في الأيام الأولى للاعتصام انضم رئيس اتحاد الشطرنج في عدن الكابتن رمزي قاسم ؛ وانضم معه أعضاء الفرع والعديد من اللاعبين الدوليين ؛ على رأسهم بطل محافظة عدن ولاعب المنتخب الوطني صالح عبدالله العقربي ، والذي ألغى سفره إلى المغرب لتمثيل اليمن في البطولة المقامة هناك . . . و لم يكتفوا بذلك ؛ بل أقاموا بطولة للشطرنج في ساحة الاعتصام ؛ اشترك فيها عشرات من المعتصمين ، وعدد من اللاعبين المصنفين دولياً من أبناء عدن . وخلال نفس الفترة قام الكابتن رمزي قاسم بالتواصل مع فروع الاتحاد العام للشطرنج في المحافظات الجنوبية المتبقية ، وتم عقد اجتماع حضره رؤساء اتحادات محافظات الجنوب الست ؛ تكلل بإعلان "اتحاد جمهورية الجنوب العربي العام للشطرنج" . . . وبهذا الاعلان يعتبر اتحاد الشطرنج أول عملية فك ارتباط في جهاز حكومي رسمي مع دولة صنعاء . لكنَّ المؤسف أن هذه الخطوة الصحيحة لم تلاقي الحد الأدنى من الاهتمام الذي يليق بها . . . لم تلتفت إليها اللجنة الإشرافية برئاسة بن شعيب ، ولم يعيرها القيادات والمكونات المتصارعة أي اهتمام . . . وحتى منظمات المجتمع المدني والمجموعات الجنوبية لم تعطيها حقها من المساعدة والاسناد ، باستثناء "مجموعة 33" التي قامت مشكورة بدعمهم عن طريق شراء كؤوس وشهادات تكريم للفائزين في بطولة الساحة . قد تكون مبادرة مجموعة 33 بسيطة لكنَّها تشكر عليها ؛ فأهمية تكمن في "المبادرة" دون غيرهم تتجاوز أهمية مبلغ الدعم ؛ فإذا كان اليوم قليلاً ، فغداً سيكون أكبر عندما تتضح لهم الرؤية كاملة حول هذا الفعل الثوري ، وأهميته في إطار الثورة الجنوبية . بل قد يأتي غيرهم لتبني هذا النوع من الفعل الثوري وتمويله ، فهو في رأيي أهم وأعظم من دعم اجتماعات المكونات . وكنت قد اتصلت بالكابتن رمزي قاسم قبل (15) خمسة عشر يوم ؛ الذي شرفني بزيارة ؛ وتحدثنا عن الاعتصام بصفة عامة ، وعن آليات تطوير الفعل الثوري ؛ حينها أدركت مدى كفاءة وقدرة النخبة الجنوبية الصامتة . . . وهنا لا يتسع المجال لسرد كامل حديثنا ، واكتفي بالتطرق لخطة اتحاد الشطرنج الاستراتيجية لتفعيل الاتحاد :- وتبدأ بإجراء تصفيات في المحافظات الست ، والتي لن تتجاوز (10) عشرة أيام . . . وبعدها مباشرةً تنطلق بطولة الجمهورية في العاصمة عدن . . . ومن بطولة الجمهورية يتم تشكيل المنتخب الوطني للشطرنج . . . ومن جانب آخر ؛ اللعب يحافظ على اللاعبين الدوليين من ضعف المستوى ، أو العودة إلى الاتحاد اليمني للمشاركة في بطولاته . . . وبتوثيق كل هذه الإجراءات يصبح الاتحاد الجنوبي للشطرنج مؤهلاً للتقدم بطلبات الاعتراف به ، وتقديم طلب عضوية الاتحاد الدولي والعربي والأسيوي . "وأظن اعتراف اتحادات بعض الدول المحبة للجنوب في متناول اليد" . . . وكنت وعدت الكابتن رمزي أن أجد من يمول اتحاد الشطرنج بالموازنة التي وضعها ، لقناعتي الحاسمة أنَّه تصعيد ثوري حقيقي ؛ عملية استراتيجية ؛ اندفاع نحو الاستقلال بخطوة صائبة 100٪ ؛ مبلغ بسبط يستطيع تقديمه أي تاجر . . . لكنني فشلت . . . أصوات النضال الوهمي أكثر وصولاً إلى جيوب التجار . . . وبطائق الصرَّاف الذين يتقدمهم بعض الشيوخ أفسدوا