ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    الإنتقالي يرسل قوة امنية كبيرة الى يافع    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    "صفقة سرية" تُهدّد مستقبل اليمن: هل تُشعل حربًا جديدة في المنطقة؟..صحيفة مصرية تكشف مايجري    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    إلا الزنداني!!    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    البحسني يشهد تدريبات لقوات النخبة الحضرمية والأمن    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    الشيخ الزنداني رفيق الثوار وإمام الدعاة (بورتريه)    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    "جودو الإمارات" يحقق 4 ميداليات في بطولة آسيا    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    المجلس الانتقالي بشبوة يرفض قرار الخونجي حيدان بتعيين مسئول أمني    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    اشهر الجامعات الأوربية تستعين بخبرات بروفسيور يمني متخصص في مجال الأمن المعلوماتي    رئيس الاتحاد الدولي للسباحة يهنئ الخليفي بمناسبه انتخابه رئيسًا للاتحاد العربي    تضامن حضرموت يظفر بنقاط مباراته أمام النخبة ويترقب مواجهة منافسه أهلي الغيل على صراع البطاقة الثانية    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    لغزٌ يُحير الجميع: جثة مشنوقة في شبكة باص بحضرموت!(صورة)    رئيس كاك بنك يبعث برقية عزاء ومواساة لمحافظ لحج اللواء "أحمد عبدالله تركي" بوفاة نجله شايع    الخطوط الجوية اليمنية تصدر توضيحا هاما    مليشيا الحوثي تختطف 4 من موظفي مكتب النقل بالحديدة    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    الديوان الملكي السعودي: دخول خادم الحرمين الشريفين مستشفى الملك فيصل لإجراء فحوصات روتينية    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    مع الوثائق عملا بحق الرد    لحظة يازمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الحصار والحب من أجل الانتصار) لصالح قائد الكهالي
مذكرات مقاتل من حصار صنعاء 67و1968م
نشر في 14 أكتوبر يوم 13 - 02 - 2014

اتضح لي اثناء الشرح السريع من قبل قائد الموقع ان العجز بأطقم المدفعية لا يصدق!!فقد فهمت ان القوة في الموقع من الجنود هي من 25الى 30جندياً فقط، اي بمعدل فردين لكل مدفع ،اذا تركنا ثلاثة مدافع بدون اطقم وبعدها استمر القصف العنيف والمركز على هذا الموقع الخفي والمموه والذي لم يسبق للعدو اكتشافه كما سبق الاشارة وبعد توسع عملية القصف على جوانب الموقع وأطرافه اخذت النيران تقترب من الخيم حينئذ ذهب جميع افراد الموقع الى الملاجئ المعدة ،بينما ظل الاخ قائد الموقع جالسا فوق كرسيه ولم يغادره ،بل انه ظل يراقب قصف مدفعية العدو ،وكنت بجانبه ،وبينما كنت احاول إقناعه بضرورة الدخول الى الملجأ اجاب قائلا:(ان قذائفهم لا تصيب الا النساء والاطفال في العاصمة وبينما كان نقاشنا مستمراً حول المعركة فوجئنا بقذيفة هاون ثقيل تسقط على الخيمة التي كانت امامنا وحينها مرت شظية كبيرة من الفاصل الذي كان بيني وبين الاخ م/اول/ علي مثنى جبران قائد الموقع ،وقد شعرنا بالحرارة التي حملتها تلك الشظية تحرق اجسامنا. وعندما كنت احاول اقناع الاخ قائد الموقع بالتحرك الى الملجأ للابتعاد عن الخطر التفتنا الى الخلف فوجدنا ان الشظية قد احدثت فتحة كبيرة في حائط الزنك يمكن دخول اي فرد منها الى الجانب الاخر. كانت الابتسامة قد ارتسمت على شفتي م/اول علي مثنى جبران قائد الموقع فقد شعر أن تلك الشظية قد اخطات وبذلك نجونا من الموت المحقق ،وكان الحظ والقدرة الالهية وحدها هي التي انقذتنا ،فقد ساعد الفاصل القائم بين مقعدينا على مرور الشظية المنطلقة من قذيفة الهاون 180ملم الثقيل وعندما قسنا المسافة والفتحة التي احدثتها بعد انتهاء القصف وجدناها تتسع بالفعل لفرد واحد للدخول منها تركت الاخ علي مثنى الذي ظل مصمما على عدم الدخول إلى الملجأ، وكان من الواضح إن البقاء امام القصف يعني أن الانسان يعرض نفسة للهلاك بدون ثمن وبينما كنت متجهاً نحو باب الملجأ كان الاخ علي مثنى قد ترك مكانه واتجه نحونا ،إلى باب الملجأ لكن القصف كان قد توقف تماماً.
وبعد دقائق خرج الجنود من ملاجئهم وكانت الساعة تقترب من العاشرة صباحا وتم حصر القذائف التي سقطت على الموقع وكان مجموعها 85قذيفة اما الخسائر البشرية فكانت لأشيء والحمدلله ودمرت خمس خيام ،بما فيها من فراش للجنود ،وقتل كلب صغير في الخيمة التي سقطت عليها القذيفة ،وكان يقوم بتربيته واحد من الجنود بعد هذه الضيافة (الكريمة)التي تلقيتها في موقع المدفعية 37/م،ط بالمطار لاحظت ان قذائف الهاون تمر من فوق رؤوسنا في طريقها إلى صنعاء، وكانت تلك علامة انتهاء القصف على المطار وتحويلة الى المدينة كانت القذائف تنطلق ولم يكن الفاصل الزمني يتجاوز نصف او ربع دقيقة بين كل قذيفة واخرى وكانت القذائف مصوبه إلى شارع صالح الرحبي باب السبح بجانب منزل الكد ف ،وكان الشارع مزدحماً بالناس وكان امام بيت الكد ف في هذا الوقت مجموعة من قبائل الذهب (قيفة والجبري )يلعبون على المزمار (الصوت الموسيقي الشعبي )وكان العازف على المزمار رجلا قصير القامة اعور العين ،مشوه الوجه بفعل مرض الجدري ،اما المغني الذي بجانبه فكان ابنه ،وهو طفل صغير يبلغ من العمر حوالي ست سنوات ،كان يجيد الغناء والضرب على الطبل الصغير الذي صمم على مقاسه وبينما القبائل متجمعة على الصوت الشعبي بصوت المغني الصغير والذي كان يثير التعاطف معه عند كل من رآه يغني ويرقص بطفولته البريئة، كانت الحلقة تتكون من 25الى 30(قبيلياً) وكانت المجزرة (السلخانة او المسلخ)القريبة من المكان مليئة بالمواطنين الابرياء ،وكان الشارع مليئا بالمارة ،وكان رجل كبير السن قصير القامة يجلس امام باب دكانه، وبجانبه طفلتان صغيرتان تراقبان الرقص بفرحة طفولية مع الضاحكين على المغني الصغير الذي يدق طبله ويغني بصوت عذب ترتجف له القلوب وفجأة دوى صوت انفجار القذيفة في الشارع لقد سقطت قنبلة الهاون الثقيل من عيار 180ملم وسط حلقة الرقص وقضت عليهم كما قتلت الكدف مع طفلتيه الصغيرتين ولم ينج سوى ذلك الطفل المغني وأبيه الذي كان يفرش بجانب الحلقة معطفه الصغير المتسخ لجمع النقود(البقش).
مظاهرة في الحديدة بمناسبة عيد الثورة عام 1968قبل تدمير مقر المقاومة الشعبية 68م
روى لي ذلك كله صاحب المطعم المجاور الذي نجا هو ايضا من شظية كانت قد اخترقت باب المطعم فمزقت الطاولة (او الميز) بينما اصابت دكة المطعم (الرصة ودسوت الطبخ)ومع ذلك كان صاحب المطعم ،وهو من سكان صنعاء الجدد يشعر بالرضاء لما حدث بالكدف فهو كما قال (رجعي وجشع ويملك نصف شارع صالح الرحبي ومطاعمه والدكاكين ويرفع الايجار بصورة متصاعدة ويعامل الوافدين الجدد الى صنعاء بحقد وبخبث) انتشر خبر هذا الحادث بسرعة البرق وحملت الخبر (سيارة التعيين )إلى معسكر المطار ،وقد اغضب الخبر الجنود الذين لم يتضرروا من سقوط 85قذيفة عليهم بينما قذيفة واحدة قضت على عشرات الابرياء بما فيهم الاطفال وبعد ان سمعنا خبر هذه الحادثة الاليمة ذهبنا للغداء في احدى الخيم الارضية ،وهي مموه وتعتبر اشبه(بملجأ)كان الغداء(كدم ومعلبات روسية سوفيتية)كما هو الحال في جميع المواقع؟! الامامية وبعد الغداء توجهت مع الاخ قائد الموقع م/اول علي مثنى جبران إلى حفرة المدفع الهاون الثقيل 160مليم صنع روسي ،وقد افهمني ؟(ان المدفع لا يحصل على قذائفه الا بأوامر رئيس الجمهورية شخصيا وانه سلاح محرم دوليا ؟)فقلت للأخ علي مثنى جبران ان الملكيين يضربوننا بعيار 180مليم صنع امريكي وهو عيار اكبر من سلاحنا وكيف تنتظر اوامر رئيس الجمهورية وهو الان هارب في مدينة تعز الا توافق معي يا اخ علي بهذا الراي فرد علي ضاحكا (وقال ان رئيس الجمهورية على هذا المدفع في مثل هذه الظروف هو من يسيطر عليه وعلى ذلك فانا الذي سوف اصدر الاوامر وسوف اقوم انا وانت بأطلاق قذيفة واحدة إلى قرية ارتل ،حيث أن المدفع بدون طقم بسبب عدم وجود الافراد وبسبب عجز قيادة سلاح المدفعية عن توفير الاطقم اللازمة لكل مدفع ،وحتى في مثل هذه الظروف الحرجة والخطيرة التي تمر بها ثورتنا وجمهوريتنا؟!) وتوجهت مع الاخ قائد الموقع إلى ملجأ الذخيرة ،حيث كانت توجد عشرات الصناديق وقمنا بنقل صندوق واحد كانت توجد فيه قذيفة المدفع 160ملم وكانت علائم الحقد والكراهية الغير محدودة ظاهرة على وجه الاخ قائد الموقع وبعد تجهيز المدفع اصبحت مساعداً له حيث اصبحنا نحن الاثنين نقوم بمهمة الطاقم للمدفع الذي سيظل بدون طقم حتى تعيين القيادة الجديدة برئاسة الاركان ،ولأ ندري متى سيتم التغيير؟ ولكنه كان يلوح في الافق ابتعدنا عن المدفع بعد تعميره وشدينا الحبل لإطلاق القذيفة واهتز المعسكر من شدة ارتداد المدفع وبدانا نراقب من خلال المنظار الكبير مسار القذيفة التي سقطت في مواقع الملكيين تماماً واحدثت انفجارا هائلا تصاعد بعدها الدخان واعمدة الغبار إلى علو شاهق حتى بلغت جبل عيبان ويبدوا ان الريح قد لعبت دورها في دفع الدخان إلى ذلك المدى من الارتفاع وبعدها ضحكنا وتمنينا أن يأتي الوقت الذي نحقق فيه النصر الحاسم وتسكت المدافع لتحل محلها عجلة التطور والبناء لتحقيق اهداف ثورة (26)سبتمبر1962م التي سقط من اجلها الاف الشهداء.
كان انتصارنا في كل معركة نخوضها يعطيني دفعة جديدة من الامل واليقين بأن النصر حليفنا مهما كانت التضحيات وخلال الحديث قلت للأخ قائد الموقع مازحاً، لماذا لم يطلقوا القذائف إلى جبل عيبان الذي يسيطر علينا في مواقع عصر فرد قائلا:(نحن مستعدون في كل لحظه لأي دعم وعليكم الاتصال بناء وبالرغم من بعد المسافة بيننا وبين مواقع عصر فممكن أن نبلغ موقع السواحلي الذي يرابط في موقع خلف الصافية لتوجيه الضربات المنا سبه لتلقينهم دروساً لن ينسوها ابدا وقد عرفناهم اننا هناء لهم بالمرصاد ومهما كانت قوتهم فأنهم لن يحققوا أي نصر علينا فنحن نمتلك الامل والروح المعنوية كما ترى عالية بين الاخوة الجنود المسلحين (بالشميزر والتشيكي والبلغاري) السلاح القديم الذي استخدم لصد هجوم المانيا النازية على ابواب موسكو وهو قادر على صد هجوم جحافل الإمامة المطرودة ؟!!)وبعد هذا الحوار صافحت قائد الموقع وصافحت الجنود الذين كانوا يراقبون الحوار وكلامنا وعلامة الفرحة على وجوههم والثقة والامل يغمرانهم وتركت ذلك الموقع حوالي الساعة الثانية بعد الظهر من ذلك اليوم، وكنت قد فهمت أن موقع المدفعية-85-م/د على بعد أربعمائة متر من موقع م/اول علي مثنى جبران 37م/ط/ وقد توجهت إلى ذلك الموقع وهناك التقيت بمجموعة من الضباط الشباب وكان منهم م/اول/ محمد يحيى الصالحي قائد الموقع واحمد علي العماد ويحيى القاضي ومحمد راجح الصياد وهو زميل تخرج معي الدفعة الخامسة الكلية الحربية، واحمد الاْشول والاخرون ممن تربطني بهم علاقة صداقة، وتبين انهم من ابناء المناطق الوسطى، التي كوفئت فيما بعد بتدمير شبه كامل وخاصةً مثل الحبيشيه، والعود والشعر وعمار وسفال الرياشية وعندما اقتربت، من ذلك الموقع لاحظت أن فيه مبنى صغير، يشبه اسطبل الخيل ووصلت باب المعسكر حيث كان الملازم/اول/ احمد علي العماد ينتظرني وكانت البسمة لا تفارق شفتيه، وهو شاب قصير القامة، احمر البشرة وله نظرات حاده وقد تخرج من الكلية الحربية في السنة التي سبقت مع الدفعة الثالثة وكنت قد تعرفت علية في الكلية وقد استشهد فيما بعد الحصار بسنين بسبب القتال( القبلي) الذي دار بين قبيلتي خبان وقيفت الذهب، لقد استقبلني بالا حضان، وكأني زائر قادم من (خارج الحصار)،فكل واحد كان يعتبر ويشعر انه بطل الحصار وانه يسجل صفحات من ذهب للتاريخ الذي سيقف طويلا يسجل بطولات الذين صمدوا في الحصار الذي ضرب حول صنعاء العاصمة الحبيبة، واخذني إلى المبنى، الذي يتوسط الموقع الصغير ،ولم يكن يوجد في الموقع اشجار، وعند مروري وسط المعسكر، رأيت ستة مدافع من عيار-85-م/دو-76-م/د وهاون -82-ورشاشين-ميم/ متوسط في جانبي الموقع، بينما رشاش اخر نفس العيار في الجانب الاخر للموقع، وكان موقع مدافع السواحلي الثقيل يبعد عنهم بحوالي كيلوا متر تقريباً ودخلنا المبنى الصغير وكانوا، قد جهزوه بأكياس الرمل( النيسة)من السطح ليقي الجنود من القصف المدفعي، كان المكان رغم صغره مليئاً بالضباط وكان بعضهم نائماً وقد صاح بهم الاخ العماد قائلا: (قوموا حاضرت الضباط عندنا ضيف قادم لزيارتكم فقام الجميع، في لحظة واحدة، وكأنهم تذكروا ايام (البروجي) في الكلية الحربية الذي كان يضرب فيقوم الجميع كل من سريره استعداداً ليوم دراسي جديد، لكن هنا كان (البروجي ) هو احمد العماد زميلهم وعندما صحوا من نومهم وجدوا أن الضيف زميلهم: الذي لم يلتقوا به منذ شهور طويله، وقد تبادلنا السلام والعناق الحار وجلسنا ولم يكن احد يصدق أن الاخر على قيد الحياة فقد سقط اول شهيد/من دفعتنا بعد تخرجه من الكلية الحربية في معارك 1967م عندما اغارت عليهم الطائرات الإسرائيلية وهو الشهيد/ حسين صالح الجريزع، في 5 - يونيوحزيران على القاهرة لقد كان اول/ شهيد يمني تصيبه طائرات الميراج الاسرائلية وكان سقوط هذا الزميل بداية لسقوط مجموعة اخرى من الضباط الشباب من احسن الشباب المتخرجين في بدية1967م ثم جلسنا نتبادل الحديث حول القذيفة التي سقطت بشارع صالح الرحبي انف الذكر بيت الكدف قبل ساعات وقد اغضبهم ذلك، الحادث الاليم كما سبق فهرول اكثرهم بحماس إلى المدافع -85و76-م/د ووجهوها هم نحو مواقع الملكيين يريدون الانتقام من الجبناء واطلقوا عدة طلقات، بينما الاخرون يضحكون لحماس زملائهم وكان الموقع يتكون من خمسة ضباط وثلاثة جنود هو كل اطقم المدافع التي تبين انها ستة مدافع والتي كانت تحت اوامرهم، وتبين لي أن الضباط هم اطقم المدافع السته فقد كانت قيادة سلاح المدفعية غير قادرة على توفير جنود اطقم المد فعية وقد شكا لي الزملاء من النقص في الامكانيات حتى السلاح الخفيف لم يكن لديهم، وخاصة السلاح الشخصي، عداء المسدسات وكانت علامة الغضب موجهة ضد رياسة الاركان التي لم تكن تعرف ماذا يدور في اغلب الموقع، وكانت الحاجة وظروف الحصار تحتاج إلى قيادة شابة، وجديدة تكون قادرةً على تحقيق النصر. وبعد أن تناولنا الشاي كان احد الجنود قد اعده سريعاً بعلب الفاصوليا الفارغة وبدأت مدافع الملكيين ترد على قصف مدفعيتنا ووقعت أول قذيفة خارج من المانع المعدني المكون من الأسلاك الشائكة الذي كان قد بني ايام وجود القوات العربية المصرية، وكانت القذيفة انذار لنا بعدها توجه الجميع إلى خندق طبيعي كان الفلاحون قد، اعدوه منذَ مئات السنين، لمرور المياه القادمة من الجبال المحيطة ولم يكن ذلك الملجأ كافياً لحمايتنا الا أن الاخوان ضباط الموقع كانوا يعرفوا أن العدو، قد اكتشف موقعهم، وهو دائماً يقصف هذا الموقع ولم يكن يعرف بعد ذلك الخندق البسيط الطبيعي وقد لمست أن الاخوان لا يهتمون كثيراً، ولا يابهون لقصف العدو الذي يتعرضون له يومياً ليلا ونهاراً والغريب انهم لم يصابوا بأي خسائر عدا وقوع بعض الشظايا في قاعدة المدفع -76م/د عطلت القاعدة عن الحركة عند اغلاقه. اما الافراد القليلون المرابطون هناك فلم يصب منهم احد، علما أن اغلب قوة الموقع كانت من الضباط كما سبق الاشارة، الذين تحولوا إلى اطقم للمدافع كما ذكر سابقاً وبعد أن انتهى القصف عدنا جميعناً إلى الموقع وجلسنا معاً في المكان السابق، حيث تبادلنا النكت المضحكة حول الحصار وخاصةً حول؟!( الضباط الكبار وبعض الضباط الصغار الذين فروا من ارض المعركة، خوفاً من القصف وحفاظاً على حياتهم) لقد كان هذا المسلك مثار للسخرية والاستهجان ايضاً كان عناصر مدفعية الملكيين في الجبهة الجنوبية يتكونون بالإضافة إلى المرتزقة الاوربيين والامريكان من مجموعة من الشباب من قضاء يريم مثل؟(ناجي الهر دي وبربر وغيرهم وكان اغلب عناصر المدفعية التابعة للموقع الجمهوري تتكون من ابنا يريم والمنطقة، الوسطى0وكانت الشتائم ليلاً بين المهاجمين والمدافعين تشتد من الحرب بين ابناء القرية الواحدة وليس بين ابنا الوطن الواحد فقط؟ لقد كانت البطالة والجوع اضافةً إلي التخلف والجهل السياسي، من اسباب استقطاب الملكيين للشباب من يريم وغيرها من مناطق الجمهورية، علماً أن المنطقة الوسطى، وخاصةً يريم والنادرة والسدة هي التي انجبت القادة والشهداء العظام الذين لعبوا دوراً مهماً واساسياً دفاعاً عن الثورة مثل؟(الشهيد علي عبد المغني وعلي عبدالله الكها لي شهيد معركة سنوان انف الذكر)وكنا نتحدث مازحين عن ابناء يريم والسدة الذين كانوا في الموقع امثال قائد الموقع ( م/اول محمد الصالحي ويحي القاضي واحمد العماد واحمد الأشول،) ووجهنا لومنا لهم مازحين ايضاً فقلنا لهم اذهبوا واقنعوا جماعتكم بالكف عن قصف صنعاء ومحاربة الجمهورية بعد ذلك الحوار الضاحك و الساخر حول هذا الواقع المؤلم، الذي جعل من الكادح البريء يحارب من اجل الذهب دون تفكير بمصيره، طلبت من الزملاء أن يساعدوني للذهاب إلى تبة النهدين وهذا الموقع كنت اعرف انه اخطر الموقع كما كانوا هم ايضاً لديهم نفس الشعور والتقدير، وطلبت منهم أن يرافقني احد الضباط من ابناء يريم وقلت لهم مازحاً: نحن ذاهبون للقاء مع بني عمكم لإقناعهم بعدم قصف صنعاء؟(فردوا على ضاحكين لابد أن تكون، ضيافتكم عندهم كبيرة اذهبوا ونتمنى لكم أن تعودوا بسلام !)وكان الاختيار قد وقع على الملازم/اول/احمد علي العماد الذي كان ضابط (سطع) الموقع الذي سبق ان اشرت إلى انه استشهد فيما بعد في حرب خبان وقيفة الذهب ودار بيننا عناق حار وكان كل واحد لا يصدق أنه سري، الاخر فبعد أن يذهب المرء إلى تبة الموت كما اسميناها بعد وصولنا اليها، لم يكن هناك امل في العودة بسلام وتحركنا من الموقع ونحن نعد الخطوات، وكان الملازم اول /العماد قد صعد عدة مرات لوضع اعمدة للمدفعية للضرب غير المباشر قطعنا الطريق مسرعين ،وكنت احمل الرشاش الصغير ، بينما كان الاخ م/1/ احمد علي العماد لا يحمل الا مسدسه ، وعندما اقتربنا من الشباب بدأت ضيافتنا فقد كانت الساعة الثالثة والنصف عصراً وذلك هو موعد اذان العصر حيث تكون المساجد مملوءة بالمصلين وتوجيه القذائف في مثل هذا الوقت كان مقصوداً فقد كان حقد المرتزقة الاوروبيين والامريكيين حقداً صليبياً وكانت هوايتهم اضافةً الى سحق الثورة تدمير مآذن المساجد على رؤوس اصحابها .
وعندما سقطت احدى القذائف على بعد خمس عشر خطو منا اسرعنا بالانبطاح ارضاً ، ومرت شظايا القنبلة من فوقنا وبذلك نجونا من اول موت محقق ، وصاح زميلي (لقد نجحنا والان نواصل السير صاعدين التبة الغربية من حيث الارتفاع. ووضعنا اول قدم اسفل التبة التي تبين لنا انها كبيرة وليس كما كنا نتوقع قبل وصولنا اليها ووجه زميلي إلى سؤالا ووضع حجراً صغيراً اسفل التبة قائلاً (هل سنعود؟ إلى هذا المكان ام لا! ) فكان ردي نحن وحظنا قد نعود او لا نعود .ولكن لسنا افضل ممن سقطوا قبلنا واعتقد ان الاستشهاد في هذا الحصار هو ذو مغزى كبير لتعرف الاجيال القادمة كم قدم جيلنا من تضحيات من اجلهم ؟ وبدأنا نواصل السير بخطى سريعة وثابتةً ، ونحن نشعر باعتزاز اننا صامدون ، ولم يستطيع الملكيون أن ينالوا منا ،ولن يكون مصيرنا شبيهاً بمصير رجال الاحرار والاصلاحيين الذين فتك بهم الإمام احمد عام 1948م . والفرق كبير بين الامس واليوم ، فنحن اليوم نعيش تاريخاً اخراً ذلك كان شعورنا وحوارنا ونحن في طريقنا إلى قمة التبت . وبعد ان قطعنا 25مترا في نقيل التبت بدأت الرائحة النتنه والكريهة ترتفع كلما ارتفعنا ، وقد فهمنا ان هناك جثثاً متعفنة من جهة الطريق التي نمر بها . وبعد دقيقة واحدة ، فوجئنا بمنظر لم نشاهد مثله من قبل . لقد كان احد الجنود من جنود اللواء العاشر المجندين يلبس ملابس الجيش الشتوي يمسك بأحد المرتزقة . وكانا متشابكين وفى وضع يشبه المتصارعين. ومن سخرية القدر انهما قتلا بطلقه واحدة وهما في مثل هذه الحالة من الاشتباك . وكانت هناك مجموعة من الجثث منتشرة في مكان اخر بينما العظام والرؤوس والارجل قد فصلت منها والقيت في اماكن اخرى .انها اشبه بمجزرة كان الجندي يلبس بدلته الشتوية الصوف كما سبق، بينما المرتزق كان حافي القدمين ومرتدى الملابس القبلية المعروفة؟! يبدو أن المرتزقة عندما هجموا على هذه التبت في بداية الحصار لم يتمكنوا من خلع ملابس القتلى واخذها كما هوا معتاد عندهم . وكلما صعدنا اعلى واجهتنا المزيد من الجثث ؟ انها ملحمة غير معتادة . لقد خيل لنا ان العدو كان يهاجم من جهة صنعاء وبذلك تمكن من احتلال التبة من جهة الشمال ، وذلك ما حدث في بداية الحصار عندما سقطت التبة عدة مرات وخاصةً قبل تخصيص المدفعية لمواقع المطار الجنوبي .وفي منتصف التبة ظهرت مجموعة من قوة التبت ، وهم يحملون «دباب» المياه . وكانت قياداتهم قد وضعت لهم خزاناً صغيراً للمياه اسفل التبة وكانت السيارة تقوم بتعبئته تحت قصف مدفعية العدو يوميا كان الخزان في مكان مموه حتى لا يكتشفه العدو اثناء هجومه الليلي فيقوم بتدميره او وضع مواد سامه داخله وذلك ما نبهتنا اليه مجموعة المياه عندما وجهنا إليها عدة اسئلة حول ذلك .؟!
