كلما رأيت بريق الذكاء في عيني هذه الحضرمية الصغيرة أردد بيني وبين نفسي ما قاله الأديب العربي الكبير الحضرمي علي احمد باكثير قبل أن تولد أو حتي يولد أبوها بعقود : ( ... و لو ثقفت يومآ حضرميآ لجاءك اّية في النابغينا) لعله كان يعنيها هي بالذات ، أو لعله لم يكن يعني أحدآ ما بعينه ، لكنها نبؤة الشاعر في كل من يتوخى فيهم النبوغ رجلآ كان أو إمرأة .. احفظوا اسمها جيدآ .. نور باراس .. قبل أيام حضرت عيد ميلادها الحادي عشر فوجدتها تشتعل ذكاء وحيوية وتحمل همومآ مبكرة لمن في عُمرها .. أسألها: - ما الذي يشغل رأسك يا نور واليوم عيد ميلادك ؟! تجيبني وحزن لم تستطع أن تخفيه يجتاح وجهها الصغير الأسمر : - أشعر بمسؤولية تجاه كل أطفال العالم ! تًُباغتني إجابتها: - أفي هذه السن يا نور ؟! لم أسألها ذلك فقد خشيت عليها من ثقل السؤال وثقل المسؤولية التي تنوء بها منذ هذه السن الصغيرة .. لكني كنت اعرف الإجابة حتي دون أن تقولها فها هي الحروب في وطننا العربي تخطف أرواح الأطفال قبل الرجال ، وهاهي مدارسهم أصبحت متاريس للمتقاتلين من كل نوع ، وهاهم الأطفال وقودا في حروبهم القذرة .. وهاهم يعانون من الجوع ، ومن سوء التغذية ، وتدني مستويات التعليم والصحة .. أقف بذهول أمام إهتمامات هذه الحضرمية الصغيرة .. ولماذا استغرب فأول مؤتمر شاركت فيه كان في اكتوبر 2011م ولم تكن أكملت الثامنة من عمرها، وكان الموضوع الاهتمام بالكوكب والإنسان .. وقد نظم المؤتمر وسائر المؤتمرات والفعاليات التي شاركت فيها برنامج الأممالمتحدة للتعليم والتنمية المستدامة ، وقد حازت هذا الشرف منذ أول مشاركة لها فتم اختيارها عضوآ أساسيا في كل المؤتمرات والأنشطة التابعة لتلك المنظمة . وحازت على التكريم من القائمين علي تلك المؤتمرات ومن قبل الدكتور دانيال دل مدير منظمة الفاو في الشرق الاوسط وإفريقيا والدكتورة امال رزق المنسق العام للمشروع. لقد أثارت هذه الحضرمية النابغة اهتمام المشاركين والقائمين على هذه البرامج المعنية بالحفاظ على كوكبنا الأرض .. ففي المؤتمر الرابع في فبراير 2014 م تحدثت عن الأضرار التي تلحقها شركات النفط في حضرموت بالبيئة .. وكان عنوان مشاركتها في المؤتمر الخامس فبراير 2015م (العمارة الطينية صديقة البيئة في حضرموت ) وكانت فعالة في ورش العمل التي نظمتها المنظمة في المؤتمر الثاني في فبراير 2012 وكذلك المؤتمر الثالث في اكتوبر 2013 م اقول لنور: هل لك اهتمامات أخرى .. هوايات مثلآ . تجيب : - القراءة والكراتيه !! تظهر نور حبها بالأطفال .. وهاهي تلاحق الأطفال الذين جاءوا لمشاركتها عيد ميلادها ، تحيطهم بعنايتها وعطفها .. وتأبى أن تأكل شيئا من تورتة العيد إلا بعد أن تطمئن على انهم أكلوا جميعآ .. يقولون لها بامتنان : نشعر بك وكأنك أُمنا، فهي أيضاً لا تأكل الا بعد أن نأكل نحن.. هل رأيتم .. انها لا تقول مجرد أقوال بل تقرنه بالأفعال .. اخيراً اسأل نور : ماهي أمنيتك في الحياة ؟! تجيب : - ان يحصل كل الأطفال على تعليم جيد كالذي حصلت عليه ، وخاصة الأطفال في حضرموت .. وكل اليمن . قد تكون طموحاتها اكبر من عُمرها .. وهي كذلك بالفعل لكن هذا المسعى ينبغي ان لا يؤرق رأس نور مطيع باراس فقط بل رؤوسنا جميعا و أولهم المسؤولون و أولو الامر وأصحاب رؤوس الأموال