كان حقاً فؤادًا، وكان حميريًّا. أما الفؤاد، وهو رمز اللطافة ومركز المودة والاهتمام، فمن عرفه وجالسه ارتبط به في علاقة أخوية صادقة، عنوانها الحب ورمزها المودة، كان سهلا في تعامله، حسنا في معشره، لطيفا في عباراته، بشوشا مرحا، لا تجد كلفة في الحديث معه، فهو موسوعة في أبواب شتى، تفتح موسوعته تلك الأبواب أمام الحوار والنقاش من أي لون ونوع شئت، هو بين الشباب شاب، وبين الرجال رجل، وعند الأدباء والشعراء في المقدمة، وفي حضرة العلماء طالب علم حسن الاستماع وفقيه فيما يعلم، وفي ميدان السياسة كان ثورةً بذاته. فؤاد تلمس السماحة في شخصيته وفي تعامله، وفي عفته وزهده، فبينما هرول البعض بعد فبراير إلى اللهث وراء المكاسب والدخول في حلبة المغانم، كان فؤاد ثابتا في عرين فكره ومبدأه، لم يهبط إلى مستنقعات الطمع وحظائر الفساد، ولهذا ظل في قلوب محبيه وأفئدتهم ذلك الرقم الصحيح والمناضل النزيه. وأما "الحميري"، ففي المجتمع اليمني أو بعض مناطقه يوصف الرجل الحاذق اللبيب المتقن بال(الحميري) وقد كان الأستاذ فؤاد-رحمه الله- كذلك، فهو الشاعر النحرير، والخطيب المفوه، والسياسي المحنك، والثائر الواعي الصلب، كان حميريًّا في فكره وشهامته، وحميريا في إبائه وفائه لمبادئه وأصدقائه، فهو مدرسة للشباب تستحق التأمل والاقتداء. نفتقدك يا فؤاد، لكننا نحمد الله أنك رحلت وأنت محمود السيرة، طاهر السريرة، جميل الذكر. مرت أربعون يومًا على رحيلك، وما زال صدى رحيلك يهز القلوب، الجميع يشهد لك بالخير، ولا يُذكر اسمك إلا مقرونًا بالدعاء والدمعة. إن غبت عن الأجساد، فإنك باقٍ في الأرواح، وفي القلب الذي يشبهك، ويسمّى "فؤادا".