الجنوب يفكّك مخططا تجسسيا حوثيا.. ضربة جديدة للمليشيات    أمطار رعدية تعم 20 محافظة يمنية خلال الساعات القادمة.. وصدور تحذيرات مهمة    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    مليشيا الحوثي تحاول الوصول إلى مواقع حساسة.. واندلاع مواجهات عنيفة    السعودية تطور منتخب الناشئات بالخبرة الأوروبية    الشباب يكتسح أبها.. والفتح يحبط الرائد بالدوري السعودي    بالصور: متناسيا أزمته مع الاتحاد السعودي.. بنزيما يحتفل بتأهل الريال    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    إيران تغدر بحماس وتطعنها وراء ظهرها.. صفقة إيرانية أمريكية لاجتياح رفح مقابل عدم ضرب إيران!    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    الدوري السعودي ... الشباب يكتسح ابها بخماسية    "لا حل إلا بالحسم العسكري"..مقرب من الرئيس الراحل "علي صالح" يحذر من مخيمات الحوثيين الصيفية ويدعو للحسم    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة الى 33.970    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    لجنة الطوارئ بمأرب تباشر مهامها الميدانية لمواجهة مخاطر المنخفض الجوي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    مصرع وجرح عدد من العناصر الإرهابية على يد القوات الجنوبية بوادي عومران    انطلاق أعمال الدورة ال33 للمؤتمر الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) لأفريقيا    سقوط 9 مدنيين في الحديدة بسبب الألغام ومخلفات الحرب خلال مارس الماضي مميز    الرئيس: مليشيا الحوثي تستخدم "قميص غزة" لخدمة إيران ودعم الحكومة سيوقف تهديداتها    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    دراسة: اقتصاد العالم سيخسر 20% بسبب التغيرات المناخية    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    دوري ابطال اوروبا ... ريال مدريد يطيح بمانشستر سيتي ويتأهل لنصف النهائي    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    مفاجأة صادمة ....الفنانة بلقيس فتحي ترغب بالعودة إلى اليمن والعيش فيه    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    خطة تشيع جديدة في صنعاء.. مزارات على أنقاض أماكن تاريخية    وللعيد برامجه التافهة    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تراث الجنوب وفنه يواجه.. لصوصية وخساسة يمنية وجهل وغباء جنوبي    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    تخيل أنك قادر على تناول 4 أطعمة فقط؟.. شابة مصابة بمرض حيّر الأطباء!    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناضلون من أبين ل«الجمهورية»: لن نتنكر لدماء الشهداء وتضحياتنا في سبيل الثورة والجمهورية والوحدة
حشود المناضلين تعبر الحدود المصطنعة للدفاع عن الثورة السبتمبرية

الحديث عن الثورة اليمنية الخالدة 26 سبتمبر الأم عام 1962م ووليدتها ثورة 14 أكتوبر عام 1963م ذو شجون لما تمثله هذه الثورة اليمنية من تحول في مسار حياة شعبنا اليمني في كل شبر من أرض الوطن الحبيب وتحرره من براثن وجبروت نظام الحكم الإمامي الكهنوتي البغيض والمتخلف وكذا من الاحتلال البريطاني الذي جثم على صدر الوطن قرابة(129) عاماً والذي دحر من أرض الوطن في ال 30 من نوفمبر 1967م بعد نضال طويل خاضة أبناء شعبنا وبدعم من الثورة السبتمبرية الأم .
«الجمهورية» بمناسبة الذكرى ال(48) لقيام ثورة 26 سبتمبر التقت عدداً من المناضلين والذي كان لهم الشرف في الدفاع عن الثورة وانتصارها واسهاماتهم النضالية في مراحل الكفاح المسلح لتخرج بهذه الحصيلة.
المناضل العقيد/حسن بن حسن سعيد الملقب(حسن الصغير) أحد المناضلين من أبناء مدينة جعار محافظة أبين والذي انخرط في صفوف المناضلين للمشاركة في الدفاع عن الثورة الأم والجمهورية الوليدة في شمال الوطن متحملاً مشاق وعناء السفر من مدينة جعار صوب الحالمة تعز براً حيث تحدث عن ذكرياته قائلاً:
في البدء شكراً ل«الجمهورية» والتي تحمل أجمل وأغلى اسم في حياة المناضلين اليمنيين الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل تثبيت شعارهم(الجمهورية أو الموت).
فيما يتعلق في انخراطي بالعمل النضالي الوطني فقد كان عام 1966م حيث كنت أعمل مزارعاً لدى الشهيد الرئيس سالم ربيع علي(سالمين) وشريكه المزارع المعروف علي محسن الفقير رحمة الله عليهم وهو ابن عمه وعندما غادر الشهيد سالمين إلى تعز انتقلت من زنجبار إلى مدينة جعار وسكنت في منزل المرحوم علي محسن الفقير كواحد من أفراد أسرته الكريمة. وفي منتصف عام 1966م التحقت بالعمل في ادارة الكهرباء بجعار كمراسل وكان حينها قد ارتبط بعلاقة مع بعض الشباب المتعلمين وكانوا يكبروننا سناً منهم المناضل الكبير فيصل يحيى النعمي والمرحوم محسن علي محسن الفقير ومجموعة من الشباب الآخرين الذي كانوا يشكلون الخلايا الطلابية لمقاومة الاستعمار البريطاني الغاشم وكان حديثهم عن الثورة يثير في نفسي الحماس أسوة بالآخرين وكان المناضل فيصل النعمي أطال الله في عمره يلتقي بنا ويعطينا بعض الارشادات ويوضح لنا مايجري على الساحة الوطنية حينها. وكانت هذه اللقاءات مفيدة جداً إذ ساعدت كثيراً في تنمية وعينا وإعدادنا سياسياً وثقافياً وحقيقة هؤلاء الشباب كانوا شعلة مضيئة من الحماس والثقافة الوطنية العالية التي جعلتنا نشعر بأهمية العمل الوطني ضد الاستعمار البريطاني الغاصب والحكم الإمامي المتسلط .
