قنوات التحريض والسقوط المهني والأخلاقي.!    فوز تاريخي لتضامن حضرموت على الشباب السعودي في بطولة الخليج للأندية    ضمن حربها على الرياضة.. مليشيا الحوثي تمنع توسيع ملعب رياضي في إب    يمنات... صوت الضمير اليمني ولسان المواطن المطحون    عدن.. الشرطة توضح حول تهريب سجين من قسم شرطة    شرطة تعز تعلن ضبط 11 مطلوبا في قضايا ابتزاز واعتداء مسلح على مدرسة    احتجاجات عدن تكشف سياسة التجويع والترويع التي ينتهجها العدوان ومرتزقته    اغتيال جنديين سعوديين في شرورة    حزام أبين يفكك خليتين إرهابيتين تعملان لصالح مليشيات الحوثي    نتائج نارية ومفاجآت مدوية في أبطال أوروبا    "شبوة برس" ينشر أسماء الإرهابيين في هجوم المحفد الإرهابي    سيتي يغرق «الغواصات» في إسبانيا    سان جيرمان يضرب ليفركوزن    قبل الكلاسيكو.. برشلونة يكتسح أولمبياكوس بسداسية    70 قتيلا وجريحا بانفجار شاحنة وقود في نيجيريا    عدن.. اشتباكات مسلحة في التواهي بعد اقتحام قوات تابعة للانتقالي للسوق وإصابة شخص بجروح خطيرة    اكتشاف 4 نجوم تدور حول بعضها البعض في انتظام بديع    القوات الخاصة البريطانية تنفذ عمليات سرية ضد روسيا    على ضفاف السبعين.. رسالة من شاطئ العمر    الكشف عن عين إلكترونية تمكن فاقدي البصر من القراءة مجددا    مأرب.. إعلان رسمي عن انشقاق قيادي عسكري من قوات صنعاء    كلمة في وداع د. محمد الظاهري    نقابة المحامين اليمنيين تكلف لجنة لمتابعة قضية اعتقال المحامي صبرة    الأمم المتحدة: نأمل مغادرة موظفينا الأجانب المجمع السكني بصنعاء    قراءة تحليلية لنص "قسوة وطفولة معذبة" ل"أحمد سيف حاشد"    مانشستر سيتي يتخطى فياريال بثنائية نظيفة في دوري أبطال أوروبا    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين في اليوم المفتوح    مناقشة مستوى تنفيذ المشاريع التنموية في خطة محافظة صنعاء    أقوى 6 مباريات في الجولة الثالثة من دوري أبطال أوروبا    الصناعة والتجارة والنقل البري تبحثان في عدن تعزيز التنسيق المشترك وترسيخ العمل المؤسسي    النائب المحرمي يشيد بإنجاز الحملة الأمنية في لحج ويؤكد استمرار مواجهة التهريب    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    احتجاجات غاضبة في عدن عقب انهيار كامل للكهرباء وتفاقم معاناة السكان    مرتبات الفرقة الأولى 3 أشهر بالدولار    بن بريك: مغامرة إصلاح إقتصادي في ظل أزمة وفساد    البيت الأبيض يحاول منع نتنياهو من الانسحاب من اتفاق غزة    القانون يطبق على الجميع    عدن.. الإفراج عن طيار في الخطوط الجوية اليمنية    حادث مروري مروّع في مأرب يودي بحياة أكثر من 10 ركاب (أسماء)    ارتفاع ضحايا انفجار مأرب إلى 18 قتيلاً وجريحاً على طريق الموت بالعبر    عرض أزياء يمني في ماليزيا    صاحب الفخامة.. وأتباعه بدون تحية    يدعم مؤسسة المياه ب20 ألف لتر ديزل لضمان استمرار إمدادات المياه    قراءة تحليلية لنص "هاشم" اسم أثقل كاهلي ل"أحمد سيف حاشد"    وفاة 15 شخصًا بينهم نساء في حادث مروري مروع بمحافظة مأرب    مرض الفشل الكلوي (24)    ثوار 14أكتوبر وعدوا شعب الجنوب بأكل التفاح من الطاقة    رئيس الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية الأستاذ عبدالوهاب المهدي ل"26 سبتمبر": نطالب بتدخل أممي عاجل لوقف استهداف العدوان المباشر أو غير المباشر للمناطق الأثرية    خلال 7 دقائق.. عملية سرقة "لا تقدّر بثمن" في متحف اللوفر    شبابنا.. والتربية القرآنية..!!    قراءة تحليلية لنص "رغبة في التحليق" ل"أحمد سيف حاشد"    إشادة بتمكن عامر بن حبيش في احتواء توتر أمني بمنفذ الوديعة    لو فيها خير ما تركها يهودي    المداني خلفا للغماري .. بعضاً مما قاله خصمه اللدود عفاش في الحروب الست    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى قائد الشهداء أحمد الادريسي !!