تركنا المجموعة تهبط إلى اسفل التبة بشكل سريع ، وفهمنا ان ذلك يهدف إلى تجنب قصف مدفعية العدو ، وكانت الطريق إلى التبة خطرة جداً لأن القذائف التي كان مداها يطول أعلى قمة التبة، تقع على الطريق وتتصيد كل من يقع امامها ، من جميع الجهات ، وعلى بعد عشرين متراً من القمة .كانت توجد مجموعه من قوة الحماية الخلفية تراقبنا ، وكان البعض منهم ضاحكاً كانه كان يريد ان يقول؟ لنا (اننا هنا صامدون نتحدى الموت كل ثانية وكل دقيقة وكل ساعة وكل يوم . )وكانت تلك الابتسامة هي علامه النصر فمن يضحك في المعركة فهو واثق من نفسه ومن النصر . واقتربنا منهم وبدأت مراسيم السلام بيننا وبينهم فكان كل واحد يصافحنا ثم يعود الى مكانه مسرعاً ، وقد فهمنا انهم دائماً في حالة استعداد ولا يتجمعون مطلقاً خيفة ان تصيبهم قذيفة تقضي عليهم دفعة واحدة .وعندما دخلنا الموقع وجدنا مالم نكن نتوقع فقد كان في الموقع 70 فرداً من صاعقه الوحدات المركزية ، وهذه الوحدات جديدة كانت قد شكلت ايام حكم السلال عندما كان الا هنو مي وزيراً للداخلية وكانت قد تدربت تدريبا جيدا على ايدي المدربين المصريين ، ولكن القوى الرجعية استغلت ذلك وخاصةً جماعة انقلاب 5نوفمبر 1967م وبثت دعاية حاقدة تقول: (ان تكوين صاعقة الوحدات المركزية انما هدفه ايجاد البديل لصاعقة الجيش ) التي كان على رأسها النقيب/ عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان . وقد اثبتت الايام اللاحقة أن تلك الوحدات كانت لحماية الجمهورية والثورة وحصار صنعاء يشهد على ذلك ، واتضح زيف ما اشيع وطرح عنها. وبعد تفقدنا للموقع كانت الصدمة الكبيرة اكثر لأن الموقع لم يكن مجهزاً بملاجئ هندسية، عدا جرف صغير يتسع لثلاثة افراد مع جهاز اتصال، وكان في جهة الشمال من المؤخرة في قمة التبة إضافة إلى رشاش(دكتيارؤف)وهو رشاش روسي قديم، وكان العريف محمد مسعد ثابت الكهالي انف الذكر والذي سبق الاشارة الية، يتمر كزفي هذا الجرف وفي الموقع الخلفي بالذات الذي كان اخطر المواقع والهاون عيار81-والرشاش /12و/7/م/ط يقف عليه الجندي صالح محمد المؤجان من قرية كهال ايضاً وكانت قمة التبة صغيرةً جدا من حيث المساحة وقد صدمنا عندما فهمنا أن ضابط التبة وهو من ابناء صنعاء قد هرب من اول ليلة ولم يعد وكان لذلك التصرف صدى سيئ عند الجنود والصف، وبعد أن شربنا الشاي اخذنا المنظار نراقب مواقع العدو، وكنا نلاحظ تحركاتهم، في المناطق المجاورة للتبة، ولكن قوتها لم تكن توجه النار اليهم، حرصاً على الذخيرة وحتى تستبقيها لمواجهة هجومهم ، الليلي وكان يوجد في كل متراس صندوق او اثنان من القنابل اليدوية الدفاعية . وقد قيل لنا ان القنابل اليدوية الدفاعية كانت هي المنقذ الوحيد لصد هجوم العدو ، بالإضافة الى قصف المدفعية الخلفي والتي كانت تغطي التبتين من الجهات الاربع وكان الجنود يشعرون بالرضاء لضربات المدفع عيار/ 37،م/ط ، فعندما كان يوجه إلى الاهداف الارضية ، كان يحدث انفجاراً جوياً هائلاً قبل وصوله الى الارض ،وكان يصيب العدو الزاحف في مقتل ويثير الرعب في صفوفه .وعرفنا اثناء وجودنا في الموقع ان العدو يتقدم عادةً كل ليلة محاولاً اقتحام التبة ، ولكنه كان يعود مكسوراً مدحوراً بعد ان يتكبد خسائر جسيمة وكان الدليل امامنا على بعد عشرين متراً من المتاريس الامامية هناك كانت الجثث والارجل والعظام المتناثرة وكان الموقع يتعرض للقصف المتواصل ليلاً ونهاراً ، ولكن الافراد المرابطين فيه بالرغم من عدم وجود الملاجئ التي تقيهم من القصف كانوا مبادرين دائما، ولم يتركوا موقعهم الذي كان اهم المواقع في الجبهة الجنوبية بعد نقم والحفاء وكانوا يعرفون ان سقوط الموقع يعني سقوط شرف الوحدة العسكرية التي كانوا يفخرون بالانتماء اليها وكان يوجد في الموقع ضابط غير انه كان واقعاً تحت سيطرة الصف والجنود ، وقد منع من النزول من الموقع، بعد ان هرب زميله ، دون توقع لعودته وكان العريف محمد مسعد ثابت الكهالي يقف مع مجموعة صغيرة لحماية الموقع من اي هجوم خلفي للعدو ، ولمنع اي جندي من الانسحاب او الهروب عند اشتداد الضرب ،وخاصهً بعض المجندين الجدد الذين لم يكن لديهم تجربة كافية للقتال ؟. وقد حدث ان حاول احد الجنود الهروب ليلاً فضرب بالرشاش وحوصر تحت احدى الصخور الصغيرة ،والقي عليها القبض وتعرض لعقاب جماعي من جميع افراد الموقع وتمكنوا بعد ذلك من ان يخلقوا فيه روح الصبر والشجاعة حتى تمرس على القتال ، واستمر حتى تم رفع الحصار ودحره،) وكانت عقوبة الهروب من المعركة هي الموت، ولكنها لم تطبق على الضباط الكبار الذين هربوا من صنعاء، وتركوا المعركة يتحملها سواهم ثم عادوا بعد ان اعدوا انفسهم اعداداً جيداً لتوجيه ضربتهم ضد القوى الوطنية والثورية التي صمدت اثناء الحصار في احداث 23/ 24 اغسطس 1968م .تعرفنا على احوال الجنود في الموقع ولم يكن العريف محمد مسعد موجوداً لأنه ذهب قبل مجيئنا إلى التبة بساعةً واحدة مع سيارة (الكدم) الخبز والماء لجلب الطلبات إلى الموقع وكان جميع افراد الموقع لا يقبلون بنزول اي شخص الا بعد موافقة الجميع وتأكدهم من عودته اليهم في الوقت المحدد كان الضابط الوحيد الموجود في الموقع مرابطاً دائماً في متراسه لا يفارقه اطلاقاً ، خوفا من القصف ، وعندما مررنا عليه ، كانت ملامحه لا تشجع ، وقد همس لي الجندي صالح محمد مثنى آنف الذكر الذي كان على الرشاش والمدفع قائلاً: (انه ضابط جبان ويخاف من القتال ولكننا لن نتركه يذهب إلى صنعاء ليختبئ فيها ، بل سيظل هنا حتى الموت معنا او النصر .).
وقد فهمت ان هذا الموقف قد فرض نتيجة هروب الضابط السابق وهروب الضباط الكبار امثال (حسين المسوري ، والمقدم محمد الخاوي ، والعقيد علي سيف الخولاني واخرين) ولم يبق من الضباط الكبار الا مجموعة محدودة ،كان على رأسهم العقيد عبد الكريم السكري وكان هو الضابط الكبير الوحيد الذي ظل طوال الحصار ينقل التموين إلى المعارك رغم مصاعب الطريق . وحاولنا ان نضايق افراد العدو المتحركين بالرشاش 7/،12 م/ ط/ وقد اطلق زميلي م /اول/ احمد علي العماد عدة طلقات على دفعات ولم يكن الجنود يريدون ان نطلق النار لان العدو سيرد على الطلقات بقذائف هاون ثقيل ، وبعد دقائق من ضربنا بدأت ضيافتنا ، فقد وجهت الينا المدفعية قصفاً شديداً ورحنا نبحث عن مخبأ ضد القصف ، ولكن دون جدوى ، وتصورنا انها النهاية ، ولكننا اهتدينا الى صخرة صغيرة جلسنا خلفها بينما كان الجندي صالح محمد مثنى يجلس بجانب المدفع الرشاش الذي ضربنا به ، وهو يضحك ، وكنا نبحث عن الملجأ ، ونحن نضحك ضحكة الخوف والموت! ، أن بقاءنا امام قذائف العدو يعني الموت المحقق بدون ثمن وقد سقطت قذيفة فوق الصخرة الصغيرة التي جلسنا جنبها فغطى الغبار جسدينا وعند خروجنا كنا اشبه بمن سقط فوقه منزل تهدم وبدأنا ننفض التراب مع الحصى من فوق رأسينا وملابسنا وانتهى القصف بعد ان مرت احدى القذائف فوق رؤوسنا متجهةً نحو الموقع القريب من المطار ، وكان الجنود قد اجادوا التمييز بين القذائف التي تقع عليهم والتي تتجه بعد اطلاقها بثوان باتجاه صنعاء وكانت حصيلة ضيافتنا 45قذيفة لم تترك مكاناً ظاهراً في التبة الا اصابته وكان الجنود في متاريس مكشوفؤ كان من السهل تدميرها لو سقطت أي قذيفة داخل المتراس ولكن المفارقة العجيبة والقدرة الالهية ان القذائف رغم صغر مساحة التبة لم تقع واحدة منها على اي مجموع! ذلك ما اخبرنا به الجنود انفسهم كانت الساعة الخامسة والنصف عندما اتجه القصف صوب صنعاء ومواقع نقم والحفا . وبينما نحن نراقب الدخان الذي كان يتصاعد ودوي الانفجارات المستمرة خرج الجنود من المتاريس وبدأ يروي بعضهم ويضحك من سخرية القدر الذي اعطى الملكيين هذا السيل الهائل من قذائف المدافع ، ولكنهم فشلوا في تحقيق اي نصر او هدف ، في مواقعنا العسكرية فيلجؤون الى صنعاء لإرهاب السكان المدنيين .كان الجنود في كل موقع يتمنون أن يكون القصف الموجه إلى صنعاء لإرهاب السكان المدنيين موجهاً إلى مواقعهم ، بدلا من قصف المدينة ، وقد قلنا لهم ان صنعاء تسهر ليلياً على انوار المعارك التي تدور حولها وخاصة تبتي النهدين ، حيث انهم اجعل هذين السطرين في الحلقة القادمة.
(ص58)
اقرب مكان إلي صنعاء وكذلك لان صنعاء تشكل مستطيلا مقابل هذه المواقع ابتدئا من سفوح جبل نقم الجنوبية حتى منطقه عصر، وهي غرب صنعاء ، وخلال وجودنا في الموقع عرفنا ان بعض الجنود (يشرب الشاي الثقيل بينما البعض الاخر يشرب الخمر البلدي المصنوع محليا عدد منهم محدود جداً ، وعندما تشتد المعركة يكون غير مهتم لما يحدث من حوله ،بل انه يجابه ذلك بسخرية عجيبة !) قال الجندي صالح محمد مثنى آنف الذكر الذي كان اصلا من وحدة المدفعية في الجيش والتحق قبل الحصار بالوحدات المركزية؟! (نحن اقوى من هذه القذائف ، نحن نملك مبدأ ، ولكنهم مرتزقة فلوس كنا في الماضي نخاف من الرصاص ، لكن الان اصبحنا نتقبل القصف واعتدنا عليه والقذائف الثقيلة اصبح مفعولها لدينا اشبه بمفعول الرصاص قبل الحصار لقد تحملنا الكثير وتشجعنا بعد ان احلنا سفوح هذه التبت إلى مجزرة كما تلاحظون بعيونكم؟!!! )وراح يأشر لنا بيده إلى الجثث التي كانت متناثرة حول المواقع الصغيرة فهناك الابطال الذين صمدوا بدون خنادق ، وبدون خوذات فولاذيه ، وبدون ملاجئ ضد القصف المتواصل وبدون اسعافات اوليه . وعندما جرح احد الجنود لم يكن يوجد في الموقع مضمد للجراح ، فطلب الجنود سيارة الاسعاف ،وقام احد رفاقه بالربط على الجرح بالمشدة ولم تصل سيارة الاسعاف الا بعد اربع ساعات وقد سبب ذلك نزيفاً للجرح اثر على صحته فيما بعد ، لكن واقع الحصار فرض نفسه، لم يكن لدينا الوحدات الصحية او التموينية مثل بقية الجيوش المحاربة في العالم .لقد شعرنا بمرارة عندما رأينا ابناء الشعب يقتل كلً منهم الاخر ، فالجانب الملكي يعبي الكادحين من البدو والقبائل لمحاربة اخوانهم ابناء ثورة 26 / سبتمبر ،لكن كيف يمكن اقناع القبائل التي عاشت مئات السنين وهي تدين بالايدلوجية الرجعية ، وتحارب من اجل المال اولا واخيرا ، أن هذا الوقع المؤلم لا يمكن أن يحسم بقوة السلاح وحدة . فقبائل 1948م التي ناصرت الامام احمد ضد (الامام عبد الله الوزير وحكومته الدستورية )كانت تراودهم الفكرة ذاتها غير مدركة ان صنعاء اليوم ليست صنعاء 1948م ومع ذلك فان جديد صنعاء من اصحاب الدكاكين والسيارات وغير ذلك كان يمثل غنيمةً كبيرة بالنسبة لهم ، بل ان صنعاء كلها ستكون هي الغنيمة مرة اخرى ، حتى في عام 67م.1968م .وبعد ان ابدينا اعجابنا بجنود النهدين وشجاعتهم الخارقة ، بالرغم من الحالة السيئة التي كان عليها الموقع المكشوف ،طلبنا منهم ان يبنوا ملاجئ ضد القصف ، لكن احد الجنود اسرع يقول ؟ ( لا يوجد لدينا الخشب والزنك لنبني المخابئ وكما شاهدتم فان قذائف العدو لا تصيب احداً منا ،ومفعولها ينتهي بعد سقوط الشظايا إلي اسفل التبت ) ؟! فضحكنا مع بقية الجنود على تقييم ذألك الجندي لقذائف العدو ؟!!!
(ص59)
واستهانته بها .وودعناهم ، ونحن سعداء بتلك الروح المعنوية العالية التي يستمتعون بها ،وبدانا العودة وكانت الساعة السادسة مساءً وقد ازددنا ايماناً بحتمية انتصارنا لان مواقعنا الأمامية كانت فوق تصورنا والجنود كان ايمانهم وتحديهم لجبروت العدو فوق كل تصور اخذنا نسرع السير هبوطاً من التبت ، في خلال دقائق محدودة قطعنا الطريق مسرعين، قبل أن يداهمنا الليل، وكان موقع المدفعية لايزال بعيداً عنا ، ولكن عودتنا كانت سريعة والفرحة تغمرنا لأننا زرنا رفاق السلاح والمصير ، رفاق الحصار ولأن الجميع يردد ؟ (الجمهورية او الموت ) وواصلنا سيرنا باتجاه الموقع الذي انطلقنا منه ، وقد مرننا بالحجر التي وضعناها كعلامة قبل صعودنا التبت ، معلنين عودتنا ، ومصممين على مواصلة القتال ، مهما كان الثمن ، حتى يتم اجبار المحاصِرين على التراجع واعطائهم الدروس التاريخية بان صنعاء 67و 1968م ليست صنعاء 1948م وذلك أن صنعاء اليوم هي صنعاء الثورة والجمهورية لا صنعاء التي تستبدل اماماً بإمام وحاكماً اقطاعياً ملكياً بحاكماً اقطاعياً اخر ؟. ووصلنا الموقع 85_م/د وكان الرفاق قلقين جدا بسبب تأخرنا وعندما دخلنا الموقع كان كل واحدا في موقعه ومتراسه ومكثنا نصف ساعة واكلنا خلالها اللحم المعلب من صنع روسي والكدم (الخبز الجاف ) وشربنا الشاي وتحدثنا مع الرفاق عن ابطال النهدين وشجاعتهم الخارقة .فزاد اعجابهم كثيراً بما سمعوه منا عن ذلك الموقع ،وزادهم ذلك ايماناً وصلابتاً وبينما كنا نتبادل العبارات الحماسية والشجاعة ، سمع المراقب بالموقع ان اطلاق النار قد اشتد بتبت النهدين ، وكان ذلك اشارة هجوم جديد يشنه الملكيون على ذلك الموقع الذي لم يمضي على تركه اكثر من ساعة، وشعرنا حينها أن واجبنا أن نقدم مساندة المدفعية إلى الجهات الاربع للتب تين التي كانتا اشبه بالهرم المعمور .وتوجه كل واحدا مننا إلى المدفع الذي كان مسؤولاً عنه ، وبدا القصف المتواصل، بينما كان جهاز الاتصال يلتقط اشارة التصحيح من جهاز الموقع وسلم إلى القائد وتمت عملية التصحيح واستمر القصف لمدة ساعة كاملةً ، كانت اطقم المدافع تتكون من فرد إلى فردين توجه ضرباتها بالتناوب وحتى تم كسر الهجوم ، وعاد العدو إلى ادراجه بعد ان فقد خسائر جديدة ، كما خسر معدات بدون ان يحقق اي هدف من اهدافه ، كانت تلك الليلة كسابقاتها ليلة قتال حتى الصباح في جميع المواقع التي كانت ترى امامنا ، وطبيعي ان لانعرف النوم حتى صباح اليوم الثاني عندما توقفت المعارك استعداداً لمعارك المساء، تركت الرفاق في موقع 85/م/د، وركبت سيارة التموين إلى صنعاء ، ومررت ببيت الفريق الذي كان لايزال نائماً وقد فهمت من الحرس؟( انه سهر حتى اخر الليل ، واتضح انه كان سهرانا مع عشيقات في العشرين من العمر بل
(ص60)
ودون العشرين ؟!)،تلك كانت حياة وحقيقة الفريق العمري (البطل الاسطوري حسب ما كانت تصوره صحف بيروت المأجورة ،) التي بدء لها انه بطل الحصار ، وحقيقة بطولة العمري يعرفها جيدا الابطال الحقيقيون الذين مزقوا حصار صنعاء ، ودحروا جحافل الملكية عن عاصمة الثورة والجمهورية ، كما ان حقيقته تكشفت لجميع اليمنيين بعد ذلك ،وكل من شارك وعاش مع الفريق يعرفه جيداً ؟!شعرت بألم شديد وانا اغادر بيت الفريق فقد كانت الارض تدور وشعرت بدوخة شديدة ، كانت السيارة قد تركتني في باب البلقة وعادة تحمل التموين والذخيرة إلى موقع المطار،واتجهتوا إلى ميدان الشهيد العلفي واخذتوا موتور سيكل ،واتجهتوا الى بيت العم الذي اصبحت مسؤولا عنه بسبب الحصار وضعف ضمير العم المهاجر كان الموتور سيكل قد ازعج الحي ، واطلت العمة مع اختها لرؤية من يركب الموتور سيكل، وسمعتوا صوت اخت عمتي ، وهي تصرخ من الدور الثالث قائلة ؟(انه حي ، لقد جاء انه بخير قالت العمه صحيح !!! الحمد لله لقد اسهرنا عليه الليالي لقد عاد لقد رجع بسلام ) اعطيت سائق السيكل ايجار سيكله وقرعت الباب قرعةً واحدة فقط فاذا باخت عمتي تفتح الباب ،وهي مرتعشتاً من الفرحة ، والدموع تنساب من عينيها وشعرتوا ان قلبي اهتز بقوة ، فلم اكن اصدق ذلك المشهد الذي يحدث امامي لأول مرة منذ و ان التقينا ، لقد احسستوا بحب انساني عميق يشدني نحو تلك الفتاة الريفية والتي ردت لي التحية بأحسن منها فهي لم تنسى القبلة التي طبعتها على جبينها عند ما اضربت عن الطعام بسبب خلافها مع عمتي ،اختها الكبيرة وعندما دخلت من الباب اغلقته بسرعه غير معتادة ، ومدة يدها تسلم وقبلت يدي بلهفة ودموعها تنهمر من عينيها احسست حينها بمشاعر جارفه نحوها ، نعم لم اكن اعرف قصة تلك الفتاة المسكينة والتي اصبحت تمثل واحدتاً من الماسي التي تعيشها الفتاة اليمنية في جميع انحاء اليمن شماله وجنوبه ، شرقه وغربه .لم اتمكن من ان ابادلها التحية لتقبيل يدها لان العمة كانت قد هبطت من الدور الثالث بسرعةً لاستقبالي ، وقد سلمت عليها كالمعتاد ،وكانت هي الاخرى لها قصة من اروع قصص الوفاء والتضحية تحتاج وحدها إلى كتيب خاص لها ؟! بعد التحية المتبادلة صعدنا جميعا الى الطابق الاخير، وكنت اشعر بإرهاق شديد من السهر ومن اخبار الفريق القائد العام للجيش والحصار وخلعت حذائي ودخلت الغرفة ، وكانت ( جواربي ترسل رائحتاً غير مستحبة لاستخدامي لها طيلة اسبوع كامل دون تغيير، وقد اسرعت اخت العمة إلى اخذهن وقد حاولت ان اقوم بغسلهن بنفسي غير انها اصرت علي ان تقوم هي بذألك كما اصرت عمتي على ذلك ايضا لذلك احسستوا وشعرتوا بما هو اكثر من الحرج والتعجب لهذه العناية الغير المتوقعة ،وبعد ان اخذت شيئا من
(ص61)
الراحة لمدة ربع ساعة قدم لي الطعام ، وقالت لي عمتي التي كانت صائمة مع اختها ، وهي تضحك ،؟! (لو كان انت جالس بالبيت كان انك صائم لكن المعركة تحكم حكمها !) فقلت لها ياعمتي المجاهدين اعفوا من الصلاة والصيام !! كان ذلك تصوري في تلك الايام وكان هذا اول حوار يدور مع العمه التي لم اكن قد جلست معها سابقا بما فيه الكفاية ،وردت العمة قائلة ؟(لكن كيف هذا الجهاد وانتم مسلمين كلكم والمسلم كيف يقاتل اخوة المسلم كلكم رايحيين النار الجمهوريين والملكيين ؟!)انطلقت تلك العبارة بينما كنت قد اخذت اللقمة الاولى ،وكانت العمه تتكلم بثقة في نفسها ، وقد رددت عليها بانني متعب وساهر والجوع شديد وعندي صداع يؤلمني ، وليس عندي استعداد ان اكلمك الان ، ارجوك ياعمتي خذي فلوس (بقش) من جيب الكوت وارسلي اختك إلى الدكان لتحضر لي اسبر وه حتى انام بعد ان اكمل الاكل اخذت الفلوس وارسلت اختها (حليمة ) ،كنت حتى تلك الساعة لا اعرف اسم اختها فقد كانت تعطيني اسماً مستعاراً ولم اكن اعرف السبب لكنها في تلك اللحظة صاحت تناديها (يا حليمة اسرعي إلى الدكان وهاتي اسبروة لصالح لان راسه يوجعه ، لأنه سرح عند قنابل الملكيين؟! )نادتها وهي تضحك بفرحة لم يسبق ان شاهدتها ،وفهمت ان الفرحة كانت تعبيراً عن الارتياح لعودتي بسلام وقد ردت حليمة (بصوت صنعاني هيا مرحبا واسرعت من المطبخ الذي يقام دائما في بيوت صنعاء القديمة في اخر طابق حتى تتجنب بقية الغرف والادوار الدخان الذي يتصاعد من (التنانير ) (الموافي ) نضراً لان الحطب هو الوقود المتوفر بصنعاء اخذت حليمة البقش (الفلوس ) والستارة وكان اللثام يغطي شفتيها دائما ، كما هي تقاليد وعادات صنعاء وضواحيها والمدن اليمنية عموماً ، وكانت حليمة تلبس زنه (قميصا اسودا من القماش الدمس ) اخذتها معها من القرية واسرعت إلى الدكان واحضرت الاسبروة وعادت بسرعة وعندما وصلت الينا وتكلمت بجراءة غير معتادة وقالت ؟( هيا خذ يصالح الاسبروة الله يشفيك والا ينقل مرضك لي .) فرددت عليها الله لا قال شكرا يااخت حليمة ! (فردت سريعاً ما هوش اسمي حليمة من قالك اسمي لطيفة ) فقالت العمة ضاحكه ؟(ايوة اسمها لطيفة ،) فضحكت بالرغم من شدة الالم وشربت الاسبروة بعد ان اعطتني العمة كوباً من الماء بينما عادت كرية تغسل الجوارب مع الثياب ، وكانت تمازح اختها لأنها اباحت باسمها الحقيقي . كان الاكل مكوناً من ( شعيريه ، مع السمن البلدي والملوج) (خبز الموفى والتنور ) لم استطيع ان اكل ما قدم لي من طعام بسبب التعب والالم والسهر ،وقد داهمني النوم ،وتركت الاكل ، لقد نمت نوماً عميقا ولم اصحى الا الساعة السادسة مساءً ولم توقظني الا قذيفة شديدة الانفجار سببت هزة كبيرة بزجاج النوافذ. وكان يمكن،
(ص62)
للشظايا ان تقتل اي انسان داخل الغرفة .قمت مسرعا إلى السطح لمشاهدة مكان القذيفة التي لم يسبق لها ان بلغت إلى مثل هذا المكان .وكانت العمة واختها في سطح العمارة يراقبنا مكان الانفجار ,وتبين انه اصاب مسجد السيدة اروى بنت حمد , وحصدت مجموعة من المصليين فيه .هكذا كانت تصرفات المتباكين على الدين من (الجمهورية الكفرية والملحدة ) تلك كانت صورة من الاعمال الاجرامية التي كانوا يمارسونها والتي لم تكن تستثني احداً ابتداءً من الطفل الرضيع وانتهاءً بالشيخ المسن المصلي في المسجد ؟! لقد احرج ذلك الموقف وتلك الجريمة انصار الملكيين داخل صنعاء وجعلهم يحسبون الف حساب لأي كلمة يقولونها بعد ان راؤا بأعينهم هدم مآذن المساجد بقنابل (المتدينين انفسهم )! ووصلت الينا اخبار الخسائر من المارة وكان لابد ان نتألم بشدة لذلك الاجرام ونزلنا من السطح لنتناول طعام الافطار والعشاء ,وكان الم رأسي قد خف كانت العمة ماتزال غاضبة لقصف المسجد وقد استغليت هذا الظرف لكي احاورها حول؟( المسلمين المتحاربين )واوضحت لها ان الذين يدمرون المساجد ويقتلون الاطفال والشيوخ لا يمكن وصفهم مسلمين ,فهم كفرة وحاقدون على ديننا الاسلامي وان الذين يطلقون المدافع في بيت بوس ,وارتل انما هم مرتزقة .مأجورون فوق انهم يكنون حقداً على المسلمين من ايام صلاح الدين الايوبي ! وكانت اختها (حليمة)، تسمع الكلام واللثام على فمها دون ان تبدي استعدادا لتناول العشاء بالرغم من انها صائمة منذ الساعة الرابعة صباحاً اي منذ غداء رمضان السحوري ,كما هو معروف عن سحور رمضان .ضللت احاول اقناع العمة بان علينا ان نعادي بقدر عدائهم لنا وطلبت منها ان تغير نضرت المساواة بين الجمهوريين والملكيين لانهم يدمرون المساجد والشيوخ والعجزة والاطفال والنساء وكانت العمة تتناول وجبة العشاء بصمت فلم ترد علي بسبب غضبها وحزنها على شهداء مسجد اروى بنت احمد اما حليمة اختها فلم تنبس ببنت شفة ,كما لم ترفع لثامها, ولم تتقدم لتناول لقمه خبز واحدة لقد سالتها لما لا تأكلي بحكم انكي صائمه! لم ترد الا بكلمة واحدة مفادها ؟(انها لم تستطيع ان تأكل حزنا وغضباً على شهداء المسجد ،) وخيم الحزن على العمة واختها لقد انتهى العشاء الذي تمكنت خلاله من محاورة العمة . اما حليمة اختها فقد ظلت تحتفظ بالقناع الاسود على شفتيها ,وكانت نظراتها مصوبة نحوي بصورة مستمرة وبشكل حاد اخجلني ! وجعلني اتجنب توجيه نظراتي اليها . ولاحظت العمة ان القناع الاسود لم يبرح عن وجهها .وهزت رأسها ويبدو انها فهمت السبب الحقيقي لذلك وبعد ان رفعت حليمة اوعية الطعام وعادت العمة لتقول ؟(حليمة لم تجروا على فك قناع وجهها حرجاً من وجودك في البيت!) لقد حرمت
(63)