صنعت قنبلة وفجرتها بجعار
ويواصل المناضل حسن بن حسن(حسن الصغير) حديثه وذكرياته النضالية قائلاً:
في بداية عام 1967م كان هناك احتفال في مدينة جعار بمناسبة عيد اتحاد الجنوب العربي ففكرت بإفشال هذا الاحتفال المشؤم بالنسبة لنا كمناضلين حيث قمت بصنع قنبلة يدوية وفجرتها بالقرب من سينما جعار وكنت قبل أن أفجر القنبلة تأكدت من عدم وجود مواطنين في الموقع حتى لايتأثروا من انفجارها. فوجدت عدداً من الشباب أعرفهم منهم المرحوم أحمد علي صويلح وعبده سيف وشخص آخر اسمه مرزوق فأشعرتهم بمغادرة المكان إلا أنهم لم يأخذوا كلامي مأخذ الجد ولم يصدقوا حديثي لهم بذلك وبعد انفجار القنبلة هرب الجميع تاركين أحذيتهم وعمائمهم خلفهم هلعاً وخوفاً.
بعد ذلك توجهت إلى سوق جعار وشاهدت أفراداً من الشرطة يجوبون الشوارع بحثاً عن الشخص الذي ألقى القنبلة.. بعد سماع ذلك توجهت إلى منزل خالي عمر سالم وبعد بضعة أيام قام عمال الكهرباء بإضراب عن العمل احتجاجاً على الممارسات العدوانية لاسرائيل على الشعوب العربية والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص وفي اليوم الثاني من الإضراب عاد العمال لممارسة عملهم بينما عدت أنا للعمل في اليوم الثالث فوجدت مشرف العمال الحاج علي جميل يناديني ويقول بأنه سمع كلاماً بأني رميت القنبلة على السينما ونصحني أن عملاء الاستعمار قد أخذوا الحديث على محمل الجد فذهبت إلى منزل خالي عمر وطلبت منه مبلغ(3000) شلن وسألني إلى أين أنت ذاهب فقلت له أريد المبلغ من أجل السفر لمهمة.
معسكر التدريب في العرضي بتعز
غادرت مدينة جعار باتجاه محافظة لحج وهناك وجدت حملة تسجيل متطوعين إلى فلسطين فسجلت معهم وتحركت هذه المجموعة المتطوعة وعددهم 600 فرد إلى تعز حيث نقلنا إلى ميدان التدريب في معسكر العرضي ومكثنا هناك بضعة أيام بعدها قالوا لنا لقد توقفت الحرب بين إسرائيل والعرب والرئيس جمال عبدالناصر قدم استقالته.
فخرجت الآلاف من الجماهير الغاضبة في تعز إلى الشوارع في مسيرات حاشدة معبرة عن رفضها لاستقالة الرئيس جمال عبدالناصر وفعلاً كان للشارع العربي أثر كبير في تراجع الرئيس ناصر عن استقالته وبعد فترة من وجود ثاني معسكر العرضي جاء من يقول لنا من يريد أن يعود إلى عدن فسوف نوفر له مواصلات ومن يريد أن يسجل في الجيش فعليه أن يحضر ضميناً.. وقد توقف المناضل حسن الحديث وابتسم وتابع حديثه متذكراً موقفاً على ذكر حكاية من يريد التسجيل في الجيش يحضر ضميناً حيث كان يردد المدرب حقنا ويقول رددوا بعدي أثناء المرش (شمال يمين) ويكرر هذه المقولة ونحن بعده مافيش ضمين وطبعاً وافق البعض على احضار ضمين فيما أنا حالفني الحظ فوجدت المناضل حسين عبدالله حويصلة الذي كان عضواً قيادياً في جبهة التحرير فكان الضامن لي بل أنني سكنت منزله في تعز حاضنة الثورة والثوار من أبناء الوطن فقد حاول اقناعي بالعودة لمواصلة الدراسة بحكم صغر سني فأصررت على البقاء وأخبرته عن الرئيس سالمين ورد علي أن سالمين ذهب إلى جبهة ردفان وهناك صعوبة في الوصول إليه فذهبت إلى اللجنة التي تقوم بتسجيل الأفراد للتأكد من استكمال اجراءات التسجيل فقالوا لي أنت صغير ونحن محتاجون ناساً كباراً لأننا في مرحلة خطيرة للدفاع عن الثورة السبتمبرية تتطلب القادرين على المواجهة وتحمل الظروف الصعبة فقلت لهم أنا لست صغيراً وعندي قدرة على العمل العسكري مهما كانت صعوبته وحاولت في اقناع اللجنة بقبولي أكثر من مرة ولكن دون جدوى فعدت إلى المناضل حسين حويصله وأصررت على أن يبذل جهده معي واقناع اللجنة بقبولي وفعلاً نجح في مسعاه واستلمنا اجراءات الفحص الطبي وذهبنا بعد ذلك إلى شخص اسمه الشرجبي وهو صاحب مطابع في منطقة الجحملية في تعز والذي ضمن علي ومن ذلك اليوم صرت جندياً في الجيش.
ويتابع المناضل/حسن الصغير سرد ذكرياته النضالية قائلاً: مكثنا في معسكر العرضي بتعز نتدرب وكان يدربنا ضباط يمنيون ومصريون وبعد اكتمال التدريب تم إرسالنا إلى صنعاء وهناك استقبال كبير من قبل القيادة العسكرية ورتبوا لنا على الفور أماكن للسكن فيها وكنا لانملك شيئاً غير البدلة العسكرية وبطانية واحدة هي الفراش والغطاء في آن واحد.
