يقول عشاق ليفربول لو أن ماريو بالوتيلي قدم للفريق بضع ما يقدمه عبر المدونة الصغيرة "تويتر" لكان، اليوم، نجم الملاعب ونال من الألقاب الأغلى وما نافسه عليها أحد، وما عانى الفريق الأحمر هذه المعاناة الطويلة بالبريمييرليغ! إحدى الصحف الإنكليزية نصبت مؤخرا اللاعب المثير للجدل ماريو ملك تويتر بلا منازع بفضل تغريداته التي تثير الاستغراب حينا وتخلف وراءها ضحكات وتعليقات لا حصر لها أحيانا كثيرة.
"ماريو" الذي تاهت بوصلته منذ اختار اللعب للأزوري بدلا من موطنه الأصلي بات وحده حكاية في الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ليس لموهبته، ولكن لخروجه عن النص بشكل متعمد في كثير من الأحيان.
وليس وحده من خرج عن النص,, فالبرتغالي رونالدو يقول عنه منتقدوه وغرماء النادي الملكي إنه خرج عن النص حين رفض مصافحة الفرنسي ميشيل بلاتيني بختام مونديال الأندية.
ويقول هؤلاء إنه من حق أي شخص أن يدلي بدلوه في مسائل الكرة خصوصا جائزة الكرة الذهبية التي تحظى باهتمام ومتابعة المعنيين وغيرهم ، ولكن ليس من حق أي لاعب، ولو كان الدون، الحقد على شخص لأنه لم يقل فيه خيرا وأوصى بأن تذهب الكرة الذهبية إلى أحد الألمان.
ويحتفظ هؤلاء فعلة مماثلة للنجم البرتغالي حين سارع إلى مهاتفة زميله السابق بالنادي الملكي تشافي ألونسو لاستيضاح صحة تصريحاته التي دعا فيه للتصويت لأحد اللاعبين الألمان.
والواقع أنه لو بقي نجم ريال مدريد يتابع تصريحات خصوصه ومناوئيه ما تفرغ للكرة أبدا ولا لناديه،، فكثيرون هم من يتحفظون حتى على اختياره ضمن المرشحين الثلاثة للكرة الذهبية. لكنها في النهاية مواقف يجب أن تحترم لأن أصحابها قامات رياضية أو نجوما لم يغب عنهم بعد سحر النجومية!
لذلك أعتقد أن حكاية تخلف اللاعب العربي في الإحتراف مجرد خرافة ونقيصة بهذا اللاعب، لأن الوقائع أثبتت أن اللاعب أيا كان مستواه والبطولة التي يلعب فيها والنادي الذي يدافع عن ألوانه، ومهما بلغ من النضج والإحتراف يظل إنسانا تتحكم فيه مختلف النوازع فيلجأ، في بعض الأحيان، إلى تصرفات وسلوكيات "تحبس الرأس" (وليس الأنفاس) لا يقدم عليها، أحيانا، حتى لاعب من بطولة هاوية في بلد مغمور انضم حديثا لساكني بيت الفيفا!
وكما يتفنن اللاعب العربي في إبراز "موهبته المعادية" للاحتراف، فيأتي –مثلا- متأخرا إلى مرانه اليومي أو يقضي لياليه في السمر والسهر أو قضاء فترات الإسترجاع في الاسفار وقيادة السيارات، أو يفشل في فهم الخطط التكتيكية لمدربه بداعي أن الاحتراف لم يشمله حين كان في الفئات الصغرى والشابة، فكذلك الحال بالنسبة للاعب الغربي أو بعبارة أخرى اللاعب الأوربي.. وكثيرة هي الحالات التي أبرزت عجز هذا اللاعب أو ذاك عن "تكييف" عقليته مع الاحتراف الذي يترعرع ويكبر فيه حتى ما بعد اعتزاله. فهل من الاحتراف أن يرهق لاعب خزينة النادي مقابل مردود هزيل وصفر أهداف دون الشعور بما يصرفه النادي عليه من أموال يستخلصها من جماهير النادي ومشجعيه ثم لا يبدي أي شعور أسف تجاه هذا النادي ومشجعيه؟ وهل من الاحتراف عدم مصافحة شخص رفض تتويجه على عرش الكرة الذهبية؟ وهل هناك داع للرد على الجماهير فوق الميدان ولو تعدت إلى الاستفزازات؟
الاحتراف، في رأيي، ليس اسما أو رسما أو كلاما هلاميا تلوكه ألسنة مسؤولي اتحادات الكرة والأندية ، أو ملايين تجنيها من النادي وأصحاب الشركات الراعية فحسب، بل هو، أولا وأخيرا، نضج عقلي وتطوير للسلوك بما يتماشي والممارسة المستمرة للعبة. وقد ينسحب هذا الأمر على اللاعب العربي كما اللاعب الأوربي والأمريكي.
الفرق بين اللاعبين أن الأوربي يحصد " بلاوي" من الدولارات واليوروات، بينما يضطر الكثيرون من اللاعبين في البطولات العربية إلى انتظار أشهر لتحصيل رواتبهم، ويا ويل من غضب عليه رئيس النادي أو حاشيته أو حتى روابط المشجعين.. حينها عليه البحث عن لقمة عيش في مكان ما لأن الجلد المنفوخ لم يعد يفي بالغرض! *نقلاً عن الحياة اللندنية