حليمة من العشاء برغم صيامها ,ربما بسبب المها من قصف المسجد وكان اهالي صنعاء القديمة لا يصدقون إن المساجد اصبحت ميدان قتال .وماحدث افقدهم صبرهم وجعل من لم يجرؤ على الكلام ضد الإمامة يتحدث من مخاوف عودة ما حدث عام 1948م من جديد .لكن كان انفعال الناس شديدا ودفع الكثير إلى العمل ضد حكم الطغيان المدعم (بحضارة الغرب وقذائف امريكا الصهيونية الامبريالية )كان استمرار حليمة بتغطية وجهها بالحجاب ماعدا عينيها قد جعلني اسال نفسي عن سبب استخدام القناع واسباب الخجل من وجودي في البيت وامعنت بالتساؤل عن حياة حليمة الخاصة وعمرها ؟وبدأت العمة تسرد لي قصه اختها وكانت الحكاية طويله؟ (فقالت اختلف والدها مع امها عندما كانت طفلة صغيرة وقد انتهى الخلاف بالطلاق وكانت بدايت الفراق فقد اخذها والدها واغترب الى القرية التي تبعد عن صنعاء وقريتيهما الاصلية بحوالي 170كم جنوب صنعاء وبعد ان بلغت السنه الثانية عشرة تم زفافها على العم المغترب بينما تزوجت امها برجل اخر من نفس القبيلة .وبدأت بأنجاب الاطفال في الوقت الذي تزوج والدها مباشرة بامرأة اخرى وبعد زواج العمة من العم المهاجر لم يبقى معها عدى شهرين لم يمسسها خلالها قط وخلال فترة غيابة عنها كان العم يعيش في الحبشة حيث تزوج بامرأة حبشية وظلت العمة المسكينة تعيش في قريتنا طيلة تلك السنين المؤلمة وقد حاول والدها أن يقنعها بالزواج من رجل اخر ولكنها رفضت وظلت تنتظر حبيبها الموعود وكانت زوجة والدها الجديدة قد انجبت عدة اطفال ونتيجة ظروف المعيشة قرر والدها الذهاب غربة مرة اخرى من القرية الى صنعاء بعد ان افلس وبعد ذلك قام بفتح دكان صغير في صنعاء لبيع القشر (غلاف البن ) وبيع السكر وما ان تحسنت حالته المادية حتى سارع الى احضار زوجته وأولاده الصغار كان ذلك تحديدا في عام 1965م اما العمة فقد ظلت بعيدة عن حبيبها المهاجر وبعيدة عن والدتها التي تركتها طفلة صغيرة وكانت امها قد انجبت ولدين وبنتين كانت حليمة اصغرهم وفي بداية عام 1967م ارسل والد العمة رسولا مع حمار لنقلها من القرية الى مدينة يريم ومن يريم الى صنعاء وكان ذلك الرسول هو شقيقها من امها الذي كان متلهفا لمشاهدة اخته الكبيرة من امه ولم يكن قد راها قبل تلك الفترة وكان حينها قد بلغ 24 سنة من العمر ومتزوج ولدية طفلة!) ومضت العمة تقص حكايتها واحلامها وانتظارها الطويل لعمي المهاجر المغترب طيلة السنوات التي لا تعدو ان تكون نموذجاً لحياة عشرات المهاجرين اليمنيين وغيبتهم الطويلة ووفاء المرأة اليمنية الذي لا يكاد يقارن باي وفاء واي تضحية ؟!؟( وفي مطلع عام 1967م وصلت العمة صنعاء حيث مكثت لدى والدها وكانت دموعها لا تفارقها حزنا على حبيبها
(ص64)
الغائب .كانت السنين التي انتظرتها مملوءة بالحزن العميق وكان العم المعتوه لا يترك عيدا يمر الا ويكتب انه قادم فيه ولا مناسبة تمر الا ويكتب انه قادم ولكن مرت الايام والشهور والسنوات بأعيادها السته عشرة وهو في الحبشة وزوجته تبكي وتبكي وتحزن و تحزن .كانت امها تسكن جنوب غرب جبل عيبان وعندما علمت بوصول ابنتها الكبيرة إلى صنعاء طارت من الفرحة والتهب قلبها بالشوق وتطلعت إلى رؤية ابنتها الاولى الكبيرة التي لابد ان تكون قد كبرت وغدت شابة جميلة .واسرعت الام لمشاهدة ابنتها وكان اللقاء عاطفيا حارا .لقد تملكتها فرحة لا حدود لها وبعد أن تمالكت نفسها من الفرح وطلبت من والد ابنتها ان يسمح لها بأخذها إلى القرية لكي تشاهد اخواتها واشقائها من امها فلم يمانع الاب ,فقد كان يحب ابنته الكبيرة حباً عميقاً ولا يرفض لها ادنى طلب .ووفرلها الهدايا وسافرت بسيارة مع والدتها إلى القرية التي تقع جنوب غرب جبل عيبان كما سبق الاشارة ,وبعد اسبوع عادت إلى صنعاء تحمل هدايا مماثلة لما ذهبت به من صنعاء وكان في مرافقتها شقيقها الاكبر الذي كان برتبة رقيب في الجيش النظامي الاول خلال العهد الامامي. واضافت العمة وهي تشرح قصتها الحزينة انها انتظرت عام 1967م إلى ما قبل حركه (5)نوفمبر الرجعية حيث بلغها والدها بصورة مفاجئة بان محبوبها قد وصل اخيرا الا انها لم تفرح في الظاهر بل بكت بكاءً شديداً وكان ذلك تعبيرا في الغالب عن شدة المفاجئة وعن طول حزنها .كان العم يكبرها بثلاثين سنة تقريبا ,وعندما عاد كان الشيب قد غطى رأسه الا ان صحته كانت ماتزال جيدة فقد كان صاحب تجارة في اديس ابابا .يعيش في حالة بذخ مما جعلة يتمتع بصحة ظاهرة وعندما وصل صنعاء لم يصل إلى بيت والدها (عمة ) بل إلى بيت احد اقاربه .وبعد يومين كان اثقل من سنوات الانتظار الطويلة, عرفت العمة من والدها في الصباح أن الحبيب الغائب سيحل ضيفاً عليهم ذلك اليوم , وجهزت مع خالتها زوجة والدها الغداء وانتظرت وصول الحبيب للغداء مع اربعة من اقربائه .كان كاتب هذه السطو احدهم وفي الساعة الثانية عشرة ضهر ودخل الضيف ولم تصدق عيناها انه هو ذلك المحبوب , فقد اصبح راسه ابيض وعلى وجهة تجاعيد واضحة كما غداء ضخم الجثة . وقام والدها بإفراغ الغرفة العليا لابنته مع زوجها ,ودار بينهما عناق ملتهب اظهر فيه العم مكراً وغدراً اكثر من مكر وغدر السنين الماضية ,وبعد ان استمر يتبادل معها الحب المشنوق ،طيلة السنين الطويلة طلب والدها ان يدخل مع زوجها في حساب حول نفقتها عن السنين التي قضتها عنده , وهي خمس سنوات غير انها طلبت من والدها ان يترك زوجها حتى يوجد لها بيتا لنفسها , وبعد ذلك يحاسبه كيفما يريد وقد استجاب والدها لطلبها ,ولم ينطق بكلمة واحدة .وبعد
(ص65)
عشرة ايام طلبت من زوجها أن يوفر لها بيتاً ويوفر لها الطلبات الضرورية وكان من ضمن طلباتها ايجاد (خدامة ) تقوم بواجب البيت فاستجاب لها واعطاها ايجاراً لها وترك لها حرية ان تختار من تشاء ولم تكن تريد غير الاتيان بأختها من امها من القرية تحت غطاء انها (الخدامة ) حتى تبقى بجانبها ولم يكن يعرف الرجل الحقيقة أن الخدامة المطلوبة هي اختها , ووصلت حليمة قبل إن يبدا الحصار بأسبوعين فقط وبعد عشرين يوما قضتها في البيت الجديد الذي استأجره لها طلب العم ؟(ان يسافر إلى القرية لزيارة شقيقاته وأقرباءه والعودة خلال اسبوع !)ترك لها ايجار البيت لمدة شهر واحد مع مصاريف شهر ايضاً قبل ذهابه إلى القرية الذي صادف الحصار ,وعندما وصل القرية كانت فتاتاً اخرى في انتظاره فقد تزوج على الفور بعد وصولة مباشرة .كانت الضحية الجديدة في ال28من عمرها تقريبا ,حيث كانت قد خطبت له قبل سنتين وقد دفع مهراً كبيرا لها , فهي ابنة قاضي قطاعي وكانت ايضا من اقرباءه ولم تعرف العمة المسكينة الحقيقة الا بعد انتهاء الحصار عن صنعاء ) اما قصة حليمة اختها من امها فهي الاخرى محزنة واليمة وبدات العمة تشرح لي قصة اختها كما يلي ؟(عندما فكر اخي ان يتزوج ,قرر والدة ان (يزاقر بها زقار تبادل شغار) وكان نصيبها رجل كبير السن مشوه الوجه , والمظهر وقد رفضت حليمة الزواج من ذلك الرجل , فهددها والدها بالضرب لكنها اصرت على الرفض , فعلم اخوها فهجم عليها ( بالجنبية ) الخنجر وكاد ان يقتلها لولا ان تدخلت امها وابوها واعدين اخاها انها سوف توافق على الزواجه وقد اغمى عليها في الحال عند المغرب وكان احد الصالحين من الجن المسلمين قد لبس حليمة وسكن رأسها ، واصبح يعيش معها , اضافتا إلى اخ اخر له يأتيها عندما تطلبهما بالتناوب , ؟ وقد اذهلني الخبر وافزعني ما حدث لها وبالرغم مما حدث فقد تزوجه ذلك الرجل الشنيع بالقوة , كما تزوج اخوها الذي توفق بزوجة تناسب سنة على حساب حياة اخته حليمة , وقد هاجر زوجها إلى السعودية , بعد أن اخذها وعاشت معه اسبوعاً بالقوة وتحت التهديد والوعيد وبعد أن سافر إلى السعودية لم يعد ,وعندما حدث الحصار كان قد مضى عليه 3سنوات وكانت امها مرتاحة بدخول حليمة صنعاء عند ابنتها الكبيرة بعد أن عرفت أن زوج ابنتها الكبيرة قد عاد بعد سنين طويلة , وعندما اشتد الحصار كانت قرية حليمة قد سقطت تحت سيطرة الملكيين مثلما سقط جبل عيبان المطل على قريتها وقد لفت انتباهي من هذه الحكاية ان حليمة تحمل روحا اخرى غير روحها وان هذه الروح تأتيها كل ما طلبتها ولاحظت العمة عدم موافقتي على حكايتها هذه حول الروح الساكنة وعدم تصديقي ان هناك مخلوقات غير الانسان توجد في المجتمع البشري وعدم قبولي الا ان
(66)ص /احاديث الفلاحين المستمرة عن الجن رغم ورود ذكر الجن في القران كما في قصة بلقيس وسليمان ... الخ واوضحت لها ان ليس هناك ما يدل على وجود او عدم وجود الجان لكن العمة اصرت على رائيها وابدت استعداها لتوضيح ذلك لي بعد نصف ساعه فقط .؟ كانت حليمة لاتزال تعمل في المطبخ بدون عشاء وكنا قد اند مجنا في الحديث , ولم نذكر انها بدون عشاء لقد انستني كل شيء هذه القصة المروعة التي عاشتها عمتي مع زوجها وكذلك قصة اختها المسكينة كان مسدسي جاهزا وكان الرشاش امامي ايضا وبعد ان تركتني العمة وصعدت إلى المطبخ الكائن بجوار السطح لسماع اصوات الانفجارات ومشاهدة لهيب المعارك الطاحنة في المواقع حول صنعاء بينما كانت حليمة ماتزال في المطبخ ولكن دون تناول لقمة واحدة وكنت قد فهمت السبب الذي , منعها من رفع اللثام وهو كما سبق وجودي داخل البيت لأول مرة وخجلها مني وعندما قررت أن اذهب لكي اشتري لها عشاء من السوق كانت الساعة التاسعة مساء , بلغت عمتي عن خروجي فخافت واسرعت من السطح لتجد انني احمل كل عدة القتال فرفضت السماح بخروجي وادعت الخوف من البقاء في المنزل مع اختها وحدهما وحاولت اقناعها ولكن دون جدوى . بعد ذلك ارسلت احد اطفال الجيران لكي يحضر عشاء لأختها وعاد بعد ربع ساعة فقط يحمل العشاء اخيرا وتناولت حليمة العشاء ولكن حالة من الصداع والدوخة كانت قد شقت رأسها بسبب الجوع , وبعد ان افاقت من «دوختها « قررت العمة ان تريني حقيقة الروح الخفية التي تسكن جسم اختها لكن حليمة كانت تلك الليلة متعبة بسبب الجوع وحادث المسجد الكبير واجلت العمة ذلك إلى اللية القادمة وبعد ذلك بدا النقاش حول الصراع الدائر بيننا وبين القوى الملكية ومرتزقة امريكا والسعودية . وقد تمكنت من اقناع العمة باننا كجمهوريين اصحاب حق واستشهدت بما يحدث وبهجرة العم (زوجها) الذي غاب عنها سنين طويلة لطلب الرزق وقررت انها من الان فصاعدا لن تقف مواقف الوسط , وانما سوف تقف بجانب الجمهورية واصحابها المقاتلين والمدافعين عن صنعاء . (اما حليمة ) فقد كانت تسمع الحوار بخجل وحياء بنت القرية التي لم تعرف المدينة من قبل ,لكنها تأثرت بهما كثيرا وزاد حقدها ضد الملكيين , وقررت ان تفعل اي شيء ولكنها لم تكن تعرف ماذا يمكنها ان تفعل كانت تحتاج إلى من يوجهها . وتطرقنا إلى دور المرأة في المعركة وكان الحديث معها عن دور المرأة منذ ايام غزوات الرسول حتى ثورة فيتنام والجزائر ودور( جميلة بو حريد الجزائرية ,) واخيرا تحدثت عن دور المرأة اليمنية التي بدأت تتدرب على السلاح وهي تعمل بمصنع الغزل والنسيج بصنعاء ... لاحظت ان حليمة اخذت تتفاعل مع الحديث وبدا انها تريد ان تتكلم او تقدم اي
(ص67)
مساعدة لنا لكي نفك حصار صنعاء وحصار قريتها التي انقطعت عنها اخبارها .... وكانت تعرف ان شقيقها كان مع الجمهوريين وأن العملاء في قريتها سوف ينتقمون منه في اي لحضه تتاح لهم فيها الفرصة بعد أن تجاوزت الساعة العاشرة والنصف ليلا طرحت العمة هموم الحصار واثارة على حياتها داخل البيت الجديد واوضحت أن الحطب انتهى وأن السوق قد فرغ نهائياً من كل شيء وانه ليس هناك حل وطلبت العمة أن اتدبر امر الحطب وبعد شيء من التفكير عثرت على الحل . فقد تذكرت ان مواقع مدفعية المطار الجنوبي مليئة بالصناديق الفارغة حيث قررت أن اذهب في اليوم الثاني إلى المطار الجنوبي 85/م/د حيث موقع الرفاق واخذ من هناك كمية من صناديق الذخيرة الفارغة واقوم بتكسيرها حطباً وذلك هو الحل الوحيد , وكنت اعلم مسبقا أن الرفاق سوف يقدمون الصناديق بسخاء مع السيارة التي تحملهن وذلك ما حدث فعلا .بعد العاشرة والنصف بدأ القصف يهدا في المواقع فشعرت براحة كبيرة , لان الرفاق حصلوا على فترة هدوء قصيرة . وقررت أن انام فذهبت إلى الغرفة الصغيرة التي سبق أن قررت العمة أن تكون مخصصة لي , وكنت قد نقلت فراشي مع السرير من البيت الذي كنت اسكنه مع مجموعة من الشباب بناء على طلب العمة بدعوة الخوف عندها بعد أن وصل الملكيون إلى باب شعوب وبدأ الرعب يدب في صنعاء القديمة اكثر منة في صنعاء الجديدة ؟(شوارع الثورة التي بنيت بعد قيام الثورة ) وبعد نصف ساعة من النوم عادت المعارك واشتدت من جديد , وطار النوم من عيني وصعدت إلى السطح لأجد حليمة انها قد سبقت الية لمشاهدة المعارك وكانت السفوح الشرقية لجبل نقم المواجه (لدار سلم , ودار الحيد ) قد اصبحت متوهجة بفعل نيران الاسلحة الصغيرة وقنابل الهون المضيئة وكان الهجوم شديدا على جبل نقم وكان جبل براش ونقم يتعرضان ليلياً لقصف مستمر وهجمات مركزة لا تقل عنفاً عما تواجهه بقية المواقع المحيطة لصنعاء والتي كانت كلها جبهت قتال مشتعلة كنت اشعر بشيء من الطمأنينة عندما كانت تنطلق الرشاشات الخفيفة من مواقعنا وخاصة عندما يحدث ذلك في الليل وأتألم كثيرا عندما لأتواجه نيران العدو بالرد المناسب عليها من مواقعنا , كان القتال سجالا والمعارك محتدمة وكانت بعض المواقع هنا او هناك تسقط بيد العدو ولكن سرعان ما تعود زخة الرصاص من جديد ومعها يعود الامل , ويذهب التشاؤم وهدات المعارك في الساعة الواحدة , وبدأت من جديد اوجهه الاسئلة الى حليمة وبالذات احوالها مع العمة اذا كانت في البداية لم ترد على تحرياتي وبعد ان اصريت عليها ان تتكلم حيث قالت ؟ ( ان الخصام يحدث احيانا لكنها لا تتأثر نضرا لأنها اختها من جهة ولأنها تعيش حالة نفسية يرثى لها , وبذلك فهي تقدر حالتها
(ص68)
غير الطبيعية واضافت أن الحصار (يحكم حكمة ) وفهمت منها أن الحصار يشكل عائقا بينها وبين قريتها المحبوبة بمن فيها من اهل واحباب ثم اخذت تتكلم بجراءة والقناع ما يزال فوق شفتيها وانا استعيد معنى بعض الكلمات وسالتها عن سبب عدم ازالة اللثام من فمها وعن سبب بقائها بدون عشاء وكان ردها المفحم علي ؟ (عندنا عيب نأكل مع انسان قبل ان نعرف حقيقته وأخلاقه !) وتمكنت من اقناعها بان العمة هي بمثابة اُم بالنسبة لها اضافة إلى انها اختها الكبيرة , ومن ثم فانه لا داعي للشعور بالخوف تجاهها . ومع ذلك بقي لديها شيئا من العناد والتصلب الريفي واشعرتها انني قد لا اعود إلى البيت , الا بعد العشاء مادامت كذلك ؟(فصاحت ليش ما تجيش عندنا الا بعد العشاء عمتك عد تغثى منك اذا لم تجي تتعشي , اما انا عد اخذ عشائي بالمطبخ وانت تعشى مع عمتك ) ولم افهم ماذا يدور برأسها ولماذا كانت ترفض أن تأكل معنا لعل هناك سرا وقررت أن اتابع الموضوع حتى اعرف كنة هذا السر اشتد علينا البرد وكانت الساعة الثانية , صباحاً من اليوم الثاني ونزلنا لنجد أن العمة سهرانه تفكر في قضية البيت والحصار وزوجها الذي مضى عليه شهر ونص ولم يعد ولم يرسل لها ((مصاريف))وشعرت انني في حاجة إلى ان اذهب إلى النوم في غرفتي الصغيرة التي لاتسع الا لسريرين فقط0 ولم انم الا الساعة الرابعة قرب الفجر ودقة العمة الباب عليا حوالي السابعة حيث استيقظت من نومي وكان طعام الافطار قد اعد ،وبينما كنت اتناول الافطار قالت :العمة؟ (اخر اكلة ناكلها على النار، اما بعد هذا فالأكل سيكون على الشولة اذا وجد الجاز، واذا لم ناكل حبوب او دقيق غير انني طمأنتها إلى ان الحطب لابد أن يأتي من السماء ان شاء الله او من الارض وبطبيعة الحال لم تستطيع أن تعرف من اي جهة سياتي الحطب اذا كانت الدنيا مغلقة من كل الجبهات 0 وتركت البيت وركبت الدراجة النارية وهي المنقذ في شوارع صنعاء في ايام الحصار وانطلقت بالدراجة في اتجاه مواقع المطار الجنوبي ،وكان سائق الدراجة النارية جريئاً وماهراً في السواقة 0 وبعد ربع ساعة وصلنا المطار حيث توجد مواقع المدفعية كما سبق الاشارة 0 وهناك استقبلنا الرفاق بحذر نظراً لانهم لم يكونوا يعرفون صاحب الدراجة0 لكنني طمنتئهم لأنه من افراد المقاومة الشعبية ،وانه معروف لدي وكنت فعلا اعرفه جيدا ،فهو من سكان صنعاء الجدد العائدين من المهجر! دخلت المعسكر _85/م/د واخبرت الرفاق الذي جئتوا من اجله فرد الرفاق بروح طيبة قائلين ؟(لدينا اكوام كبيرة من الصناديق المكسرة ونحن مستعدين لنقل اي كمية تحتاجها 0)وقد شرحت لهم مسبقا حالة الاسرة ،وسبب تحملي مسؤوليتها وقمنا لمساعدة بعض الجنود لتعبئة السيارة وعدنا ادراجنا إلى صنعاء وكانت الساعة قد بلغت الثامنة والنصف صباحا ودخلنا صنعاء من
(ص69) احياها القديمة حيث كانت النظرات الحادة موجهة الينا ظننا منهم باننا نحمل صناديق ذخيرة تدمر الملكيون وذلك لأنه كان للملكية موالين في احياء صنعاء القديمة وعندما اقتربنا من باب العمارة صاحت حليمة بفرحة كبيرة ؟(لقد عاد صالح يحمل معه حطب في سيارة عسكرية وكانت السيارة من نوع ؟(فرجو صنع روسي )وافرغت الصناديق بسرعة امام باب العمارة بينما كانت النساء المجاورات ينظرنا باستغراب ،وعادت السيارة مسرعة لنقل الخبز والتموين من قصر السلاح إلى الموقع كما هو الامر كل يوم ونزلت حليمة مسرعتاً لفتح الباب ،واستقبال الحطب ،وقد لفت انتباهي انها تضع هذه المرة القناع على شفتيها دون انفها 0 ويبدوا انها لم تكن تشعر بذلك تحت تأثير فرحتها بوصول الحطب وكنت اسلمها الواح الصناديق من خارج الباب ،بينما تقوم هي بنقلهن إلى مخزن الحطب الذي يقع في اسفل العمارة امام الباب مباشرة كما هو الحال في بيوت صنعاء التي تعتبر قلاعاً حربيةً حيث أن في كل بيت يكون مجهزا بالماء واحيانا توجد الابار في البساتين او الاحواش المحيطة بها والحطب والطعام لشهر او ثلاثة او سته اشهر في بعض البيوت الكبيرة0 تحوطا لكل مفاجأة واستعدادا لمواجهة الحصار ،بما في ذلك القتال حتى النهاية أن لزم الامر غير أن البيوت الجديدة ذات طابع مختلف تماما 0 ومن سوء حظ بيت العمة ان العمارة التي تسكنها كانت من البيوت الجديدة0 اجهدت حليمة من عملية نقل الحطب ،وجلست منهكة فقلت لها ضاحكا :يبدوا ان صنعاء قد جعلتكي منهكة بسبب عدم مزاولتك العمل الدائم الذي تعودتي عليه في القرية 0 ضحكت والعرق يتصبب من جبينها وردت عليا قائله ؟(عادني جلبت ثلاث صفائح من الماء وقد كنتوا انقلهم بسرعة خوفا من قنابل الملكيين اليهود0 !)وسالتها وهل تخافي من قنابل الملكيين ؟فقالت(كيف مااخافش منهم )فضحكت مرة اخرى وقلت لها انتي شباب والمفروض تقاتلي الملكيين الجبناء والمجرمين !فقالت (هيا قم لك ياصالح وشي مرأة تقاتل المرأة قد هي مرأة!)فقلت لها انا راجل وانتي مرأة واردفت ولكن الحطب والماء تستطيعين العمل به اما القتال فتعجزي اجابت ؟(ياسلام عليك !الحطب والماء مثل القتال بالمدافع والبنادق والقنابل ،انت تضحك عليا ياصالح)فقلت لها لا انتي تستطيعين القتال بطريقة سهلة اذا تدربتي على القتال وطريقة استعمال السلاح 0فصاحت (هيا اسكت لا يسمع اخي عاد يقتلني بالرصاص ،كان عاد يقتلني على الزواج بالجنبية خلي ما يوم يعرف انني اتدرب على القتال عد يقطعني وصال؟!!! )وكنت أعرف أن محنتها هي محنت اليمن كلها ،وخاصة محنت الامهات اليمنيات اللواتي لا يعانين فقط من القهر الطبقي والاجتماعي الذي يعاني منه اخيها الرجل وانما من اضطهاد الرجل0 وقلت لنفسي نحن الان في حالة حصار ويمكن بعد الحصار والانتصار عليه ان يحدث الجديد ولكن صنعاء ماتزال ملئية بالعملاء والجواسيس وقلت لنفسي ايضا اليس من الممكن
(70ص)
ان تلعب حليمة دوراً مناسباً في كشف العملاء والخونة والمراسلين القادمين من قريتها ؟ولكن موضوعاً شائكاً كهذا يتطلب التمعن فيه قبل مفاجتها به ،ومن ثم اقناعها بالقيام به لصالح الجمهورية والثورة وبد ات ادرس نفسيتها اولا وقبل كل شيء ولذلك فاني لذ تو بالصمت0
وسقط القناع !!!
سألتني حليمة بصوت جميل ؟(مالك ياصالح او انت غثيت مني ،انا مستعدة اجيب الماء واطحن الحب واصلح الاكل اما القتال ،على الرجال !)وافهمتها أن ما تقوم به في ظل الحصار هو قتال على البطون واكبر واجب يمكن تقديمه 0والكلمة نفسها تصبح مثل القنبلة التي تصيب العدو في المكان الضعيف وارادت حليمة ان ترد عليا لكن القناع سقط من فوق شفتيها هذه المرة 0 وفوجئت انها ذات جمال اخاذ ،دون ان توثر عليه بعض ندوب الجدري التي اصيبت بها في طفولتها 0كان من شان جمال كهذا ان يسحر حتى اكثر الناس زهدا وورعاً قلت لها، وانا كالمأخوذ لقد رأيت كل شيء !ولاحظت انه تملكها الخجل ،واخذت تصب على نفسها وابلا من الدعاء وصعدت جريئا إلى العمة ،التي كانت تسمع كل الحوار الذي دار بيننا واستغلت ما حدث لأختها وراحت تمازحها قائلة؟ (اسف على العشاء الذي خسرتيه الليلة الماضية واليوم شافش صالح عند الحطب ،انت قبيليه وتشتي تتمدني وتلبسي الحجاب وتختفي وانتي غير الفة للحجاب والقناع،!) بكت كريمة بكاءا شديدا ،كما احسست شخصيا انني قد سببت لها ولعمتي حرجاً ،فقررتوا أن اترك البيت حتى لا أغضبها ،طلبت من العمة أن تسمح لي بالذهاب إلى بيت الفريق حسن العمري ،لكنها رفضت بحجة (أن الحطب يحتاج إلى تكسير وأن المكسرين يشتوا مبلغ كبير
(ص71)
من الفلوس والفلوس قليلةً !)وكان عليا أن اقوم بتكسير الحطب ثم اذهب بعد ذلك 0 وكسرتوا الحطب مستخدماً عمود حديد من اعمدة جنازير الدبابات كنتوا قد حملته معي من موقع المدفعية /85/م/د لنفس الغرض وكسرتوا عشرة صناديق في خلال ساعتين خرج الدم خلالها من يدي بفعل الجروح التي اصابتني 0 وطلبت من العمة ان تأتي لنقل الحطب من أمام الباب والطريق، فأرسلت حليمة اختها من جديد وتركت المكان وصعدت إلى الطابق الاخير حتى لا يتكرر سقوط القناع عنها فتعود للبكاء من جديد ،وكنتوا من جانبي احرص على عدم جرحها 0 كان ما يهمني ان استطيع الاستفادة منها لكشف العملاء القادمين عن طريق ضلع همدان فمن هذه الطريق كان يتم التسلل للدخول صنعاء والعودة منها 0 بعد نصف ساعة عادت العمة مع اختها بعد ان شاركت في رص الحطب وكانت الجروح لاتزال تنزف من يدي ببطء ،وعادت حليمة وغضبت عندما رأت الجروح في يدي ،وظنت انها السبب، وقد اوضحت لها مازحاً أن الجروح بسبب غضبها لانكشاف وجهها امامي وشاركتني العمة الراي 0وحملت اختها المسؤولية ،وفتحت شنتتها واخرجت الكولونية ،ووضعت عدة قطر على الجروح اوقف نزيف الدم وتبين ان شظيت الخشب تسكن في يدي ،فأوكلت بمهمة اخراجها إلى حليمة لخبرتها في ذلك منذ ان كانت في القرية 0 وتخوفت في بداية الامر غير أنها مسكت بيدي اخيرا وكان جسمها يرتعش من الخوف احسستوا أن حرارة جسمها ارتفعت ولم اعرف انه كان ذلك خوفا ام فرحا الا فيما بعد ،حيث تبين لي أن الرعشة كانت فرحاً لأنها ساهمت في تضميد الجرح الذي كانت السبب الاساسي فيه كما اتهمناها مازحين وبعد أن تمكنت من اخراج شظية الخشب من يدي قلت لها إنك تصلحين لنقل الجرحاء في المعركة وتضميد جروحهم ،فضحكت بينما اسرعت العمة لتقول ؟(بكرة اخذها معك ولبسها من بدلات الجيش وقل لهم انها جندي جديد !)فضحكت حليمة كما ضحكت انا لمشروع العمة الذي اقترحته فيما يشبه المزاح 0 وبعد أن توقف الدم رجوت العمة الموافقة على أن أذهب إلى بيت الفريق لمعرفة اخر الاخبار فطلبت أن اقسم بالقران وبالشرف انني سوف اعود قبل الفطار ففعلت ذلك وتركت البيت .وعندما خرجت من باب العمارة ,رفعت نضري إلى اعلى لأجد حليمة تطل من النافذة مودعه وهي تقول (اوبه ما تجي ياصالح قبل الفطار ). فلم ارد عليها بل اكتفيت بان هززت رأسي في اشارة مني بانني سافي بالعهد والوعد .