أما بالنسبة للغذاء فكان كدم وشاهي فالوضع المعيشي كان صعباً جداً في صنعاء أكثر مما هو عليه في معسكر التدريب بتعز.
أجبرتنا الظروف السيئة أن نعبر عن احتياجنا بالخروج في مسيرة إلى مجلس الوزراء مطالبين بتحسين وضعنا المعيشي وتوفير احتياجاتنا الضرورية من غذاء مناسب وملابس عسكرية وبطانيات كافية وعند وصولنا إلى مبنى مجلس الوزراء قامت الحراسة الخاص بمجلس الوزراء بمحاولة تفريقنا ولم تستطع وظهر علينا حينها رئيس الوزراء المناضل عبدالله جزيلان وقال لنا شكلوا منكم لجنة ثلاثة أفراد لطرح قضاياكم وتم اختيار ثلاثة من قبلنا وبعدها تم توفير متطلباتنا.
ويستطرد في الحديث: إن الثورة والجمهورية كانت حلم كل مناضل وكل يمني شريف وبالمناسبة كان يزورنا في المعسكر بين لحظة وأخرى لرفع معنوياتنا المناضل والشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب الذي كان أحد القادة الضباط في مدرسة الصاعقة التي كانت جوار معسكرنا وكان يأتي معه شخص آخر اسمه الملازم فيروز من منطقة الكود محافظة أبين بعدها انتقلنا إلى معسكر المطار بالجراف ونظمت لنا دورة تدريبية استمرت ثلاثة أشهر وقد تم توزيعنا على الوحدات العسكرية وجاء توزيعي في فرقة الصاعقة وقد تزامن توزيعنا مع بدء انسحاب القوات المصرية من صنعاء والذي أدى إلى سيطرة الملكيين على تلك المواقع لأن هناك مشكلة أساسية حدثت أثناء الانسحاب ,حيث لم يكن انسحاب القوات المصرية منسقاً مع الجيش اليمني مما أدى إلى تفاقم الوضع واشتداد حصار الملكيين بصنعاء ,وكان بإعتقادي أن الأسباب الرئيسية لفرض الحصار على صنعاء لأن الملكيين كانوا يراهنون على سقوط النظام الجمهوري باستيلائهم على العاصمة صنعاء ,ولأن قوات الجيش اليمني كانت في بدأ من تأسيسها وبوحدات قليلة ورمزية في الصاعقة المظلات والمدفعية وعدد من الأولية العسكرية وعندما رأت القيادة بأن الزحف بداية قبل الملكيين على المواقع التي تنسحب منها القوات المصرية عززت وحدات المدفعية والمدرعات ,ومعها تم نقلي إلى سلاح المدفعية في الكتيبة الأولى وعملت على مدافع 76,58 ملم في جبل نقم وكان قائد السلاح النقيب محمد المقبلي وأتذكر من زملائي حسن علي سليمان ومحمد الرحيبي من أبناء مدينة جعار بأبين وأحمد صالح البيضاني وأحمد السنحاني والملازم حسن محمد أنعم والملازم درهم عبدالرحمن ودرهم نعمان وكنا قوة عسكرية قليلة العدد فالطقم العسكري مكون من 5 7 أفراد وفي بعض الأحيان ثلاثة أفراد وفي الأيام الأولى لبدء الحصار على صنعاء مررنا بظروف صعبة جداً وكانت مواقعنا تتعرض للقصف المدفعي والنيران الكثيفة من قبل قوات الملكيين في اتجاه السواد حزيز وكنا في كل أيام الحصار ننتظر الموت في أية لحظة ولكن تلاحمنا كان أكثر صموداً وأقوى من كل الهجمات والمباغتات وايماننا بأهداف القوة والجمهورية الوليدة كان أعمق.
سقوط طائرة الشهيد الديلمي
وبالنسبة للمواقف الصعبة والمؤلمة التي عايشناها خلال فترة الحصار تحدث عنها المناضل حسن الصغير قائلاً: ونحن في موقعنا العسكري منطقة الحناء شاهدنا طائرة الشهيد الطيار الديلمي وهي تحترق في الجو والشهيد الديلمي يقفز من الطائرة وقد شاهدناه من خلال المناضير فوق المواقع التي تسيطر عليها قوات الملكيين وكان المشهد صعباً جداً فحاولنا أن نحشد قوة لإنقاذه فواجهنا صعوبات كثيرة جداً فتعركت قوات مدرعة في صنعاء بقيادة المناضل حسن العمري القائد العام للقوات المسلحة فوصلت هذه القوة المدرعة إلى قمة (تبة المشاة) وقد اطلق عليها فيما بعد اسم تبة العمري , ثم قمنا بتشكيل مجاميع من نفس كتيبة المدفعية على شكل قوات مشاة وتحركنا للتمركز في تبة المشاة قبل أن يحتلها الملكيون ,لو تأخرنا عن ذلك سنكون محاصرين تماماً , حيث قاد المناضل المرحوم عباس العماد قائد الكتيبة هذه المجوعة وكنت بجانبه نتنقل من موقع إلى موقع آخر وبشكل انتشار وكان ضرب النار مكثفاً علينا بالمدفعية والرشاشات المتوسطة عيار 50 ملم وقد اصابه طلقة من عيار 50 بندقيتي وقسمتها وسقطت على الأرض وقفز لنجدتي النقيب عباس العماد وعند ما اطمأن على سلامتي سلمني بندقيته الآلية نوع كلاشنكوف واستمررنا بالزحف حتى اكملنا السيطرة على موقع كبة المشاة ,وقد سميت بتبة العمري فيما بعد عندما تعرضت إحدى المدرعات التي كان العمري قائد الجيش محاصراً فيها من قبل قوات الملكيين في إحدى المعارك بذلك الموقع.
