فرض الاقامة الجبرية على الرئيس وعدد من الوزراء، واعتقال طلاب وصحفيين خرجوا للتعبير عن رأيهم بأسلوب سلمي، وقبلها اختطاف وحجز الدكتور بن مبارك، من قبل عناصر ينتمون الى جماعة انصار الله جميعها تمثل انتهاكات للحقوق والحريات الاساسية التي كفلتها المواثيق الدولية ودستورنا، المعطل جزئياً، والقوانين الوطنية. الاقامة الجبرية عقوبة مقررة عند إرتكاب جرائم سياسية، من قبل اطراف داخلية أو خارجية، تهدد سلامة وسيادة الدولة او محاولة قلب شكل الدولة ونظامها وسلطاتها إلخ. والعقوبة لا تكون نافذة على مرتكبيها إلا بحكم قضائي، ويجدر الاشارة أن عقوبة كهذه أبتكرتها الانظمة والسلطات للتحايل على القضاء في أكثر من دولة هروباً من إستحقاق تطبيق القانون الذي يلزم تسليم المتهمين الى العدالة باتباع الوسائل والاجراءات القانونية ومن قبل جهات ذات مشروعية قانونية كالنيابة العامة. كل هذه الاعمال والتصرفات المُصَادِرة للحقوق، السالبة للحريات من قبل جماعة انصار الله، مرفوضة ومدانة، مهما كانت المبررات ونبل المقاصد، و لا بد من مسائلة الجناة وإحالتهم الى القضاء. أرفعوا حصاركم، واطلقوا معتقليكم، وعودوا لرشدكم، فالحق أوجب أن يتبع، ومطالب تنفيذ مخرجات الحوار واتفاق السلم والشراكة الجميع معكم، إلا أن المطالبة والمحاسبة على التنفيذ لا يكون إلا بالطرق المشروعة، كوسائل الضغط السلمية والادوات السياسية والمفاوضات، لا باستخدام القوة والقمع وترهيب الخصوم. ولابد من التأكيد هنا ان المماطلة والإلتفاف على تنفيذ كل من مخرجات الحوار واتفاقية السلم والشراكة من قبل اصحاب القرار والنخبة السياسية لا يعبر للأسف عن إدراك جاد لمدى حساسية الوضع وتحمل المسؤولية الوطنية في تجنيب بلدنا الانعكاسات الكارثية المحتملة، بل نجد التراخي في بذل الجهد الحثيث لتقريب وجهات النظر والبحث عن حلول ومعالجات والالتزام الجاد والأداء السياسي الناجع بما يحقق المصلحة العليا لتكون محل توافق بين جميع الاطراف الشريكة و المسؤولة جميعها عن احترام تعهداتها. ومع ذلك، ورغم أدراك الجميع لهشاشة الوضع القائم والشعور بالمرارة لاستخدام تلك الاساليب الملتوية والاحباط والخذلان الناتج عنها، يظل استخدام العنف وادوات القمع هو أقرب الطرق وأسهلها لتبخر المطالب المشروعة وضياع فرص تنفيذها مع تآكل مستوى الحماس والتضامن الشعبي معها.