التغيير الجديد براسة الاركان واثرة على الحصار ؟:10/1/1968م ؟
(72)ص
ذهبت إلى بيت الفريق حيث التقيت بمجموعة من الحرس ومجموعة كبيرة من المشايخ وفهمت أن هناك تطورات جديدة ,فقد ادى هروب الضباط الكبار إلى اثارة الغضب الشديد بين وحدات الجيش ,وبدأ الضغط بضرورة تشكيل قيادة شابة تتولى رئاسة الاركان ,وكذلك تغيير بعض قادة الوحدات من الضباط الذين صمدوا واثبتوا فعلا قدرتهم على العمل فشعرت بالفرح الكبير لأني كنت اعرف أن التغيير هو بداية النصر 0وحدث اجتماع كبير ضم مجموعة كبيرة من ضباط الوحدات وبعض الضباط الكبار الذين صمدوا اثناء الحصار كان على رأسهم العقيد عبد الكريم السكري والعميد عبد اللطيف ضيف الله 0 وفي اثناء الاجتماع حدث نقاش حاد بين الضباط الصغار والكبار، لكن كفة الميزان كانت مرجحة لصالح الجديد والضباط الصغار الذين اثبتوا قدراتهم على تحمل المسؤولية التاريخية ، وتم في ذلك الاجتماع انتخاب النقيب/ عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان رئيسا للأركان العامة، وكان ذلك الموقف قد فرض على الفريق العمري فرضاً ، وقد لاحظت علامة الغضب ترتسم على جبينه، لكن الموقف لم يكن بيده حينها وفي ذلك الاجتماع بالذات . كان للتغيير وقع كوقع الصاعقة ,حينما اذيع عبر الراديو وارتفعت الروح المعنوية بين صفوف وحدات القوات المسلحة وبدا وعضم الحماس لدى الوحدات واحس الملكيون في مختلف الجبهات أن القيادة الجديدة لرياسة الاركان العامة لابد أن تحدث تغيرات كبيرة في جميع وحدات الجيش ,وذلك ما حدث فعلا .فقد تم تعيين قيادة شابة في اغلب الوحدات عدى المدرعات والكلية الحربية وبعد استلام النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان رئيس هيئة الاركان العامة موقعة شعر الفريق العمري أن الفرصة مواتية لتوجيه ضربة مناسبة لوحدة الضباط الصغار , فاصدر قراراً بترقية عبد الرقيب من نقيب/ إلى رتبة مقدم فتخطى بذلك نضام الترقيات المعمول به في الجيش , وذلك بغية ان يثير نعرة الاقدمية بين زملاء عبد الرقيب ,وقام بتحريض النقيب محمد على الجبري على رفض اوامر رئيس هيئه الاركان الجديد بحجة انه , اي الجبري اقدم من عبد الرقيب منذ تخرجهم من الكلية الحربية . وتحت تأثير الطموح والغرور فأن الجبري نفذ تلك التعليمات وتجاهل اوامر رئاسة الاركان الجديدة بل ورفضها .ومن جهة اخرى حرض العمري قائد المدرعات على ان يفعل ذات الشيء وهذا الاخير كان برتبة مقدم وكان يعتبر نفسة اقدم رتبة وخبرة من عبد الرقيب وبالفعل رفض اوامر رئيس الاركان وبدا نسج خيوط احداث 23و24 اغسطس 1968م . ورغم ان النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب رفض الترقية الا ان الحساسية كانت قد زرعت بين الضباط الصغار , ونجح الفريق العمري في لعبته الخبيثة وكنت الاحظ خطر الاسلوب الذي يستخدمه الفريق العمري مع الحرس
(73ص)
والكثير من الضباط , وخاصة ضباط ابناء المناطق الشمالية . وبذلك عمل على افشال مهمة القيادة الشابة الجديدة . ومع ذلك يمكن القول أن الحنكة والتبصر والمرونة كانت تنقص القيادة الجديدة وخاصة في الجانب الاداري وقد استغل الفريق مع زبانيته كل ثغرة وكل خطاء صغيراً كان او كبيراً . وكان العقيد على سيف الخولاني قد فر إلى الحديدة واختلق الاعذار لتبرير بقاءه هناك , وقام باحتلال منطقة السخنة , وبتجنيد لواء من المجندين باسم الاسهام في رفع الحصار عن صنعاء , والحقيقة أن هدفة كان غير ذلك وثبت ذلك في احداث 23/24 اغسطس 1968م . لقد لمست خلال ترددي على بيت الفريق العمري أن اهداف هذا الرجل كانت اثارة النعرات الطائفية والقبلية وشعرت انه انما يريد تحقيق أغراضه الخاصة , وزادت حسرتي عندما كانت الفضائح ترتكب في بيتة , وهو غارق حتى أذنيه في الملذات وربما لم نكن نعرف أن هدف الفريق العمري الاخير هو القضاء على الثورة نهائيا عن طريق تمكين الملكيين المحاصرين لصنعاء من دخولها في صورة الفاتحين .تركت بيت الفريق وعدت إلى البيت وكانت المعارك على اشدها في جميع الجبهات وعندما دخلت البيت كانت الساعة قد بلغت السادسة مساءً وهو الوقت المحدد لتناول افطار رمضان وقد اردت هذه المرة ان احرج حليمة بدعوتها إلى العشاء علها ترفع اللثام عن وجهها فأرى ذلك الجمال الذي سحرني والهب مشاعري .ولم اعد اخفي مشاعري ولم اعد استطع الصبر على الجلوس في البيت , بينما هي تلبس القناع الاسود فقد ذكرني ذلك المنظر بمناظر فيلم «الفارس الاسود» الذي مثلته كوكا وكان الفارق هو الخيل والسيف وكنت قد رأيت ذلك الفيلم عند الطفولة وظل قناع الفارس الاسود في ذاكرتي حتى تلك الليلة و ما كدت اجلس في انتظار العشاء حتى ظهرت العمة لتقول لي : (لولا العهد الذي قطعته على نفسك قبل ان تخرج اليوم ما كان , رجعت الان ولعلمك كنا خائفات اذا لم تعود الليلة! ) فرددت ضاحكا أن العهد كان سلاحاً خطيراً ولولا العهد وتحريات حليمة عندما خرجت من الباب لما رجعت فعلا ,لكن هذا يعود عليها اذا تحررت من القناع داخل البيت واثناء العشاء فلن ابخل بالتردد على البيت كلما سمحت لنا فرصة النزول من المواقع إلى صنعاء ! .
حوار الارواح المخفية
دخلت حليمة وهي تحمل العشاء وعلامة الفرحة ظاهرة على وجهها . وعندما نظرت اليها التقت النظرات , وكادت حركات عيوننا تتوقف من الارتباك والغبطة كانت ابتسامتها تظهر من خلف القناع ولاحظت أن القناع قد تغير فقد كان خفيفا جداً
(74ص)
ويبدو انها كانت متعمدة ارتداء هذا القناع الخفيف على شفتيها حتى تمهد الطريق لإزالته اثناء العشاء . وبعد النظرات _ المتبادلة .... قالت حليمة ( لو كان ما اوفيت بوعدك وعهدك كان ما نزيد نصدقك بعد اليوم ) كان قلبي يدق مع دقات المدافع واصوات الانفجارات التي كانت مستمرة بدون توقف . عادت حليمة إلى المطبخ لكي تحضر بقية طعام العشاء بينما جلست العمة تستعد للعشاء بعد أن ادت صلاة المغرب في المكان الاخر اما حليمة فلم يكن لديها ما يكفي من الوقت لكي تؤدي صلاة المغرب وخاصة في ليالي حصار صنعاء الرمضانية , وفهمت فيما بعد انها عداء ذلك لم تتعلم فروض الصلاة ولم تكن تحفظ حتى سورة الفاتحة . وقد بدأت العمة تهمس في غيابها قائله ( هل تريد ان اريك اخبار البلاد الليلة ؟!) فقلت لها اخبار البلاد من فين هذه الاخبار وهل هناك رسالة بالبريد ام هناك رسول قادم عن طريق الجو ؟فردت العمة قائلة؟! ( لا رسول ولا رسالة ولكن الرسول برأس حليمة , وقد سبق وان قلت لك الليلة الماضية انني سوف اعرفك اخبار عجيبة بواسطة حليمة , انها تحمل برأسها احد الارواح وهو من الصالحين وتذكرت وعدها لي بالفعل , واقشعر جسمي لسماع مثل هذا الكلام فقد كنت اسمع منذ الطفولة أن الجن نوعان : منهم الطيبون الصالحون /ومنهم المردة الاشرار , لكن هل هذا صحيح ؟ انني لا اصدق بوجود غير الانسان والحيوان والطبيعة والكون , لكن هناك قصص القران التي تتكلم عن الجن وكتاب الله خير دليل على وجود الجن . والشيء المحير هو أن علم تحضير الارواح لم يتمكن من اكتشاف حقيقة هذا الكائن المختفي عن الانسان .لم اصدق كلام العمة ولكنها طلبت مني مهله حتى نهاية العشاء لتثبت لي حقيقة ما تقوله , وتحيرت في الامر وقدرت انه مجرد كلام وخرافات من خرافات الماضي ومع ذلك قلت لنفسي اريد ان ارى هذا الجني وهل له رأي فيما يدور بين الانس من قتال حول صنعاء . واذا كان يعرف الغيب فلن يبخل بإعطائي نتائج الحصار مسبقا وما يعرف الغيب الا الله ومن سينتصر , الملكيين بمعداتهم وجيوشهم الكبيرة حول صنعاء او الجمهوريين بمبادئهم وايمانهم بحتمية النصر لصاحب الحق وإمكاناتهم المتواضعة ! وبقيت احدث نفسي .( يا الهي صحيح يوجد شيء كهذا .) ليكن على حينئذ أن ادخل معه في نقاش حول الصراع الدائر حول صنعاء ولن اتركه دون أن يقوم بعمل معين لمساعدة الجمهوريين وكشف نقاط الضعف عند الملكيين للقضاء عليهم وفك الحصار عن صنعاء ( الحرية والتقدم والازدهار !) وعادت حليمة تحمل بقية طعام العشاء وجلست قريباً مني , وكان القناع ما يزال على شفتيها . حاولت اقناعها بضرورة نزعة ومشاركتنا طعام العشاء لكنها خجلت وترددت وكانت العمة تريد أن تضحكنا اثناء العشاء ,
(75ص)
عندما قالت ؟: مخاطبة اختها حليمة _ ( لا تأكلي معانا , المحجبات يجب ان يأكلن لوحدهن والاحسن لش أن تجلسي بدون عشاء واحمد رمضان يوزع لك العشاء عندما يمر بعد ساعة وظلت حليمة لبضعة دقائق تراقب ولم تجرأ على مشاركتنا العشاء آذان ذلك كان يعني أن تنزع لثامها . ومع ذلك لاحظت أن هناك ضل ابتسامة تلوح على شفتيها وحينئذ قلت لها انه لابد ان تأكل او اترك الاكل واذهب من البيت . وعندما رأت الجدية في حديثي قررت أن تأكل ولكن بطريقة عجيبة , فقد كانت تأخذ اللقمة من اناء العشاء وتدير وجهها وترفع اللثام , حتى تتمكن من وضعها في فمها .وهكذا دواليك إلى نهاية العشاء وكان ذلك منظراً مضحكاً ومحزناً في نفس الوقت ولم نكن نملك الا الضحك , العمة وانا . وكان من داب العمة ان تسبب (الاحراج لأختها )دائما وانتهى العشاء على هذه الطريقة . ومع ذلك فإنني شعرت بارتياح لان الحاجز الذي كانت تقيمه بيني وبينها قد اخذ في الانهيار . بعد ان اكملنا العشاء بدأت العمة تهمس في اذني حول الصالح الخفي الذي يعيش مع اختها . وابدت استعدادها لتنفيذ الوعد وشعرت حينئذ أن الامر جدي لا هزل فيه . وقلت لنرى الأن هذا الصالح الخفي الذي يسكن جسم حليمة , ودار في رأسي مرة اخرى نفس الخاطر الآنف الذكر وهو انه اذا ما ظهر هذا الصالح الخفي فسأطلب منه معرفة اخبار الملكيين واخبار مواقع قواتنا ونتيجة الحرب الدائرة . ومن سيكسبها الجمهوريين ام الملكيين ؟ وقلت للعمة انا مستعد الان لرؤيته وطلبت منها تنفيذ وعدها كانت اختها ماتزال تعمل بمطبخ الطعام . وذهبت العمة اليها ودار بينهما حوار قصير مفأدة (ان على حليمة الان احضار الصالح لمعرفة اخبار قريتها وامها واخيها الذي وقع اسيراً بيد قوات الملكيين بعد احتلال قريتها , لبت حليمة الطلب , بعد أن وضعت شرطاً على اختها بان تكتم الامر عني حتى لا اعرف , وطلبت العمة مني أن اذهب إلى غرفتي حتى تغيير ملابسها ففعلت ذلك , وبعد عشر دقائق , دقت العمة باب غرفتي وطلبت مني الحضور إلى غرفتها لمشاهدة اختها وهي تحضر الروح الغريبة التي تلبسها وتحل بجسمها وكان قلبي يدق دقات سريعة وكنت اخاف .من اخبار الجن والصالحين منذ الطفولة , رغم اني لم ارى اثراً لهم حتى اليوم .ذهبت مع العمة إلى الغرفة وكانت رائحة البخور تتصاعد وتملئ كل انحاء الغرفة دخلت لأشاهد حليمة , فلم اعثر عليها لقد اختفت خلف الستارة , وظللت واقفاً مع العمة وقلبي يخفق , والقلق يسيطر علي وانتظر قدوم ( الصالح الخفي ) وكانت العمة قد إطفاءه كل انوار الكهرباء عدى لمبة النور الحمراء والخاصة بالنوم , وفجاءة بدأت حركات من يد سريعة من خلف الستارة وارتفع صوت خافت لم اسمع بمثلة من قبل , وترددت ادعيته , ورد فيها ذكر الله , وطلب
(ص76)
مناء اطفاء النور كما طلب ان نردد معه ما يقول ؟رددنا الصلوات على محمد بعد , وذكر الله . وبعدئذ بدأت العمة توجه اسئلتها الية , بعد أن اوضح لها انه كان مشغولا بسبب حفل زواج لاحد أقاربه . وعندما سئلت العمة عن شقيقها الذي وقع اسيرا بيد الملكيين رد عليها قائلا؟(: اطوف اولا لمعرفة المكان الذي يوجد فيه)! وضرب بيده ضربتين من خلف الستارة . فذهلت لهذا المشهد المريع فلم اراه من قبل ...اما العمة فقد كانت طبيعية تماماً , لأنها قد شاهدت وسمعت ذلك مراراً , وتصورت أن عملية البحث قد تستغرق عدة ساعات يعود بعدها بالخبر ونظرت إلى الساعة بيدي فاذا بها تشير إلى الثامنة مساءً وتركت الغرفة وصعدت إلى السطح لمراقبة المعارك الدائرة وكانت المعركة هذه الليلة ككل الليالي السابقة شديدة محتدمة . وبعد عشر دقائق هبطت السلم إلى الغرفة وكانت حليمة ماتزال كما هي مختفية خلف ستارتها , والصمت مخيم والعمة في انتظار اخبار شقيقها الاسير وكنت حتى تلك اللحظة لم اصدق ما يدور أمامي فقد فكرت أن العملية مجرد تمثيلية تقوم بهما حليمة من خلف ستارتها .وبعد ربع ساعة عاد الصالح «المطوف» وردد الصلوات عدة مرات ودار بينة وبين العمة الحوار التالي ؟0.
العمة : مساء الخير ياعلي , ايش اخبار اخي ؟
علي: أخباره بخير ,ولكنة بسجن نجران مع مجموعة كبيرة من المساجين وضعت على اقدامهم القيود الحديدية ولكن ما فيش علية خطر ,لان المشائخ يراجعون علية وعلى بقية المساجين وحلفته العمة فاقسم بالله (انه بصحة جيدة , وانه سيطلق من اسرة قريباً) .وظللت حتى تلك اللحظة اكاد لا اصدق شيئاً مما سمعت .انها تمثيلية العفاريت , وهل يعقل ان يطوف الصالح علي بهذه السرعة خلال ربع ساعة من صنعاء حتى نجران , ويعود بهذه السرعة بعد أن عرف المكان الذي سجن فيه اخ العمة مع مجموعة من المساجين الأسرى .لم اقل للعمه ما يجول في خاطري (تابع) بقية الحوار الذي استغرق ربع ساعة وذهب بعد ذألك علي تاركاً كريمة في غيبوبة تامة حتى الساعة التاسعة والنصف مساء , تلك الليلة فقط , وبعد ان رشتها العمة بالماء البارد افاقت من حالتها التي سببها لها (الصالح الخفي )لقد بداء وجهها مصفرا وضهر عليها الاعياء الشديد . لقد كان منظرا غير متوقع فهذا الجني الذي وصفته العمة بانة (من الصالحين ) يحضر عندما تطلبه حليمة بقراءة بضع كلمات كان قد لقنها اياها في اول مرة عندما (لبسها) وعندما يدخل جسمها تفقد وعيها تماما ويصبح هو البديل طيلة حلوله في جسمها وحسب الوقت الذي تريده وتحدده سلفاً وتذكرت ؟( فلم عفريتة هانم ) الذي يظهر فيه عفريت يقوم بتنفيذ طلب عفريتة هانم
(77ص)
بواسطة الرجل العجوز والذي يخسرها فريد الاطرش بسبب ارتكابه خطاً معيناً ادى إلى ضياع عفريتة هانم من بين يداه . لقد شعرت أن هذا العفريت او الجني ( الصالح ) يجب ان يكون جمهورياً اما اذا كان عكس ذلك فيالها من خيبة امل بالنسبة لي انني اريد ان يكون تحت اوامري وبدات افكر في كيفية استخدام هذا الصالح لتسهيل انتصارنا ورفع الحصار وبعد أن افاقت حليمة من حالتها بدأت امطرها بعدت أسئلة ومنها : س (كيف تشعرين عندما يأتيك الصالح يا حليمة ) ؟ ج احس بدوخة وفقدان الوعي تماماً ولا اعرف اين انا س وهل فهمت ايش دار بين عمتي والصالح علي حول شقيقك ؟ ج لم افهم اي شيء ,ولكن بكره سوف يفهمني كل شيء بيني وبينة عن طريق الهمس) واذا كان الامر كذلك فان القصة معقدة . ولكن كيف يالها من خرافة ؟ لكنني قررت مع ذلك ان استمر مع حليمة ومع العمة حتى نهاية الحصار ولا يمكن أن اجرح شعورهما , فقد اصبح في نضرهما غير جدي ولاشك أن القران الكريم كتاب الله ورسوله (ص) قدم التوضيح الدقيق حول الجن والانس وقد اصبح ملحداً اذن ,لابد أن استفيد من حليمة لكشف العملاء الموجودين داخل صنعاء والذين يعملون على ضرب الجمهورين من الداخل؟! . هذا هو المهم من هذه الحكاية كلها وطلبت من حليمة أن تسال علي الصالح عن القادمين من قريتها عن طريق قرية الوادي بهدف او بدون هدف , وابدت استعدادها , ولم تكن تعرف ما هو هدفي غيرانها نضرت إلي بعينيها بحذر وحياء وشعرت وانا اتحدث معها بان قلبي يخفق وكانت هذه اول مرة اشعر بانجذاب شديد نحوها .وكنت احس انها تبادلني نفس الشعور بعد تلك النظرات التي كانت تتكلم بلغة القلوب قالت حليمة بلهجة جميلة وابتسامة لا يستطيع اخفاءها اللثام :( لكن ايش تشتي من القادمين من قريتنا خاصةً اذا هن نساء او تريد ان تحبسهن !!!) قلت لها يا حليمة انا اريد اخبار عن قوات الملكيين اما الحبس فنحن هنا لانحبس النساء اهم حاجة اريدها هي اخبار عن ابن الحسين والغادر وأن تعرفي ما هو هدف النساء القادمات إلى صنعاء بالرغم من مخاطر الحصار المضروب حول صنعاء وردت قائلة ؟( اما هذه الحكاية هي سهلة انا مستعدة من اجلك اقدم عيوني !) واخذت صفيحة الماء وتركت المكان وذهبت لجلب الماء من البئر كانت الساعة السابعة صباحا وكانت هذه الكلمات قد هزت مشاعري تماماً فقد تبين لي ان حليمة تحبني حباً صادقاً واخوياً بعيدا عن خداع بنت المدينة . انه حب قروية لا تعرف الزيف وكانت العمة تقوم بعملية تصفية الحبوب فوق سطح العمارة وصعدت إلى السطح لمراقبة الأجواء وفوجئت بانفجار قريب من العمارة على بعد نصف كيلو تقريبا وبالتحديد في مستشفى الثورة الذي بني خارج صنعاء بالقرب من قصر غمدان التاريخي , لقد
(78ص)
كان ذلك هو دلالة الفشل الذي اصاب الملكيين بعد عجزهم عن دخول صنعاء كان المستشفى الذي بنى خارج صنعاء بمساعدة الاتحاد السوفيتي ويعتبر احدث مستشفى في الجمهورية , لكن قوة الجهل والتخلف والظلام لا تريد أن ترى اي جديد . لقد اصبح المستشفى بعد المساجد هدف من الاهداف التي تصوب نحوها مدافع الشر والتي يديرها مرتزقة امريكا وأروبا الغربية !يا لها من جريمة! يا لها من وحشية! عادة حليمة تحمل الصفيحة الماء وهي تهتف وتصرخ؟(لقد ضربوا المستشفى ها ولا يهود فجرة كفرة0)! وفهمت أن القنابل التي سقطت فوق المستشفى قد حطمة الواجهة الشمالية منه وكان رد الفعل الشعبي، مزيداً من السخط والنقمة حتى على اصدقاء وانصار الملكيين داخل صنعاء واشتدت المقاومة وبدئت، عملية التصفية للعملاء داخل صنعاء مساء تلك الليلة، وطلبت إلى حليمة أن تحضر (الصالح) حتى استطيع، أن افهم حقيقته وطلبت 0مني بدورها اعطائها فرصة لكي تستعد لذلك حسب المعتاد0وبعد تناول عشاء رمضان، قامة بالتنفيذ وبداء(الصالح)يضرب بيده عدة مرات ويردد الصلوات على النبي وذكر الله ويطلب اطفاء الكهرباء وبدا الحوار؟
علي الصالح (مسا الخير يا جماعة!)
الجماعة مساء النور يا علي اهلا ومر حبابك!
علي (الله يعافيكم ويسلمكم!)
س-اخ علي كيف تمكنت من دخول رأس حليمة وماهي الاسباب؟ ومن اين انت؟
ج-(تمكنت من الدخول إلى رأسها بسبب اخيها عندما اراد أن يتزوج فقرر مع والدها أن يبادل بحليمة مقابل زوجته، وعندما رفضت حليمة هجم عليها بالجنبية، وكنت انا امر فصعقت، ودخلت برائسها وظللت معها احظر كلما تطلبني بالليل والنهار0!)
س-هل انت من المردة أم من الاولياء الصالحين؟
ج-(انا من الصالحين0)
س- هل لك اخوة واين تسكن؟
ج-( لي اخ واسمة ريحان وهو يأتي اذا طلبتني حليمة، وانا مشغولّ! وامي وابي يسكنوا ارض الحجاز ونحن من الصالحين المؤمنين، ولا نعمل الا الخير، ونحرم
(79)
الحرام ونحلل الحلال!)
س- كيف ترى الحرب بين الجمهوريين والملكيين ومن صاحب الحق نحن ام هم؟
ج-؟(الحرب شديدة والحق بيد الجمهوريين،با لرغم من ادعاء الملكيين انهم اصحاب الحق!)
س-لمن سيكون النصر في نهاية الحرب؟
ج-؟(للجمهوريين بدون ريب!)
س-لماذا الجمهوريين؟
ج-(لانهم على حق، ولديهم شباب مخلصون وصاد قون، اما الملكيون، فقد استعانوا باليهود والنصاراء اعداء المسلمين واعداء الدين!)
س- هل تستطيع معرفة القوة التي تصلهم من السعودية؟
ج- ؟(اطوف اولا واعود!) ويختفي في لمح البصر وتضل حليمة في غيبوبتها، وبعد ربع ساعة يحمل المعلومات التالية؟
س-ماذا رئيت يا اخ علي؟
ج-؟(لقد تحركت يوم امس قوة كبيرة مكونه من -25-سيارة ونيت، وهي تحمل مدافع ثقيلة وذخائر وهي متجهة عبر خولان وستصل سواد حزيز وبيت بوسي ودار سلم ، لكي يقوموا بهجوم كبير على جبل عيبان والمطار الجنوبي وسيكون الهجوم بعد غد !)
(80ص)
س_ هل لديكم اسلحة كما لدينا انتم يا عالم الجن ؟
ج_ ؟(لدينا اسلحة فتاكة وخطيرة ليس مثل اسلحتكم ، ونحن تدور بيننا حروب وقتال عنيف اكثر مما يدور بينكم ، لكن اسلحتنا غريبة عليكم وموحشة ! )
س_ هل الحرب ستطول كثيرا ؟
ج_ ؟(الله يعلم ما يعلم الغيب الا الله !)
س_ ماذا يقول فيصل السعودية عنا وما هو هدفة الاخير ؟
ج -(انه يريد احتلال صنعاء واعادة البدر ملك اليمن بعد القضاء على كل شيء جديد بعد طلوع قوات جمال عبد الناصر وهذا هو هدف الملك فيصل النهائي ! فقلت )له شكرا لك يا اخ على والى اللقاء فظرب بيده وقال؟0 السلام عليكم!) .
أمراءه تخترق الحصار وعطية الجزار؟!!!