نشر في عدن الغد يوم 06 - 01 - 2016

كان آخر عهدي به قبل يومين من استشهاده في لقاء عابر في مدينة المنصورة. سلمت عليه وصافحته، ودار بيننا حديث قصير، ثم انصرفت .. لم أتصور للحظة أني لن ألتقيه حيًا بعد ذلك.
عرفت أحمد الإدريسي عن قرب في العام 2011 حين التف حوله شباب مديرية المنصورة وما جاورها واختاروه قائدًا لثورتهم المباركة والتي أسموها ثورة 16 فبراير .. تلك الثورة التي انطلقت في العام 2011 وكانت علامة فاصلة في تاريخ الثورة الجنوبية .. فعدن قبل تاريخ 16 فبراير 2011 كانت مغلقة في وجه الحراك الجنوبي وكانت السلطة تقمع أي تجمع يخرج للمطالبة بالاستقلال ولو كان صغيرًا .. أما بعد هذا التاريخ, ففتحت عدن أمام الحراك الجنوبي وصار العلم الجنوبي مرفوعًا فوق كل بيت بفضل ثورة 16 فبراير المباركة.
مساء الأربعاء الماضي انتابتني غصة من الألم والقهر والحزن، حين أُبلغتُ بنبأ استشهاد القائد البطل أحمد الإدريسي وستة من مرافقيه الأبطال على يد مسلحين ملثمين أوغاد .. كتبتُ الخبر وفؤادي يعتصر ألما.. لأول مرة تمنيتُ لو كنتُ كذابًا في كتابة الخبر .. تمنيتُ لو أن اتصالًا من مدير الموقع الإخباري الذي أعمل فيه يوبخني ويقول لي: الخبر كاذب وهذا إنذار لك .. تمنيتُ للمرة الأولى لو أني كنتُ صحفيًا مجردًا من المصداقية نشر خبرًا واتضح فيما بعد أنه خبر كاذب لا أساس له من الصحة .. لكنها الحقيقة المرة .. كان أحمد الادريسي ورفاقه الأبطال قد غادروا دنيانا الفانية إلى دار الخلود الأبدي .
لدى سماعي نبأ استشهاد القائد أحمد الادريسي تبادرت إلى ذهني صور شتى من سيرة الرجل .. تذكرت كيف كاد أن يصبح شهيدًا لدى اقتحام مدرعات مقولة لمديرية المنصورة في العام 2011 لولا أن أحد السكان فتح بابه وأخذه بسرعة من يده إلى داخل المنزل قبل أن ترصده المصفحات المدججة .. تذكرت لحظات المطاردة التي عاناها في العام 2013 و2014 حين كانت قوات الأمن المركزي تقتحم منزله المرة تلو المرة لتروع أهله بحثًا عنه .. تذكرت كم الضغوط النفسية التي كان يعيش فيها جراء المطاردات التي تعرض لها وكيف كنت أنصحه كلما رأيته يتجول في شوارع المنصورة بالابتعاد عن الأنظار كون السلطات تتربص به جهرًا وتبحث عنه، فكان يقول: أنا صاحب حق ولا أهرب.
عادت بي الذاكرة لمراسلات طويلة بيني وبينه على التواصل الاجتماعي منذ العام 2012. كنا نتبادل الآراء حول قضايا كثيرة ونتفق أحيانًا ونختلف .. كان يطريني بكلمات لا زلت أحتفظ بها، وكان يرسل لي مقالات سياسية لنشرها في صحيفة الأمناء التي كنت مديرًا لتحريرها في العام 2013 ونشرت في حينه.