بأموالهم كل شيء . وقبل يومين كنت مشاركاً في ندوة من الندوات اليومية التي تقيمها نقابة المحامين الجنوبيين في خيمة النقابة -ساحة الاعتصام- برئاسة المحامي عدنان شيخ الجنيدي ؛ وصادف وجودي هناك وصول الكابتن رمزي إلى الندوة ؛ فطلبت له حصة من الوقت للحديث ، وتم ذلك . . . لكنَّ بعض الأصوات قاطعته ، مرَّة وراء أخرى حتى توقف مرغماً...!! .. قد تكون قدرته في سبك الكلمات ضعيفة ، لكنَّ أفكاره تشع بالضياء الذي يتجاوز كل المكونات الجنوبية . . . توقف عن الحديث وانصرف حزيناً ، بعيون دامعة يملأها القهر والأسى ؛ وكأني أسمعه يحدث نفسه قائلاً (ظلمت نفسي وزملائي وأبنائي اللاعبين المصنفين دولياً بالانضمام إلى هؤلاء الغوغاء عديمي العقول...! ولكن لابأس ؛ إنَّ عقلاً احترف التفكير ، دخل باحتراف يستطيع الخروج باحتراف) هذا ما قرأته في عينيه . وأنا كذلك حزنت لحزنه ، وغضبت لوطني ؛ وسألت نفسي ؛ من المستفيد من ابعاد التصعيد الثوري الحقيقي ، وجعل التصعيد مجرَّد مسيرات ؛ وهتاف بشعارات فارغة بالسير سير خلف من لا يسير ؛ بيانات ؛ مبادرات توحيد الفاشلين ؛ مقايل ثورية ؛ مئات القصائد الشعرية المكررة ؛ تهريج قناة ليلى ومنع ندوات محمد سعيد سالم ؛ حفلات غنائية ؛ ؛ تشكيل لجان ثم الانقلاب عليها بلجان أخرى....؟ لم أجد الإجابة التي ترضي النخبة السياسية الجنوبية القائدة الفاشلة والمتصارعة ، أكانت شبابية أو شيوخية . . . ولا استطيع البوح بالإجابة التي ترضي النخبة الجنوبية الصامتة ؛ لكنَّها -الإجابة- موجودة في كلام رجل بعيد عن الحياة السياسية ، وبعيد عن البلاد ؛ تذكَّرته ، وتذكرت اتصاله بي في الأيام الأخيرة من شهر اكتوبر :- قال لي : هل تتابعون الإعلام اليمني...؟ .. قلت ؛ لا نتابع سوى إعلام ليلى . . . قال ؛ ألست في اللجنة الإعلامية...؟ قلت : نعم ولكنني مجمَّد كما تم تجميد كبار الإعلاميين ورؤساء تحرير الصحف وكل ذي عقلٍ أراد بالبلاد خيراً...! .. ولكن هات ما عندك وسأنقله إلى حيث يصل صوتي . فقال : لفت انتباهي تركيز التلفزيونات اليمنية على مباريات دوري كرة القدم بين الفرق الجنوبية والشمالية . . . وعلى قيادة الاعتصام التنبه إلى الجانب الرياضي ؛ وعليهم الاتصال بأندية كرة القدم ، واقناعها بضرورة التوقف عن اللعب مع الفرق الشمالية ، والانضمام إلى الساحة ، ولو استطعتم إقامة دوري جنوبي فذلك انجاز حقيقي للاعتصام على طريق الاستقلال . . . فالمتابع من أي مكان في العالم عندما يشاهد اليوم التلفزيون اليمني يستنتج ؛ عدم وجود أي اعتصام حقيقي أو ثورة من أصله ؛ مادامت الفرق الجنوبية والشمالية تلعب في ملاعب جنوبية وبحضور جماهير رياضية . ختاماً ؛ اتمنى على كل أصحاب الأموال تمويل خطة الاتحاد الجنوبي العام للشطرنج ؛ فإذا تم تمويلها سوف تكون الباب الواسع لفك ارتباطات كل الاتحادات الرياضية بيد الدولتين . . . وقد تلحقها كافة المرافق الخدمية وفروع الوزارات . . . ولو تبنَّى عدد من الأثرياء الجنوبيين كل مرفق جنوبي يعلن فك ارتباطه ، يصبح الاستقلال أمراً واقعاً ، وحينها يستطيع جيش الشعب اغلاق الحدود واسقاط المعسكرات ، فالشعب الجنوبي كله جيش . والله اعلم