بعد هذا الحوار القصير طلب «الصالح « السماح له بالانصراف حفاضاً على صحة حليمة وقد فهمت أن «الاطالة» تسبب ارهاقاً شديداً لجسمها فوافقت على طلبة ، بعد ان ارتاح فكرى لتلك التنبؤات العظيمة والتي اصبحت فيما بعد حقيقة حيث تحقق النصر عسكريا وكسب الرجعيين الحرب سياسياً ودخلوا صنعاء وسيطروا وتمكنوا من كل شيء في الثروة ؟!!!
في اليوم الثاني استمر القتال كعادته .وفي المساء وبعد عودتي من بيت الفريق حسن العمرى تأكدت أن الاعداد للهجوم على قوى الملكيين لم يكتمل بعد أن تم تغيير رئاسة الاركان عندما عادت حليمة كانت الساعة الخامسة مساء سالتها من اين جاءت وكان جوابها ؟(! لقد ذهبت بيت عطية الجزار !) لماذا يا حليمة ؟
وردت (لكي اساله عن الوالدة ) فقلت لها :وعطية ايش عرفة واخبار القرية مقطوعة يا حليمة . او قد مع عطية الجزار صالح براسة مثلك . اجابت وهي خجلة من مزاحي معها ؟: (لا اخبار جاءت بها زوجة فلان وهي دخلت صنعاء عن طريق قرية القابل , ومعها رسائل لناس داخل صنعاء وزوجها رجل حسد وملكي انه واحد من الناس الذين تامروا على اخي ؟!!!) وأرسلوه سجن نجران بعد دخول قوات الملكيين قريتنا . عظيم يا حليمة هذه اخبار سارة تقدميها إلى اليوم والان ايش رأيك
(81ص)
هل ممكن اعرف بيت عطية الجزار , وكيف يستقبل زوجة ملكي تحمل رسائل ونحن في شدة الحصار ولا تعرف به الثورة ورجالها ؟
حليمة؟( : لا عيب علينا هذه أمراءه وحبس المراءة عار علينا والبيت الذي يسكنه عطية الجزار هو بيت زوج المراءة الملكي ولايستطيع ان يمنعها من دخول بيت زوجها فهو ربيع لهم واحنا ما دخلنا من ابوهم)!!! .
يا حليمة انتي لا زلتي تضعين اللثام الاسود على رأس تفكيرك ولم تفهمي ايش اشتي منك انني اريد أن اعرف بيت عطية الجزار ونعرف الرسائل التي حملتها هذه المراءة القادمة ، وكيف تمكنت من اختراق الحصار وواصلت سيراها الى صنعاء لكي تنفذ المهمة التي طلبها منها زوجها واذا اخذنا الرسائل سوف نكتشف العملاء المحليين , ونعرف المؤامرة التي يدبرونها ضد الجمهورية والثورة . اما هذه المرأة فلن نلمسها بسوء يا لله يا حليمة تشجعي واخرجي معي وادخلي إلى البيت تأكدي من وجودها وانا اراقب من بعيد ، دون ان يشعر احد وبعد ذلك عودي إلى البيت ولا تبيني اي كلمة من هذا الكلام لأحد . حليمة؟(: طيب على شأنك انا مستعده ولو انها بورة على قبيلتنا ،) اخذت ستارتها وسبقتني بعشر خطوات ، بينما كنت اتعقب خطواتها حتى دخلت البيت . وبعد ربع ساعة عادت إلى وعدت لكى اسمع منها ما رأت وسمعت ، قالت (؟ : لقد دخلت البيت فوجدت عطية الجزار يقول الساعة السابعة والنصف سيتم توزيع الجوابات مع الاخبار ، وقالت زوجة الملكي الحسود أن ابن الحسين زار جبل عيبان لتفقد مواقع الملكيين ومتابعة سير المعركة وأن القوة قادمة من نجران عبر خولان ..... لتشديد الحصار وزيادة قصف المدافع على الاحياء الجديدة بصنعاء ومواقع الجيش والمقاومة الشعبية وهناك قوافل كبيرة من الحمير والجمال والبشر تقوم بنقل ذخائر المدافع الهاون الثقيل إلى الجبل والجرف الاخضر .لكن يوجد خلاف بين ابن الحسين والمشائخ ، لان ابن الحسين يريد الدخول صنعاء بينما المشايخ والقبائل يقولون له أن صنعاء ابعد علية من نجوم السماء ، بسبب شدة وعنف المقاومة العنيفة من الجمهوريين وانما المطلوب مزيد من القوة والمدافع الثقيلة والصر فيات المتأخرة ، وزيادة صرف الذخيرة ؟!!!)حيث ان الجندي القبلي يضرب يومياً كمية من الذخيرة .... الخ . وتلك مطالب لا تنتمي عند المرتزقة الملكيين ، وسكتت حليمة : لتسمع جوابي ! فقلت لها ؟
الله الله يا حليمة انتي اليوم اعظم جمهورية انت مخلصة ، واحسن خدمة تقدميها للجمهورية هي هذه المعلومات ؟ فردت ساخرة والبسمة خلف قناعها ( ايش من معلومات هذه اخبار تكلمها عطية الجزار مع المرأة التي جاءت عنده؟ ) فضحكت
(82ص)
واظهرت اني مرتاح جداً منها لأنها نفذت ماكنت اتمنى منها بعد ذلك الحوار القصير معها، قررت الذهاب الى ادارة المباحث والامن العام والاسراع في مهاجمة البيت والقبض على الرسائل وهدم المنزل ، ذلك كان هو الاسلوب الوحيد لتصفية العملاء داخل صنعاء اثناء الحصار وبعد أن التقيت بالملازم/ اول محسن عبد المؤمن ضابط الامن في تلك الليلة شرحت له الامر بشكل سريع ، وقام بتجهيز طقم من الجنود واسرعنا بمهاجمة البيت وكانت الساعة السادسة مساءً ، قبل توزيع الرسائل بساعة واحدة ، كما شرحت لي حليمة وقمنا بتطويق البيت ، وكانت عمارة مكونة من دوريين تقريباً إلى طابقيين وعليها سور تسلقنا السور وفتحت البوابة وقمنا بقرع باب العمارة ذات الطابقان وهي فلة مستقلة من الطراز العمراني القديم لصنعاء ..... وبعد دقيقة واحدة وقبل أن نسمع اي رد من عطية الجزار على قرع الباب للعمارة اطفئ نور العمارة وظهر علينا شخص من الطابق الثاني وسأل من في الباب ؟ فرد علية احد الزملاء من رجال الشرطة: افتح الباب يا عطية .
فرد علية عطية : احنا راقدين نوم الصباح رباح؟- 0الشرطي :افتح نريد وضع حراسة على سطح العمارة لحماية الامن .عطية : لا لن افتح الباب ولن اقبل حراسة في بيتي .وهنا شعرنا بالخطر فقد فهمنا أن عطية الجزار يهدد وهو لابد أنه قد يكون يمتلك اسلحة وقنابل يدوية ساعتها اعطينا اشارة لتوزيع الجنود حول العمارة واخذ سو اتر حتى لا نقع فريسة لقذف القنابل وقد تصورنا بعد تفكير سريع اننا اذا اقدمنا على تكسير بوابة العمارة فسنكون امام القنابل والسلاح المصوب من الثريات التي تكون عادة مواجهتاً الى باب العمارة في اغلب بيوت صنعاء ، وكان علينا أن لا نقوم بتفجير الموقف في تلك الساعة من الليل حتى لا نعطى المجال لأثارة البلبلة داخل الاحياء القديمة من المدينة المحاصرة ، وبدأنا التفكير في الحل الملائم واخذنا نبحث حول العمارة عن اي طريق نستطيع بواسطتها التسلق إلى سطح العمارة ، ولكن العمارة كانت منفردة ، ولم تكن هناك عمارات مجاورة لها او متصلة بها من اي جهة ، وقد اسرع احد الجنود ليبلغنا انه اكتشف بيب (انبوبة ) لنقل المياه من رأس العمارة الى اسفلها وان الانبوب متصل في نهايته بنافذة من المؤكد انها مفتوحة ، واسرعنا إلى خلف العمارة وتأكد لنا أن الانبوب موجود وانه صالح لكي يتم التسلق عبرة والدخول من النافذة ، ومن ثم الهجوم على عطية الجزار الذي كان يحرس بوابة العمارة من الثريا المطل على البوابة ونضرنا حولنا إلى الجنود لكي نرى من منهم يستطيع التسلق ، ولكن لم يكن احد من الجنود لدية المقدرة والتسلق دورين( طابقين) عبر الانبوب ، وقررت حينها أن اتسلق العمارة وكنت الوحيد بين المجموعة الذي اخذت دورة الصاعقة كما انني كنت البس حذاء وملابس الصاعقة
(83)ص
ولم يكن بحوزتي الا المسدس وبدأت اتسلق الانبوب ، ولقد تمت عملية التسلق بشكل اذهل زميلي الملازم اول/ محسن عبد المؤمن ، وهو خريج كلية الشرطة كما اذهل الجنود فلم تمض دقيقتين حتى وصلت الطابق الثاني ولم يبق امامي الا مسافة قصيرة حتى اصل قرب النافذة ..... كان الجميع ينظرون إلى بقلق وخوف شديدين . وعندما اقتربت من النافذة فوجئت أن النافذة صغيرة قليلا لكنني قررت أن ادخلها مهما كانت النتائج ، وحشرت نفسي في النافذة حتى اصبح نصف جسمي داخل العمارة والنصف الاخر خارجها ، ولاحظت أن النافذة كانت امام التنور الخاص بالمطبخ وكان مفتوحاً .كنت اريد الوثوب في الظلام ، لكى استطيع الدخول من النافذة لكن العملية استمرت عشر دقائق قبل أن اتمكن من الدخول بعد أن اصبت بجرح طفيف من حجرة النافذة بشقي الايسر كان الظلام شديداً ولم استطع التعرف على مكان باب المطبخ ، فقط الا عن طريق التلمس باليدين وتمكنت من الوصول إلى غرفة الحجرة في الطابق المطلوب وسمعت احد الرفاق الجنود ينادى عطية الجزار بان يفتح بوابة العمارة ، ولكن عطية مصر على عدم فتح العمارة حتى الصباح ، واقتربت منه ببطء وفجاءة اشهرت مسدسي وطلبت منه القاء السلاح وكان يحمل بندقية شيكي جديدة . وانهار عطية لشدة المفاجأة فلم يكن يتصور اننا نستطيع دخول العمارة من غير الباب الرئيسي وكان مولع شمعة وفي حالة استعداد بسلاحه الشيكي وقنابل بجانب صفيحة ذخيرة شيكي ، والقى بسلاحه الارض وطلبت منة أن يشغل النور ففعل وقمت بتفتيش جيوبه وعثرت على قنبلتين بجيبة فأخذتهما منة وطلبت منة الهبوط إلى اسفل العمارة لفتح البوابة ليتمكن جنود الشرطة من دخولها ، بغرض التفتيش فقط ، وهبط امامي وهو يرتعش والخوف مسيطرا علية وفتح الباب فدخل الرفاق الجنود مع قائدهم الزميل ( الملازم/ اول ) محسن عبد المؤمن ، وقمنا بتفتيش العمارة غرفة بعد غرفة فوجدنا اربع بنادق شيكي جديدة والف طلقة شيكي وكمية من النقود والريالات النمساوية الفضية وهي العملة التي كانت متداولة ايام حكم الامام الكهنوتي . اخذنا ايضا مجموعة من الرسائل التي كانت مع المرأة القادمة من خارج صنعاء كما اوضحت لنا حليمة قبل وبعد ذلك ورحمة بأطفال عطية الجزار قررنا ترك عطية , وأعطيناه مهله حتى اليوم الثاني لإفراغ العمارة وتركها وكان رجال المقاومة الشعبية شديدي الانتقام من العملاء الملكيين ولقد وضعنا حراسة داخل العمارة لمنع المرأة من الذهاب حتى صباح اليوم الثاني ، حيث طلبنا منها أن تعود من حيث اتت وكشفت الرسائل بعض العملاء المحليين , وكان عطية الجزار همزة الوصل فقد كشف لنا عطية الدور الذي كان مطلوباً منهم ،؟( وهو توزيع الفلوس والسلاح والذخيرة تهيئة للوقت
(84)ص
المناسب حيث يتم التفجير من داخل صنعاء عندما تكون قوات الملكيين قد اسقطت جبل نقم . وتلك كانت اشارة البدء لأطلاق النار من العمارات الملكية داخل صنعاء)!!! وبعد أن شاع الخبر انها كانت وكر عمالة لاحد الخونة الملكيين خارج صنعاء لم نستطيع إيقاف الجماهير وبعد ثلاث ساعات كانت العمارة قد هدمت واخذت منها النوافذ والاخشاب والابواب مع عمارات بيت السياني ، وفي نفس اليوم والاسبوع دمرت بيوت ، بيت احمد الشامي ، والرائد الخائن الترابي ، وكان قد انظم إلى الإمام ، والسياني الذي يملك بيتا كبيرا بميدان التحرير ، وهرب اثناء الحصار وانظم إلى الملكيين . وهكذا تمكنا من تصفية العملاء الذين كانت الرسائل موجهة اليهم وايداعهم السجن وكان لهذا الاسلوب العنيف مع العملاء اثره الكبير على نفسية بقية العملاء حيث احس الجميع أن القيادة الشابة والوطنية للجيش والامن هي الان غيرما كانت علية في بداية الحصار . وبعدئذ عدت الى البيت لأجد أن حليمة كانت من ضمن المهاجمين للعمارة وانها قد تمكنت من حمل اربع خشب وكمية من الحبوب وكانت علامة الفرحة ضاهرة عليها ، فقد شعرت انها انتقمت من ممتلكات الملكي الذي تامر على شقيقها وأرسله إلى سجن نجران مع مجموعة من الشباب وبعد استراحة قصيرة تناولت وجبة الغداء وبعد -24سنة من تلك الاحداث وغيابنا عن صنعاء عدنا بعد الوحدة المباركة وقد بحثت عن الزميل/ الملازم اول/ محسن عبد المؤمن وقد اصبح قاضياً في مكتب النائب العام الذي كان في الدائري الغربي حي الامم المتحدة شارع -60-الغربي قبل أن ينقل إلى مذبح وبعد أن التقيت به طلبت منه أي وثائق عن حصار السبعين اليوم لكنه تعرض لمتاعب كبيرة مع الاسف كما اكد لي ؟(انه لم يحتفظ بأي وثائق لدية) وعندما وجهت له عدة أسئلة وكتب الرد عليها خلف الصفحة حول تلك العملية التي جمعتني معه ؟ وسوف ارفقها معا طبع الكتاب أن شاء لله حتى يكون القاري على بينه لمعرفة ابطال الحصار الحقيقيين ومن يزوروا التاريخ وينسبون لأنفسهم مالم يعملوه؟!!!وهذه هي مأساتنا كما أن هناك مجموعة من ابطال الحصار قد تم عمل لقائت معهم وسوف ارفق بعضها مع هذه المذكرات او مع البحث الاخير اذا كتب الله لي عمر جديداً انشاء لله وفي عصر ذلك اليوم ذهبت بدراجة نارية الى رئاسة الاركان العامة وهناك وجدت القيادة الوطنية الشابة تعمل بجدية وحيوية ومعنوية عالية اعطتني الثقة بان النصر حليفنا ، مهما كانت التضحيات وبعد ربع ساعة دار فيها حوار مع رئيس الاركان عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان ادخل الينا الحرس شاب من افراد القبائل قادما من بين الملكيين ومن جبل عيبان بالذات . وكان ذلك الشاب قد طلب إيصاله بعبد الرقيب رئيس الاركان وقد شد انتباهنا انه ما يزال في عمر العشرين عاما تقريباً وانه كان
(85)ص
(ذا قعشة كبيرة من الشعر تغطي راسة) كما كان ذا بنية قوية وملامح تنم عن شيء من الشجاعة .وكان يبدو كما لو كان قادما من ارض المعركة فهو بعد أن تبادل معنا السلام كان يرتدي ملابسة القبلية الحربية المعروفة التي يغطيها التراب بل أن الحشرات كانت تملاْ شعرة ! رحب الاخ/رئيس الاركان عبد الرقيب به وبدأ بتوجيه الاسئلة الية ( اهلا بالأخ . من اين انت ، ومن اي قبيلة (؟الله يسلمك انا من قبيلة عنس؟) س-عبد الرقيب: وتحارب مع الملكيين ضد الثورة والجمهورية؟-ج-انا احارب معهم ولكني ضدهم؟!)ودهشنا جميعاً لهذه الجراءة 0ورد عليه عبد الرقيب: كيف:؟تحارب معهم وانت ضدهم وا يش اتاء بك إلى هناء؟
-ج-(انا اتيت ابلغكم بمعلومية ومعلومات هامة عن اماكن تجمع قوات الملكيين، يومياً وأطلب منكم ابلاغ الطيران لضرب تجمعهم، بشرط أن تأتي الطائرات في الوقت الذي يكونون مجتمعين فيه ؟)
س- عبد الرقيب انت متأكد من كلا مك هذا اذا كنت صادقاً فكلمنا؟
ج-(القبيلي انا متأكد ومستعد ابقاء لديكم رهينة حتى تتم العملية واذا لم يصح هذا الكلام اقطعوا راسي0) وبعد ذلك طلب منه عبد الرقيب أن يشرح أوضاع الملكيين وأين يتم تجمعهم وفي اي وقت وساعة، واوضح لنا؟( أن اماكن تجمعهم؟ هو الجرف الاخضر)الذي اصبح مقر قيادة القوات المرابطة بجبل عيبان والنبي شعيب وظفار وانهم يبدون التجمع الساعة الرابعة عصرًا ،وتتم عملية توزيع الذهب على الجميع وأن عدد المتجمعين في الجرف الاخضر ما بين اربع إلى خمسمئة مقاتل وأن تجمعهم يتم خلال ثلاثة ايام من كل اسبوع، وأن حشدهم يكتمل يوم كل ثلوث؟!!!) ارسل عبد الرقيب برقية إلى قيادة الطيران بالحديدة كما بلغ غرفة العمليات للقوى الجوية بالمعلومات الهامة الجديدة، وحدد لهم اليوم الذي يتم فيه الضرب على المكان بعد التأكد من وجود القبائل المرتزقة في ذلك المكان 0
وتم الاحتفاظ بذلك الشاب، حتى تمت العملية بنجاح كبير حيث قام الطيران بضرب مكان التجمع بعد أن تأكد سلاح الطيران أن المكان المحدد ملئي بالجنود الملكيين0
(ص86)
وكانت الضربة قاصمة ،قتل خلالها اكثر من ثمانين مرتزق كما جرح مائة وخمسون تقريباً، وكان لها تأثير كبير على القوى الملكية ومرتزقتهم الاربيين والامريكان، لقد هرب من نجاء من الموت ولم يستقروا الا في خولان وكانت هذه الضربة هي فاتحة النصر، ونقطة الانطلاق لفتح الطريق ودحر الحصار0وبعد نجاح العملية اطلق الشاب العنسي حيث ذهب من جديد إلى صفوف الملكيين لجمع المعلومات منهم من جديد!!!
كان موقف الفريق حسن العمري امام الانتصارات الجديدة التي تحققت على يد القيادة الشابة موقف العداء الغير مبرور والمكشوف، حيث بداء اتصاله بالمرتزق قاسم منصر قائد جبهة بني حشيش الملكية0وكان الهدف من هذا الاتصال المريب تنسيق المواقف لضرب الجمهورية من داخل صنعاء نفسها، كما حدث في مجازر -23-و24 اغسطس -1968م وكان الفريق العمري يعمل على اطلاق الاسرى والعملاء من السجن 0وعلى تهريب من يمكن تهريبه ممن يكتشف امرهم داخل صنعاء000وكانت اعماله هذه تثير القيادة الجديدة، في رياسة الاركان0ولم تصدق كل قيادات الوحدات ما يحدث، أن البعض كان ما يزال وقعاً تحت وهم وتأثير سمعة الفريق العمري كقائد عام للجيش ورئيس الحكومة ،وفي نفس الوقت يحرض الضباط الكبار الذين بقوا في صنعاء وياء لبهم ضد الضباط الصغار لاستلام القيادة بعد رفع الحصار، وكان بعض الضباط الكبار الباقون في صنعاء قد عجزوا عن الهروب، منها بفعل التغيير الجديد الذي حدث في رياسة الاركان، وقد اختفوا من الانظار ولبسوا الزي المدني، وقبعوا في بيوتهم ولزموا الصمت المطبق خيفةً أن يدعوهم إلى القتال ؟!!!
