مثل يافعي يقول (من نسمته -روحه- بيد غيره مات معذب) وهذا هو الحال الجنوبي اليوم ، أصبحت أرواحهم بيد غيرهم ؛ ليس لأنَّ الآخر فرض سيطرته على القرار الجنوبي ، بل الجنوبيون هم من يطارد الآخر ويعرض عليه "استعباده" . . . وأصبحت كل جولة نضالية مرتعاً لظهور مجموعة من المناضلين المتمسحين على أبواب السفارات...!! وعندما تفتح لهم أبواب السفارات يعتقدون أنَّها فُتحت لأنَّهم شخصيات كبيرة...!! .. وهذا غير صحيح ؛ الصحيح أنَّهم يستقبلونهم لسببين ؛ السبب الأول ؛ تلافي أشهر خطأ دبلوماسي في التاريخ ؛ وهو الذي وقع فيه السفير الأمريكي في دولة أوروبية قبل الثورة البلشفية ، عندما أبلغوه أنَّ مواطناً روسياً يريد مقابلته...؟ فرفض مقابلته وفتح باب السفارة له . . . وبعد سنوات اكتشفوا أن ذلك المواطن هو "فلاديمير لينين" قائد الثورة البلشفية ؛ كان يريد أن ينسق معهم للثورة . . . فأصبح هذا الخطأ أول درس في العمل الدبلوماسي "لا ترد أحداً من أبواب سفارتك" السبب الثاني ؛ من مهمة السفارات جمع المعلومات ورفع التقارير عن حالة البلد ؛ ولذلك فهي تتعامل مع المئات من الجنوبيين كمصدر مجاني للمعلومات ؛ يعني بدلاً عن تشغيل عشرات الأفراد لجمع معلومات تكلفهم عشرات الملايين ؛ أصبح لديهم مئات جامعي المعلومات مجاناً . أيُّها الناس ؛ "العالم يهاب ولا يحترم" وعليكم التنبه لهذه الحقيقة ؛ لا توجد دولة بها قلب ودموع ومشاعر حتى تتعاطف مع قضيتكم وتحترم عدالتها . . . الدول لها مصالح ؛ ومصالحها هي نقاط ضعفها ، وبنفس الوقت هي نقاط قوتكم ؛ فكيف تتعاملون معها...؟ . . . . فالارتهان لها طريق الفشل ؛ وهذا هو الذي وقع فيه الجنوبيون "الرهان الخاسر على كل شيء في الخارج" ؛ يعني راهنوا على أطراف خارج البلاد وطلعوا "فشنك" ، بل بعضهم أوهن من خيط العنكبوت ، ومن الرهان الفشنك الخارجي الذي أعنيه مايلي : الرهان الأول ؛ [جنوبيو الخارج من رؤساء سابقين] اعتقد الجنوبيون أنَّ الاستمرار يرفعهم على أكتافهم ومنحهم رمزية وطنية يعني سهولة فتح قنوات اتصال مع دول العالم "لأنَّهم كانوا رؤساء" وتسخير هذه القنوات في خدمة التحرير والاستقلال . . . لكن الحقيقة أنَّهم مجرَّد ظاهرة صوتية مثل رصاص التدريب "فشنك" تصدر صوتا عالياً يزعج الذي يطلقها ، لكنَّها لاتصل الى الآخر وإذا كان بعيداً لا يسمعها . الرهان الثاني ؛ [تجار من أصول جنوبية] و هؤلاء كذلك لا يمكنكم انتظارهم إلى قيام الساعة ؛ هم يعتبرون جذورهم عيباً يجب ستره ، لا يفاخرون به كما يفاخرون بالجنسية التي يحملونها اليوم . الرهان الثالث ؛ [دول الخليج] وهي غير مستعدة لتكون بحجم الحدث . . . والدليل على ذلك أن أكبر دعم حصل عليه الجنوب رداً على انتصار الجناح الإيراني -الحوثي- في اليمن هو "تغريدة" من خلفان أو"مقال" من الرشيد .... وغير ذلك لن تجدوا ... هم أصلاً لا يرون فيكم أهلية للعمل في بلادهم ، فكيف تعتقدون أنَّهم يرون فيكم أهلية لتكونوا دولة رأسكم براسهم ...!! الرهان الرابع ؛ [امريكا والغرب "أعداء ايران"] اعتقد البعض أنَّ أمريكا والغرب كونهم في صراع مع إيران سوف يقفون خلف قوى الاستقلال الجنوبي ضد الحوثي حليف إيران ؛ وهذا كان وهم . . . الحقيقة أنَّ امريكا قبلت صفقة الحوثي وقضي الامر ، حتى حلفائهم في الخليج لم يعرفوا بهذا إلَّا بعد سقوط صنعاء . وعليه ؛ اتركوا أحلام انتظار الدعم من هنا أو هناك ؛ اتركوا التيه خلف وعود كاذبة تخدعكم بها القيادات الفاشلة ؛ اعتمدوا على أنفسكم ؛ الجنوب وطنكم ، وأنتم المعنيون بتحريره ودفع ثمن تحريره . . . وتحرير دولة لا يكون بقدور الفول والدجاج ، بل أن تربطوا على بطونكم الأحجار ، وتلقوا بالدجاج المنتهي الصلاحية في وجه الدجاج ... وعودوا إلى سر انتصار أجدادكم مئات السنين على كل الغزاة . . . القبيلة . . . فبها تستطيعون حشد الجيش القادر على حسم الصراع ، وفرض الأمر الواقع . . . حينها سيأتي إليكم العالم كلُّه و يطلب رضاكم ؛ ويطلب التعاون معكم بما يخدم مصالح بلدانهم وبلادكم . وأختم مقالي بمقولة كررتها في أكثر من مقال ، وهي لباني دولة الصين الرئيس شوان لاي يقول : [لا يهم أن ينكر الآخرون وجودنا لأن التجربة سوف تعلِّمهم ، سوف يأتي يوم مهما طال الوقت ، يجيئون فيه إلينا معترفين بوجودنا ، مع العلم بأن وجود أي قوة لا يتوقف على اعتراف الآخرين بها ، وإنما يتوقف على اليقين الذي تجده داخل نفسها] وقد صدق شوان لاي جاءهم العالم كله وعلى رأسهم أمريكا بزيارة الرئيس نكسون ، بل أن اليابان اضطرت لعزل رئيس وزرائها المعادي للصين وتعيين رئيس جديد حتى يقبل الصينيون اعتذار اليابان . والله أعلم ،،،،