ناضل الجنوبيون تحت رمزية العلم مقدمين أرواحهم رخيصة في سبيل هدفهم النبيل ، وهو استعادة دولتهم التي يختزل علمها كافة المعاني الوطنية ، ويستقطب الولاء المطلق ، وليس ثمة شك في أن أبناء الجنوب يدينون بالولاء لقدسية الوطن وليس لأشخاص مثلما هو حاصل في اليمن السعيد ، حيث تنبري كل جماعة بالولاء لفلان ومناصرته ضد علان ، ولولا هذه الظاهرة المقيتة لما وجدت انقسامات في صفوف القوات المسلحة ذات الطابع القبلي المتخلف . لا يوجد في الجنوب علم يرفرف سوى علم الجنوب وهو دليل قاطع على الإجماع بوحدة تراب أرض الجنوب الذي يطمع في التهامه عتاولة ومفتعلو الأزمات في اليمن ، متخذين من الوحدة شعاراً لجهادهم الهمجي ، ويؤلبون على شعب الجنوب بشتى الوسائل القذرة التي وصلت حد شراء ذمم البعض ممن هانت عليهم أنفسهم وأهليهم وراحوا يساومون بمواقف يندى لها الجبين . اليوم وبعد سقوط قوافل من الشهداء من خيرة أبناء الجنوب نتساءل : هل سقطوا دفاعاً عن الوحدة أو تأكيداً لشرعية هادي وحكومة وبحاح ؟! وعليه فمن العار بمكان أن يأتي من يرفع شعار المقاومة الشعبية وينكر وجود المقاومة الجنوب ، وهي محاولة يكتنفها كثير من العهر السياسي الذي خبرناه في مواقف كثيرة آخرها مصادرة بيت الأحمر لثورة شباب التغيير في صنعاء ، وهو هنا يصور نضال الجنوبيين على أنه نضال من أجل الوحدة ، فيما الوحدة ماتت في نفوسهم وأصبحت أثراً بعد عين ، ويحضرني في هذه الجزئية حديث المناضل يحي غالب الشعيبي الذي أكد على أن مواجهتنا القادمة ستكون مع هادي ، وذيّل كلمته بعبارة " الأيام بيننا " وهذا الإستنتاج لم يأت من فراغ فجهود منسوبي قوى التحالف في عاصفة الحزم يشير إلى أنهم قد وضعوا تصميماً للثوب الذي يودون تفصيله ليلبسه الجنوبيون بإرادة خليجية لا تأخذ في الحسبان حقهم في استعادة دولتهم أو بسط سيادتهم على كامل تراب وطنهم الجنوب العربي ، هذه الإرادة التي تقتحم أسوار كرامة الجنوبيين سوف ترتطم بصمود أسطوري لا قِبل لهم به ، فالجنوبيون يحتكمون لقناعتهم التي أفرزتها تجربتهم مع الوحدة لربع قرن خلا ، وانتهت بفشل ذريع ، فمن أين للبيت الخليجي أن يحول دون هذه القناعة ! إننا دعاة سلم ، ولكننا وكما قال الأمير سعود الفيصل يرحمه الله إذا دقت طبول الحرب فنحن لها ، وعلى الجميع أن يدرك أن الوحدة كمشروع لم يحقق التقارب المنشود ، وقبل الوحدة كانت تسو د أجواء الوئام ، فهل تحقيق الوحدة يتم بالإكراه ! أهي أكثر قدسيةً من العقيدة السمحاء حيث لا إكراه في الدين ! ونحن في هذا الصدد نترحم على روح الفقيد الشيخ زائد بن سلطان آل نهيان الذي قال بعدم جواز الوحدة بقوة السلاح ! ويطيب لي أن أشيد بموقف وزير الدفاع السعودي ونظيره الإماراتي وتصريحاتهما التي تصب في صالح قضية شعب الجنوب وحقه في التحرير والإستقلال ، أخيراً فإن دماء الشهداء لن تذهب هدراً ، ومواصلة السير على دربهم من الثوابت التي لا نألوا جهداً في التمسك بها حتى الرمق الأخير .