لا زال البعض يراهن وللأسف الشديد على قرارات هادي المستقبلية والتي يؤمل عليها ثلة من مثقفينا في إيجاد سبل لإنهاء الأزمة المفتعلة والتي لم تكن وليدة الصدفة ولم تكن وليدة اللحظة في يوم من الأيام , يبقى السؤال الأهم والأكبر والذي يشغل الوسط المحلي بشكل كبير وهو ماذا قدم هادي لليمن حتى اللحظة وماذا كانت حصة الجنوب في كل تلك المشاورات في دهاليز الحكومة ومكاتبها المغلقة ؟ في الوقت الراهن انقسمت الآراء حول تضحيات هادي التي قدمها من أجل الدولة المدنية وأصبحت مثار الجدل في كلا الشعبين الشمالي والجنوبي ما بين مؤيد ومصدق ومشكك ومحتار لكل ما حدث ويحدث وما زال هناك من يتهم بأن كل ما حصل كان مجرد بيدق للمشهد الحاصل في الجنوب لدرجة أن كل السيناريوهات متطابقة إلى حد كبير مع ما يحصل اليوم في الجنوب بشكل خاص وهو الشيء المستحيل نكرانه ودحضه وتفنيده , مع أن هادي كان قاب قوسين أو أدنى من الموت المحتم وهو الشيء الذي قد يشفع لهادي في مساعيه واستراتيجياته التي كان يؤمن أن تحقق ما يصبوا إليه خلال فترة حكمه بالإضافة إلى فقدانه لأخيه وتعرضه لمواقف مذلة حين كان محاصرا في تحت الإقامة الجبرية . كيف أخفق هادي ! سؤالنا المهم , حينما يحاول المرء أن يجمع بين النقيضين وأن يغير المعادلات ليستخلص منها ناتجا ثانويا مخالفا لما تقتضيه العادة وما يخالفه المنطق وحينما لا تكون هناك أسس عميقة ترتكز عليها الخطوات المستقبلية وحينما يكون هناك تجاوبا وقبولا لقوى تفرض نفسها بقوة السلاح وحينما تكون هناك قوى ذات حق ومطلب شرعي لا يعتبر بها كطرف في حل قضية شائكة كانت هي ولا تزال جوهر الأمر برمته , حينما تذهب كل الأموال لتصرف على أصحاب الكروش الممتلئة ويتناسى شعب أثقل كاهله متطلبات الحياة اليومية , حينما يعتبر من ليس بمعتبر وحينما يستقبل من لا يستحق الضيافة وحينما يتخاذل المرء ويتناسى شعبه ولا يحمل تلك الكاريزما ليفرض شخصه على جميع الأطراف انطلاقا من مبادئ وقيم وطنية تكون النتيجة متوقعة وبديهة النتائج . حينما انشغل الساسة عن القضية الأهم والجوهر الأساس الذي يرتبط ارتباطا وثيقا وعميقا في حلحلة القضية الشائكة اليوم في اليمن وهي قضية شعب فقد كل شيء وجرد من أبسط حقوقه وكرامته الإنسانية وصرفت النظر عنها من منطلق مظلم وبائد ومن نظره لا تتسم بروح العمل المخلص ومعاملة الجميع بنفس الطريقة التي يتم فيها التعامل مع أصحاب الأقدام الثقيلة , هكذا كانت الإستراتيجية العقيمة التي انتهجتها حكومة هادي والتي كانت تفوح منها روائح حزبية خفية من قبيل أحزاب لا تريد لليمن خير بقدر ما تسعى للاحتفاظ بكيانها وصون بيضتها على حساب قضايا شعب لطالما ذاق الويلات من تلكم الأحزاب , وفي القوت الذي تقارع تلك الأحزاب خصومها كان الشعب يدفع الفاتورة مضاعفة ويتجه نحو النفق المظلم الذي رسمته تلك القوى منذ عقود ليسحق بين عملاقة الفيد والقتل . الأمر المثير للسخرية يكمن في استمرارية الفشل والمصيبة الأعظم مواصلة نفس الأساليب التي أوصلتنا إلى ما صرنا فيه اليوم وكأن الأمر لا يعنيهم فلم يكن هناك موقفا نستطيع من خلاله أن نرى فيه بارقة أمل يمكن لنا أن نسلي أنفسنا ونزيح آلام وأوجاع بعض ما نمر ومررنا به بل انهالت مصائب التخاذل فوق ما ينهال علينا من راجمات الصواريخ الغازية على رؤوسنا لتبتلع كل ما قد كنا علقنا عليه من آمال في إنهاء معاناتنا اليومية . لا تزال الكرة في الملعب ولا يزال الرهان قائم عند البعض كما لا يزال المعترك لم يحط عنه غباره فهل سنرى في قادم الأيام من يغير مجرى الأحداث ويتخلص من كل رواسب ماضيه ليس من أجل شيء لكن من أجل شعب يقتل بدم بارد وتهدم أحلامه حجرا حجرا من أجل أم فقدت أغلى ما تملك وأب سقطت دمعته على فلذت كبده فالراحمون يرحمهم من في السماء .