المشكلة أننا نعتقد أننا نحن أصحاب الفضل حتى على من يقف معنا في المعركة، أو يبني لنا مدرسة، أو يعالج جريحاً.. فيكفي أننا سمحنا له أن يقف معنا ويعيننا.. لأن تفسيرنا يتجه، فقط، إلى أن له مصلحة في ذلك!!!... وكأن العالم يُفترض أن يخدمنا ويعيننا ويحرم عليه أن يحقق مصلحة من ذلك!!! وكأن على كل أحد منّا أن يتنازع مع الكل ويشك في الكل من أجل بقائه!! ويعمل كل جهده ليسخّر الآخرين له دون مقابل ثم يزيحهم حتى من الوجود أحياناً.. وهذه المرحلة من هذا النوع من التفكير قد انتهت، وكنّا جميعنا نزاول نفس التفكير القائم على "التنازع من أجل البقاء" وبطرق التنازع المختلفة.. وكان هذا قائماً على مستوى الفرد وعلى مستوى الجماعة وعلى مستوى العالم. نحن اليوم في مرحلة لا يصلح معها هذا التفكير ويجب أن نفهم طبيعتها فهي تقوم على أساس "التعاون من أجل البقاء" سواء على مستوى الفرد أو الجماعة أو المجتمعات.. ومستوى هذا التعاون تحكمه المصلحة المشتركة أو المتبادلة.. وتحدد أولويات هذا التعاون ومداه، عمقاً واتساعاً وزمناً، الجغرافيا والتاريخ وأهداف المستقبل المشتركة والإنتماء (لدين أو قومية أو توجهات) والجهات المنافسة أو تلك التي لازالت تسير وفق الفكر السابق "التنازع من أجل البقاء". إننا، في مرحلتنا الدقيقة هذه، ما لم ندرك هذا الأمر ونستوعب ونتقن استخدام آليات هذا الفكر وشروط العمل وفقه، سنجد أنفسنا نصارع طواحين الهواء، سواءً في إطارنا الجنوبي أو مع أقرب من تقتضي مصالح بلادنا، في الحاضر والمستقبل، التعاون والتناغم معهم.. وهم بوضوح، لا يقبل التشكيك، الدائرة العربية وفي المقدمة منها دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية صاحبة المبادرة الرئيسية في "عاصفة الحزم" و"إعادة الأمل" والإمارات العربية المتحدة بدورها الإستثنائي، عسكرياً ومدنياً، وكل الأشقاء في هذا التحالف. وهذا ما أدركته معظم القوى في جنوبنا العربي. وعلينا أن ندرك أن هذا الأمر "التعاون من أجل البقاء" لا بد أن يحكم علاقتنا باليمن الشقيق بعد بناء دولتنا دولة الجنوب العربي كاملة السيادة على كامل أرض الجنوب بحدودها المعروفة دولياً.. فالمصالح المشتركة والمتبادلة بين الدولتين ستحكمها نفس العوامل. وكلمة أخيرة.... آن الأوان لوحدة وطنية جنوبية على هذه الأسس بين كل القوى، سياسية ومقاومة وحراكية واجتماعية... إلخ، لنبني جنوباً يتسع لكل ابنائه وتتسع قلوب كل ابنائه لبعضهم بعضاً.