بعد القرارات الأخيرة التي اتخذها هادي ، تبين لكل جنوبي مدى حكمة هذا الرجل ، لقد قدم هادي للقضية الجنوبية ما فاق تصور الجنوبيين أنفسهم ، فهاهم اليوم يحكمون أنفسهم بأنفسهم ، وقد رسم لهم حكيمهم طريق بناء الجنوب من جديد ، فعدن يقودها اليوم الحراك الذي كان يُمنع في عهد صالح من إقامة فعالياته ، والضالع يقودها الحراك الذي كان يُضرب في منصات الاحتفال ، ولحج يقودها الحراك الذي كان يُطارد في شوارع الحوطة ، والنوبة في شبوة يقود الأحرار ، وسترون في قادم الأيام كيف يرسم هادي خطط إعادة بناء الجنوب وبهدوء الرجل المعهود ، لقد كسر هادي قاعدة الرقص على رؤوس الثعابين الكاذبة التي استخدمها صالح ليبعد من يحاول الاقتراب من كرسي الحكم ، كما كان سلفه الإمام يستخدم قصة الجن المزعومة لحماية ملكه ، فجاء داهية اليمن بن منصور ليثبت للجميع أن حكم اليمن لا يحتاج للرقص ولا للجن ولكنه يحتاج للحكمة ، فبحكمته أزاح هادي قوى الشر ونتف ريشهم ريشة ريشة ، ومزقهم شر ممزق ، وجعل بأسهم بينهم شديد ، فتحالف الأعداء ضد هادي ، وبحكمته ردهم خائبين مدحورين ، ووضع هادي حجر الأساس لبناء الدولة من عدن ، ودفع هادي ضريبة هذا الانتصار من خيرة رجاله بن سعد وقطن وشقيقه الأسير وغيرهم من الأبطال . ولكن هذا كله من أجل الجنوب ومن أجل أن يعيش الجنوبيون أحراراً كما ولدتهم أمهاتهم أحراراً . وستنبئكم الأيام بمايخبئ لكم هذا الرجل في جعبته من مفاجآت ، وسيُسر أبناء الجنوب بهادي وحكمته ، فالمثل يقول : ( إذا يدك تحت الحجر اسحبها بالبصر ) والجنوب أصبح كله تحت الحجر وهادي بهدوءه وحكمته يسحب الجنوب من تحت جبال نقم وعيبان حتى لا يُصاب الجنوب بمكروه ، فيكفي الجنوب ما عانى ، وسيعود الجنوب بإذن الله كما يحب أبناؤه ، وإن غداً لناظره قريب ، وإن هادي لقوى الشر بالمرصاد ، وإن رجال هادي قد عزموا على البناء ، فما ظنكم برجل يخاف الله ، رجل لا يبحث عن مجد ولا شهرة ولا جاه ، فهو أهل المجد والشهرة والجاه ، رجل جعل همه وديدنه خدمة شعبه ، وتنكيس رؤوس من ساموا هذا الشعب أصناف العذاب ، لقد بدأ هادي ينقب عن الرجال الذين سيبني بهم وبسواعدهم وبنظافتهم الوطن المنهك من فساد الفاسدين ، وتسلط المختالين ، فأتى هادي بقواعد البناء من جبال الضالع ومن وادي تبن ومن غيرها من ربوع الجنوب ( ولادة الرجال ) فامض يا حكيم اليمن المنصور فرجالك ينتظرون إشارتك عند الملمات فهم رجال حرب وسلم ويفتقدون القائد وقد ساقك الله إليهم ، فاضرب بهم على رؤوس الثعابين والراقصين عليها ، ختاماً ندعو لك بالتوفيق والسداد ، وجعلك الله سيفاً مسلطاً على رقاب المتجبرين قولوا : آمين ...