سعيد لا يحب المشاكل.ويغلق سعيد أي باب يأتي منه الريح لكي يستريح . كان في بيته ذات مرة عندما سمع أصوات حشود من الناس الغاضبة . أغلق النوافذ، فسعيد لا يحب التدخل فيما لا يعنيه. في اليوم التالي بينما كان عائدا من عمله وجد نفسه فجأة وسط حشد غاضب أخر، لكن هذه المرة كان أكبر من الذي رآه بالأمس .سارع للعودة إلى بيته . فسعيد يكره أن يجد نفسه وسط المشاكل. في البيت سألته زوجته عن أخبار المظاهرة التي قام بها أبناء المدينة احتجاجا على تكدس القمامة في الشوارع . هزّ سعيد رأسه ،وقال لها إن المظاهرات في هذه المدينة لا تحل المشاكل. فتح سعيد حنفية الماء .أراد غسل يديه ووجهه من سخام المدينة .لم يجد الماء.سعيد يمكن أن يتدبر أمره ريثما يعود الماء . سأله أبنه إن كان قد سمع خبر رفع أسعار البنزين .أبتسم سعيد . وأجاب بأن الأمر لايعنيهم فهم لايمتلكون سيارة .ذهب لرؤية أصحابه في المقهى فوجدهم يتكلمون بغضب عن تلك الزيادة التي سمعها من أبنه. لكنه فضلّ أن يبقى صامتا ، فسعيد يعرف جيدا أن بعض الأحاديث يمكن أن تتسرب. ذهب إلى المسجد.صلى سعيد بخشوع .وأستغفر ربه كثيرا . وبعد الصلاة ، لاحظ تجمع بعض الشباب في الخارج . سمعهم يرددون نفس تلك الكلمات الغاضبة ورأى كيف كان البعض منهم ينظمون صفوفهم للانطلاق في مظاهرة . تحاشهم . فسعيد لايتواجد في هذا المكان الا من أجل العبادة . عاد لمنزله فوجده أسوة بمنازل الحي غارقا في ظلام دامس .أشعل شمعه ولم يتكلم . فسعيد يحرص على عدم إظهار غضبه أمام أولاده . رن جرس الهاتف.رد سعيد.كان زميله في العمل يسأله إذا كان يريد أن يلتحق بالمجموعة التي ستبحث أفضل الطرق لمواجهة تعسف الإدارة . كان سعيد يعرف أن الإدارة متعسفة . لكنه لايحب المشاكل. في السوق ، قضى سعيد وقتا أطول يبحث عن الأثمان الأرخص . لكن عبثا حاول سعيد . فلم يشتري في ذاك اليوم كل ما أراد . سألته متسولة عجوز . فرد عليها بأن الله كريم. صار سعيد يتسأل عن سبب زيادة أعداد المتسولين في مدينته . سمع تلك الأصوات الغاضبة تمر بالقرب منه مرة أخرى . كانت الأصوات أقوى . كانت الأعداد أكبر . وكان سعيد أكثر حرصا على تجنبهم .لمح سعيد وجها يعرفه وسط تلك الحشود . دقق النظر . أقترب أكثر.سمع أصوات رصاص . تفرق الحشد تراجع سعيد فهو لايحب أن يقع في المشاكل . غاب الوجه الذي كان يراقبه سعيد .وتوقف صوت الرصاص.عاد سعيد إلى البيت . تكلم مع زوجته بعصبية . بكت الزوجة . سمع أصوات حشود غاضبة تقترب من بيته . أغلق النوافذ . لكن قرعات متلاحقة جعلت سعيد يفتح بابه . كان الوجه الذي يعرفه وغاب عنه وسط الحشد محمولا على الأكتاف وقد فارق الحياة . *من وديع منصور