وأعود إلى القول إن النقيب المناضل البطل عباس العماد رحمة الله عليه سلمني بندقيته الشخصية وقال يكفيني المسدس معي وأنت بجانبي وكنت فخوراً جداً بأنني أواصل دفاعي عن الثورة والجمهورية , لكن مع غروب الشمس عاد علينا القصف الشديد لأن قمة جبل تبة المشاة مكشوفة واستمروا بضربنا بالمدافع الهاون ولم نستطع الصمود فيه ,فعملنا خطة تمويه للعدو بأننا لازلنا متواجدين في الموقع وانسحبنا في تمام الساعة العاشرة مساءً إلى موقع قيادة الكتيبة بعد أن انسحبت القوة التي حاولت انقاذ الطيار الشهيد الديملي , وهناك امنا موقفاًِ آخر حصل لي عندما كنا في مواجهة مع قوات الملكيين وكان القصف علينا مكثفاً من جميع الاتجاهات حينها كنت أنا رقيب الكتيبة وكنا نشن ضربات بالمدفع عيار 85ملم وكان قائد الطقم الشهيد جازم عبدالرؤوف حينها حطت قذيفة مدفعية بالقرب منا وخفضنا رأسي ,ولم ارفعه إلا ورأيت رأس زميلي الشهيد جازم قد قصمته شظية ومسحت على رأسه بيدي ورأيت المخ الأبيض قبل أن ينزف وتسيل الدماء وهذه لحظة صعبة لايمكن أن أنساها.
وتذكر المناضل حسن بن حسن (حسن الصغير) ذكرياته ويقول إنه اثناء فترة الحصار للعاصمة صنعاء اصدرت القيادة قراراً بتعيين قائد سلاح الصاعقة عبدالرقيب عبدالوهاب رئيساً لهيئة الأركان العامة وحينها بدأت القيادة بحشد كافة القوات وتنظيمها وكذا جمع المقاومة الشعبية المتواجدة في صنعاء وتدريبهم وتسليحهم بعد أن تم تحديث مطار الجراف كمطار ترابي وكانت طائرة الانيتنوف الروسية التي تنقل رجال المقاومة من الحديدة وتعز وتهبط بهم في مطار الجراف وسط قصف مكثف ومستمرين قبل قوات الملكيين من جهات بني حشيش وجبل الطويل ووصل القصف إلى مصنع الغزل والنسيج وكان الأفراد من القوات الشعبية ينزلون من الطائرة قبل أن تتوقف ,وبعض الأفراد لم يتمكنوا من النزول من الطائرة فكانوا يعودون مع الطائرة نتيجة شدة القصف , وخلال فترة الحصار جاء إلينا الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب رئيس هيئة الأركان العامة إلى موقع الحصار واجتمع مع قيادة المدفعية وقام باطلاع على اطقم المدفعية مع قائد الكتيبة العماد وقال اضبطوا ساعاتكم على توقيت ساعتي وحدد لكل موعد القصف المدفعي على العدو ومواقعه وتم تحديد نفس الوقت للكتائب الأخرى , وبدا القصف التمهيدي الذي كان الهدف منه ارباك العدو وتحطيم معنوياته ومواقعه للانتقال إلى مرحلة الهجوم على مواقع الملكيين ,وفتح الحصار على المدينة وتم تنفيذ ذلك من قبلنا بعدها بدأت القوات المهاجمة في منطقة عصر على خط الحديدة صنعاء الهجوم وتمكنت القوات من احتلال بعض المواقع التي كانت تسيطر عليها قوات الملكيين والدخول إلى خبوه في نفس الوقت بدأت تزحف من بني مطر والحيمتين قوات أخرى لمهاجمة العدو للدخول إلى صنعاء وقد تم فتح خط طريق صنعاء الحديدة وهنا بدأت قوات الملكيين بالتقهقر والهزيمة.
تباينات في القيادة
ويخلص المناضل العقيد حسن بن حسن في ذكرياته عن حصار السبعين يوماً لمدينة صنعاء وفك عنها هذا الحصار ,حيث قال:
إن فترة الحصار هي الفترة التي سيطر فيها الملكيون على المنافذ المؤدية إلى صنعاء أما قتال الملكيين فقد استمر حوالي 416 يوماً تقريباً , اتذكر عندما فك الحصار وحدث ما حدث من تباينات بين القيادة طلب البعض من قائد كتيبة المدفعية المناضل عباس علي العماد أن يوجه السلاح ويضرب صنعاء وإلا سيتم ضربنا وكان الأمر بالنسبة لنا مذهلاً ولايمكن تصديقه أو التصور بأن الأمور تصل إلى هذا الحد فكيف نضرب صنعاء ونحن قاتلنا الملكيين حتى فتحنا الحصار عنها وقدمنا قوافل من الشهداء من رفاقنا الضباط والجنود والمقاومة الشعبية الذين هبوا من كل حدب وصوب للدفاع عنها مقدمين حياتهم رخيصة لانتصار الجمهورية , وقد كان موقف قائد الكتيبة المناضل العماد موقفاً شجاعاً رافضاً هذا الأمر رفضاً قاطعاً وقالها بقوة: لن نضرب صنعاء وسوف ندافع عن أنفسنا في حال توجهت نحونا أية ضربة من أي جهة.
واحدية الثورة وأهدافها
ويتحدث المناضل العقيد حسن الصغير عن واحدية الثورة اليمنية قائلاً:
لقد هب الثوار من صوب الوطن من مختلف المحافظات بعد قيام ثورة ال26 من سبتمبر وإعلان الجمهورية وفي حشود كبيرة عبرت مختلف المنافذ البرية والحدودية المصطنعة من قبل الاستعمار البريطاني والحكم الإمامي الكهنوتي إلى شمال الوطن للمشاركة في الدفاع عن الثورة والجمهورية ,وقد ابلوا بلاءً حسناً في واجبهم الوطني في الدفاع عن الثورة والجمهورية وسطق منهم العديد من الشهداء والجرحى في العديد من المعارك التي خاضوها مع القوات الملكية.
