توسعت رقعة الاحتجاجات الشبابية في المملكة المغربية لتشمل مدنًا جديدة، رغم البيان الصادر عن الائتلاف الحكومي الذي أكد فيه تفهمه للمطالب الاجتماعية التي رفعها الشباب، واستعداد الحكومة للتجاوب الإيجابي والمسؤول معها عبر الحوار والنقاش في الفضاءات العمومية. وتعرف احتجاجات المغرب باحتجاجات جيل Z، في إشارة إلى الأشخاص الذين وُلدوا بين منتصف التسعينات وأوائل 2010، وهو الجيل الذي يُعرف بأنه مبدع، ومتصل رقميًا، ويميل إلى التجربة والخروج عن المألوف. وخلال اليومين الأخيرين تحولت بعض احتجاجات شباب "جيل زد" بالمغرب إلى أعمال شغب ومواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، بعدما طغى عليها الطابع السلمي منذ انطلاقتها يوم السبت الماضي. وتفيد وسائل إعلام أن مدن إنزكان وآيت عميرة ووجدة والراشيدية وبني ملال وتمارة شهدت أعمال عنف وتخريب استهدفت سيارات الشرطة وممتلكات ومباني خاصة وعامة. ومنعت السلطات الأمنية المظاهرات منذ انطلاقها، وعمدت إلى تفريق المحتجين واعتقال بعضهم بالقوة. وتقول الشرطة إن شبابًا ملثمين تورطوا في رشق عناصر الأمن بالحجارة وإضرام النيران في الشوارع واقتحام ونهب محلات خاصة. وفي الوقت الذي اعترفت فيه الشرطة بتسجيل إصابات في صفوف كل من عناصر الأمن والمتظاهرين في عدة مدن، تؤكد مصادر حقوقية أن الشرطة اعتقلت مئات الشباب المشاركين في الاحتجاجات. ومثل صباح الأربعاء 1 أكتوبر/تشرين أول 2025 أكثر من 120 معتقلًا أمام النيابة العامة بالرباط بعد توقيفهم ليلة الأحد، في حين تم يوم الثلاثاء إطلاق سراح 34 معتقلًا بكفالة والاحتفاظ بثلاثة في حالة اعتقال، وفقًا لتصريح "سعاد لبراهمة"، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. وأضافت"لبراهمة" أن 24 معتقلًا مثلوا أمام النيابة العامة في الدار البيضاء، وأُطلق سراح أربعة منهم، أما في مراكش فقد تم اعتقال 227 شابًا أيام السبت والأحد والاثنين وأُطلق سراحهم جميعًا، فيما اعتقل يوم الثلاثاء 150 شخصًا أُطلق سراح غالبيتهم باستثناء 30 منهم. وتعرضت إدارات ومؤسسات ووكالات بنكية ومحلات تجارية لأعمال تخريب في كل من آيت عميرة بإقليم اشتوكة آيت باها، وإنزكان وآيت ملول وأكادير إداوتنان وتيزنيت ووجدة، وفق مصادر رسمية. وتبرأ بيان منسوب لحركة "جيل زد"، نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي، من أعمال الشغب، وأوضح أن الحركة سلمية داعيًا المتظاهرين لتجنب أي تصرف قد يُستغل لتشويه مطالب الحركة. وطالب البيان، الشباب المشاركين في الاحتجاجات بالالتزام بثلاثة مبادئ: "لا كلام نابي ولا إهانات، لا شغب ولا تخريب للممتلكات العامة والخاصة، ولا تراجع عن السلمية". ووجه رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، في فيديو على صفحته بموقع فيسبوك بعد منتصف ليلة الثلاثاء، نداءً دعا فيه الشباب المشرفين على حركة "جيل زد" إلى وقف الاحتجاجات بعدما اتخذت مسارًا عنيفًا، وفسح المجال للحوار والتفاعل مع مطالبهم. وقال بنكيران إن دعوته مردها التطورات العنيفة التي رافقت الاحتجاجات في بعض المدن، مشيرًا إلى أن الاحتجاج سلوك معقول، لكنه لا يكون كذلك إذا مس الاستقرار والأمن، وأضاف مخاطبًا شباب جيل زد: "رسالتكم وصلت وأي استمرار في الاحتجاجات سيكون له عواقب وخيمة". أما وزير العدل السابق مصطفى الرميد فأكد على حق المواطنين في الاحتجاج السلمي على الأوضاع، ويتوجب على الحكومة الاستماع للمحتجين وتفهم غضبهم وتقديم أجوبة مقنعة لمطالبهم. بيد أنه اعتبر الانزلاق إلى العنف "مثيرًا ومقلقًا"، ودعا الشباب إلى ضبط كل العناصر المنفلتة ومنع تجاوزاتها، لأنها تشوه احتجاجهم وتنزع عنه السلمية. ويطالب الشباب المحتجون بتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، ومكافحة البطالة التي تجاوزت نسبتها 12%، ما جعل 1.5 مليون شخص عاطلين عن العمل. كما يطالب المحتجون بتوفير فرص عمل عادلة، ومكافحة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية.