حاولت أبحث في ذاكرة التاريخ عن قيادة وحكومة شرعية تم الإنقلاب عليها وغادرت البلد وطال غيابها أكثر من سبعة أشهر تحت مبرر الحرب وعدم توفر الأمن في أي مدينة من البلد حتى في المدن التي تحررت ودانت لهم وهذا يعني إنهم فشلوا في توفير الأمن لهم ولجزء من الشعب فكيف يكون الحال إنهم يعجزون عن توفير متطلبات الحياة للشعب ثم تجدونهم يتحدثون عن عزمهم لمواصلة تحرير بقية المدن وينسون إن ذاكرة الناس في ظل إنعدام الأمن ومتطلبات الحياة قد تقودهم لرفض عودتهم وتقرير مصيرهم بأنفسهم ... ولم نجد رغم استمرار البحث في كتب التاريخ وسالنا مختصين في علم التاريخ الحديث فاجابوا عنا : إنها رياسة وحكومة هادي اليمنية فقط ... وهذا الجواب يعبر عن مدى حنق وضيق الناس من هذه القيادة وحكومتها التي استمرات الحياة في الغربة وتناست متطلبات شعبها ومسؤوليتها الدستورية والإنسانية والأخلاقية وكأن مسؤولية الشعب هي توفير متطلبات الحياة لها ولهم وهذا اجتزاء غير صحيح ومقبول لإنه كان لزاماً على هذه القيادة والحكومة التواجد على الأرض ومع الناس لأن مسؤوليتهم هي العناية بالشعب ورعايتهم فهذا الشعب هو الذي يمنحهم الشرعية وينبغي عليهم أحترام ذلك فهم إن جاز لنا التعبير مجرد موظفين مع الشعب وهو أي الشعب من يدفع لهم رواتبهم وصرفياتهم وتكاليف إقامتهم في الداخل أو الخارج ... لكن لا ضير في ذلك مع شعب طيب ومتسامح وخانع ومتوكل على الله و قياداته التي كان يتوجب عليها إن تشكر الله على وجود مثل هذا الشعب المتواكل والخانع. وبكل أمانة وصراحة نعتقد إن المسؤولية هي مسؤولية الشعب الذي يحول قياداته إلى أولياء يتوجب تقديسهم واحترامهم والعناية بهم والموت من أجلهم وهذه للأسف ثقافة عربية متخلفة بل ومتاصلة في تاريخها ويصعب تغييرها . ومن إبداعات هذه الثقافة إنه يجب إن تظل متأصلة في اعماقهم رغم متغيرات الحياة والتاريخ وتقدم الأمم الأخرى حتى لو إن هذه الأمة تتعامل مع وسائل التقدم العلمي ... وأي أمة تعتبر الولاية عليها هي تشريف فلا أمل في التغيير ... وأي أمة تعتبر إن التغيير عدوا لها فسوف تستمر في التخلف . هناك أمم وشعوب كانت متخلفة وعندما أرادت التغيير الحقيقي توافقوا واتفقوا على إن من يفوز بثقتهم لقيادتهم هم مجرد موظفين بما فيها منصب الرييس ومنصب عامل النظافة ومن لا يقدر على تقبل ذلك عليه إن يعيش كمواطن ليس إلا ... وفي بلدان تحترم نفسها تجد شعوبها حية وفاعلة تتعامل مع قياداتها كموظفين عمومين مهمتهم خدمة الرعية وليس العكس أي الرعية في خدمتهم مع إن تاريخ هذه الأمة حافل بمنجزات عظيمة ولها في قيادة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من الخلفاء الراشدين حيث كانوا نموذجا أخذت منهم الأمم الأخرى الكثير ومن الشريعة الإسلامية الكثير والكثير بينما أمة العرب والقرآن يرفضون التعامل أو العمل بقدوتهم ودينهم رغم إنهم يتشدقون زوراً وكذبا إنهم محبون لرسولهم ودينهم ... وأنا فرد من هذه الأمة ولا أخجل إن اعترف بفشلنا. وبالنظر إلى واقع هذه الأمة فسوف نكتشف إننا