وهناك العديد من المناضلين في الوحدات العسكرية المشاركة الأخرى وباعداد كبيرة لاتحصى في مثل هذا اللقاء ويعذرونا على عدم ذكرهم في هذا اللقاء العابر والسريع وسيظل اسمهم خفاقاً في سماء الوطن لانهم بحق كانوا خير المخلصين المدافعين عن الثورة والجمهورية جنباً إلى جنب مع إخوانهم من المناضلين والاحرار في شمال الوطن فالجميع تخرجوا في صفوف الجيش الجمهوري كمتطوعين للتقال ضد الملكيين حتى تحقق النصر ودحر الملكيين ثم عاد غالبيتهم إلى جبهات النضال والكفاح المسلح في جنوب الوطن لاستكمال مهامهم الوطنية لطرد المستعمر البريطاني البغيظ ورحيل آخر جندي في ال 30 من نوفمبر.
المناضلون بحاجة إلى رعاية
وقد اختتم حسن بن حسن (حسن الصغير) حديثه بالقول على الجهات المعنية تقديم المزيد من الرعاية لأسر الشهداء والمناضلين الذين لازالوا على قيد الحياة وهذه الشريحة يجب أن تحظى باهتمام متواصل عرفاناً بما قدموه من مآثر بطولية خالدة وبذلوا حياتهم رخيصة دون أي ثمن أو مقابل.
فالوطن ينعم اليوم بالخير في مختلف جوانب الحياة يعود الفضل فيه أولاً لله سبحانه وتعالى وهؤلاء المناضلين الذين غرسوا اللبنة الأولى لحياة هذا الشعب ويحدونا الأمل في القيادة السياسية في متابعة ما تحقق لهذه الشريحة في ظل توجيهاتها المتكررة بتحسين أوضاع المناضلين والشهداء وأسرهم كما أدعو الله سبحانه وتعالى أن يسكن الشهداء المناضلين فسيح جناته وأن يتحقق للوطن كل مانصبو إليه جميعاً من عزة وازدهار وأمن واستقرار.
اثبات الثورة
أما المناضل الشيخ حسين عوض اليزيدي من مواليد مديرية يافع جبل اليزيدي وهو حالياً مغترب في المملكة العربية السعودية فقد تحدث عن ذكريات النضال قائلاً:
إننا اليوم نحتفل بالذكرى الغالية على قلوبنا لثورة ال26 من سبتمبر الخالدة وعندما نعود إلى الذكريات فلا مقارنة للحاضر بالماضي الأسود قبل قيام الثورة المجيدة فهناك فرق شاسع وكبير في مختلف الميادين والمجالات لمجتمعنا اليمني على مستوى الوطن اليمني الحبيب وحول سفر الذكريات وانطلاق البداية لدوري النضالي المتواضع في عام 1960م انتقلت من قريتي في جبل اليزيدي بيافع إلى عدن للبحث عن عمل وتوفير لقمة العيش لأسرتي فوجدت عملاً في احد مطاعم مدينة المعلا في الدكة (مطعم سالم عبدالواحد) الإقبال حالياً ورغم صغر سني كنت متأثراً بالأجواء الوطنية والثورية التي كانت محيطة بنا في تلك الفترة ,حيث كان الناس يعيشون تحت الاحتلال البريطاني في هذه الفترة وكان الناس تعيش افراح انتصار الثورة المصرية بقيادة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر كنا نتابع إذاعة صوت العرب واخبار اليمن وخطابات جمال عبدالناصر ,وكان المواطنون يتجمعون في المقاهي والميادين العامة الكل ينصت لإذاعة صوت العرب وصنعاء حتى يوم الخميس ال26 من سبتمبر 1962م ,حيث اعلنت إذاعة صنعاء بيان الثورة السبتمبرية وتبعتها رسائل الإعلام في مختلف دول العالم مؤكدة قيام الثورة وإعلان الجمهورية وكان ذلك اليوم تاريخياً فنحن منتظرون هذا اليوم الموعود بفارغ الصبر وخرجنا إلى الشوارع غير مبالين بقوات الاستعمار البريطاني هاتفين (تحيا الثورة .. تحيا الثورة) ورافعين صور الزعيم الخالد جمال عبدالناصر ,كما كان لنداء الرئيس الراحل عبدالله السلال بدعوة كل الأحرار والمناضلين لنجدة الثورة والدفاع عنها من تآمرات الملكيين أثر كبير في نفسي فقررت بصفة شخصية دون ايعاز أحد الذهاب إلى صنعاء والمشاركة في الدفاع عن الثورة حملت حقيبتي واتجهت إلى صنعاء تلبية لنداء الوطن.
الاتجاه إلى تعز
ويواصل المناضل الشيخ حسين عوض اليزيدي متابعة حديث الذكريات قائلاً:
غادرت من عدن باتجاه لحج ومنها انطلقت بسيارة (لوري) إلى منطقة الراهدة ومنها إلى تعز وجلست فيها أياماً قليلة بعد أن عرفني أحد الأشخاص بمكان سكن السلطان الثائر محمد بن عيدروس العفيفي سلطان يافع والذي هرب إلى شمال الوطن عام 1961م بعد أن قصفت الطائرات البريطانية منزله في منطقة القارة مديرية رصد بمحافظة أبين نتيجة معارضته السياسية البريطانية ومقاومته قيام محميات اتحاد الجنوب العربي والسلطان محمد بن عيدروس العفيفي شخصية وطنية مناضلة ومحبوبة ولمن لم يعرفه من المواطنين قاوم سياسة الاحتلال بكل شجاعة ورفض كافة الاغراءات وضحى بكل مايملك من أجل أن يتحرر وطنه من المستعمرين وهذه كلمة حق تقال بحق هذه الشخصية الوطنية والاجتماعية رحمة الله عليه.
