قد يبدو عنوان مقالي غريبا بعض الشيء لكنه ليس بغرابة ما انتويت الكتابة عنه بمزيج من المشاعر الساخرة والساخطة في آن واحد . فبينما أنا منهمك في مطالعة صحيفة "الأولى" ذائعة الصيت في عددها ليوم الثلاثاء إذا بمقال ذي عنوان غريب يشد انتباهي اتضح لي فيما بعد -من ثنايا مضمونه- أنه لأحد رفقاء الحزب الاشتراكي من طلاب جامعة صنعاء . وقد كان مقاله يسرد تفاصيل تظاهرة يوم الأثنين التي نظمها بعض رفقاء الحزب للمطالبة بالأكليشة القديمة والاسطوانة المشروخة: عن الدولة المدنية الحديثة الحلوة الحساسة الحبوبة وضد ما أسموها المليشيات المسلحة . الرفيق حاول في مقاله تصوير نفسه وزملائه بالشباب المتحضر والراقي والذواق فأورد ذكر موقف: بحثه عن رفيقه في صباح تلك التظاهرة ليقدم له كأس ايسكريم أبو 20 !!! وفي المقابل تفنن في التشنيع على من أسماها المليشيات المسلحة و نَوَعّ في توصيفها التشويهي ليظهرها كوحوش تفترس كل مظاهر المدنية والحداثة. ولم تخلُ مشاهد رفيقنا هذا من عنصر القديم المتجدد المتمثل في دور الرفيقة هبة التي كانت في طليعة تظاهرتهم هذه. "هبة الذبحاني" الاسم الذي تردد كثيرا في الفترة الأخيرة على بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي كقضية أخلاقية تمس الحرية الشخصية لدرجة أساؤوا بها لشخص هبة أكثر مما قد حدث معها -فعلا- من مشادة عابرة أخذت أكبر من حجمها لا لشيء سوى لغرض التشنيع على عناصر اللجان الشعبية في إطار الهجمة الشرسة نفسها التي تقوم بها بعض الزمر الحزبية المأزومة . ولكن الرفيق هذه المرة لم يتطرق لسروال هبة والتضامن معه وإنما تطرق لصمودها الأسطوري مع رفيقتها كريمة -في جدالهما مع عناصر اللجان- مصورا ذلك في لقطات دراماتيكية أشبه بمشهد لفيلم هندي سيء الإخراج.. الخلاصة ياجماعة الخير يارفقاء "اشتراكية آخر موديل" ليس هذا ما نادت به الاشتراكية الأصيلة وليس لنضالها على مر تاريخه مظهر من مظاهر الدلع والرفاهية التي أنتم عليها . فلو علم جيفارا ما تتشدقون به اليوم باسم الاشتراكية والحقوق التي نادى بها للعنَ نفسه والساعة التي قرر فيها أن يكون ثائرا طالما سيأتي من بعده من يثور باسم منهجه على شاكلتكم . فالحرية يا حبوبين لا تعني التشهير بسروال امرأة كقضية رأي عام ولا تعني صياحا ناعما في صباح جميل مع اسكريم أبو 20 ولا تعني أيضا خطابات منمقة تتبادلون بعدها التهاني على طريقة الإلقاء.. إنما الحرية والكرامة هي تلك التي يكابد من أجلها الشعث والغبر كل الصعاب لاجتثاث الفساد المتجذر في مفاصل الدولة وفضح مخططات التآمر على البلد من أجل استقامة العدل لكم ولأجيالكم اللاحقة.