نعفو ونسامح من ينهبنا ويفسدنا ويقتلنا ويجوعنا ويخلفنا ويخاربنا بل ونقدسه ونموت من أجله خطأ أو صواب دون وعي ولا بأس لو كررنا له البيعة . واليمن جزء من هذه الأمة تاريخها الحديث كله حروب وأسباب هذه الحروب هي تنفيذا لرغبات حكامه ومن يعتقد غير ذلك فعليه إن يذكر لنا تاريخ حرب قامت في اليمن الحديث دفاعاً عن الشعب بل إن جيش اليمن متمرس فقط في الحرب على الشعب وهي كثيرة وتدمي القلوب ... وبعد كل حرب يتم التصالح وإشراكه في الحكم وهات يا حروب ويا ضحايا ودمار وكأن ذلك فرض ديني أو وطني أو قومي ... ألمهم إن هذا ما يريده الحاكم أو النظام الحاكم ولا عيب إن يتم التجييش بالناس وأموالهم خدمة لمن يدعوهم للحرب أو الفسحة أو الفيد ... يعني المواطن اليمني لا يحق له الحياة والتطور بل يحق له فقط أن يكون شهيد أو معاق فداءا لعيون حاكمه وجلاده وناهبه ومجوعه. الحروب الداخلية هي العنوان الأبرز في تاريخه الحديث وهو الأكثر مبيعاً للأسلحة ومن لا يمتلك سلاح فليس بإنسان حتى أصبح السلاح هو زينة الرجل وليس عقله الذي ميزه رب العباد عن بقية مخلوقاته . واليوم الحرب في كل مكان باليمن ومعه قيادتين شرعية وغير شرعية ومع ذلك تجده متعايش مع هذا الواقع مع إنه يعاني من ضنك الحياة ومتاعبها ولا يفكر بالغد ومستقبل أبناءه وأحفاده بقدر ما يشغل تفكيره بكيفية قضاء يومه وبس أما الغد يتركه لمن يحكمه بعد إلله طبعاً أي لا قيمة عنده للحياة الطبيعية والمستقرة والأمنة والمتنامية... وإذا أكتشف إن حاكمه يفسد ونهب ويقتل فإنه يدعوا له بالهداية والصلاح وطولة العمر ... وإذا عرف إنه مهدد بالجوع فلا يبحث عن السبب والمتسبب بل يعتبر ذلك لعنة من خالقه وعليه إن يتكيف معها ... وإذا عرف إنه مسلوب الحرية والإرادة فيعتقد إن ذلك بسبب التآمر ... وإذا عرف إن حكامه يعبثون بمصير الوطن والأرض فهذه ليس من اختصاصه ولو عرف إن حكامه يخونوه فهذا أيضا أمر لا يخصه ... وإذا حكامه حاربوا أهله فإن واجبه هو تلبية نداء الواجب الحاكمي... يعني شعب لقطه وعرطه أي فرصة ثمينة وكنز ثمين لا ينضب وهو الشعب الذي لا تعجبه مقارنة نفسه بالشعوب الأخرى ... شعب أرضه تنتج الذهب الأسود ولكنه يشتريه بأعلى الأسعار ولا يبحث في أسعاره عالمياً فقيرة العشرين لتر هذه الأيام تفوق قيمة برميل نفط في السوق العالمية ولا يهتم بأمر معيشته وارتفاع أسعارها مقارنةً بأسعار الأسواق العالمية المهم إن حكامه وحدهم يعرفون مصالحهم ... شعب يصدق بسرعة أي كلام ومن دون تبصر أو سؤال ويكره ويحب بسرعة ... شعب ينسى بسرعة ولا يحب القراءة ولكنه ينفق الكثير على شجرة القات مقابل صفر على الكتاب الذي يعتبر اقتناءه مضيعة للوقت ومن هنا لا عجب أن يقبل كل شيء ويتعاطى مع موضوع حكامه بحذر وخوف ... وهو الشعب الذي وصفه الشهيد الثلايا قبيل إعدامه أمام جمهرة من الناس لعلهم يقولون شيء وهو الذي خرج مضحيا بحياته من أجلهم ( لعن الله شعبا أردت له الحياة وأراد لي الموت ) ولعنة الثلايا مستمرة إلى ما لا نهاية ...وهذا هو شعب اليمن دون منافس .