وعند توجهي إلى مكان سكنه كانت الفرصة تهزني لأني وجدت من يساعدني للذهاب إلى صنعاء بكل تأكيد حتى احقق أملي بالمشاركة في واجب الدفاع عن الثورة وفعلاً قابلني السلطان محمد بن عيدروس بحفاوة وترحاب وسألني عن مطلبي الذي جئت من أجله فقلت له والله أنا جئت من أجل الذهاب إلى صنعاء للمشاركة في الدفاع عن الثورة فقال لي لكن أنت صغير قلت له أنا قادر على المشاركة فقال بارك الله فيك وبامثالك مبدياً اعجابه بأندفاعي وشعوري الوطني وطلب مني الانتظار يوماً أو يومين وسوف نرسلك مع مجموعة من الرجال ولكنني أصررت على المغادرة وعدم الانتظار فما كان منه إلا أن كتب لي رسالة إلى وكيله في صنعاء محمد علي منصر البهري وإلى المناضل علي سعيد بن رباح من أبناء يافع أيضاً وتحركت من تعز إلى الحديدة ومنها إلى نقيل مناخة وصولاً إلى صنعاء والتقيت بالشعيبي وسلمته الرسالة وبدوره أمن لي السكن مع عبدالله الحروي في معسكر القوات الجوية في منطقة العرضي إلى جانب بعض الجنود من قوات المظلات ثم أخذنا سعيد بن رباح مع مجموعة من أبناء يافع والضالع وكان على رأسهم الشيخ علي صالح المرقدي وكثير من الأفراد من عدد من مناطق اليمن ,وكان الكل متاهباً للدفاع عن الثورة.
الانطلاق إلى جبهة القتال
وبعد ثلاثة أيام من وصولنا جاء سعيد بن رباح إلى مجموعتنا وكان عددها 100 فرد وقال استعدوا اليوم سوف ننقلكم إلى مجموعات المقاتلين في الجبهة وأخذنا لمقابلة الشيخ المناضل أحمد المجعلي الذي بدوره اخذنا إلى العرضي للتسليح بعد أن رحب بنا ووجهنا لاستلام السلاح.. وعند خزنة السلاح ارادوا أن يعطونا بنادق شيكية الصنع فرفضنا وقلنا نريد بنادق جرمل فتدخل ضابط مصري وقال اصرفوا لهم بنادق جرمل وتم صرف لكل واحد منا بندقية وكان عددنا عشرة أفراد أذكر منهم المناضلين محمد حسين القعيطي وحسن بن حسن القعيطي وغالب محمد الممرسي واخاه علي غالب والسيد حسين محمد الهاشمي ومنصور وعلي محمد الحدي .. وقد ضمنا الشيخ المجعلي إلى 70 شخصاً من المراقشة من آل فضل بأبين وأهل ثجينه اتذكر منهم المناضل عبدربه محمد سواد وهو رجل شجاع ومتزن وكان من خلال احاديثنا تجد الروح والعزيمة والاخلاص والكل مندفع لكي ينال الشهادة في سبيل انتصار الثورة متناسين كل شيء لأن الثورة كانت حلمنا الكبير ,وقد انطلقنا باحدى السيارات صوب جبهة القتال لمواجهة قوات الملكيين باتجاه منطقة اسمها (الضبعان) التي كانت توجد فيها قيادة العمليات التي وصلنا إليها قامت القيادة بتوجيهنا إلى منطقة (تنعم) التي كانت إحدى جبهات المواجهة مع قوات الملكية فتم تمركزنا في موقع فوق قمة جبل تنعم كل المجموعة البالغة 80 فرداً بقيادة المناضل أحمد المجعلي وكانت أيضاً إلى جوارنا مجموعة مصرية مكونة من 400 فرد بقيادة القائد المصري أحمد طلعت فاستمرت المواجهات أياماً فلم تتمكن قوات الملكين من تجاوز خطوط دفاعاتنا وانزلنا بقوات الملكيين خسائر كبيرة في جنودهم واسلحتهم وعتادهم واستمرت هذه المواجهات في جبهات القتال أياماً طويلة وأشهراً امتدت إلى نحو عام كامل من نهاية نوفمبر 62م وحتى ديسمبر 63م.
الرئيس السلال يكرمنا بميدان التحرير
وحول ابرز المواقف التي استذكرتها في مخيلتي بعد هذا العمر الطويل والغربة الطويلة عن الوطن اتذكر أن هناك هجمات كبيرة ركزت على مواقعنا أدت إلى استشهاد أفراد واصابة آخرين.. ففي إحدى الهجمات التي شنتها قوات الملكيين كانت هجمة شرسة امطرت مدافعنا بوابل بمختلف الأسلحة الرشاشة والمدفعية والهاونات استمرت لساعات صوب المجموعات المتمركزة على قمة جبل تنعم واثناء المعركة كنت مع مجموعة المناضلين لنقل جثامين الشهداء والمصابين من مواقع القتال إلى صنعاء من مجاميعنا المقاتلين وكذا من الجنود المصريين شهيد واثنان مصابان أما المصابان على ما اتذكر من مجاميعنا هم صالح بحلس الذي أصيب في في رجله ويده ومحمد حسين القعيطي هو الأخير اصيب في ساقه ,حيث الشظايا المتطايرة من القصف المدفعي لقوات العدو وقد انزلناهم إلى صنعاء وعدنا إلى مواقعنا واستمررنا في جبهة القتال لمدة عام كامل من نهاية شهر نوفمبر 62م وحتى ديسمبر 63م وبعد أن اندحرت قوات الملكيين ويكسر شوكتهم ولوا فارين يجرون ذيول الهزيمة في تلك المواقع وبعد فترة عدنا إلى صنعاء وقد تصادف مع عودتنا الاحتفال بعيد الثورة والذي اقيم في ميدان التحرير عام 63م وشارك فيه الرئيس الراحل عبدالله السلال وبعدها بفترة تم تكريمنا وتم صرف لنا مصاريف مادية لكل فرد منا 25 ريال فرانص وتم منحنا اجازة ,وقد عدت أنا إلى قريتي بيافع وبعد فترة من عودتي وصلتني رسالة من قائد جبهة ردفان أحمد المجعلي بواسطة المناضلين ممد محسن شيخان اليزيدي ومحمد حسن خضر وطلب مني المجيء إلى ردفان بعد أن تفجرت ثورة ال14 من أكتوبر عام 63م ,وقد أديت الواجب في مساندة الثوار في جبهة القتال وتأمين قوافل الامداد وإعداد المقاتلين وغيرها من رسائل الدعم وبعد أن تحقق الاستقلال الوطني المجيد في ال30 من نوفمبر 67م حملت حقيبتي ولكن هذا المرة صوب الغربة في المملكة العربية السعودية حتى يومنا هذا والحمدلله رب العالمين الذي هدانا ووفقنا لاختيار هذا الطريق وخاصة والكل يدرك ما مر به الوطن من منعطفات خطيرة.
