ذكرت في مقال البارحة أن الضالع لا تهتم لشيء اكثر من اهتمامها لعدن وليس ثمة ما هو مقدس لديها أكثر من دماء من استشهدوا وهم يدافعون عن الجنوب ابتداء بثورة اكتوبر 1962م ومرورا بحرب 1994م وصولا بالحرب الحوفاشية 2015م وهذه الاخيرة قدمت خلالها الضالع أزيد من 330 شهيدا وما تزال تقدم وستظل تقدم خيرة أبناءها للجنوب ومن أجل الجنوب .. قصة شهيد واحد تكفي لأن تكون الضالع مدرسة نضالية في التضحية والشجاعة والاباء وتجربة ملهمة للشعوب التواقة الى الحرية والعيش بكرامة .. سأتحدث هنا عن وأحد من الشهداء الأبرار الذين ارخصوا أرواحهم من أجل الجنوب وشعبه وهذا الشهيد يعرفه تمام المعرفة "موقع الخزان" الإستراتيجي في قلب مدينة الضالع ولو أن للخزن لسان ينطق لأخبرنا عن البطل الذي أسكت رشاش القوات الحوفاشية بطلقة من بندقيته سكنت رأس سفاح حوثي ظل لشهرين تقريبا يصطاد كل متحرك في مدينة الضالع ووصلت به الوحشية أن يمنع سيارات الإسعاف من انقاذ الجرحى والمرضى كما أنه أي "موقع الخزان" سيخبرنا عن أول قدم جنوبي وطأته .. أتدرون من هو ذلكم البطل الضالعي الاشوس الذي أسكت الرشاش وكانت قدمه أول قدم تطأ موقع الخزان ..؟ هو من قال لرفقاء النضال "لن ارتاح الا بعد تحرير الخزان" وفعلا حرر الخزن وصعد الى السماء شهيدا وتراه الأن مع الصالحين والنبيين وفي غاية الراحة والسرور ولسنا من يقول ذلك بل الله سبحانه وتعال (لا تحسبنا الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون ) . هو من قال لأهله وذويه حينما حاولوا منعه من الالتحاق بجبهات القتال قال "لو قدمت كل عائلة جنوبية شهيدا لتحرر الجنوب خلال أربعة وعشرين ساعة" وكان بالفعل شهيد تلك الأسرة الكريمة .. هو من رهن ذهب زوجته للحصول على بندقيته أما البندقية فلها قصة أخرى ذات صلة بمرض ابنته غيداء ذات الاثنى عشر ربيعا وتعاني من إعاقة جسدية منذ الصغر وكانت أي "البندقية" مرهونة بمبلغ من المال لتحرير غيداء من الإعاقة ..يقول أخو شهيدنا "كانت غيداء على موعد مع البعثة الالمانية في فبراير 2015م وقد جهز الأب مبلغا من المال لتغطية مصاريف السفر ورهن لذلك بندقيته لكن وبسبب تسارع الأحداث وانفجار الحرب تأجل كل شيء " الشهيد البطل من نحن بصدد الحديث عنه كان أول من تداعى الى مدينة الضالع حالما سمع بخبر وصول الحوثيين، ولم تكن حينها من جهة رسمية أو غير رسمية داخلية أو خارجية مستعدة أن تمنح مقاتلا بندقية أي كان نوعها فما كان من بطلنا إلا أن عاد الى القرية واقنع زوجته برهن الذهب بدل البندقية وخرج مع مئات الشباب لمواجهة الدبابات والمدافع باسلحتهم الشخصية الخفيفة .. هو المتخصص في مجال المدفعية ( 23 م ط ) وشارك في حرب 1994م وعندما سقطت الضالع وسقطت العند قطع صحراء الحرور على الأقدام وأشيع بين الناس نبأ مقتله غير أنه عاد مرة اخرى للحياة وظهر في جبهة صبر تحت قيادة الشهيد العقيد محمد قاسم عبد القوي الشعيبي قائد اللواء الخامس مظلات وعند مقتل القائد تسلم القيادة الشهيد اللواء جعفر محمد سعد وظل بطلنا يقاتل تحت قيادة اللواء جعفر الى أن سقطت عدن .. هل تعلمون أن البندقية التي شارك بها في تلك الحرب هي ذات البندقية التي أسكتت رشاش السفاح الحوثي فوق موقع الخزن وهي من ظل يقاتل بها الى أخر نفس .. ذلكم البطل هو الشهيد عبد الفتاح محمد ناصر السكري ..وهو من أسكت الرشاش الحوثي وأول من اقتحم موقع الخزان ومن رهن ذهب زوجته من أجل الحصول على البندقية وهو من وجدوا في جيب بزته العسكرية -وقد أصبح شهيدا- وصية كتبها بخط يده جاء فيها "بسم الله الرحمن الرحيم لنناضل من أجل إستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة واخراج الاحتلال اليمني وذنابه وأزلامه من أرض الجنوب وبناء جيش جنوبي وطني قوي لا يتبع شخصا أو عصابة بل يكون حاميا أرض الجنوب. وبناء مؤسسات الدولة ووضع قيادة متخصصة لكل مرفق حكومي وكذلك تسهيل الإستثمار العربي والأجنبي في الجنوب. وتسخير عائدات النفظ والجمارك والضرائب لمرتبات موظفي الدولة وكذلك بناء واستكمال بعض المؤسسات واعمار ما دمرته الحرب من مساكن ومدارس ومستشفيات وكهرباء وطرقات ومياه وكليات ومعاهد وإعادة المنقطعين الى أعمالهم والمتقاعدين الذين لم يكملوا خدمتهم والاستفادة من الكوادر السابقة، وكذلك طلب خبراء من الصين لبناء سور بين الشمال والجنوب" ..انتهت الوصية . هل هنالك من هو أكثر شجاعة وتضحية ووطنية من هذا البطل ..؟ نعم غيداء ابنة الشهيد تمتلك ذات الشجاعة والتضحية وتقول (كنت أحلم باجراء العملية والتحرر من الإعاقة الجسدية التي رهن أبي من أجلها بندقيته لكني اليوم اكتفيت بتحقيق حلم أبي وحلم كل جنوبي والمتمثل في تحرير الضالع والجنوب من قوات الإحتلال ) والى جانب غيداء ستة أخوان أخرين تركهم لنا عبد الفتاح السكري ورحل شهيدا من أجلنا والجنوب، وينبغي أن يحظى أولاد الشهداء بتكريم يليق بما قدمه اباؤهم الابطال من تضحيات .. الشهيد عبد الفتاح السكري من مواليد 1973م قرية سوادة بمنطقة حمادة مديرية الازارق والتحق بالجيش في عام 1991م وتحديدا لواء عبود .