يعتقد الكثير من أعداء وأصدقاء الحراك السلمي الجنوبي بأن عجلة تقدمه من عدمها مرهونة بمدى تجاوب المجتمع الأقليمي والدولي، بيد أن العالم أصبح قرية صغيرة في الألفية الثالثة وما تتميز بها من وسائل تواصل وتشابك المصالح وانتشار ثقافة حارب عدوك بسلاح غيرك! ولكن الأكيد والمؤكد أن شعب الجنوب يعي ويدرك ذلك تماماً، أي أنه يعمل ضمن منظومة أقليمية ودولية، ولديه الكثير من الوسائل التي تقوم بإيصال واستلام المواقف السياسية ووجهات النظر التي تتماشى مع متطلبات العصر في إطار مبدأ وطني شعبي له ثوابته التاريخية التي ينطلق منها ثم يعود إليها بما لديه من مكاسب! وبالتالي فإن ثقافة الشعب الجنوبي الذي توارثها جيلاً بعد جيل لا تسمح بتمرير بعض المشاريع التي لا تخدم مصالح حاضره ومستقبله وماضيه. إن تحديد الأولويات الوطنية والعمل على تحقيقها ليست مهمة قيادة أو مبعوثين أو نشطاء جنوبيين بقدر ماهي مهمة شعب بأكمله يدرك ماله ويعي ما عليه تجاه أعداءه وأصدقاءه! لذا كان لنا مثل غيرنا في رفع شعار السلمية من أجل استعادة الجمهورية! أو السلمية من أجل استعادة الهوية! أو السلمية من أجل صون كرامة الإنسانية، أي أن النهج المتبع هو نهج سلمي، وقد نجحنا في فرض ذلك الخيار على أعداء السلام الذين يتقاسمون الحقد والكراهية على المطالبين باستعادة الجمهورية والهوية وصون كرامة الإنسانية. أعتقد أن على الجنوبيين إبراز الوجه الحضاري لهم المتمثل بالنهج السلمي، والعمل على منح الثقة للقيادات التي أسلفنا ذكر مواقفهم دون أسمائهم، فمنهم من يحتاج إلى غض النظر على أفعاله التي تبدو غير مرحباً في الوقت الحالي رغم أنها تضرب صميم الخصم وتفتك في قوته ومقدراته! بيد أن لعب الأدوار يبقى دوار في شتى المجالات ابتداءاً من المجالس العسكرية مروراً بالنقابات والهيئات وإنتهاءاً بفرق الحوار، فلنعد العدّة لما بعد كل مرحلة نتعامل معها، وعلينا تغزيم الخلافات ريثما تتوفر الظروف لعقد مؤتمر جامع يكون الجميع له سامع، فقد استفدنا من عدة مراحل أنتجت لنا فكر صامد على مبدأ استعادة الجمهورية والهوية والإنسانية معاً، فكلنا جنوبيون أحرار تحت مظلة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ندافع عن كرامتنا وإنسانيتنا بالطرق المشروعة التي تستند لديننا والقوانين والأعراف الدولية. أن الشعارات الجوفاء قد تلتصق في كثير من المشاريع المشروعة والممنوعة! وذلك بغية اللعب على وتر المصالح واستعطاف الشعوب. وهذا أمر ليس بغريب على تجار السياسة والدين والاوطان...ولكن دون أن نخوض في هذا الحديث ، أود أن أقول بأن هناك شعب لم يعد يقبل التمثيل او الفاشلين اذا ما صح التعبير، بدليل أن اخفاق الكثير في تمرير بعض الاجندات لم يستمر تواجدهم كثيرا في الساحات فحسب، بل حتى في منازلهم! فقط لان الجمهورية والهوية والانسانية أصبحا هاجسا ومشروعا وعقيدة يتمسك بها الصغير والكبير معا، ولكننا نهدي هؤلاء باقات ورد للجهود الذي يبذلونها من أجل خدمة الوطن... فالورد هو سلاح الجنوبي ضد من يخالفه الرأي من أبناء الجنوب...أليس نحن من أعتمد مبدأ التصالح والتسامح لأجل الوطن وليس من أجل أشخاص؟ ألم نكن نحن صمام أمان لأفشال كل المخططات والاجندات التي لا تمت لمصالح قضيتنا بصلة؟ ألم نكن في يوم من الأيام نردد: اما استعدنا الكرامة أو الموت وسط الميادين؟؟ لست أدري ما إذا كنت مؤيداً أو معارضاً لبعض الأفكار والمشاريع التي تدب علينا من الشرق والغرب أم لا... ولكنني على يقين بأنني رأيت دماء الشهداء وجثثهم وسمعت أنين أبنائهم وأمهاتهم وشاهدت حسرة وانكسار ابائهم...فكان لي أن أعلن أنظامي لمشروعهم الذي ضحوا من أجله بناء على حاجة الجمهورية والهوية والانسانية لذلك المشروع الذي عمد بالدم.