كان لأحمد الادريسي كاريزما قيادية فريدة .. لم ينهِ الثلاثينيات من عمره بعد لكنه كان يقود الفصيل المتحكم بحركة الاحتجاجات في عدن إبان الثورة .. من منشوراته وكلامه تظهر لك فلسفة قيادية نادرة .. كان مستهدفًا ومطاردًا من مختلف مراكز القوى والسلطة , حتى صار المطلوب السياسي الأول للسلطات في عدن في العام 2013 على خلفية نشاطه في الحراك الجنوبي وساحة الشهداء .. كانت أسوأ أيامه كلما جاءت السلطة بمجنزراتها لتحتل ساحة الشهداء في المنصورة التي كانت له ورفاقه بيتهم الثاني .
رحل من كانوا يسعون لاعتقال أحمد وقتله .. أحدهم غادر البلاد تاركًا منصبه والآخر ترك منصبه العسكري بعد معركة ضارية .. لم يتنفس أحمد الإدريسي ورفاقه الصعداء حتى جاءت حرب صيف 2015 .. في عز الحرب كان المختبئون في جحورهم يبثون على مواقع التواصل الاجتماعي والWhatsApp منشورات تشكك بأحمد .. كان معلوم بالضرورة أن أمرًا كهذا لا يخدم إلا الحوثة وقوات عفاش التي يقاوم أحمد ضده .ا. جاء الرد من شيخ الشهداء اللواء علي ناصر هادي وكتب بخط يده أمرًا بتكليف أحمد الإدريسي قائدًا لجبهة المنصورة وما جاورها من المديريات.
انتهت الحرب.. وكان أحمد من أبرز المطالبين بضرورة عودة الدولة .. سلم ميناء الحاويات يوم أن طلب منه دون أن تطلق رصاصة واحدة، واستشهد في الليلة نفسها هو ونخبة من شباب الجنوب الأطهار.
بعد شهر من الآن سيحتفل شباب عدن بانطلاق ثورة 16 فبراير، لكن أي نكهة ستكون لاحتفال انطلاق الثورة المفصلية والقائد الإدريسي غير موجود؟ حتى المنصة لن تهوى من سيقفون عليها ولا الساحة الكبيرة التي كانت شاهدًا على قمع السلطات وقتلها لخيرة أبناء هذه المدينة طوال أربع سنوات مضت .. أحمد لم يقدر عليه البغاة قبل تحرير هذه المدينة, أوليس من القهر والكمد أن يستشهد بعد التحرير؟
عزيزي أحمد..
سنبكيك كلما مررنا بساحة الشهداء ووجدناك غائبًا عنها .. سنبكيك كلما مرت مليونية لتذكرنا غيابك، كيف لا وأنت من أدرت وأشرفت على أول مليونية يعرفها الجنوب في نوفمبر 2012 في المنصورة..؟ .. سنبكيك كلما تذكرنا ما كان يدور بيننا من نقاش .. سنبكيك كلما مررنا على صفحتك في الفيسبوك وقرأنا منشوراتك السابقة.. سنبكيك كلما تذكرنا سيرتك وكيف عشت حياة ملؤها المطاردة والقهر والظلم بل وحملات التشويه واستشهدت مظلومًا .. سنبكيك كلما رأينا طفلتك الوحيدة التي تركتها وغادرت والتي عانت كثيرًا من غيابك في فترة النضال لكنها الآن لن تراك مجددًا .. سنبكيك كلما مرت ذكراك وذكرى رفاقك الشهداء الأطهار ..
عزيزي أحمد..
حتى وإن لم يعرف أحد من قاتلك ولم تصل إليه التحقيقات .. كل ما يسلينا أن العدالة السماوية هي أساس نظام هذا الكون وأن القاتل مبشر بالقتل ولو بعد حين .. سواء وصلت إليهم التحقيقات أم لم تصل .. فعدالة السماء تأبى أن يفر صاحب جرم بجرمه حتى يلاقي جزاءه في الدنيا قبل الممات.
ثق يا أحمد أنني لو بسطت الكلام في ذكرك وذكر مناقبك لما انتهيت وما ختمت المقال .. لا أقول هذا مجاملة لك فأنت لا تقرأ ما أكتب الان .. لكنها الحقيقة التي يجب أن تقال في غائب لا زالت بصماته النضالية حاضرة .
رحمك الله يا أحمد ورحم رفاقك الأبرار: محمد عباس الشعيبي، الخضر جمال الميسري، مجد المنصوري، مسعد صالح الشعيبي، رضوان الأشبط، محمد سند.. عليكم سلام لا لقاءات بعده.. إلى الحشر إذ يلقى الأخير المقدم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.