ثلاثة وثلاثون عاماً انقضت من حياتنا كيمنيين قضاها جلّنا يرزح تحت وطأة حكمه ونفوذه وتسلّطه وهيمنته على كل مقدّرات الوطن الذي أشبعه نهباً وفساداً بل وتنكيلاً بأبنائه وفي المقابل يرفل هو وأفراد أسرته ومن سار على دربه واعتنق أفكاره وسياسته في نعيم لا ينضب . ثلاثة وثلاثون عاماً مرّت لبسنا خلالها عن جهل وسوء فهم رداء السذاجة ردحاً من الزمن فهتفنا باسمه وتغنينا بإنجازاته العظيمة والويل لكل من يخالفنا الرأي ، فأبسط ما يواجهه تهمة الخيانة . كيف لا وهو الفارس المغوار والبطل الذي لا يشق له غبار وهو من يخلط الليل بالنهار حتى لا تواجه البلاد شبح التفكك والانهيار أو هكذا تخيلنا. كل هذا حصل خلال فترة من الزمان فقدنا فيها كل إحساس بألم سياط الظلم والجور والمذلّة التي كانت تنهش ظهورنا .. لم نصرخ .. لم نتألم .. فقد كنّا تحت تأثير ثمالة الوطنية وحب القائد حداً لا يمكن تصوّره وتصديقه . وتهبّ رياح الربيع العربي وما حملته لنا من أمل في التخلص من براثن حكمه المتسلّط فكانت الصحوة المتأخرة فبفضلها اكتشفنا أن تلك الإنجازات ماهي إلا ذرّ الرماد في عيوننا لتشغلنا عن المليارات المنهوبة وما كان يسهر عليه الليل لم يكن من أجل الحفاظ على البلاد وإنقاذها بل من أجل الإعداد والتهيئة للسيئ القادم وما الأنفاق في جوف الأرض وكمية السلاح والذخيرة المخزنة إلا خير دليل على ذلك … ولذلك صار لزاماً على الجموع الخروج إلى الساحات ، تحلم في تغيير قادم ينقل البلاد إلى وضع أحسن وأفضل فنحن اليمنيون بسطاء ليس في حالنا ووضعنا فقط بل وفي أحلامنا أيضاً … وبعد لعبة القط والفأر التي مارسها تنازل – أي الشيطان – عن الحكم ، ظننا أنه سيترك البلاد تستعيد أنفاسها وعافيتها لتبدأ مرحلة جديدة في حياة اليمنيين يجبر فيها الكسر ويصلح فيها الضرر ، تفاءلنا وكان ذلك التفاؤل مفرطاً ومبالغاً فيه لأنه أبى إلاّ أنه ينغص علينا حياتنا ويدخل البلاد في دوّامة العنف والفوضى مدفوعاً برغبة جامحة في الانتقام ليس من خصومه فقط بل من الشعب الذي صدح بأعلى صوته يطالب بالتغيير ، لتكون البلاد على موعد مع مرحلة جديدة استخدمت خلالها أقذر وأوسخ أوراق السياسة التي لم تشهدها اليمن على الإطلاق سواء في تاريخها القديم أو الحديث أو المعاصر لتعُلن التحالفات وتبرم الصفقات تمهيداً للاجتياح الأعظم لليمن بحجج واهية وضعيفة لا يقبلها عقل ولا منطق فكان القتل والدمار على نطاق واسع السمة البارزة لهذه المرحلة . ليهب الجيران لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من براثن هذا الشيطان فتهاوت دفاعاته وانكسرت قواته وبائت بالفشل كل خططه وتخطيطاته ومع توالي انتصارات المقاومة الشعبية ومن خلفها قوات التحالف يبرز السؤال … هل فعلاً سيترك هذا الشيطان اليمن يعيش بأمان ؟؟ أم إننا على وشك الدخول في معترك مرحلة جديدة يتم من خلالها تحريك الخيوط وإيقاظ الخلايا وأن ما يحصل في عدن من تفجيرات ما هو إلاّ مقدمة بسيطة لهذه المرحلة تؤسس لقادم أكثر دموية وعنفاً ؟