كثر الجدل السياسي هذه الايام عن شرعية مجلس النواب من عدمها خصوصا بعد الاعلان الدستوري الذي تضمن حلة او توسعته ليشمل بقية المكونات السياسية الغير ممثلة فيه بحسب المؤيدين للإعلان فيما تدافع عن شرعيته قوى سياسية في مقدمتها المؤتمر الشعبي العام وحزب الاصلاح باعتباره منتخب من قبل الشعب ! لكن السؤال الذي نحن بصدد الاجابة عنه هل مازال البرلمان شرعيا ؟ وللإجابة على ذلك يجب الاشارة الى ان المجلس الحالي انتخب في ابريل عام 2003م ولمدة ست سنوات أي أن ولايته القانونية انتهت في شهر ابريل 2009م وقد دخل عامة الثاني عشر منذ عملية انتخابه بصورة غير ديمقراطية لم تعبر وقتها عن الإرادة الحقيقية للناخبين وإنما جرى تزوير إرادتهم باستخدام إمكانيات الدولة المادية والبشرية لحصد أغلبية مريحة لم تعكس الخارطة الواقعية للأحزاب السياسية بالإضافة للخروقات التي رافقت عملية انتخاب هذا المجلس .
وبعد نشوب أزمة سياسية بين أطراف الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام والإصلاح والاشتراكي والناصري توصلت تلك الأطراف إلى اتفاق يقضي بالتمديد للمجلس عامين حتى 2011م رغما عن انف الناخبين أصحاب الشرعية الحقيقية وبعد ثورة الشباب جرى توافق سياسي بالتمديد لهذا المجلس الكسيح ثلاث سنوات أخرى لتنتهي شرعيته الجديدة والممنوحة من الأطراف السياسية في فبراير 2014م.
كما أن مخرجات الحوار الوطني لم تشر الى بقائه كمؤسسة تشريعية في المرحلة الانتقالية وانحصر على مجلس الشورى بعد توسعته وأيضا مؤسسة رقابية ممثلة في الهيئة الوطنية لمتابعة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني واليوم تحاول بعض الاطراف السياسية عمل تمديد ثالث لعملة عامين آخرين في انتهاك جديد وصارخ لحقوق المواطنين في انتخاب ممثلين لهم في البرلمان.
سلسلة التمديدات الطويلة والأولى على مستوى العالم لبرلمان مشكوك في شرعيته عادة ما تقدم مشفوعة بمبررات وكانت في 2009م تحت مسمى مراعاة المصلحة العليا للوطن ولإتاحة الفرصة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإجراء التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي بما في ذلك اعتماد القائمة النسبية بدلا عن الدائرة الفردية المعمول بها الآن قبل التعديل وتمكين الأحزاب والتنظيمات السياسية الممثلة في البرلمان من استكمال مناقشة المواضيع التي لم يتم الاتفاق عليها أثناء الإعداد للتعديلات على قانون الانتخابات وهذا لم يتم نظرا لهيمنة طرف سياسي على البرلمان والدولة وأدى إلى ثورة الشباب في فبراير 2011م .
مبررات بعض الأطراف ا لسياسية الجديدة لإطالة أمد البرلمان الفاقد للشرعية وهو عدم القدرة على إجراء انتخابات للبرلمان نظرا للظروف التي يمر بها الوطن وبما تفتضيه التسوية السياسية أي المبادرة الخليجية ويستمر البرلمان محكوما بالتوافق بين الأطراف الممثلة فيه فقط , وبالتالي أصبح البرلمان أداة بيد المهيمنين علية وتحديدا مكونين هما المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح هما المكونين الأكثر حرصا على بقاء برلمان غير شرعي وربما يلحق بهما مكون الناصري لتصبح تلك الأطراف الثلاثة دائما هي المستفيدة من عملية التمديد الغير قانونية وليس الوطن وما يؤمله الشعب بالخروج بنتائج ايجابية تضع حدا للفساد وعجز البرلمان عن سحب الثقة حتى من فاسد واحد على الأقل أو إيقاف العبث بالحياة الاقتصادية والمعيشية والأمنية للمواطنين اللذين ملوا من ثرثرة هؤلاء طيلة أكثر من عقد من الزمن لا يهمهم سوى البقاء في كرسي مملكة اسمها مجلس النواب، فضلا عن حماية مصالح من يمثلونهم من مراكز القوى التي تعمل على استمرار بقائهم.
إن على عاتق القوى الحية تقع مسؤولية كبيرة في انهاء ما يقال شرعية مجلس النواب المنتهية ولايته وإن بقاء البرلمان بتركيبته الحالية سيكون عائقا رئيسيا أمام تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار, وان اقتضت الضرورة لا تكون بالتمديد لبرلمان غير شرعي وعلى كل القوى التوافق على بديل مؤقت كمجلس انتقالي لا يتجاوز مدته العام والنصف يمكن أن ينجز بعض المهام الضرورية ويمثل كل ألوان الطيف السياسي ومحكوما بالتوافق لا لأغلبية سلطة وتمثيل لأطراف فاشلة ومتخلفة أنتجت أزمات الوطن ومحنة ومشاكله, والتهيئة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة يشارك فيها أبناء الشعب اليمني بكل فئاته لاختيار ممثليهم بكل حرية ليقوم البرلمان الجديد والذي حتما سيمثل كل المكونات بإقرار ومناقشة مشاريع قوانين الدولة اليمنية الحديثة المبنية على دستورها المنبثق عن مؤتمر الحوار الوطني .