معركة عصر الدفاعية الحاسمة في-29-12-1967م0 --------------------------------------------------------------------
بعد الخسائر الفادحة التي لحقت بالملكيين نتيجة قصف الطيران لجرف عيبان الاخضر قام الملكيون من جديد بتجميع اعداد كبيرة من المرتزقة0وبعدأن فشلت كل الهجمات التي شنوها من الجبهات الجنوبية والشرقية والشمالية قاموا بمحاولاتهم الاخيرة، حيث شنوا هجوماً عنيفاً ومركزاً على مواقع اللواء العاشر والصاعقة بجبل عصر القائم في غربي صنعاء والواقع تحت رحمة جبل عيبان الذي كان قد اصبح قاعتهم الكبيرة للمدفعية وكانت لدى الملكيين صورة عن وضع اللواء العاشر عندما تقدمت قواتهم نحوا صنعاء0ومن جهةً أخرى اعد الشيخ الغادر مع الامير محمد ابن
(87ص)
قوات كبيرة تقدر بحوالي الفي مهاجم، كما تم تركيز كل نيران المدفعية المرابطة في جبل عيبان ووجهت ضربات المدفع الهاون الثقيلة والمدافع الصاروخية إلى اللواء العاشر000وكان اللواء العاشر من الالوية الحديثة ولم يكن افراده قد تمرسوا كما الوية المشاة الاخرى، كذلك كان حال وحدات الامن العام000اما ضباط اللواء العاشر فقد كان اغلبهم من الدفعة الخامسة التي تخرجت في تاريخ -11-2-1967م نفس العام وكنت احد افرادها0وكانوا قد مارسوا القتال مع مرتزقة قاسم منصر في بني حشيش قبل أن يتخرجوا من الكلية الحربية0
كان اللواء العاشر قد فقد سرية بكاملها في معارك تبتي النهدين انفت الذكر في بداية الحصار تقريباً وهو تشكل اثنا وجود رئيس الاركان ايام حكومة السلال الوطنية، وعندما شن الملكيون هجوما مفاجئاً ادى إلى سقوط تلك الموقعان غير أن صاعقة الجيش شنت هجوماً مضاداً استعادة به الموقعان، وسلمتها إلى صاعقة الوحدات المركزية، كما اوضحت في السطور السابقة0وكان الملكيين يعرفوا أن قوات اللواء العاشر صغيرة وواقعة تحت سيطرة جبل عيبان حيث كان اللواء يحتل ثلاث مواقع من جهت الشمال وفي منطقة عصر بالذات وكانت ترابط في كل موقع فصيلة مكونة من -30-ألى -40-فرد،وكان دور الضباط الخريجين حاسماً في تشجيع الجنود وتحريضهم على الاستبسال في القتال وكان على رأس المجموعة الملازم/2محسن محمد الصر يمي (الرياشي) والشهيد/الملازم/2-اسماعيل الشجني واخرين وكانت المواقع المجاورة للواء العاشر إلى جهت الشمال الغربي تتكون من فصيلتين من وحدات الصاعقة وكانت الاسلحة المساندة تتكون من ثلاث دبابات وخمسة، مدافع منوعة، غير ان اطقم المدافع والدبابات كانت شبه معدومة، حيث كان على الخمسة مدافع -15-فرد بعد كل دبابة اثنان ونصف اذا تم توزيع-8=--3-دبابات وكانت احد الدبابات معطلة وتستخدم كمدفع ثابت تحت قيادة الملازم احمد ريحان من سلاح الدروع وكانت طريق الحديدة صنعاء التي تمر بمنطقة عصر هي المنخفض الذي يفصل مواقع اللواء العاشر ومواقع الصاعقة ومواقع الاسناد وكان قصف مدفعية، الملكيين من جبل عيبان لا يصل إلى مواقع الاسناد الا نادراً، وكانت مواقع اللواء العاشر هي الهدف الاول في كل لحظة وفي كل معركة، اما فصيلتا الصاعقة اللتان مثلتا قوة حماية للدبابات والمدافع فقد وزعة على مواقع كبيرة من فوق طريق عصر في الجنوب حتى الشمال والشمال الغربي من عصر، وكانت كل جماعة تحتل موقعاً دفاعياً كما موقع الفصيلة وكانت هذه المواقع متحكمة فوق مواقع الملكيين، وكان الملكيون يعلموا أن جنود الصاعقة الذين تحدوا قاسم منصر ومرتزقته في جبهت بني حشيش وصمدوا امام هجماتهم في(مواقع القدم)اعوام -66
(88ص)
و67حتى انسحاب القوات المصرية كانوا يعلمون أن مواقع الصاعقة هذه ليس من السهل اختراقها لما عرف عن رجالاتها من شجاعة وخبرة وتدريب على القتال ولذلك كان الهدف من الهجوم الكبير هو المواقع الجنوبية لمواقع الصاعقة ومواقع اللواء العاشر , وكانت قوات الملكيين قد شنت هجومها مركزا ابتداء من الساعة السادسة مساءً وفي تلك الليلة كانت الفصيلة الاولى بقيادة الملازم/ اسماعيل الشجنى مع دبابة ثابتة تحتل التبة الامامية تحت جبل عيبان من جهة الشمال, بينما كانت الفصيلة الثانية والثالثة يحتلان الخط الخلفي حتى التبة المطلة على الطريق المسفلت فوق عصر وكان الملكيون قد بدأوا بالتحضير للهجوم ابتداءً من الساعة الخامسة والنصف مساءً وكانت مجموعة من المرتزقة قد تسللت الى السفوح الشرقية خلف مواقع اللواء العاشر وفوق نقطة عصر وتمكنت من قتل وجرح بعض افراد الشرطة العسكرية في النقطة بسبب المفاجأة التي وقع فيها افراد النقطة , كما وصلة النيران إلى المباني القريبة من نقطة عصر , وحينها كنت مع بعض الزملاء صدفة في قيادة اللواء العاشر وقائد اللواء/ المقدم طاهر الشهاري اخذ يوجه المدفع 57/مليم م /د ميدان ويقصف المكان الذي ابلغنا به وكنت قد شاركته في عملية تعمير المدفع والقصف به وكان الملازم اول /احمد ريحان ايضاً قد وجهة مدفعا رشاشا عيار 12/7م/ط من موقعه الذي كان يقودة شمال عصر إلى تلك التبة والذي وجه مدفعة الرشاش من موقعه في الشمال الغربي لمنطقة جبل عصر إلى السفوح وتم الضرب وارسلت مجموعة النجدة لمطاردة العناصر المتسللة التي كانت تهدف الى قطع الطريق وارباك مواقع عصر مع صنعاء وقيادة اللواء العاشر التي كانت قريبة من نقطعه عصر ، وفي تمام الساعة السادسة والنصف مساءً تم تطهير السفوح من المتسليين وارسلت تعزيزات إلى المواقع وهدات المعركة لمدة نصف ساعه تقريباً , وبعد السابعة مساء عادت موجة الهجوم بالقصف المركز على الفصيلة الاولى من اللواء العاشر .وبينما كان القصف مستمر على المواقع الخلفية بدأت الموجة الاولى بالزحف واستمرت المعركة بشكل عنيف لم يسبق له مثيل في تلك المواقع منذ بداية الحصار ،وتم صد الهجوم الاول بعد تكبيد الملكيين خسائر فادحة ، وقد استمرت المعركة ثلاث ساعات من 7 الى عشرة مساءً وجاءت الموجه الثانية من الساعة العاشرة حتى الواحدة صباحاً وتم دحرها ايضا غير ان الموجة الثالثة من الهجوم تمكنت من اكتساح التبة بعد تدمير الدبابة والموقع تدميراً كاملا , بفعل قذيفة اربيجي وادى ذلك إلى انسحاب اغلب الجنود إلى جوانب التبة , بينما ضل الملازم ثاني اسماعيل الشجني يقاتل تارة بالبازوكة وتارتاً بالرشاش المتوسط غير ان الملكيين لم يدخلوا التبة الا بعد ان اصاب احد المرتزقة المهاجمين الملازم
(89)ص
اسماعيل الشجني بطلقتين من بندقية امريكية م/و ن ادت إلى وفاته حيث اتيح لهم احتلالها في الساعة الثالثة والنصف صباحا , بعد ان تكبدوا خسائر جسيمة افقدتهم صوابهم وجعلتهم يكتفون بالبقاء في التبة , دون محاولة التقدم إلى المواقع الاخرى ؟!! وللحقيقة والتاريخ التقيت في عدن مع الاخ الشيخ ا حمد عباد شريف ودار الحديث معه حول معركة عصر الدفاعية ولا اذكر تاريخ اللقاء معه وذلك قبل اعادة وحدة الوطن الغالي بسنوات وقد فوجئت به يقول ؟ (لقد كانت مع القوات الملكية ليلتها وكانت معركةً رهيبتاً وقد اخرنا الملازم اسماعيل الشجني 3ساعات من احتلال التبة رغم احتراق الدبابة وسقوط قتلا وجرحى من قوات الفصيلة وكان الملازم الشجني يستعمل الرشاش والبازوكة والقنابل بمفردة حتى تمكن احد المهاجمين من الملكيين من الالتفاف علية من الجنب وصوب علية طلقتين م/ون امريكي فإصابة في الجنب وبعدها تمكنا من احتلال التبة مع العلم ان الشيخ احمد عباد شريف من قبيلة بني ضبيان خولان قد انظم إلى صفوف الجبهة الوطنية بعد قيامها وقد كان في الحصار شاباً لم يذكر كم كان عمرة آنذاك ولكنه اورد حقيقة هامة ولكنة لم يذكر الهجوم المضاد الذي شنه الشهيد البطل الملازم محسن محمد الصريمي الرياشي كما ورد في هذه اليوميات وقد تمكن احد جنود الفصيلة من الوصول مجروحا إلى قيادة الفصيلة الثانية التي كانت على بعد 300 متر من الموقع المنهار وكانت هي ايضا تواجه هجوماً من الجهة الغربية لمواقع عصر , وابلغ الملازم ثاني محسن محمد الصريمي الرياشي وكان قائد الفصيلة الثانية (ان الموقع الامامي قد دمر , وان قائد الفصيلة الاولى قد سقط شهيدا , وان خمسة جنود قد سقطوا معه ايضا وأن بقية افراد الفصيلة كانوا بين جرحى ومفقودين . اما اسلحة المساندة الخلفية فقد قدمت كل ما لديها من دعم ولم يتوقف القصف لحضه واحدة من اول موجة الهجوم حتى الصباح وليلتها ضربة الدبابة التي كانت عندنا في موقع احمد ريحان اكثر من -70قذيفه خلاف الهاون -120مم وفي تمام الساعة الرابعة صباحا قاد الملازم الثاني محسن الرياشي مجموعتين من الفصيلة الثانية والثالثة وشن بهما هجوماً مضادا على التبت المستولى عليها . وكان افراد القبائل المهاجمين قد تصوروا ان صنعاء قد سقطت ومن هناء كان حماسهم في الاستيلاء على التبت وقد دفعتهم نشوة النصر إلى الذهاب في نوم عميق وكانت المفاجئات المذهلة لهم عندما باغتهم الملازم/2/محسن الصريمي فاسر منهم-18-مرتزقاً من قبائل مختلفة، اما القتلى فلم يستطيع احد أن يحصي عدد هم تلك الليلة0لقد رفعت هذه المعركة سمعة اللواء العاشر، وانعشت المعنويات0ومن نافلة القول الاشارة إلى أن الشيخ المساجدى كان من ضمن الاسرى وقد اصر الجنود على الاخذ بثأر رفاقهم الذين
(90)ص
استشهدوا في تلك الليلة مع البطل قائد الفصيلة/ الشهيد الملازم ثاني الشجني وخيفتا (ان يطلقهم الفريق حسن العمري) ,فانه نفذ فيهم حكم الاعدام ووضعوا امام الجماهير في ميدان التحرير وقد نقل العملاء خبر نهايتهم هذه إلى قيادة الملكيين لقد كان هذا الهجوم هو الهجوم الاخير الفاشل الذي قام به الملكيين بغاية دخول صنعاء من جبهة الغرب بعد أن فشلوا في دخولها من الجبهات الاخرى لقد حدثني احد الشباب الشيخ احمد عباد شريف المشار اليه انفاً أن المهاجمين لموقع الملازم ثاني اسماعيل الشجني من قبائل خولان والذي اصبح فيما بعد في صف الثورة بان الملكيين تكبدوا خسائر كبيرة من جراء مقاومة ذلك الموقع وأن بسالة المقاتلين فيه افشلت هدفهم لاحتلال مواقع عصر , حسب ما قضت بذلك خطة محمد ابن الحسين والشيخ الغادر .... اما الهجمات التي شنت على نقم فلم تكن تفاصيلها تصلنا بدقة عدى الهجمات التي شنت على مطار الرحبة والازرقيين وقرية القابل وضلع همدان ... الخ بما صاحبها من بعض النجاحات المؤقتة بعد هذه المعركة الحاسمة ارتفعت الروح المعنوية لدينا بشكل كبير لقد كان هذا هو الهجوم الاخير الذي شن على عصر من قبل الملكيين في ذلك المحور هو الامل الاخير لهم لدخول صنعاء ولقد خاب املهم الان تماماً ولذلك فانهم عادو من جديد إلى حرب المدفعية حيث استمر القصف العنيف بصورة دائمة تقريباً لكن قوات الجمهوريين كانت قد ازدادت عددا وعدة وكان الجنود المستجديين قد ازدادوا صلابة وارتفعت معنوياتهم اكثر من اي وقت مضى بعد هذه المعركة الحاسمة وينبغي الاشارة هنا إلى أن ضربات الطيران على الجرف الاخضر قد الحقت بهم هي ايضا خسائر جسيمة بالملكيين ان هجومهم على عصر قد كلفهم اكثر مما كنا نتصور فالشهيد الملازم ثاني الشجني وحدة قد تمكن في اللحظات الاخيرة من قتل 12 مرتزقاً حسب رواية احد المهاجمين من الملكيين المشار الية سابقا والذي اصبح في صف الثورة حيث أن الشجنى تمكن من منعهم ثلاث ساعات كاملة من دخول الموقع بعد تدمير كل الاسلحة الموجودة فيه كما سبق الاشارة ولم يكن هذا الضابط الصغير سوى واحداً من عشرات الضباط الصغار الذين رووا بدمائهم تربة الوطن دفاعاً عن صنعاء الثورة والجمهورية .... وعندما اتكلم عن دور الضباط الصغار وشجاعتهم فان ذلك لا يعني أن بعضا منهم لم يتركوا المعركة اثناء الحصار ويهربوا من مواقعهم غير أن هؤلاء كانوا اقلية ويمكن القول ايضا أن الضباط الكبار لم يكونوا كلهم جبناء او ممن لاذوا بالهرب حتى داخل صنعاء فهناك عشرات من الضباط الوطنيين الكبار قد صمدوا اثناء الحرب حتى داخل مكاتبهم تحت القصف المتواصل , حتى ولو لم يشاركوا مشاركة
(91)
مباشرة في القتال غير ان البعض شارك في القتال امثال ( العقيد عبود مهدي واخرين لم اكن اعرف ادوارهم في الجبهات الشمالية ...) .
تواريخ مهمة
_ 24/11/1967م سقوط ريمة حميد بيد القوات الملكية ؟!!!
25/11/1967م سقوط الجبل الطويل والوصول الى سعوان والمطلاع (تبت دارس) )
27/11/1967م معركة قرية الدجاج والمطلاع وظهر حمير0
6/ 12/1967م اغارة من المظلات والمدرعات ولواء النصر وحققت هدفها في جبل الطويل 0
10/1/1968م انتخاب وتعيين النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان رئيسا لأركان القوات المسلحة إلى جانب قيادة قوات الصاعقة0
17/12/1967م محاولة الاستيلاء على قصر السلاح0
21/12/1967م اهم المعارك على جبل نقم وبراش بين الكلية الحربية ولواء النصر وقوات الملكيين المهاجمة 0
25/12/1968م اغارة مجموعات من لواء الوحدة على مواقع جبل الطويل 0
27/12 /1967م اغارة فصيلة الصاعقة على دار سلم بقيادة الشهيد م اول عبدة قاسم احمد الصنوي زميل كاتب هذه السطور في الدفعة الاولى صاعقة مدرب مدرسة الصاعقة الاول؟!!!
23/12/1967م معركة جبل الطويل استمرت 12 ساعة انسحب المقاتلين منها بسبب عدم توفر التموين ويأتي تفوق العدو فيما بعد ؟!!!
27/12/1967م معركة النهدين الاولى وسقوطها بيد الملكية ثم الهجوم المضاد من قيادة قوات الصاعقة للجيش وتسليمها لصاعقة الوحدات المركزية والتي صمدت فيها حتى دحر الحصار عن صنعاء في- 9 -فبراير 1968م .
هجمات غواريه ارعبت الملكيين؟!!!
(92)ص
كان الملكيون في دار سلم ودار الحيد شرق وجنوب جبل نقم يحتلون مراكز تقع تحت سيطرة جبل نقم وجبل براش , الا انهم اي الملكيون كانوا يمتلكون تفوقاً كبيراً في نيران المدفعية الثقيلة والصاروخية , على عكس مواقعنا الدفاعية التي لم تكن تمتلك مدفعية ثقيلة على قمة جبل نقم او براش عدى مدفعية الهاون 82و 81 وب،10 والاسلحة الرشاشة الخفيفة ونتيجتاً لتفوق الملكيون في المدفعية وكثافة نيرانهم فقد تعرضت مواقعنا إلى هجمات عنيفة ومركزة استمرت حتى بعد انتهاء الحصار وفتح طريق صنعاء الحديدة , وقد كانت هذه المواقع اخطر المواقع على صنعاء اطلاقاً , حيث كانت تتعرض لهجمات ليلية ومستمرة ولكن صمود القوات المرابطة في هذه المواقع افقدت العدو الامل في احتلالها , مما دفع بقواته إلى البحث عن طريق اخر لدخول صنعاء وقد كان طلبة الكلية الحربية , وعلى رأسها الضباط الشباب , يحتلون المواقع الرئيسية في الجبل كما كان لواء النصر يحتل جبل براش علما بأن هذا اللواء لم يبقى من قواته الا الاسم حيث فر اغلب جنوده نتيجة سوء المعاملة كما سبق الاشارة . وعندما بدأ الحصار كانت القوة الباقية من اللواء سريتين تقريباً وقد احتل هذا اللواء جبل براش , ولكن اغلب الافراد المتبقيين كانوا ممن عاصروا القتال ضد الملكيين والمرتزقة , منذ و قيام ثورة 26/سبتمبر 1962م, ولذلك فقد كانوا يجيدون القتال ولديهم ايمان عميق بالثورة والجمهورية , بالرغم من صغر حجم الموقع الذي كانوا يحتلونه في قمة جبل براش فقد صمدو بكبرياء وتحدي الاسود حتى نهاية الحصار .اما طلبة الكلية الحربية وكان اغلبهم من الدفعة السادسة والسابعة فقد تعدو الدفاع عن مواقعهم وشنوا عدت هجمات غواريه على مواقع دار الحيد ودار سلم المتقدمة وتمكنوا في اول اغارة شنوها من قتل وجرح مجموعة من القوات الملكية المرابطة في تلك المواقع التي شنت الهجمات عليها , كذلك تم الاستيلاء على مجموعة من الاسلحة مثل المدفعية الصاروخية الخفيفة والرشاشات المتوسطة , وقد تم عرض تلك الاسلحة في احرج الظروف , حيث كانت تلك الانتصارات بداية قلب موازيين القوى بين قواتنا وقوات الملكيين ... وقد ارتفع الحماس الوطني بعد هجمات طلبة الكلية الحربية , حقا اخفقت فصيلة من الصاعقة في شن هجوم مشترك كان مفروض تقوم به مع طلبة الكلية على القوات الملكية في وادي دار الحيد ودار سلم , نتيجة تأخر المجموعة المكلفة من الصاعقة في مواقع الحفاء عن شن الهجوم الغواري مع طلبة الكلية الحربية المرابطين في مواقع جبل نقم بربع ساعة فقط , مما ادى إلى اكتشاف المجموعة قبل وصولها إلى المواقع المحددة بطريقة الهجوم الصامت وإلى تعرضها لنيران الرشاشات الكثيفة وهي على بعد امتار قليلة من المواقع وإلى سقوط مجموعة
(93)
من جنود الصاعقة كان على راسهم الشهيد عبدو قاسم احمد وزميلي( في تيم ) التدريب في اول دفعة صاعقة تشكلت اثناء وجود قوات مصر عبد الناصر في اليمن منذ و عام 1963م اي زميل كاتب هذه السطور كما سبق الاشارة وكان قادة وضباط وطلبة الكلية قد حددوا للصاعقة ساعة الصفر للهجوم المشترك وتمكنوا من تحقيق مهمتهم الغوارية وللمرة الثالثة بنجاح وبدون خسائر تذكر عدى بعض الجرحى , وهكذا فبينما كان طلبة الكلية المكلفين بالإغارة قد نفذوا مهمتهم وبداو بالانسحاب , كانت مجموعة الصاعقة ماتزال في طريقها إلى الهجوم الغواري على المواقع الذي كان قد بدأ يطلق النار على الطلبة المنسحبين من المواقع التي تم اقتحامها ومع ذلك فأن الشهيد/ الملازم /اول عبده قاسم احمد الصنوي المذكور آنفا تقدم تحت وابل النيران الكثيفة وقذف بنفسة إلى داخل الموقع , وتمكن من قتل البعض , لكنة سقط شهيدا مع مجموعة من رفاقه جنود الصاعقة وكان الخطاء الوحيد كما اسلفنا (تأخر مجموعة الصاعقة عن الوقت المعين الذي حدد لها من قبل ضباط الكلية الحربية ومجموعتهم ) وقد اوضح لي احد الضباط المهاجمين ثاني يوم الهجوم عندما كنت اعاتبهم لعدم مساعداتهم لمجموعة الصاعقة المهاجمين معهم اوضح لي السبب في ذلك كما هو مشروح انفا ومن ذلك يتبن أن عدم التزام الصاعقة بالوقت المحدد هو سبب ما حدث .
كانت الهجمات الغوارية التي شنتها مجموعات طلبة الكلية الحربية دقيقة جدا وقد حققت ايجابية , هامة اسهمت في رفع الروح المعنوية داخل صنعاء بعد أن طاف طلبة الكلية للمرة الثانية بالأسلحة التي تم الاستيلاء عليها من مواقع الملكيين ، وكانت تلك الهجمات «الغوارية « بداية تحول قوة الثورة والجمهورية من الدفاع السلبي إلى الهجوم الايجابي ولقد اعطت تلك الهجمات الغوارية بالرغم من صغرها زخماً جديدا للقوى الجمهورية وعزماً على القيام بهجمات مضادة ولقد تكبدت القوى الملكية خسائر جسيمة . كما أن تحول قوة الثورة والجمهورية من الدفاع إلى الهجوم قد افقدت القوى الرجعية صوابها واشعرها أن الحصار في طريقة إلى الانهيار .اما القوى الجمهورية فقد زادت قوة , وترسخت اقدام المدافعين عن صنعاء وتوطدت المواقع التي تم تطهيرها من فلول المرتزقة , واخيراً امكن رفع الحصار من صنعاء واعيد فتح الطريق بين صنعاء الحديدة , ولم يبق مقطوعا الا طريق تعز ذمار صنعاء وقد فتح فيما بعد ولكن عن طريق المساومة هذه المرة نتيجة دخول المرتزق الكبير(قاسم منصر ) صنعاء هذا المرتزق الذي اطلق علية القاضي رئيس المجلس الجمهوري لقب (خالد ابن الوليد ) (مجمهرا كما قيل لتبرير هذه المساومة بل هذا على حساب مصير الثورة ولكن ذلك مخطط له منذ و البداية ؟!!!
(94)ص
القاضي الارياني الذي هرب من صنعاء اثناء الحصار ليستقر في مدينة تعز بعيدا عن قذائف الموت ليعود بعد تدبير مذبحة 23/24/اغسطس 1968م ليستقبل بطلة ويمنحه لقب (خالد ابن الوليد ) ولم يسيء احدا إلى بطل الاسلام العظيم خالد ابن الوليد كما اساء الية في القرن العشرين هذا القاضي بمنحة اسمة لهذا الملكي المجمهر؟!!! ولكن ليس في الامر ما يدعو إلى الغرابة فالرجعية اليمنية الجديدة لم تكن تستطيع البقاء في السلطة في مواجهة القوى الجديدة الا بالاعتماد على احتياطي الرجعية القديمة وهي خطة مشتركة كان من منفذيها (الفريق حسن العمري ) الذي كان احد اقطاب الرجعية اليمنية الجديدة الذين التقطتهم الرجعية السعودية والمخابرات الامريكية بهدف القضاء على القوى الثورية من الداخل بعد ان فشلت كل المحاولات من الخارج . ولقد عاد الفريق قاسم وبدا يشكل ثنائيا مع الفريق العمري واصبحا قوة بطش وارهاب ماتية داخل صنعاء وكان قاسم منصر يمثل حكومة داخل حكومة وبدأت جرائم الخطف والاعتقال من داخل صنعاء وتمكن (الفريق قاسم) من ان يمد يده الى الشباب الذين دافعوا عن صنعاء التي عجزت مدافعة عن النيل منهم في السابق وفي ميدان المعارك . وهكذا بينما عجزت قوى الرجعية اليمنية القديمة المدعومة من الرجعية السعودية والاستعمار عن خنق صنعاء واجتياحها من الخارج جاءت الرجعية الجديدة الحاكمة وعلى رأسها الارياني والعمري لتبديد الانتصارات الجمهورية ولتفتح صنعاء للقوى الملكية وعلى راسها قاسم منصر وليشترك معها في افراغ الجمهورية من محتواها وضرب قوى الثورة التي صانتها ومزقت الحصار الذي ضرب عليها 000.
فك الحصار ودحر القوى الرجعية :
بعد القيام بالهجمات الغوارية وصد الهجمات الكبيرة للقوى الرجعية بدأت القيادة الشابة تحضر لفتح طريق الحديدة _صنعاء وتم التنسيق لهذا الغرض مع القوات القادمة من الحديدة التي تمكنت من( تطهير الطريق من باب الناقة ومنطقة مناخه حتى منطقة بوعان بني مطر؟) وكانت الجسور في عدة اماكن من الطريق قد نسفت بشكل حاقد يوضح مدى ادراك القوى الملكية والرجعية لخطورة واهمية هذا الطريق التي كانت بحق طريق الانتصار لثورة 26سبتمبر 1962م منذ اول لحظه لقيامها .
كان الفريق حسن العمري يريد ان يسجل لنفسة انتصارا فريدا بصفته من الناحية الرسمية قائداً عاماً خلال فترة الحصار , فبادر إلى الخروج إلى عصر حوالي الساعة السابعة والنصف صباحا يوم 8فبراير 1968م , وهو اليوم الاول للهجوم ,
(95)ص
وكان قد حشد مجموعة من القبائل كما هي عادته _ واراد التقدم بها بنفس الاسلوب السابق بدون تخطيط وبدون تجهيز وكان هدفة الحقيقي العمل على افشال خطة قيادة الاركان لفتح الطريق وفك حصار صنعاء وكانت خطة الاركان قد حددت ان يكون الهجوم ليلا وبتنسيق مع القوات المهاجمة القادمة من الحديدة التي كانت مشكلة مع مجموعات المقاومة الشعبية وفصائل من وحدات البحرية ومن المجاميع القبلية التابعة للشيخ احمد عبد ربة العواضي والحملة بقيادة العميد عبد اللطيف ضيف الله وكانت ليلة الهجوم , وساعة الصفر قد تحددت من الجبهتين معاً: جبهة صنعاء وجبهة الحديدة . وكان قد تأكد لرئاسة الاركان أن منطقة بوعان، وهي اقرب مكان إلى جبل النبي شعيب، قد اصبحت بيد القوات القادمة من الحديدة، وكانت وحدات المدفعية تشارك بفعالية، كبيرة لدك مواقع الملكيين0وكان الفريق العمري يعرف أن هذ الهجوم المنسق سيكر جبهت، ويفتح الطريق، فقرر عرقلة الهجوم بالقيام بهجوم مكشوف حتى تكون القوى الجمهورية المهاجمة عرضة للخسائر كما حدث في الهجمات السابقة، واصدر لهذا الغرض أوامره متخطياً بها رياسة الاركان والعمليات الحربية، وجمع القبائل التي سبق أن شاركت في العمليات السابقة، وبعض الوحدات حيث ارسلت الكلية الحربية مجموعة مكونة من عشرين طالبا بقيادة الملازم اول عبد الوهاب ثابت نعمان، كما ارسل العقيد عبد الله دارس خمسين فرداً من القبائل التي كانت مع المظلات تحت جبل الطويل وارسل وزير الداخلية عبد الله بركات سرية من مجند ي، الامن العام كما خرجت مجموعة من المقاومة الشعبية، وواصلت هذه القوات مع ثلاث دبابات و بطارية، مدفعية إلى تبات عصر التي كانت تحت سيطرت قواتنا كما سبق الاشارة هناك0وفي الساعة الثامنة ساعتها مجموعة من المشايخ بجانب الفريق العمري وبعد لحظات سقطت اول قذيفة دخان ثقيل من مدفعية الملكيين المرابطة في عيبان وبعدها بقيقة سقت عدة قذائف هاون، من عيار -180-مليم،واصابت قذيفة الملكيين مجموعة من الجنود كان على رأسهم الملازم/2-محمد عبد الله الناظر ي وهومن الدفعة الخامسة وكان اول شهيد في هذا اليوم من الضباط0وحينئذ فر المشايخ باتجاه سياراتهم، التي اخذتهم نحو صنعاء0 وبينما بقينا نحن صامدين واتجهنا صوب عيبان، فيما الفريق لجئ إلى احد المصفحات المدرعة واختفى داخلها، ويبدو أن صاحب الجهاز كان يراقب ويصحح الرمي بعد قذيفة الدخان ولذلك كانت قاتلة لقواتنا وهذه هي بسبب عنجهية الفريق ا
(96)ص الذي توضحت اهدافه لاحقاً ؟!!!ومضينا صوب الوادي في سفح الجبل، حيث نشبة المعركة، واستمر تقدمنا بالرغم من سقوط القتلى والجرحى وكثافة النيران، وبدأت المدفعية المساندة ترد بقصف معاكس لقصف العدو ولكن العدو كان متفوقاًبكثير0وقد ادركت رياسة الاركان، وخاصةً قيادة المظلات والصاعقة أن هدف الفريق العمري هو افشال الهجوم0 وبعد أن استمر القتال حتى الساعة الخامسة عصرا وتمكنا من احتلال عدة تباب من جبل عيبان، من جهت الشمال، غير اننا لم نسيطر الا على جزء من الطريق المتجه صوب قمة جبل عيبان والطريق المتجه إلى الحديدة، ولقد شعرنا ان اكثر قصف الدبابات التي كانت تحت توجيهات الفريق العمري لم تكن بالكثافة المطلوبة، ولا بالتركيز المفترض لعدم التصحيح وعد السيطرة والسطع المطلوب في هذه المعارك0فبينما كانت متاريس العدو تصد كل محاولاتنا للتقدم نحو الجبل اذا بقذائف الدبابات تنطلق إلى جهات بعيده عن مصادر نيران العدو0وبارغم من اتصالنا وتنبيهنا إلى ذلك عبر جهاز الارسال اللاسلكي الوحيد الذي كان مع طلبة الكلية الحربية العشرون الا أن طقم الدبابات لم، يكونوا الاستجابة لانهم خاضعين لتوجيه الفريق 0وكانت المسافة بيننا وبين متاريس العدو لا تتعدى خمسون مترا تقريبا وقد رأت المجموعة التي كنت معها أن، اذهب مع احد الجنود لا بلاغ المدفعية والدبابات عن اماكن تواجد نيران العدو بينما تظل المجموعة متمركزة مكانها حتى يدنوا الليل لقد انحدرنا مسرعين بأ تجاه الطريق، للقيام بهذه المهمة0 وكانت الدبابات بجانب(قرية الخصمة) على الطريق إلى جهت جبل عيبان شمال غربي الجبل0 وعندما اقتربنا من موقع الدبابات لا حظنا وجود سيارة سوداء تقف مختفية، بجانب كهف صغير متصل بالطريق، وعرفنا انها سيارة الفريق العمري، كان داخلها كما اتضح انها كانت ضد الرصاص وضد الشظايا كما سبق الاشارة واقتربنا من الفريق حسن العمري وكنت حينها منهك القوى من التعب والجوع والعطش، وبعد أن اديت له التحية العسكرية حدثته عن الوضع، وكانت المفاجئة ؟حينما رد على بغضب وعصبية وامتهان قائلا (؟اسكت يا ازرق شغلتنا القصف مستمر!!!)وقلت له يا سيادة الفريق القصف غير مركز والقذائف كلها تذهب سدى ودشم ومتاريس العدو لم تصب بأي قذيفة، تذكر ونحن لم نستطيع، أن نتقدم بسبب (هذه المتاريس) الفريق ؟(اسكت اسكت يا ازرق شغلتني؟!!!)معروف أن العمري لا يعرف اسلوب افضل من هذا الاسلوب في تخاطبه مع ابناء الشعب، مدنيين وعسكريين فهو رجل صلف متعجرف0وكلماته دائما اميل إلى السوقية0ومع ذلك فأنني شعرت بضيق شديد، وقلت في نفسي؟ هل هذا منطق قائد عام؟!!! فيا لسخرية القدر! وياء نكست الشعب! وتركت الفريق! دون ان ادي له التحية العسكرية فهو لا يستحقها فقد كان ثملا ولسانه ثقلت في لقفه ورائحة الشراب تفوح من فمه؟!!! وذهبت إلى اطقم الدبابات محاولا ارشادهم،إلى ا
(97)ص
الاهداف المطلوب قصفها، لكن الليل كان قد دنى، وكنت اتوقع اذا استمر الهجوم على هذا الشكل أن يكون مصيره الفشل ،كما سبق وحدث للهجوم السابق، لقد احسست كما لم احس من قبل بان الفريق العمري يتامر ضد الجمهورية والثورة من داخلها وشعرت أن اخطاءنا منذ و بداية الحصار انما كانت بسبب هذا القائد المتعجرف المريب .بدا الظلام واشتدت المعركة .وبعد الساعة السادسة ترك الفريق مكانة وذهب إلى صنعاء عرفت فيما بعد انه ذهب حنقا بعد أن اختلف مع رئيس الاركان عبد الرقيب عبد الوهاب حيث اصر عبد الرقيب عبد الوهاب على القيام بهجوم ليلي حتى نتفادى الخسائر في قواتنا 0.
