المتتبع عن كثب للشارع الجنوبي من أقصاه الى أقصاه وما يشهده من زخم ثوري يوقده الثوار الاحرار سيشهد وبشكل واضح بداية لإنحسار ذاك الزخم الثوري الجماهيري عما كان عليه في العامين الآخيرين. والملفت للنظر إن هذا الزخم الجماهيري فقد كثيراً من وهجة وبريقة في الآونة الآخيرة وعلى مستوى الجنوب بشكل عام والفعاليات الثورية الأخيرة كانت خير دليل على ذلك وعلى إضمحلال الوهج النضالي وغياب الحماس الثوري من أوساط المناضلين الذي طال بهم الأمد على ذات المسار وبدون تطور ملحوظ للأساليب النضاليه نحو التصعيد الثوري الجنوبي بعد إن كانت الساحات تعج بالجنوبيين الأحرار في كل الفعاليات الثورية تتعالى هتافاتهم الحماسيه يرتد صداها في كل ارجاء المعمورة ! وحين السؤال عن سبب هذا الضمور والتراجع أوعزه الكثير ممن ألقي عليهم هذا السؤال بان السبب الأول وراء كل ذلك هو الروتين الثوري الواحد المفروض على شعب الجنوب ولسنوات عديدة وعلى ذات النهج وبدون اي تحولات جدية نحو تصعيد ثوري ملحوظ على مسيرة الثورة والذي قد يضفي شي من الطمأنينة على شعب الجنوب المرابط بالساحات والساعي وبما يملكه من جهد بسيط الى فرض واقعة على مجريات الاحداث في الجنوب أضف الى ذلك الأساليب العدوانية والوحشية التي أفرط الاحتلال الهمجي في إستخدامها ضد أبناء الجنوب العزل من أغتيالات مدروسة وقتل ممنهج ضد أخواننا النشطاء في الثورة التحررية السلمية على طول أرض الجنوب وفي كل الفعاليات . أما السبب الثاني وهو الأهم فقد أجمع السواد الأعظم من الجنوبيين على إنه مشروع الاختلاف والتباين الذي يحيك تفاصيله قيادات الجنوب التاريخية الشائخة والتي لا زالت في تطور مستمر في صناعة بؤر الإختلاف فيما بينها بشقيها المحلي والخارجي وعلى مرأى ومسمع من كل شعب الجنوب وكذلك المجتمعين الاقليمي والدولي . وهذا السبب الذي صنعته قيادات الجنوب الهرمة المملوءة برواسب الماضي وصراعاته والمشحونة فكرياً بثقافة الاقصاء والأنانية والتهميش وبدون ادنى وجود للجدية والنية الصادقة للوفاق والاصطفاف قد أصبح يعتبره الكثيراً سداً منيعاً امام محاولات بعض العقلاء لرأب الصدع وتوحيد الصف والكلمة وإيجاد حلول ولو مؤقته للخروج من عنق الزجاجة التي وضعنا فيها تلك القيادات المتصارعة فكرياً وسياسياً على أشلاء الشهداء الاحرار وأنين الثكالى والجرحى . وفي هذه الضروف الاستثنائية يبقى الأمل متعلقاً بالله عز وجل ثم بمن تبقى لدينا من أصحاب الرأي السديد والافكار المعقولة والمعتدلة والمتمردين على قاعدة التباين والاختلاف المفروضة على ثورتنا السلمية المجيدة.