدان مدرسة الثلايا ومكتبة البردوني    فعالية احتفالية بذكرى المولد النبوي بذمار    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 5-8-2025 في اليمن    شهادات مروعة عن تعذيب وانتهاكات داخل معتقلات الأمن السياسي بمأرب    إصابات إثر تصادم باصين للنقل الجماعي بمحافظة حضرموت    عدن.. البنك المركزي يحدّد سقف الحوالات الخارجية للأغراض الشخصية المُرسَلة عبر شركات الصرافة    أيادي العسكر القذرة تطال سينما بلقيس بالهدم ليلا (صور)    النائحات المستأجرات    جريمة مروعة.. مواطن يقتل 4 من عائلة زوجته في إب ويصيب آخرين ويلوذ بالفرار    جراء الهجمات الحوثية.. "ميرسك" ترفع رسوم الشحن في البحر الأحمر    مليشيا الحوثي تختطف ثلاثة معلمين بينهم مدير مدرسة في إب    نيمار يوجه رسالة إلى أنشيلوتي بعد ثنائيته في الدوري البرازيلي    مودريتش: بطولات الريال لم تخمد حماسي    «سيدات النصر» .. لياقة وسرعات    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    الحكومة تجدد تأكيدها: الحوثيون حوّلوا المساعدات الدولية إلى أداة تمويل لحربهم    الحديدة: فريق طبي يقوم بعمل معجزة لاعادة جمجمة تهشمت للحياة .. صور    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    حضرموت التاريخ إلى الوراء    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوم كنتُ أمير الشعراء
نشر في عدن الغد يوم 14 - 11 - 2014

هكذا ببساطة كنت أمير الشعر المرتقب، أميراً سورياً، يتوّج في دولة خليجية، سيأخذ اللقب والمال، وسترأف بحاله الشاشة الصغيرة، حتى يتقيأ من كثرة الظهور، ويتقيأ المتلقي من تخمة القصيدة ووسامة الشاعر الشاب، وهو يجمع سحنة تتوزّع على دمين نقيين، العربي من جهة الأب، والكردي من جهة الأم، العبطة البيضاء، المرأة المجيدة للهجة زوجها.

ما ما علاقة هذه الهجنة بروحِ الولد الهاذي بالشعر، فلا أعرف بالضبط، ويمكن في هذا المنحى العودة إلى باختين وأمور الهجنة وتزاوج الأشياء المختلفة. أصرّح عن علاقتي اللاطيبة بالفراهيدي، فقد ركبتُ معه على ظهر حصان خشبي قاصداً وادي عبقر، لكن ما إن غاصَ حصاننا في وحلِ الأبحر كخروفٍ صغير، حتى انتهزت الفرصة وقفلتُ راجعاً، تاركاً وصايا أبي أحمد وأبحره الستة عشر بمجزوءاتها.
حين أطلّت سحابةُ العطايا في برنامج "أمير الشعراء"، قلت: الشاعر سيد، وليس متكسباً ومتذللاً أمام خمسة عتاة متجهمين، يجلسون خلف طاولة كأنها نعش ميّت، يتحدثونَ عن القصيدة من خلال عاطفة الشاعر الوطنية والقومية وموضوع النص والألفاظ الجزلة والكسور الوزنية، وكانوا كلما قالوا كلمة، هزَّ الشاعر رأسه موافقاً، ليجلب الرضى ويكسب الود، وهو ما يزيد من "أنا" الناقد، فيسترسل ليوجّه أحياناً ما يشبه الشتيمة إلى المتسابق، يمرُّ ذلكَ؛ فبريقُ اللقب والمكافأة المادية، يشكّلان غلافاً سميكاً حول العقل الشعري والنفسي معاً.
كنت فقدت مرونتي في كتابة التفعيلة، عندما أشعل صديق فكرة المشاركة في رأسي، قال: سنركب الطائرة، وسنقيم في فندق 5 نجوم لأيام، سنذهب إلى الشاطئ، وسنزور البار في الطابق الرابع، وسنرى المضيفات الروسيات، ولحظة المشاركة يمكن أن تتغيّب.