خطة الهجوم على عيبان0
هذه الخطة نشرت في الذكرى العشرين لانتصار الحصار في مجلة الحكمة بطلب من المرحوم الاديب الوحدوي عمر الجاوي(زرياب اليمن0)
في الاجتماع الحاسم الذي عقد في قرية الخصمة وضعت خطة الهجوم الليلي الناجح , وفتحت الطريق بين صنعاء والحديدة ووضعت بتنفيذها نهاية لحصار صنعاء الذي دام سبعين يوماً وبعد أن عدنا إلى قرية الخصمة التقيت بمجموعة الضباط الصغار وكان على راسهم الملازم اول/ عبدو قاسم الحبيشي كما التقيت برئيس الاركان النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب وبدانا النقاش وقد طلب منا التوجه إلى احد المنازل للاجتماع هناك لوضع خطة الهجوم ، وكان هناك العقيد عبد الكريم السكري الضابط الوحيد الذي حضر ذلك الاجتماع من الضباط الكبار ويجب القول .؟ انه كان لهذا الضابط دوراً هاماً في عملية التمويل حيث كان يرافق هجماتنا بعزيمة وشجاعة لم تتوفر في اي ضابط من زملاءه تقريباً لقد كان رجلا متواضعاً ذا اخلاق عالية وكان حريصاً على انتصار الثورة مهما كانت التضحية ولم يتأخر عن مواصلة تزويدنا بالعتاد ليلا ونهاراً ويمكن القول انه القائد الحقيقي للانتصار وفك الحصار فقد كان دمث الاخلاق ومتواضع هادئ الاعصاب مستقيم بسلوكه وليس كما الفريق حسن العمري ؟! وبدا الاجتماع الذي ضم عشرة ضباط , وكنت احدهم واستمر ثلاث ساعات اي من السابعة مساء حتى العاشرة ليلاً وتم وضع خطة الهجوم على النحو التالي :
1_ تجهيز ستين فردا من افراد المقاومة الشعبية بقيادة الملازم اول عبدو قاسم الحبيشي0 .
_(98)-ص
-2-تكون نوعية الافراد في الاغلب من التجار الصغار والعمال العائدين من المهجر .
3_ تسليحهم ببنادق (جرامل وكندة وشرفاء .) وكانت الاسلحة في الواقع تخصهم كل واحد منهم شخصياً0
4_ اعداد فصيلتين من قوات الصاعقة بقيادة الملازم/ محمد محسن واشراف النقيب عبد الرقيب رئيس الاركان العامة 0
5_ اعداد فصيلتين من قوات المظلات بقيادة احد ضباط المظلات التسليح بوازيك اربيجي 2 +بنادق منوعة + رشاشات متوسطة +قنابل يدوية هجومية ودفاعية منوع روسي الصنع 0
6_ اعداد سرية من الوحدات المركزية بقيادة ضابط صغير من ضباط الامن 0
7_ تحديد ساعة الصفر بحيث يبدا الهجوم الساعة الثانية بعد منتصف الليل من يوم 9 فبراير 1968م , الاسلحة المساندة المدفعية والدبابات + سرية دعم من اللواء العاشر المرابط في مواقع عصر وبعد وضع هذه الخطة طلبت ابداء رايي حول الهجوم والخطة واسباب فشل الهجمات السابقة على جبل عيبان والجبل الطويل ونقيل يسلح. واستمع الجميع بملاحظتي .وقد اوضحت للمجتمعين اننا الان وضعنا خطة لمهاجمة جبل عيبان للمرة الثانية منذ و بداية الحصار , لكن خطة الهجوم لن يكتب لها النجاح اذا لم نعفي الجنود المهاجمين من حمل التمويل إلى المواقع بعد احتلالها . ورد رئيس الاركان عبد الرقيب قائلا : فماهوا الحل البديل لإعفاء الجنود المهاجمين من نقل التمويل ابدي رايك ؟ حينئذ قدمت تصوري كما يلي
1_ لقد كانت معضلة التمويل هي السبب الرئيسي في سقوط الجبل الطويل بعد احتلاله عدت مرات وفي سقوط جبل عيبان عند احتلاله في الهجوم الاول وسقوط نقيل يسلح بعد اسبوع من احتلاله 0
2_ يجب تكليف ضابط من الحاضرين مع عشرة جنود من جنود الامن بعد ابلاغ وزير الداخلية لتوفير الجنود المطلوبين0
3_ توفير سيارتين او ثلاث سيارات فئات نقل كبير0
4_ القيام بإخراج الكتبة وجميع الموظفين التابعين لوزارتي الداخلية والتربية والتعليم وجمع ما يمكن جمعة من اهالي صنعاء 0
(99)ص
5-_ يتم ايصال السيارات مع الافراد الى قرية ( الخصمة )0
6_ يتم ايصال التموين إلى اقرب نقطة تصلها السيارات بعد بدأ الهجوم . وبعد ذلك يتولى الضابط مع العشرة الجنود توجيه المواطنين لنقل التموين إلى كل موقع يتم احتلاله , حتى يتم احتلال الجبل , وتامين الامدادات حتى يكون المهاجمين على قدرتاً كافية لصد هجمات الملكيين المضادة والمستهدفة اعادة احتلال الجبل .
7_ ابلاغ وزارة الاشغال والمهندسين بسرعة ارسال عمال لشق الطريق لمساندة سلاح المهندسين والبدء بشق الطريق إلى التباب التي سيتم احتلالها تمهيدا للصعود الى راس جبل عيبان بعد احتلاله ولذلك يجب أن يتم التجهيز حتى الساعة السابعة صباحا للبدء في التنفيذ وكان تصوري أن هذه الخطة سوف تعطي القوة المهاجمة الثقة بالنفس والقدرة على الصمود امام هجمات القوات الملكية والمضادة , ومن ثم سوف تعفي الجنود من عبئ نقل التموين وتتيح لهم التفرغ لمهمة القتال ومواجهة العدو وستكون لديهم كل وسائل الصمود الضرورية . وكان رأيي انه بدون توفير هذه الشروط لم يكتب لهجومنا النجاح كما يدلل على ذلك فشل الهجمات السابقة . ونضر الجميع بدهشة واعجاب , اما رئيس الاركان فقد صوب رايي وقال؟ ( هذه الخطة ممتازة ولم ننتبه لها لكن عليك القيام بتنفيذها ونحن الان سوف نرسل اشارة لاسلكية عبر الجهاز إلى وزير الداخلية لتجهيز الجنود المطلوبين وابلاغ وزير الاشغال لأرسال التركتورات للبدء بشق الطريق من بيت نعامة إلى كل تبه يتم احتلالها على وجه السرعة ) وقد حاولت أن اعتذر , عن ذلك لأنني اريد مواصلة الهجوم مع رفاقي : فرد رئيس الاركان بحسم قائلا؟ ( لا انت شاركت في الهجوم من الصباح . وعليك تنفيذ خطة التموين التي اقترحتها وهذه اكبر مهمة تقدمها لنا لنجاح الهجوم !) وامام اصرارا الجميع وافقت على تنفيذ هذه الخطة وتنفيذ الامر العسكري وطلبت أن تجهز السيارات بنفس الوقت وتوضع تحت قيادتي وكانت عشرات السيارات في نفس الوقت قد اصبحت تعمل لصالح المجهود الحربي , وطلب عبد الرقيب من العقيد عبد الكريم السكري الذي كان وزير دفاع وضابط تمويل أن يوضع سيارتان فيات نقل كبيرتان تحت امرتي , وارسلت الاشارة وزير الداخلية لتجهيز الجنود المطلوبين حتى الساعة السادسة صباحاً , على أن يكون انتظارهم امام وزارة الداخلية بميدان التحرير وبعدها انهينا اول اجتماع ناجح , وكانت الساعة قد بلغت العاشرة مساء وبعد خمس دقائق وصلت اول اشارة من القوات القادمة من الحديدة والتي كانت كما ذكرتها انفا مكونة من وحدات صغيرة من جنود البحرية ومجموعة من فرق المقاومة الشعبية التي تم تشكيلها في الحديدة
(100)ص
على عجل , والقوة الضاربة المشكلة من القبائل القادمة من البيضاء واب بقيادة الشيخ احمد عبد ربة العواضي والتي لعبت دوراً هاماً وحاسما صاحبته التضحيات الجسيمة وقد شاركت قبائل من المناطق الوسطى عمار والعود والشعر وخبان ودمت 000الخ اضافة إلى القبائل التي كانت مرابطة في محور معبر من تلك المناطق وقد جاء في البرقية (ان القوات المتقدمة قد تمكنت بعد معارك ضارية من احتلال منطقة بوعان , ومركز متنه إلى جهة الجنوب من جبل النبي شعيب وان الهجوم مركز الان على احتلال القلعة في راس جبل النبي شعيب وقد طلبت الاشارة من رئيس الاركان ارسال مصفحة إلى اقرب مكان من الجهة الشرقية لجبل النبي شعيب وطلب من العقيد عبود مهدي الذي كان يتولى قيادة المحور الغربي من صنعاء القيام بالتقدم بالمصفحة والضرب برشاش ثقيل لأرباك العدو , وذلك بواسطة الجهاز , وايهامه اننا نشن هجوماً من جهة صنعاء , بعد دقائق تحركت المصفحة من جانب قرية المساجد التي كان فيها الشيخ احمد علي المطري والجعدبي ومجموعة من بني مطر الجمهوريين وقد نفذت المهمة . وقد ضل الجعدبي مجمهراً في الجبل المطل على تلك القرية وكان محاصرا من جميع الجهات كما كانت صنعاء محاصرة وصعدنا إلى سطح الدار الذي كنا قد عقدنا الاجتماع فيه لمراقبة اتجاه الضرب ومعرفة مصادر النيران للقوات المتقدمة من جهات منطقة متنه , وكانت مدافع الميدان والمدافع المضادة للطائرات عيار 37م/ط والها ونات تتوجه بنيرانها بكثافة إلى قلعة جبل النبي شعيب الشاهق وهو اعلى قمة في الجزيرة العربية وساهمت المصفحة المدرعة التي ارسلت في ارباك العدو الذي توقع اننا نقوم بهجوم ليلي من جهة العاصمة بينما كانت القوات القادمة من الحديدة تهاجم من جهة الغرب وبذلك تمكنت القوات القادمة من الحديدة مع الحملة من احتلال جبل النبي شعيب بقيادة العميد عبد اللطيف ضيف الله الدبيس والشيخ العواضي المكلف في تلك المعركة ولم يكن هذا الهجوم المنسق بدون خسائر من القتلاء والجرحى ففي جبل النبي شعيب (سقط 22-شهيداء ) حسب رواية المناضل احمد علي السوادي ومع الفجر سقطت القلعة وبسقوطها سقط نهائياً جبل النبي شعيب بيد قوى الثورة والجمهورية .
اما هجومنا نحن على جبل عيبان فقد بدا حسب الخطة المرسومة حيث اخذ كل ضابط في تجهيز قواته واشرفنا على عملية تجهيز المقاومة الشعبية , وسلمنا لهم الذخائر والقنابل اليدوية وشرحنا لهم كيفية بدأ الخطة للهجوم . وقد لفت انتباهي وجود رجل كبير السن يسمى( صالح احمد السلامي وهو من منطقة عنس ), كان قد عاد بعد الثورة من المهجر وافتتح متجراً في سوق الملح وكان قد طلب منة
(101)
الملازم اول/ عبدة قاسم الحبيشي أن يبقى مع المؤخرة بسبب كبر سنة ولكن هذا المقاوم العنيد العائد من المهجر رد بحنق شديد قائلا؟ ( ابو فلان , انا اجلس مع المؤخرة وانتم تهاجموا العدو انني ارفض هذا الامر وقال بانفعال انا انتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر وكل التجار المقاومين امامك عادوا معي من المهجر لحماية ثورة26 سبتمبر لم يتم هجومكم الا وانا في المقدمة ) وحينها تدخلت لتهدئة الوالد المقاوم العنيد واقناع الزميل الملازم اول /عبد قاسم الحبيشي بعدم اثارة الوالد صالح احمد السلامي , والسماح في الاشتراك في الهجوم مع رفاقه ولقد تبين لي أن اغلب التجار كانوا من العائدين من السودان والحبشة وبدا التحرك بعد اعطاء كلمة السر لقواتنا المهاجمة التي كانت بقيادة النقيب/ عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان رئيس الاركان وحيث بدا التحرك الساعة 12 منتصف الليل . كانت المسافة من القرية التي كنا نجتمع فيها في قمة جبل عيبان تقطع خلال ساعة ونصف مشيا على الاقدام . وكانت القوات التي احتلت التباب فوق الطريق التي تسيطر على قرية الخصمة مازالت مسيطرة منذ و احتلالها في هجوم الصباح , وقد تم تعزيزها ليلاً وطلب من هذه القوة أن تبقي في مراكزها حتى تصل اليها القوات , حيث يتم اشراكهم في الهجوم في الوقت المناسب بدا الهجوم في الساعة الثانية بعد منتصف الليل وكان صامتاً حتى بلغت قواتنا المهاجمة المتاريس الامامية للعدو , حيث تحول حينئذ من هجوم صامت إلى هجوم صاخب وبدا القتال , وينبغي القول ؟أن المفاجئة قد لعبت دورا مهما، حيث أن العدو لم يكن يتوقع أن القوات الجمهورية سوف تهاجم ليلا، وكان العدو قد اعتاد على حدوث الهجمات في وضح النهار حسبما كانت تقضي بذلك خطة الفريق العمري الذي كان كما اثبتت الاحداث واحد من ابرز روس الخيانة والغدد ر وكانت القوات المهاجمة مكونة من الوحدات الاكثر ثورية واخلاص لقضية الثورة وانتصار الجمهورية، وقد عززها اشتراك المقاومة الشعبية التي كانت ما لفة من شباب العمال والتجار الصغار العائدين من المهجر، لقد لعب الوالد صالح احمد السلامي دورا تحريضياً في صفوف جنود المظلات والصاعقة والمقاومة الشعبية0وكان الجنود المهاجمين معبأين، اساسا بالحقد الثوري وكان الشعور عند الجميع أن انتصار هذا الهجوم سيسجل في صفحات من ذهب للتاريخ ذلك ذ لك أن مصير الثورة والجمهورية يتوقف على هذا الانتصار، وعلى دفع الحصار، ومن ثم على دحر قوى الشر والتخلف وقوى الرجعية والاستعمار، وكان وجود قيادة عسكرية شابة0ومخلصة على رأس الجيش وتشارك في المعركة وتشرف على نجاحها، وكان ذلك عاملا مساعداً في اعلا الروح المعنوية لدى
(102ص)
الجنود ولم يكن يحول دون تحقيق النصر الا وجود الفريق (العميل حسن العمري)!!!والذي كشفت الايام انه كان بالفعل يتأمر على الثورة والجمهورية وعلى مصير الشعب والوطن اليمني، قبل الحصار واثنائه وبعدة 0استمرت المعارك واخذت الدبابات توجه قذائفها إلى متاريس العدو حسب الخطة وحسب توجيه الجهاز الذي كان يرافق القوات المهاجمة ويعطي تصحيح لكل القذائف، بما في ذلك قذائف المدفعية، وكانت وحدات الصاعقة والمظلات مسلحة جيداً ولعبت القذائف الصاروخية (اربي ج -2- )التي كانت بحوزة الافراد دوراً مهما، حيث دكت دشم العدو المحصنة، واستمرت المعركة بضراوة وعنف بلغت حد الاشتباك يداً بيد بالسلاح الابيض وتمكنت قواتنا من احتلال المواقع التي لم نستطيع احتلالها اثناء هجومنا صباح يوم -8-فبرائر 1968م،لقد ابلغنا انه تم اسقاط المواقع التي تسيطر على قرية(بيت نعامة)،وطلبت مننا ارسال التموين، وخاصةً الذخائر حسب الخطة التي وضعت، كما طلب مننا سحب القوات التي تسيطر على السفوح المطلة على الطريق فوق قرية(الخصمة) التي كانت فيها لتحتل مواقع جديدة، وقد تم تنفيذ الاوامر في نفس الوقت، حينها شعرنا اننا قد بدئنا نضع اقدامنا على هذا الجبل، الذي كان قد اصبح قاعدة قوية لمدافع الملكية، التي ضربة صنعاء غير مرة وبدون رحمة وقد تحركت القوات، لكى تحتل مواقعها الجديدة فوق بيت نعامة0وبذلك اصبح نصف الطريق إلى قمة جبل عيبان تحت سيطرتنا0وبينما كانت القوة المكلفة بالهجوم تتحرك لا احتلال قمة جبل عيبان، كانت المعركة لا تزال دائرة في السفوح الشمالية الغربية من جبل النبي شعيب0وكنا نلاحظ بالعين المجردة اتجاه النيران بعد احتلال قلعة جبل النبي شعيب، ومشاعل النيران التي اوقدت اعلانا لنا باحتلاله والانتصار على القوات المرتزقة، التي كانت تتشبث به بعناد، وكان ايقاد هذه المشاعل قد اشعل بدوره حماس القوات التي كلفت باحتلال قمة جبل عيبان، حيث شددت من هجومها علية وفي تمام الساعة الخامسة من صباح يوم -9-فبرائر1968م وصلت طلائع الوحدات المهاجمة، إلى السفوح الغربية لقمة الجبل، وطلبت قيادة الهجوم من المدفعية؟،وخاصةً مدافع الهاون -120مم تركيز نيرانها على قمة الجبل لستر الهجوم حتى يتم احتلال القمة , وكانت المدفعية تعمل تحت توجيهنا بصورة ممتازة محت سلبيات اليوم الاول لهجوم يوم 8 فبراير اثناء وجود الفريق حسن العمري وكانت قواتنا تطلق الطلقات الاشارية المضيئة من كل موقع يتم احتلاله وتطهيره وكان الاتصال المباشر مستمراً مع النقيب/عبد الرقيب عبدالوهاب نعمان، رئيس الاركان/ الذي كان يقود الهجوم بنفسة , كانت صنعاء تنتظر بلهفة وتطلع شديدين نتائج الهجوم , فالقوى الملكية تشكك بنجاح الهجوم مستندتا في ذلك إلى هجمات الفريق العمري السابقة التي كانت
(103ص)
تنتهي إلى الاحباط والفشل والخسائر بصفوف فوي الثورة الجمهورية .كان موقف القوى السياسية والوطنية من سير المعركة متنوعاً فقد وقف البعض داعما للهجوم بقناعة واضحة بان القيادة الوطنية الشابة والضباط الصغار لن تقدم على الهجوم الا وهي واثقة من نجاحة . اما العناصر الانتهازية والمترددة فقد حكمت مسبقا (بان مصير الهجوم الفشل وتقديم وجبة جديدة من الشباب لقتلهم من قبل القوى الملكية ) اكدلي هذه المعلومات قبل بدء الهجوم الملازم /اول عبدة قاسم الحبيشي , الذي كان محتكاً بهذه القوى السياسية الوطنية . وفي الساعة السادسة من صباح يوم 9/ فبراير 1968م, تمكنت قواتنا من احتلال نصف قمة جبل عيبان ,اطلقت الطلقات الاشارية المضيئة إلى الجبهة الجنوبية لقمة الجبل , وطلبت اشارة قيادة الهجوم بتركيز النيران للمدفعية والدبابات على تلك المناطق التي تقهقر العدو المنهار اليها تاركاً السفوح الغربية والشمالية للجبل ,والتي تسيطر عليها الان قواتنا . وبذلك تمت عملية احتلال القمة الهامة ولم تمضي الا بضع دقائق حتى ارسلت الينا اشارة اخرى مفادها( أن القمة اصبحت تحت سيطرت القوات الجمهورية مع طلب سرعة الامداد والتموين ) حينئذ وحسب الخطة تحركنا مع السيارتين نحو العاصمة صنعاء لجمع المواطنين وخاصة الموظفين للمشاركة في عملية نقل المعدات إلى رأس الجبل وكنا قد طلبنا من اهالي قرية الخصمة رجالا ونساءً واطفالا القيام بحمل الكميات التي يستطيعون حملها فوق الحمير وفوقهم إلى مواقع قرية بيت نعامة , ريثما نعود من صنعاء مع قافلة التموين ووصلنا صنعاء التي قطعنا الطريق اليها خلال 15 دقيقة وكان وزير الداخلية قد وضع العشر الجنود المطلوبين امام الوزارة وطلب من جميع موظفين الوزارة عدم الخروج من مكاتبهم دون أن يشعرهم بما يريده ولم يكن يعلم ما هو هدفنا منهم الا حينما اوضحنالة طلبنا اثناء لقاءنا به . وفورا اعطيت الاوامر لجنود الامن بالصعود كل خمسة منهم بسيارة على ان يمنعوا نزول اي شخص يتم صعوده الى السيارة نهائيا مهما كان العذر , وقمنا بإخراج جميع موظفي وزارة الداخلية إلى السيارتان وكذلك موظفي وزارة التربية والتعليم , بدون تمييز بين شاب وشيخ لم يكن احد منهم يعلم إلى اين هو ذاهب ومن سئل منهم عن وجهة السير كان الجواب علية إلى المطار لاستقبال الرؤساء الضيوف القادمين وكنا نعلم جيداً أن اغلب الكتبة هم من الجهاز الاداري القديم , واغلبهم موغل في رجعيته وحقدة على الثورة والجمهورية , وانه ينتظر دخول (مولانا الإمام على احر من الجمر .!!! ) لكن القوى الوطنية المخلصة للثورة والجمهورية كانت هي الغالبية , وان كان بعضها يخاف القتال بسبب عدم التمرس علية وقد لفت انتباهي احد الكتبة الشباب وهو يقول ؟( ادخلوا اخرجوا السيد فلان وفلان من المكتبة فقد
(104)ص
اختباء بداخل دولاب (الكبت ) خوفاً من الخروج معنا إنهم رجعيون )وطلبت منه مرافقتنا مع احد الجنود وفتحنا الكبت الكبير الذي ارشدنا اليه لنجد فيه بالفعل 2 من السادة الكرام وقد اخفيا عمامتيهم ولم نستفزهم وانما ضحنا عليهم وطلبنا منهم الخروج معنا لاستقبال احد الرؤساء ألى المطار ادعيا (انهما مريضان لكننا اقنعناهم بضرورة الخروج وبان جميع الموظفين من كتبت التربية والتعليم قد توجهوا إلى السيارتان كانت السيارتان تتحول إلى قفص فمن دخل إلى أيا منهما يمنع من الخروج منها . وكنا نتعامل مع الجميع بصرامة وقسوة والهدف من كل ذلك هو النصر لان مصير المعركة يتوقف على كمية التموين التي سيتم نقلها إلى الجبل , باجتياز وعورة الطريق والتغلب على ارتفاع الجبل الشاهق نضرنا إلى السيارتين فوجدنا ان العدد الموجود بهما غير كافي وطلبنا من السائقان التوجه الى باب السبح , حيث كانت الجماهير تحتشد لمشاهدة المعارك الدائرة في قمة جبل عيبان , وتوقفنا بسيارتينا وطلبنا من المواطنين الصعود إلى السيارتين واشعرناهم بوضوح ان عليهم ان يفعلوا ذلك طوعياً والا ارغمناهم علية ارغاماً كان المواطن المخلص يصعد بدون احتكاك اوجد ال , اما المواطن الذي كان يرفض أن يستجيب لنا فقد اضطررنا إلى استخدام القوة , والعنف معه . كان الوقت بالنسبة لنا كالسيف , فقد كنا نخشى ان تنفذ الذخائر من قواتنا المهاجمة فيقوم العدو بهجوم مضاد ويعيد احتلال قمة جبل عيبان , وذلك ما يفسر سر تصرفنا مع المواطنين . ولم يكن احد يجروا على انتقاد تصرفنا فكنا نطلب الصعود اولا إلى فوق السيارة , وبعد ذلك سنفهم كل مواطن ما هو الامر وكنا نعلم أن اغلب الموظفين والكتبة يخافون من القتال ويخشون من الذهاب إلى المواقع الامامية . ولذلك حرصنا على عدم كشف غايتنا من اخذهم معنا ومر علينا احد موظفي وزارة الخزانة حاملا كشفا ببعض أعماله ( قال ؟: انه يريد انجازها في تلك الساعة ) طلبنا منه ان يصعد إلى السيارة اولا وسوف يعود فيما بعد . اصر الرجل على الرفض غير اننا ادخلناه إلى السيارة بالقوة وتمكن الرجل من النزول إلى مقدمة السيارة الفئات دون ان يلاحظه الحرس بسبب كثرت الناس المكدسين فيها لمحناه وهو هارب امام السيارة متجهاً نحو وزارة الخزانة . فناديناه بأعلى الصوت كان احد الجنود من الصاعقة ماراً بالصدفة رأى الرجل يندفع امامة هارباً فاطلق علية طلقتي رشاش في الهواء خاف الرجل فتوقف , وطلبنا منة العودة إلى حيث كان بالسيارة . وعاد بالفعل وعندما اقترب منا اعترضه احد الجنود وضربة برجلة حتى اسقطه الارض ونهض من جديد وطلبنا منة أن يصعد السيارة , وكانت عمامته البيضاء قد سقطت إلى الارض وتدحرجت واثارت موجة من ضحكات الحاضرين وكان سخط الحاضرين غير
(105)ص
موجهة إلى عمامة الرجل وانما لما كانت ترمز الية فلقد غدت العمامة في نضر الشباب رمز الكهنوت والتضليل والتخلف , فوق انها رمز للكهنوت والامامة والامام . اصر الرجل على عدم صعود السيارة بحجة أن لدية كشوفات يريد ان ينجزها مما دفعنا إلى اطلاعه بالقوة مرة اخرى فوقف وقفة متراخية قريباً من الباب الخلفي للسيارة , وسقط على ضهره في الارض وسقطت العمامة من جديد اخذها احد الجنود ودفعها إلى داخل السيارة . ودفعه اخرون اليها من جديد وكان هذا المشهد رغم خشونته علامة على أن الجو هو جو حرب ولامجال فيه للتسامح والليونة بلغت حمولة السيارتين حوالي 600 مواطن وتحركت السيارتين بأقصى سرعة ممكنه لهما متجهتين نحو عصر وهنا شعر كل واحد في السيارتين انه في طريقة إلى المعركة , وصلنا في تمام الساعة السابعة قرية الخصمة وكان الهجوم قد اكمل القمة فذهل الجميع لهذا الحشد الكبير من البشر الذي احضرناه ولاحظنا أن من بين هذا الحشد اطفالا لا يتجاوز عمرهم 8/ او 10 سنوات وكان علينا أن نقوم بإنزالهم وتركهم في القرية . بعدئذ كان علينا أن نفهم الجميع الهدف الذي من اجلة تحتم علينا اخذهم من صنعاء ؟فقلنا لهم والذي اتخذ شكل حديث مباشر كالاتي : اخواني الحاضرين أن اخوانكم ابناء القوات المسلحة والمقاومة الشعبية والامن قد احتلوا قمة جبل عيبان وتم دحر العدو من الجبل فلا يستطيع الجنود أن يقاتلوا وينقلوا تموينهم إلى هذا الجبل الشاهق وهذه المسافة الطويلة نحن لم نطلبكم لتقاتلوا معنا لان القتال متروك لرغبة كل فرد ولكن نطلب منكم أن تقومون بنقل التموين إلى المواقع التي تم احتلالها حتى يتم تعزيز قواتنا لكي تصمد امام العدو ويتحقق لنا اليوم فتح الطريق وانهيار الحصار وتحقيق الانتصار . فماريكم ؟ وهل احد منكم لا يستطيع القيام بهذا العمل . كان جواب العناصر المخلصة للثورة؟ ( نحن مستعدون ) اما الرجعيون فلم يردوا علينا , وكنا نعلم جيداً عن مواقفهم مسبقاً وتبين أن بين من اخذ ناهم عناصر من المقاومة الشعبية التي شكلت في احياء صنعاء وكان كل مقاوم في كل حي من الاحياء يعلم عن كل شخص في حية . وما اذا كان جمهورياً ام ملكيا وحينما بدانا نحملهم التموين همس في اذني احد المقاومين قائلا :( هذا رجعي زيدله الحمول ) وضحكت وامام حقدنا على كل رجعي وملكي في هذه الظروف الحرجة حملنا كل رجعي اكثر من طاقته فلم نكن نعرف الرحمة , لانهم لم يرحموا اطفال صنعاء ونساءها وشيوخها ولاسيما وهم يعرفون أن مدافع امريكا وذهب السعودية ومرتزقتها هي التي ضلت تقصف وتضرب صنعاء وكل زهرة