الهروب من أبين إلى البيضاء
وفي ختام لقاءاتنا تحدث إلينا الشيخ المناضل حيدرة ناصر صالح أحمد البلعيدي من مواليد 1935م آل فضل محافظة أبين ,حيث قال:
بداية انخراطي بالعمل النضالي كان من خلال مشاركتي في المقاومة الشعبية التي شهدتها المنطقة وخاصة التي حصلت بأبين ,حيث قامت عام 1954م قمنا مع مجاميع بقيادة المناضل محمد علي صالح بلعيدي بالاشتباك مع دورية عسكرية بريطانية كانت متوجهة عبر الشريط الساحلي بأبين إلى محافظة حضرموت ,حيث قمنا حينها بقتل اثنين من أفراد القوات البريطانية واصيب حينها المناضل الفقيد صالح سعيد بلعيدي وبعد نجاح عمليتنا قمنا بالهروب إلى جبل المراقشة ومنها تسللنا إلى الجبال حتى وصلنا إلى محافظة البيضاء وخاصة بعد أن علمنا بأنه تم وصول تعزيزات عسكرية بريطانية إلى المنطقة للقبض علينا عند وصولنا إلى محافظة البيضاء استقبلنا من قبل المناضل صالح بن ناجي الرويشان كما وجدنا في البيضاء العديد من المناضلين من أبناء المحافظات الجنوبية الذين هربوا قبلنا ومنهم رموز قيادية ابرزهم على مسعود الربيدي وعمر سالم الدماني ومحمد ناصر الجعري وعلى صلعان الكشميمي ومحمد عبدالله المجعلي وعلي محمد الصالحي وعدد من الثوار.
طيران الاحتلال يقصف قرى المراقشة
ويتابع حديثه الشيخ المناضل حيدرة البلعيدي عن ذكريات العمل النضالي قائلاً:
تم في البيضاء تسجلينا جنوداً وكنا نتحصل على راتب شهري خمسة ريال فرانصي وقد تم توزيع في احد المعسكرات على استخدام بعض الأسلحة الخفيفة كمقاومة وكان يقوم بتدريبنا المناضل أحمد حسين الشرفي واستمر التدريب بالمعسكر لمدة شهرين ومنها عدنا إلى مناطقنا وكان كل شخص منا يتحمل مسئولية خاصة في منطقته6 وعن عودتي أنا ومجاميعي البالغ عددها 30 فرداً إلى قرى المراقشة والقرى المجاورة لنا بأبين وحينها ابلغت المخابرات العاملة في المنطقة التي تعمل لصالح الاستعمار البريطاني لتنفيذ عمليات عسكرية ضد قوات الاحتلال وعلى الفور قامت الطائرات البريطانية نوع (باوفرني) ولها صوت مدوي بالقصف على مواقعنا وتمشيط المنطقة كلها من قبل الطائرات المغيرة علينا وقد استشهد حينها الشهيد المناضل علي ناصر باتيس والشهيد صالح أحمد الجوبري والشهيد صالح أحمد والشهيد محمد أحمد عبدالله مجوري والشهيدة نور أحمد باقيس كما قتل العديد من الإبل والأبقار والأغنام والماشية وتدمير المساكن لأبناء المنطقة وقد استمر ذلك القصف على مناطقنا لعدة أيام في قرى المراقشة والقرى المجاورة لها من آل المحوري وآل باقيس والجعادنة في الوضيع ,كما قامت الطائرات البريطانية باسقاط المنشورات في المنطقة التي تضمنت المطالبة قوات الاحتلال البريطاني بالذين قاموا بقتل الجنديين البريطانيين أو تسليم رهائن بدلاً عنهم بشرط توقف القوات البريطانية عن القصف علينا وفك الحصار المفروض على المنطقة والذي استمر 15 يوماً.. ولكن كان اخواننا في القرى المجاورة لنا يقومون بايصال المواد الغذائية بصورة سرية.
تسليم رهائن
ونتيجة لهذه الحملات العسكرية والحصار المفروض على قرى المراقشة قام بعض مشائخ المراقشة دون رضا الثوار بتسليم رهائن للسلطنة الفضلية لكي يتم اقناع البريطانيين بإيقاف العمل العسكري على منطقة المراقشة ,وقد تم اقناع الانجليز من قبل السلطنة الفضلية بايقاف العمليات العسكرية وقد اقنع سلطان آل فضل حينها المواطنين بتسليم الرهائن مقابل عودة الحملة العسكرية إلى موقعها بالوضع وقد سلموه حينها المناضل المرحوم محسن علي صالح بلعيدي والذي كان يعمل بعد الوحدة اليمنية المباركة سفيراً باحدى الدول الشقيقة.
