لا ادري من اين ابدا وكيف ابدا فعبارة كهذه لم استطع تحمل كتابتها ابدا ناهيك عن تحمل وتخيل مضمونها ومحتواها واقعا مجسدا بالواقع ، فعدن تلك العروسة المخضبة بالدماء المتشحة خمار العزة والكرامة منذ نعومة اظفارها ، كم يصعب ويشق على القلوب قبل الاذان سماع نباء سقوطها في ايادي جحافل التخلف والرجعية وزواحف الجبال والمرتفعات وقوارض السهول والمنحدرات التي تجمعت لكي تنال من شموخها وترتع فسادا وخرابا بحضارتها وتاريخها كما فعلت سابقا بها بنفس الحجة وبنفس المقصد ،تلك الجحافل التي لم تعرف الحياة يوما ولم تعرف النظام والحق ، جحافل تربت على خدمة للأسياد والموت في سبيل الذل والرذيلة لم تعرف نفسها سواء انها آلة تفنى في سبيل سيدها وامرها دون ان تعرف لنفسها حقا ولضميرها مرجعا ولنفسها وجسدها حياة ولخالقها سمعا وطاعة. ليلة سقوط عدن .. ليس سقوطا لعدن فحسب بل سقوطا للامه العربية والاسلامية امام مجموعه من احفاد الفرس وخدامهم بالمنطقة ، ليلة سقوط عدن هو ايضا سقوطا مدويا للقيم والمفاهيم الحضارية والعلمية وسقوطا للنظام والقانون الانساني بالمنطقة وسقوطا للنخوة والقومية العربية والشهامة الاسلامية المتبقية ، فمعركة عدن التي يخوضها اليوم شبابها ورجالها ونساءها ، ومن قبلها معارك الحراك الجنوبي السلمي ضد التركيع والاستغلال التي يشنها جيش العمالة والتخلف ، ليس معركتها لوحدها ليس عدن تدافع عن نفسها وروحها بل عدن اليوم تدافع عن عزت وكرامة اكثر من مئتان مليون عربي بالمنطقة انتكسوا منذ زمن وما عادوا يقدرون على النهوض فعدن قبل سقوطها تستطيع ان تعيد لهم كما كبيرا من مجدهم وعزتهم التي ضاعت اذا ما استطاعوا ان يشاركوا اهلها في صد هذا الغزوا الجاهلي عليها .
ليلة سقوط عدن في ايادي الحوافش .. ليلة لا يريد اي عربي اصيل ان يراه تتحقق واقعا ولا يريد اي جنوبي عربي حر اصيل طالما الحياة تدب فيه ان يعيشها ، فهي ليلة شؤم ونحس ليلة سيذكرها التاريخ بكل سوء وعيب وسيلعن كل من لم يحاول صدها ومقاومتها ورد تقدم ظلامها وليلها نحو عدن ، لكي تبقى عدن كما هي عاصمة للعرب وعنوان لعزتهم وكرامتهم ومرتعا لمقاومتهم ومعركتهم الفاصلة ضد اعداء العرب التاريخين الازليين . ليلة سقوط عدن .. لا اظنها ليلة حقيقية ، بل هي ليلة من نسج خيالي الاعوج ، سطرت احرفها المبعثرة اناملي المرتعشة الاثمة ، وتصورها تصوري الاحمق الذي ما انفك يداهمني ويداهم افكاري ليس سوء ظنا بأصحابي واحبابي الابطال ولا انتقاصا من اسود المعركة والملحمة الكبرى التي تتسطر احرفها العريضة بمدن وضواحي عدن الابية وضالع الشموخ ولحج العز وابين الشهامة وشبوة الصمود ، ولا هي معتقدي الباطني بمجريات المعارك الجارية ونهايتها ، ليلة سقوط عدن .. ان شيئت قلت عنها هي مزيج من الارتباك والخوف الذي خالجني وخالج توقعي المنحرف المصحوب بالحرص السرمدي القاطن بداخلي على عاصمتي الابدية وعلى ارواح ودماء الاشاوس الافذاذ وهم ينتعلون الموت من اجلها ومن اجل جنوبها لكي يتخذ قراره في الاستقلال بعيدا عن جحافل الجوع والطمع والمكر التي لم تنفك يوما عن مكرها وعدوانها .