كم نحن قساة وقلوبنا ملفحة بالسواد إذا لم تكن بالفعل باتت مثل عقولنا متحجرة، لم نمهل أنفسنا للحظة للتفكير في الظروف والدوافع التي اجبرت مذيعة قديرة بحجم الراحلة جميلة جميل على الظهور على شاشة قناة عدن التي تبث من صنعاء، معظمنا سارع بانتزاع سيفه واشهر قلمه في وجهها، منا من وصفها بالخيانة والعمالة، ومنا من أعتبرها بلا مبدأ ضحت بتاريخها الإعلامي بثمن بخس، مواقع التواصل الاجتماعي كعادتها للأسف استخدمت كرأس حربة في الهجوم الغير مبرر على جميلة، لم نسمع عن احد حاول الدفاع عنها أو انصافها، الكل تقريبا اختبأ خلف اصبعه، خصوصا أولئك الذين كانوا يدركوا جيدا مدى الحيف والجور الذي لحق بجميلة عندما كانت صامدة في عدن في مواجهة القصف والة القتل اليمنية.. الراحلة جميلة تعرضت لما هو اشبه بالتنكيل بها وبأطفالها في عدن بعد تطهيرها من الغزو الحوثي عفاش، تجاهلوها عمدا وكأنهم عاقبوها لأنها الوحيدة التي صمدت في مبنى الإذاعة والتلفزيون في التواهي حتى اللحظات الأخيرة، جميلة كانت بألف رجل ولأنها كذلك فأن أشباه الرجال أردوا أن ينتقموا منها، عندما طرقت أبوابهم لم يلتفتوا لمعاناتها أو يقفوا بجانبها، الجميع تقريبا تخلى عنها، لانهم رأوا فيها امرأة أكثر شجاعة وجرأة منهم، ارادوا تصفيتها، بتطبيق سياسة خليكي في البيت أو خليكي في الشارع، لأنها تذكرهم بضعفهم، وجبنهم، الكل التهى بتوزيع الغنائم بعد تحرير عدن، حربهم عليها لم تستثني حتى قطع راتبها، كانت تعتقد بأنه سيتم نقلها على وجه السرعة للمملكة العربية السعودية لتظهر على شاشة قناة عدن الفضائية التي تبث من الرياض، لكنها صدمت بأن لا مكان لها لا هناك ولا حتى في عدن، فمعظم من تم اختيارهم ينتمون لحزب لا يعرف من هي جميلة، دارت بها الدنيا ولم تجد نفسها إلا في صنعاء، كيف لسنا ندري؟!، لماذا اعتقد أنه سؤال من السخف الإجابة عليه، لكن اطلالتها على قناة عدن من صنعاء، ومن ثم تلقيها اتصال من مسئول كبير كأنه اراد حثها على العودة لعدن، شكلت بالنسبة لنا جميعا صدمة كبيرة، لم نستفق منها إلا بإذاعة خبر وفاتها اليوم، الذي سيظل هو الاخر لغز غامض، من الصعب إن لم يكن من المستحيل فك شفرته، وما يهمنا الان هو مصير أطفالها ومن سيرعاهم بعد رحيلها، هذا دون اغفال ضرورة ممارسة كل الضغوط الممكنة لمحاولة الكشف عن ظروف وفاتها إن لم يكن قتلها بعد تصفيتها معنويا في عدن.