العودة إلى النضال من البيضاء
وبعد وقف القصف العسكري من قبل الطائرات البريطانية على مواقعنا وقرانا توجهنا عبر الجبال إلى محافظة البيضاء لقيادة الثورة من البيضاء وكان معنا محمد ناصر المجعلي وأحمد حسين الشرفي وقمنا بضرب المواقع العسكرية في مكيراس وحيد السماء وكان توزيعنا على شكل مجاميع وهذا كان قبل قيام ثورة 26 سبتمبر 62م كما كنا نقوم أيضاً بحسب التكليفات بعمليات مباغتة وقطع الطرق مثل طريق العرقوب وطريق الساحل خيد يحيى وصيد الضيف بهدف قطع الامدادات العسكرية على مواقع الجيش البريطاني واستمر ذلك العمل العسكري حتى قيام ثورة 26 سبتمبر 62م وإعلان الجمهورية.
دك معاقل فلول الملكية
وحول المشاركة في نصرة ثورة 26 سبتمبر يقول المناضل الشيخ حيدرة ناصر صالح بلعيدي :
عند قيام الثورة الأم 26 سبتمبر 62م شاركنا مع اخواننا في شمال الوطن في عدة معارك ضد فلول الملكية وكان من أهمها المعركة التي خضناها في مدينة بيحان وكان قائدنا العسكري في الجبهة حينها المناضل علي بن علي الرويشان وأذكر له زاملاً قاله هذا القائد ونحن في الجبهة «ياعم صالح أمرنا با بيدك رويشانية وأنا سلامي كلما هوك صرف الشوك».
ويقصد بعمه صالح المناضل الداعم للثورة والثوار صالح بن ناجي الرويشان الذي كان حينها محافظ البيضاء ,وقد استشهد في هذه المعركة ناصر صالح بلعيدي كما اصيب عدد من المناضلين وكانت معركة عنيفة استمرت قرابة 4 ساعات استطاع فيها المقاتلون الجمهوريون تلقين المرتزقة من الملكيين درساً لن ينسوه.
اسقاط طائرتين بريطانيتين
ويتابع المناضل حيدرة البلعيدي سرد ذكريات النضال واسهاماته في ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر وواحدية الثورة اليمنية ,حيث قال: تم تكليفنا بالعودة مرة أخرى إلى جنوب الوطن لمقاومة الاستعمار البريطاني ,حيث قام المناضل الشهيد سالم ربيع علي (سالمين) بتشكيلنا إلى خلايا تنظيمية للعمل الفدائي وهذا كان قبل ثورة 14 أكتوبر 63م بفترة وجيزة كما تم تعيين المناضل الوطني المرحوم ناصر علوي السقاف قائداً عسكرياً للمنطقة الوسطى وكان معنا ضمن هذه الخلايا المناضل الفقيد محمد علي هيثم وكذا الرئيس السابق علي ناصر محمد والمناضل الفقيد محمد عبدالله المجعلي ومحمد فضل الصلاحي وعلي محمد الصالحي وأحمد صالح القنبلة وكان معنا من أبناء ردفان في المنطقة الوسطى غالب علي الغزالي وآخرون وقد كلفنا بالقيام بعدة عمليات عسكرية في مودية في عام 64م والذي شارك فيها من ثوار الجبهة القومية وتم اعتقال المناضل علي حسين أحمد ولم يصب أي فرد من الثوار وبعد المعركة عدنا إلى جبل فحمان وعند صباح اليوم الثاني اغارت علينا الطائرات البريطانية وتم حينها اسقاط واحدة من الطائرات التي على موقعنا في جبل نجدان في مودية من قبل الثوار المتمركزين في الجبل أذكر منهم علي محمد امصلاحي وحيدرة عوض المطول المحوري ومعهم أكثر من خمسة افراد كانوا في نفس الموقع ,حيث انهم كانوا يشكلون الفرقة الأولى من الحراسة في ظهر الجبل وتأمين انسحاب الثوار إلى الجبل وفي نفس الليلة تحركت الفرقة الثانية إلى المدرع بقيادة المناضل محمد عبدالله المجعلي وجاءت طائرة عسكرية بريطانية تهاجم موقعهم وتم اسقاطها من قبلهم في منطقة الملاح وقد انتقلنا من هذا الموقع إلى ديمنة ونتيجة لمراقبتنا من قبل المخابرات وعملائهم بالمنطقة جاءت الطائرة البريطانية تغير علينا منذ الصباح الباكر ولكن الحمدلله لم يصب حينها أحد من الثوار وحفاظاً على ارواحنا غادرنا المنطقة إلى البيضاء الحضن الدافئ لنا في شمال الوطن.
في معسكر صالة بتعز
وبعد وصولنا إلى شمال الوطن هذه المرة تم ارسالنا إلى معسكر صالة في مدينة تعز الحالمة حاضنة الثوار وكان معنا القائد العسكري للمنطقة الوسطى بأبين المناضل الفقيد ناصر علوي السقاف ونائبه الشهيد محمد فضل الصلاحي وتم تدريبنا في معسكر صالة بتعز على مختلف الأسلحة العسكرية , واستمر التدريب إلى حوالي ستة أشهر وبعد انتهاء فترة التدريب عدنا إلى المنطقة الوسطى تقريباً أواخر عام 64م وكان في استقبالنا القائد العسكري للمنطقة الوسطى السيد ناصر علوي السقاف الذي عاد حينها من مصر ونائبه الشهيد أحمد بن أحمد الفقيريه الذي استشهد في عدن وتم تكليفنا حينها بتنفيذ عدد من العمليات العسكرية في كلٍ من مدن زنجبار وجعار والوضيع واحور وبعض المواقع العسكرية وكذا الطرقات التي تتمركز فيها القوات البريطانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.