أدى النزاع الدامي في اليمن إلى كوارث سياسية واقتصادية وأمنية كبيرة، وهذا ما تؤكده احصاءات الأممالمتحدة، حيث قتل أكثر من 4500 شخص خلال الستة شهور الماضية. وهناك ما يقارب 21 مليون شخص في حاجة الى مساعدة أو حماية عاجلة، كما تم تهجير 1.3 مليون يمني. هذه الأرقام وحدها تشير إلى ضرورة قيام دول مجلس التعاون الخليجي باتخاذ إجراء حاسم بالتدخل العسكري مدفوعة باكثر من هدف عليها تحقيقه جراء هذا التدخل. والهدف الأول هو وضع حد للأطماع الإيرانية في باب المندب واليمن وهي أطماع تسعى إيران الى تحقيقها من خلال الحوثيين الذين استخدمتهم دروعا بشرية للدخول في حرب مع دول الخليج العربي وهي حرب خاسرة بالنسبة لهم ولن يجنوا منها سوى الخسائر الجسيمة.
وكان من الضروري لدول الخليج ألا تتسامح مع ما يسمونه استيلاء ميليشيات مدعومة من إيران على دولة شقيقة تقع على حدودها الخلفية، بالاضافة إلى أن تقوم الدول الخليجية بوضع حد للتدخلات الإيرانية التي تريد وضع خنجر الفتنة الطائفية على خاصرة العالم العربي انطلاقا من اليمن. والهدف الثاني هو الأوضاع المأساوية التي فرضها الحوثيون على المدن اليمنية بلا استثناء وذلك من خلال قصفها المستمر للمدنيين وكان اخر هذه الأعمال العدوانية مقتل 20 شخصا على الاقل في شرق اليمن بقصف للمتمردين الحوثيين استخدموا فيه مدافع الكاتيوشا تماما كما يفعل الجنود الصهاينة في مجازرهم المعروفة ضد الشعب الفلسطيني. ومما يحتم التدخل العسكري أيضا، ثبوت ان الحوثيين يراوغون ولا يعيرون أي اهتمام لأي مناقشات دولية بشأن اليمن ومستقبله، ويكفي للتدليل على ذلك أن القصف الأخير جاء بعيد تأكيد الحكومة اليمنية مشاركتها في "مفاوضات السلام" التي أعلنت عنها الأممالمتحدة بهدف إنهاء النزاع الذي حصد أرواح الآلاف وأنتج وضعاً إنسانياً كارثياً يعاني منه السكان كل يوم، وكان الرد الحوثي مخيباً للآمال حيث أعلنوا موافقتهم على المشاركة لكنهم حصدوا في ذات الوقت المئات من المدنيين. وبالنظر إلى الدعوات التي أطلقتها الأممالمتحدة بانسحاب الحوثيين من جميع الأراضي التي سيطروا عليها منذ التمرد الأخير، وكذلك مطالبة الأممالمتحدة بمراعاة أهمية السماح لقوافل الإغاثة بالوصول إلى المدنيين الذين تزايدت معاناتهم جراء الحرب الجارية، يبقى موقف الحوثيين تجاه هذه المطالبات الأممية يشير بوضوح الى أنهم لا يريدون السلام وانه لا حل للأزمة إلا من خلال ذات اللغة التي يستخدمونها وهي الحرب، كما كانت محصلة جولات الحوار السابقة والجارية أن الحوثيين يتلقون التوجيهات من إيران ومن حليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وبالتالي فإن الحوار مع الحوثيين لن يؤدي إلى نتائج إيجابية وما هي إلا أجندات خارجية واضحة الأهداف، ومناورات يستخدمها أعداء الأمة لكسب الوقت والإعداد لمعاركهم التي يوجهونها ضد مواطني بلدهم العزل. لقد أدركت دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية وبدعم كامل من دولة قطر وأخواتها بالمجلس، أدركت خطورة التدخلات الخارجية على المنطقة وعلى سلامة الشعب اليمني، ويحفظ التاريخ لقطر موقفها المشرف والسباق في تقديم العون الإنساني في بداية الأزمة والمشاركة في الحرب جنبا إلى جنب مع قوات التحالف لتعيد الأمور إلى نصابها وتوقف العبث الحوثي بمقدرات اليمن وشعبه. واليوم وقد باتت معركة صنعاء تلوح في الأفق، حيث إن التحضيرات جارية لإطلاق عملية واسعة النطاق بهدف تحرير محافظتي مأرب والجوف (في الشمال) تمهيدا لدخول صنعاء". وما زالت الحشود الخليجية العسكرية تتوالى عبر الحدود إلى اليمن، وتدل الشواهد الأولية والمنطقية على أن قوات التحالف ستحقق انتصاراً عسكرياً باهراً خاصة بعد أن ساعدت قواتها البرية أنصار الرئيس هادي لاستعادة خمس محافظات في جنوباليمن منذ منتصف يوليو الماضي، مما يعني أن القوات البرية سيكون لها الدور الكبير والقوي في الإسراع بحسم المعركة. بالطبع لم يكن الحل العسكري هو الخيار المناسب لدول التعاون الخليجي، فقد ظلت دول المجلس على الدوام حريصة على حل مشكلات المنطقة عبر الحوار والتشاور طيلة السنوات الماضية، لكن الجديد في الأمر هو دخول الأطماع الخارجية والمغرضة كعامل خطير في المعادلة السياسية مما جعل دول المجلس تواجه اول اختبار سياسي لمواقفها، وبالفعل فان الوضع في اليمن أعاد الأمور إلى نصابها وتسبب في اعادة اللحمة الخليجية إلى سابق عهدها ووحد القلوب قبل أن يوحد الجيوش، وهو موقف إيجابي يطمئن شعوب المنطقة على قوة قيادتها ورشدها وسيطرتها على الأوضاع في ظل أخطر وأقوى التحديات المحدقة بها. إن معركة اليمن لها أكثر من معنى وفائدة، ويكفي أنها أعادت زمام المبادرة والقيادة إلى دول الخليج العربي في التصدي لقضايا الأمة العربية في ظل حالة التشرذم والتفرق التي تعاني منها معظم بقية الدول العربية. كما أن الأيام أثبتت أن دول مجلس التعاون الخليجي تقف صفاً واحداً وعلى قلب رجل واحد في مواجهة أي أخطار تهدد وحدتها ووجودها ومستقبلها. ** خلاصة القول** إن المعركة الفاصلة اليوم لهي خير رد على كل المشككين بقدرة دول مجلس التعاون على القيام بدورها في المنطقة وحفاظها على الإقليم والنسيج العربي في التكاتف والوحدة. وكلها أيام قليلة بإذن الله تعالى وتدخل القوات الخليجية المشاركة في تحرير اليمن مع أخواتها القوات اليمنية الحكومية إلى صنعاء الخير محررة العاصمة اليمنية من كل عملاء إيران. حيث تعود اليمن إلى سابق عهدها الداعم لمنطقة الخليج العربي والجار المشارك في عملية التوازنات الدولية وعضوا أصيلا في المنظومة العربية ومرشحا للدخول في منظومة مجلس التعاون على أسس الأخوة والمواطنة والدين والدم العربي.