(106)ص
تتفتح في عهد الثورة , وتحركت المجموعة الاولى تحمل الذخائر وعلب الفر سك والبسكوت وخبز البيوت الصنعاني الذي أرسلنه نساء صنعاء طوعياً وبدا طابور طويل وكان اغلب المواطنين يلبسون الابيض والاحمر والاخضر , مما عطي تحركهم طابعاً ملوننا مع طلوعهم نقيل عيبان اما نساء قرية بيت الخصمة ورجالها فقد عادوا من مواقع بيت نعامة وهم يحملون ذخائر المدافع التي كانت تقصف صنعاء وتبين لنا انها من عيار ثقيل 120 و180 صنع امريكي وكان من ضمنها الهاون الخفيف والمدفعية الصاروخية ,وكلها تحمل (يد الصداقة الامريكية ) وبئست هذه الصداقة وبئست هذه اليد الامريكية القذرة التي تمتد الينا . أن ها يد الدمار والقتل لاء طفال والنساء والعجزة ولحقت بنا السيارة القادمة من صنعاء التي كان يستقلها العقيد عبد الكريم السكري الذي كان يعمل بصمت ليلا ونهارا ولايتوقف من اي هجوم بالرغم من العقبات التي كانت تعترضه من كتبة القصر والقيادة ورويتنهم المعقد والعفن , وفي هذا اليوم تلقينا بجانب الكدم الخبز وهو الصرف اليومي العسكري علبا وهي هدية من التجار الوطنين كما قدم اهالي صنعاء الجمهوريين والمخلصين للثورة الخبز البيو تي كما سبق الاشارة والماء بشكلً منقطع النضير لم يحدث في اي معركة سابقة كانت اول سيارة قادمة من الحديدة قد وصلت عند الفجر , ولم تدخل صنعاء الا الساعة السادسة صباحاً تقريبا وهي تطلق اصواتها ! وبذلك تحطم الحصار وتحقق الانتصار العسكري وانطلقت الزغاريد من البيوت المطلة على الشوارع وبالذات شارع ( الزبيري ) الذي يربط باب اليمن والحرية بطريق الحديدة عصر , كما اطق الجنود النيران من نقم وبراش والنهدين وبقية المواقع , بعدان ابلغهم من قمة جبل عيبان رئيس الاركان النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان (أن اول سيارة قد وصلت من الحديدة وأن الطريق قد اصبح مفتوحاً وان الحصار قدتم دحره وتحطيمه وإلى الابد ) بعدها بدئت وحدات المهندسين ووزارة الاشغال بالعمل وشق الطريق من بيت نعامة حتى المواقع التي تم احتلالها صباح هذا اليوم , وكنا نعرف جيداً أن العدو لم يترك الجبل بدون تكرار المحاولة لاستعادته معتمدا على تجاربه السابقة ولكن عناصر استطلاع العدو أبلغته أن الطريق تشق إلى ظهر جبل عيبان وهو اول عمل من نوعه وفي تمام الساعة العاشرة تمكنت وحدات المهندسين والاشغال من شق نصف الطريق حتى قرب المواقع مما ساعد على نقل المعدات والتموين إلى المواقع واعطيت التعليمات إلى جميع السيارات القادمة من صنعاء حاملة التموين بان تتوجه إلى المواقع الجديدة التي تم شق الطريق اليها من بيت نعامة ونقلنا الطابور من قرية الخصمة إلى مواقع بيت نعامة , وكانت التعليمات قد اعطيت من قيادة قمة جبل عيبان بان يقوم المواطنون الذين وصلوا إلى قمة الجبل بحمل الذخيرة التي تم الاستيلاء عليها من العدو ونقلها إلى المواقع السفلى حتى يتم حصر
(107ص)
الامكانيات التي تركها العدو وقد شاركت المراءة وخاصة نساء بيت نعامة في نقل كمية من الذخائر والهاون الثقيل والمدافع الصاروخية من قمة الجبل . واستمر الطابور في نقل التموين صعودا إلى الجبل , وفي النزول بقذائف المدافع التي تركها العدو نتيجة للهجوم الذي بوغت به وافقده اعصابه وصوابه فلقد ترك العدو المندحر عدى المدافع ذخائر خفيفة وثقيلة بكميات هائلة كما ترك الاحذية واكياس النوم والفرش ولم تستطع فلوله العفنة حمل اكثر من البنادق الشخصية والهروب مثل القرود والفئران ! كان الطابور يبدا من موقع بيت نعامة ويمتد حتى راس الجبل ومن حاول الفرار او الزوغان يطلق علية النار إلى الهواء او بجانبه لتخويفه وايقافه ,وفي الساعة الثالثة عصراً حاو لت مجموعة مكونه من عشرة افراد الهروب من الطريق لكننا اطلقنا عليهم النار إلى جانبهم وحوصروا حتى رجعوا الينا وكان ذلك درس كافي لمن يفكر بالهروب؟!!! اعطيت للطابور راحه لمدة نصف ساعة وطلب البعض ( ان يسمح لهم بالعودة إلى صنعاء ) كان ردنا عليهم أن العودة إلى صنعاء لن تتم الا بعد نقل التموين الكافي إلى قمة جبل عيبان وواضحنا لهم أن مشاركة الجماهير لنقل التموين هو الحل الوحيد , وانهم لم يشاركوا قبل هذا اليوم وذلك يعود الى ضعف تفكير القيادة العسكرية , وعدم تفكيرها باشتراك الجماهير بنقل التموين , فلم يكن جيشنا كبقية الجيوش يمتلك وحدات التموين , حيث لم يكن يوجد حتى سيارة خاصة بالتموين بالمعنى المتعارف علية في اي جيش أن مشاركة الجماهير في نقل التموين قد اعطى معركة احتلال جبل عيبان الاخيرة طابعاً خاصاً حيث ساهم حتى الاطفال والكهول والنساء والشيوخ من قريتي الخصمة وبيت نعامة مع الحمير بجانب الشباب لنقل التموين . كانت الساعة الثانية بعد الضهر , حينما بدا العدو يوجه قصفة المدفعي إلى الطريق التي تقوم بشقها وزارة الاشغال ووحدات المهندسين العسكرية ضننا منه انه يستطيع ايقاف شق الطريق وتخويف الجماهير التي كانت تقوم بالمشاركة بنقل التموين ولأول مرة , لكن القصف كان عشوائي ولم يصب احدا . لقد غدت القذائف مألوفة عند الجميع واصبح الخوف عند سقوطها غير أن الخوف موجود الا لدى البعض اما عند وقوعها بعيدا عدت امتار فذألك اصبح شيئا مألوفاً فان المواطن شأنه شأن الجندي ينبطح ارضاً ليتفادى شظايا القذيفة وينجوا بنفسة من الموت المحقق بدون خوف او هلع لقد تعود الناس إلى حدا كبير على اصوات القذائف لهذا اليوم وهم ينقلون التموين من المؤخرة ومن الجبل ونقلوا الغنائم الكبيرة والهائلة التي اذهلت المواطنين . واستمرت عملية التموين
(108ص)
بواسطة الطابور ,ولم نسمح لأي فرد بالذهاب إلى صنعاء وكانت الكميات الهائلة من الذخيرة قد اذهلت المواطنين وجعلتهم يستمرون في العمل حتى الساعة السادسة مساء وتمكن الطابور من نقل الخيم والبطانيات وصفائح الجاز , اضافة إلى المعلبات الجافة والذخيرة المنوعة , ولم نطمئن على وصول التموينيات الا بعد أن صعدنا إلى قمة جبل عيبان لمعرفة ما وصل من التموين ومالم يكن قد وصل وقبل أن اصل إلى قمة الجبل قابلت مجموعة من الجنود الذين سقطوا شهداء في المعركة وتأكد لي أن كل ما ارسلناه بواسطة الطابور قد تم وصولة بالكامل وهو مالم اكن أتوقعه : وكانت الارقام توضح أن الكمية المذكورة المنقولة يمكن أن تكفي القوى المرابطة لفترة عشرة ايام وهذه الفترة كانت كافية , حيث سيتم شق الطريق بعد أن قرر المهندسون أن الطريق يمكن انجازها خلال اسبوع , وبعد ذلك يتم تحرك السيارات إلى قمة الجبل ولأول مرة في تاريخ صنعاء تشق الطريق إلى قمة جبل عيبان منذ و قيام الثورة وبدا الحصار
خسائرنا في المعركة ؟
كانت خسائرنا بين صفوف القوات التي اشتركت في الهجوم 7شهداء وجرحى من الصاعقة والمظلات والوحدات المركزية والامن وخمسة شهداء من افراد المقاومة الشعبية , واحدهم ترك وراه خمسة اطفال , وترك متجرة الذي ضل مغلقا ستة شهورا عديدة ولم يفتح الابعد مساعدة التجار الوطنين وعلى راسهم التاجر صالح احمد السلامي من عنس المقاوم العنيد انف الذكر وهذه الخسائر تقريبية , وهي مستقاه من المعلومات التي حصلت عليها من المشاركين في المعركة وقدم طابور التموين نصيبة من التضحية حيث سقط احد القضاة من موظفي وزارة التربية والتعليم في قمة الجبل فقد لمحه احد القناصة من المرتزقة فإصابة بطلقة رصاص في مقدمة راسة وسقط على الفور وكانت العمامة البيضاء سبباً لقنصه وحينما عاد زملاءه إلى مؤخرة الطابور ابلغوني بشهيدهم قائلين؟ ( لقد قدمنا نصيبنا من التضحية فقد فقدنا القاضي العلامة وبذلك نكون قد قدمنا نصيبنا من التضحية والواجب ) ورديت عليهم انه لشرف عظيم أن يسقط هذا الانسان شهيدا على قمة جبل عيبان وهو يقدم التموين لجنود الثورة 26سبتمبر ولفتح الحصار ان يسقط على الجبل الذي دخل التاريخ الحديث , وذلك اشرف له من الموت في شوارع صنعاء بقذائف الملكيين وقال لي احد المقاومين انه كان معادي للنظام الجمهوري ويقف في انتظار دخول؟! ( قوات الإمام المنصور ) ليكرر مشهد 1948م من جديد الا انني احسست بألم لان هذا الموظف لم يكن مكلفاً في الحرب وأسرته لأتعلم عنه شيئا
(109)ص
ولأتعرف انه ذهب للجبل ليموت هناك ولأنه كاتب صغير بوزارة التربية والتعليم منذ و العهد الامامي . ولقد اصبح شهيدا وسيكون من شهداء الحصار وبذلك يدخل التاريخ جنباً إلى جنب مع الشهداء أن هذا الشعب العنيد يقاتل بعضة البعض لان أعداءه الخارجين أرادوا له ذلك معتمدين على الدمي الداخلية وقوى الرجعية المحلية .وحتى لا يصبح قوة ذات شأن تهدد مصالح الاستعمار الجديد والقديم ومصالح الرجعية السعودية والعربية على السوى فهو يتحكم في منفذ بحري هام وثروات كبيرة مطمورة , وقوة بشرية قادرة على الخلق والابداع وهو اذا ما اقام نظاما وطنيا تقدميا , وحشد كل الطاقات وكل القوى الجديدة خلفة , واقام اليمن الجديد الديمقراطي والموحد فان ذلك سيثير الرعب لدى الاعداء , ولذلك فانهم يقفون ضد حدوث ذلك لليمن وتطوره فلقد حاربوا الشعب اليمني عبر التاريخ وهم هذه المرة سيحاربونه بضراوة اشد , بعد أن اصبح يحمل مشروعاً وطنياً عظيما وخطيرا كهذا .
خسائر معركة يوم 8فبراير 1968م .
كانت خسائرنا جريحان احدهما من الكلية الحربية وهو طالب ويدعى عبدالله سالم البري اليافعي من جنوب الوطن من منطقة يافع وهو اخ للشهيد علي سالم يافعي احد شهداء الجبهة القومية البارزين وكان هذا الشاب قد وصل صنعاء بعد سماع رياح ثورة سبتمبر 1962م وقد اصيب ؟(من الخلف اثناء الهجوم الاهوج الذي شنة الفريق العمري والذي وجهة القوى المهاجمة بطريقة غير منظمة كما سبق الاشارة مما جعل القوى الخلفية تضرب القوى المتقدمة نضراً لعدم وجود اتصال وتنسيق بين القوتين !) وكان الشاب عبدالله سالم البري اليافعي قد قال لي بعد شفائه؟( انه اصيب من الامام من قوات الملكيين وهو ضمن العشرين مقاتلا من طلبة الكلية كما سبق الاشارة ,وكان من الشباب الذين قاموا بالهجمات الغوارية على مواقع المرتزقة في منطقة( دار الحيد ودار سلم ) خلف جبل نقم انف الذكر وكان متقدما على القوى المهاجمة وفي الساعة الثانية عشرة من منتصف اليوم 8فبراير 1968م اصيب بطلقة نارية في رجلة , ونقل بواسطة زميلين له إلى المؤخرة , وتم إسعافه بسيارة مدنية إلى مستشفى الثورة باب اليمن .
تفقد المواقع الجديدة في قمة جبل عيبان
(110ص)
بعد أن تفقدنا المواقع الجديدة في قمة جبل عيبان لا حضنا الروح المعنوية العالية ظاهرتا على وجوة المقاتلين. لقد اختلط الجندي والطالب والعامل والتاجر الصغير والمهاجر والفلاح في موقع واحد . وكانت الاوامر قد صدرت من رئيس الاركان الى قيادة اللواء العاشر لنقل سرية المشاة المرابطة في التباب التي تقع فوق نقطة جبل عصر انف الذكر إلى قمة الجبل , لتعزيز القوى التي احتلت قمة الجبل , وحينما كنا نتفقد المواقع راينا الخنادق تحفر فقد قام الجنود وخاصة الصاعقة والمضلات بحفر الخنادق والملاجئ الارضية , استعدادا لمواجهة قذائف العدو المنتظرة وقد سالت الجنود عن اوضاعهم التموينية وعن احوالهم فردوا قائلين : (هذا هو التموين الصحيح والمطلوب , لقد كنا دائما نضطر إلى ترك مواقعنا بسبب التموين وليس خوفا من العدو فنحن نعرف أن العدو جبان وهذا الجبل عندما احتله العدو كان فارغا ولو كانت لدينا قوة هنا لما طلع مدفع او فرد ملكي مرتزق , والا لماذا لم يحتل جبل نقم او براش الذي سيطر علية طلبة الكلية , وقوات المظلات ونحن الان نحفر خنادق لدفن كل مرتزق يحاول العودة إلى هذا الجبل وخاصة وقد شاركت الجماهير في نقل التموين إلى المواقع مما جعلنا نتفرغ لمواجهة المرتزقة , نحن هنا لهم بالمرصاد واضافوا( نحن نقاتل من اجل اهداف ثورة 26سبتمبر , ومن اجل الحياة الجديدة اما المرتزقة فهم يقاتلون من اجل الذهب , والمرتزقة مالهم اي هدف او مبدا الا الكسب المادي ) وقدم لي صف ضابط رسالة من محمد ابن الحسين ابن الامام كان قد اخذها من طرف احد الجنود المرتزقة الذي لقي حتفة اثناء الهجوم وقد كتب عليها ابن الحسين ( انه ضامن لذلك المقاتل . ذراعين في الجنة اذا هو ذهب وقاتل في جبل عيبان ) وقد ضحكنا وضحك الجنود على سخرية القدر وسخرية ابن الحسين الذي اصبح يوزع اراضي الجنة كما لوكانت ملكية اقطاعية اخرى غير الملكيات الاقطاعية التي فقدتها أسرته ويقسمها بين ابناء الشعب اليمني لكي يقاتلوا من اجل استعادة العرش الامامي المفقود .
مشاعر المرأة المصرية في القاهرة (اتصال مع القاهرة )
بعد معركة عصر الدفاعية الحاسمة نزلنا من عصر مع قائد المحور العقيد عبود مهدي ووصلنا إلى ميدان التحرير وكانت وزارة المواصلات قد وفرت جهاز اتصال إلى الخارج وكان عبود مهدي قد تزوج في القاهرة اثناء اخذة دورة قادة كتائب والوية واثناء الاتصال ونحن بجانبه اذا به يقول لها ؟(كيف حالك يازينب )فردت علية ؟ ( انتم كيفكم ياعبود وكيف الحصار انا عايزة اخرج عندكم اشارك معكم في المعركة ولو اعبي لكم الشرائط بتاع الرشاشات ارجوك ياعبود انا اعيش
(111ص)
حالة قلق عليكم وعلى الثورة اليمنية ! ) لكن عبود رد عليها ؟ ( شكرا لكي يا زينب ان شاء الله اننا منصورين وبعد فتح الحصار سوف اصل اليكي ونخرج سوى إلى صنعاء ) كانت هذه المكالمة قد عبرت عن الروح العربية للمراءة في مصر ايام جمال عبد الناصر وايام العز العربي رغم هزيمة 6يونيو 1967م اما المراءة اليمنية فقد بدأت التدريب في مصنع الغزل والنسيج ولم يكن عندي تفاصيل حول الدور الذي كلفنا به حيث بداءة قوات المظلات بتدريبهن على السلاح والقتال بقيادة النقيب حمود ناجي سعيد ويأتي دور حليمة التي ساهمت بكشف الشبكة داخل صنعاء كما سبق التوضيح وقد كانت تلك من اهم المواقف الحاسة ضد اعداء الثورة والجمهورية والطابور الخامس داخل صنعاء اما مواقف النساء في قريتي الخصمة وبيت نعامة فقد تجلى ذلك في طبخ الطعام للقبائل في الهجوم الاول وكذلك نقل التموين للجيش يوم 9فبراير 1968م وكذلك المساهمة في نقل الغنائم من ذخائر القوات الملكية من الجرف الاخضر والواقع غرب جبل عيبان وكانت بكميات كبيرة كما سبق التوضيح اما النساء في صنعاء فقد ساهمن في صنع الخبز وإرساله إلى جبل عيبان بعد كسر الحصار ولكن لا يوجد تحديد لمن ساهمنا بذلك بقي أن اقول ان الاجيال القادمة عليها أن تعرف ان ابطال الحصار الذين سبق ذكرهم مثل العميد محمد يحي الصالحي والعميد علي مثنى جبران الذي تحمل قيادة سلاح المدفعية بعد التغير الجديد في رئاسة الاركان قد تم اعتقاله بعد احداث 23 و 24 اغسطس الدامية وضاع عند السفاح محمد خميس كما اغتالوا محمد يحي الصالحي بواسطة احد عناصر الامن الوطني في قريته خاو خارج يريم كما اختل يحي القاضي واصبح مجنون كما أن مجموعة ابطال ضباط الشرطة والمقاومة الشعبية امثال طه فوزي وعبد الوارث والعميد طاهر يحي صالح قد صفوا بأساليب مختلفة وكان الفريق حسن العمري على راس المدبرين وخاصة رئيس الاركان النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب نعمان الذبحاني وكانت تلك هي مكافاة من دافعوا عن صنعاء في حصارها وهذا ما ظهر اما ما خفي فقد يكون اعظم وكاتب هذه السطور تعرض منزلة للسطو والتخريب يوم 21/8/1968م قبل احداث اغسطس الدامية وكان وراء ذلك القوى الرجعية والجمهورية المعتدلة بسبب مواقفة مع الثورة والجمهورية وقد تشرد عشرين سنة من صنعاء ومن قريته حتى عاد بعد الوحدة المباركة وهكذا كما يقول المثل الشعبي ( جمل يعصر وجمل يأكل العصارة !) كما أن المناضل جارالله محمد عمر قد زج به في معتقل القلعة الرهيب مع مجموعة من رفاقه ابطال الحصار الذين صمدو في مطار الرحب الدولي بعد مذابح 23 و24 اغسطس 1968م بأمر الفريق العمري سارق النصر وسفاح ابطال الحصار 0.
(112ً)ص
لقد شعرت بارتياح وفرح لم احس بهما من قبل منذ و بداية الحصار فقد قهرنا القوة التي اوكلت اليها مهمة احتلال صنعاء بقيادة الجنرال كونداي المرتزق الامريكي وخطة ( الجنادل ) من قبل فيصل وأسياده من الإمبريالية الامريكان وهذا النصر الذي حققناه هو واحد من اعظم امجاد جيلنا ولسوف تتغني به الاجيال القادمة , لقد اثبتنا اننا نستطيع حماية صنعاء وثورة 26 سبتمبر 0 وجمهوريتها الوليدة واثبتنا انه لم يكن هناك مبرر لليأس الذي اصاب البعض حتى حلفاء ثورة اليمن من القادة المصريين , هذا الياس الذي تملك بصورة خاصة القيادة البرجوازية المصرية وبالذات البيروقراطية العسكرية المصرية التي تصورت أن الجمهورية والثورة سوف تسقطان بعد خروج اخر جندي مصري من ميناء الحديدة . وكانت الشمس تسلط اخر اشعاعها على قمة جبل عيبان ونضرت إلى لونها الذهبي أن شمس هذه الليلة لا تريد أن تغيب فقد ارادت أن تسلط ضوؤها على قمة جبل عيبان لان هذا اليوم هو يوم تحرير عيبان انه يوم رفع الحصار الشهير عن صنعاء حصار السبعين يوما انه يوم 9 فبراير 1968م . وعندما بلغنا السفوح الشرقية لقمة الجبل رأينا المعارك الضارية تشتد خلف نقم وبراش والمطار الجنوبي النهدين بصنعاء ومطار الرحبة الدولي , وقد ذهلنا لارتفاع جبل عيبان عن بقية الجبال المحيطة بصنعاء فقد راينا اعمدة الدخان تتصاعد من كل موقع وشعرنا أن العدو بدا يوجه اكبر كمية من قذائف المدافع التي تحتويها مخازنه (الكهفي) إلى صنعاء وإلى المواقع التي امامه وكانت المواقع الامامية تتلقي الضربات الاولى من كل قصف , ثم يتحول القصف إلى احياء صنعاء بدون تمييز وقد وجه المرتزقة قصفهم هذه المرة إلى احياء صنعاء القديمة التي ضلت بعيدا عن نيرانهم طيلة الحصار تحت تصور أن سكانها ملكيون اما الان فالعدو المهزوم اخذ يوجه نيرانه إلى صنعاء القديمة , ذلك أن صنعاء الجمهورية , صنعاء الثورة صمدت وانتصرت واثبتت انه لإمكان فيها الا للثورة والجمهورية .
معركة جبل ظفار وبيت بوس وارتل؟
كانت القوات القادمة من الحديدة قد اكملت تطهير الجيوب المليكة وتقدم الشيخ المناضل الوطني احمد عبد ربه العواضي عبر بني مطر إلى الجنوب الغربي من جبل عيبان , فقد انهارت معنوياتهم تماماً وفقدوا الامل . وتمت السيطرة على جبل ظفار والاستيلاء على بيت بوس مع كمية من الاسلحة والذخائر وبذلك اكملنا
(113ص)
السيطرة على الجبال الغربية لصنعاء وتأمنت القوات المرابطة في عيبان والنبي شعيب وبعد فان هذه المذكرات الشخصية عن معركة حصار السبعين يوماً التي كللت بالنصر والتي تعكس شهادة واحدا ممن كان لهم شرف الاشتراك فيها قد امتزجت بالحديث عن علاقات ومعانات شخصية ذلك هو شان المذكرات دائما فهي ليست تاريخا لأتذكر فيه الا الاحداث العسكرية والسياسية الجافة . بقي أن اقول أن القوى الجمهورية انتصرت، في حصار السبعين يوما غير أن، انقلا ب 5نوفمبر 1967م الرجعي قد سلب الشعب اليمني هذا النصر بعد أن مكنوا القوى الرجعية اليمنية القديمة والجديدة والرجعية السعودية وقوى الاستعمار العالمي براسة الاستعمار الأمريكي من غزو البلاد من الداخل ومن تفريغ الجمهورية من كل محتوى وطني وديمقراطي وتحويلها إلى جرم تابع في فلك الرجعية السعودية والاستعمار الجديد وبقي أن اقول أن تقدم القوات الجمهورية على قرى بيت بوس وارتل قد رافقه اكتساح المدافن التي كانت تحتوى على مئات الاكياس من القمح والذرة الشامية والبيضاء والشعير وحدث احراق لبعض المنازل وعندما وصلت إلى القرية وجدت الشيخ احمد علي المطري يقف حائرا ثاني يوم فتح الطريق يوم 10 فبراير 1968م وفي نفس اللحظة التي كنت اتكلم مع الشيخ احمد علي المطري مرت فتاة وهي تبكي وتنزل سيلا من الدموع وهي تحمل دستا كبيرا من الماء فوق راسها محاولتاً اطفاء الحريق التي اشعلته القوات الجمهورية المهاجمة والمحزن انها حينما دخلت تطفي النيران في البيت كان الخشب قد احترقت فسقطت داخل البيت واصيبت بجروح بالغة وقام الشيخ احمد علي المطري بإسعافها وكانت مراءة جميلة وشابة وفي نفس اللحظة شاهدت ابطال النهدين وهم يحملون ناقلة كبيرة فئات ايطالي من احد المخازن التابعة لاحد اقطاعي القرية وتم نقل الكمية إلى قاع العلفي وباعوا القدح بريال وكانوا يقولون للمواطنين ؟( اشتروا القدح بريال ! ) وباعوا السيارة ب700 ريال وكانت هذه هي الحرب الملعونة التي فرضت على الجمهورية والثورة وبعدها تم تصفية الملازم /اول عبدة قاسم الحبيشي قائد سرية المقاومة الشعبية في الهجوم الاخير على عيبان عبر سيارة في نقيل السياني بعد الحصار والانتصار كما قيل آنذاك وصفي الشيخ الوطني احمد عبدربه العواضي في قلعة الموت في صنعاء وبقي لنا في هذه المذكرات لقاء مع بعض ابطال الحصار الحقيقين والذي تم معاهم المقابلات . انتهت هذه المذكرات من اعداد ملازم اول : صالح قائد الكهالي سبتمبر 1969م جبل حضور منطقة ثلا لواء الثورة وقد اعيد صياغتها وترتيبها في موسكو 1986م اثناء التحضير لرسالة الماجستير وقد طبعت منها ثلاث نسخ في ذلك التاريخ مجلدة بواسطة طباعة روسية في موسكو
(114ص)
والمضحك انها تطبع وهي لأتفهم اللغة العربية وانما تعتمد على النضر وتنفذ ذلك على الالة الكاتبة العربية وبسبب ذلك حدثت بعض الاخطاء وقد اضطربت إلى اعادة تصحيحها بالقلم في نسختها الاصلية، والله من وراء القصد .
كلمة شكر اتقدم بها إلى المرحوم الاستاذ الاديب لطف حمود السماوي الذي قام بمراجعتها لغوياً وكتب المقدمة رحمة الله علية، والذي رحل عننا قبل أن يرى هذه اليوميات والمذكرات تنشر على صفحات -14- اكتوبر التي تصدر في عدن رافعة علم الوحدة وحاضنة كل المناضلين اليمنيين منذ اربعينات القرن الماضي ،كما اتقدم بالشكر الجزيل لرئيس مجلس ادارة المؤسسة الاستاذ محمد علي سعد وهيئة التحرير والعاملين فيها على جهودهم التي بذلوها لنشر الكتاب في حلقات حتى تكون مقدمة لطبعة في كتاب يكون في خدمة اجيالنا الحالية والقادمة والحمد لله الذي منحني عمر جديد حتى انشرها بعد -45-سنه من احداثها البطولية؟ واقول انني لم اكتب الا ماشا هدته وسمعت به عمل بقول رسولنا الكريم(ص)(قول الحق ولوكان مرأصد ق رسولنا الكريم)
عدن 26 / سبتمبر 1990 م . عقيد ركن : صالح قائد الكهالي .
يتبع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.