قال لي كل هذا بعد أن عرف بأنني يمكن أن أقدّم نفسي للجنة على أنني شاعر كبير ولا حاجة له بهم وبآرائهم التي تذكره بمدرس اللغة العربية في الثانوية، وهو يشرح نصاً لعمر أبي ريشة. لنص الذي كتبته وأرسلته بائس، و"فعولن" التي استخدمتها كانت أشبَه بالفأس، تنزل على جمجمتي، تدخّل صديقي الشاعر أديب حسن محمد في ترقيعه، وفي المحصلة هو نص يمكن لأي شاعر تفعيلة مبتدئ أن يكتبه.
المفاجأة أنه قُبل، في حين شعراء تفعيلة مجيدين رُفضتْ نصوصهم، وهو ما يحيلنا إلى سؤال عن آلية اختيار النصوص واللجنة المجيزة لها، كان هذا أيضاً ردّ على المشككين بكتّاب قصيدة النثر، وأنهم يلجؤون إلى الانفلات من الوزن لعجز في تطويع البحور وتهذيب الأذن على طرق النحاس.

مدير التربية:
رحلة إجازة النص وقبوله أهونُ من تحصل إجازة أسبوعية من الوظيفة. بدأت بالسيد مدير التربية، وقدمني رئيس "فرع اتحاد الكتاب العرب" الصديق محمد باقي محمد، على أنني زميل لهم مع أنني لست كذلك، لكن لأمر التوصل للموافقة.
رحب المدير: "أهلا بأمير الشعراء"، وأفصح لي عن فخره بأن يكون أحد زملائه مشاركاً في هذا الحدث، ثمَّ طلب مني أن ألقي على أسماعه والحاضرين قصيدة، أحدهم تحمّس وسألني: "أستاذ أنت مؤلف شعر؟" قلت له: "نعم"، قال: "مثل شعر عمر الفرا؟"، وأضاف: "أحب قصيدة حمدة كثيراً". وسأل ما إذا كانت القصة حقيقية أم أنها من نسج خيال شاعرها.
اعتذرت بحجة أن قصائدي طويلة ولا أحفظها، بل وذكرت قصة حدثت مع الفنان عبد الرحمن أبو القاسم، عندما طلبت منه المذيعة أداء مشهد من مسلسلاته، ورد عليها: "يمكن أن يطلب من راقصة أن تؤدي وصلة". في إشارة إلى أن الحالة النفسية للمبدع شرط ضرورة للأداء. اعتذر مدير التربية باعتبار طلبي من صلاحيات السيد المحافظ، ونبهني إلى أن المحافظ قليل فهم ومتبجح، وهكذا دخلت أميراً للشعراء وخرجت راقصة.

المحافظ:
مدير مكتب المحافظ شاب ظريف اسمه أيمن، قرّبني من طاولته، وكان يتحلق حوله رهطٌ من موظفين كبار، متأنقين، ويدخنون السيجار، كروشهم تدل عليهم. أيمن سلّم أوراقي لأحدهم قائلاً: أستاذ، الشاعر محمد المطرود، سيمثلنا في الإمارات شعرياً، ردّ الأستاذ: "لسا في حدا يقرأ شعر، يعني الشاعر راح يجيب الدب من ذيله". ابتسم أيمن وابتسمت خجلاً، ولم أستبشر خيراً، وقلتُ إذا الموظف قال هذا فما قول المحافظ؟
عندما دخلت مكتب المحافظ بادرني بأنّ طلبي من اختصاص مدير التربية، وأنني كموظف تجاوزت التراتبية، وهذا يستوجب العقوبة، قلت له: سأمثل الوطن، قال: وتترك طلابك بلا تعليم، ونحن لا نفرط ب "جيل المستقبل"، ولأنني كررتُ "وطن" كثيراً، حسبته قال لي: تلحس... أنت والوطن.
المحافظ الذي كان اسمه المعذّى سلوم، من كرهي له صار "العنزة سلوم"، وصرت أقرن صورته بصورتها. دخلت على المحافظ أميراً للشعراء، وخرجت متسيباً يستحقُّ الخصم من راتبه؛ لأنه راجع في أوقات الدوام وبلا إذن من مدير المدرسة والموجّه التربوي. إذاً.. مِن حالم بالإمارة والدنانير إلى فاقد ل 536 ليرة سورية عقوبة التغيّب، لا أريد أن أكون أميراً للشعراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.