يبقى شهر كانون الثاني (يناير) فارقاً في مسيرة الرياضة العربية وكرة القدم على الخصوص، إذ إن نصف الدول العربية يخوض حرباً كروية على جبهتي آسيا وأفريقيا، كل من منتخبات السعودية والإمارات والأردن والكويت وفلسطين وعمان والبحرين وقطر والعراق دخلت المعترك بحظوظ متفاوتة، ولسوء طالعها أنها وقعت في مجموعات واحدة، بمعنى أنها تأكل من رغيف بعضها، وبالتالي تقصي بعضها بعضاً لتستفيد المنتخبات الصفراء، وكل إقصاء يكون مراً، خصوصاً إذا تم على يد الشقيق، ولا يختلف اثنان في أن مفاجأة الدورة هي الخروج المبكر للعنابي القطري، إذ بعد أن كان مرشحاً بقوة خرج خائر القوى، وهو الفائز بخليجي 22، متربعاً عرش الكرة العربية في جناحها الشرقي، لينتظر الجمهور معجزة عربية للعودة باللقب، وهو أمر لا يبدو مستحيلاً، بالنظر إلى الأداء العالي الذي اتسم به المنتخب الإماراتي، وهو ما يجعل أستراليا المرشح الأول واليابان يتهيآن لمعارك حقيقية في الدور المقبل. وإذا كانت الآمال كبيرة، مع بعض الحذر في جبهة آسيا، فإن الجزائروتونس ستدخلان المعركة الأفريقية في ثوب البطل، بخاصة بالنسبة إلى رفاق إبراهيمي الذين صاروا مطالبين ليس بالدفاع عن لقب، مضى عليه ربع قرن فأضحى كبيضة ديك في سجل محاربي الصحراء، ولكن لأن أداءهم كان مميزاً في مونديال البرازيل، أي أنهم محكومة بقيمة أخلاقية، وعلى رغم أن مجموعة تونس تبدو لأول وهلة مقبولة، إلا أن في مستوى كهذا ليس هناك صغير، ولا مجال للتكهن على الورق، طالما أن الأمر يقاس بالعرق.
إن وجود 11 منتخباً عربياً في دورتين قاريتين يحمل بالتأكيد دلالة التفوق وتحسن المستوى والقدرة على المنافسة، وهو ما يقتضي قراءة المشهد الكروي العربي، قراءة إيجابية بعيداً عن سوداوية النتائج التي تسيل كثيراً من الحبر، وكأن بلوغ النهائيات ليس مفيداً، ولا بديل عن العودة باللقب، ومهما بلغت مشروعية المطلب، فإن المنجز الكروي يبقى مهماً، في ظل الواقع العربي الذي جعل المواطن ينام على أخبار «داعش»، ويستيقظ على تبعات شاربي إيبدو.. وبينهما قليل من أخبار الجلد المنفوخ.
وفي الدوحة تخوض مصر والسعودية وتونسوالجزائر وقطر معركة إثبات الذات في مونديال كرة اليد، ولسوء الحظ، فإن بعض العرب وقعوا في مجموعة واحدة لا خيار لهم، إلا أن يذبحوا بعضهم بعضاً مكرهين لتحقيق مركز أفضل في الترتيب العام، لأن اللقب سيكون أوروبياً بلا شك.
المؤكد أننا في نهاية كأس أمم آسيا وأفريقيا، وكذلك مونديال كرة اليد سنشهد سقوط رؤوس كثيرة، سواء تعلق الأمر بالمدربين أم رؤساء الاتحادات، لأن الإخفاق ينتهي بقطع الأعناق، والفوز باللقب يرفع الرأس ويبرم الشنب.