من الجبال الشاهقة و الاودية العميقة ،و الطرق الوعرة ومن كهوف المعاناة والالم ومن دروب النضال المليئة بالأشواك والعرق والدم من حيث نذرتم انفسكم لتصدروا الصفوف نحو الانعتاق و التحرر واستعادة الوطن السليب . حملتم كل معاني الاصرار، والصبر، مسلحين بقناعات لم تزعزعها الانواء والخطوب وصنعتم خيارات سامقة العلو وقبضتم على ارواحكم بأكفكم ومضيتما بخطى واثقة لا تلين وطوقتم أعناقكم بأحلام شعب ومصير أمة وقدتم المسيرة المباركة حتى الجدار الاخير ، وكنتم ترويسة هذا الانتصار العظيم .. لكنها لم تنته الحرب ايها الاحبة . فقد برزت هناك استحقاقات كبرى في هذه الانتقالية السريعة ،من قيادة خلايا الثوار الى قيادة وطن فالطريق على اية حال لم تكن مفروشة بالورد، ولم تكن كذلك يوماً فالمخاطر لازالت تتربص بكم وبالوطن ، و انتم في الحقيقة لم تخلقوا وفي فم احدكم معلقة من ذهب بل خلقتم بسطاء معجونين بتربة هذا الوطن ، وانتم جزء من ماضية وحاضرة ، ومن حلوة ومره ومن خيرة وشرة و من عوزه واكتفاءه وانتم جزء من مكونة وصيرورة الحياة فيه منذ ان خلقة الله وطن للأحرار. هذه البلد التي لا تعبد فيه الاصنام ولا الحجارة و لا تماثيل الشمع والتمر ولا تؤله فيه البشر ولا يشرك أهله بالله أحد . الان بأيديكم زمام القافلة ، سيروا بها الى الامام ولا تأبهوا لنباح الكلاب ، وأثق بأنكم ستصلوا في نهاية المطاف ، ومثل ما تجاوزتم بطوابير الثوار من فوق اكوام الفولاذ والبارود والقذائف والالغام و وقفتم منتصبي القامات امام فوهات الاسلحة المختلفة وهي تقذف الحمم والنار ولم تثنيكم عن التقدم نحو الاهداف التي وضعتموها نصب اعينكم ، فأنه يتعين عليكم أن تمضوا بنفس الاصرار والعناد والعزيمة .. ألستم فدائيين ؟ والفدائي أبداً يحمل روحه على كفه ولا يوجد بعد من يزرع الاضطراب في نفس الفدائي الذي وصل لتوه من ساحة الوغى الملتهبة . أثق بأنكم ستتجاوزون المفخخات والاحزمة الناسفة وطوابير المرتزقة والانذال وبائعي الضمائر والنفوس وكل مخلفات عفاش وحلفاءه الذين تعرفوهم جيداً ليس من اليوم بل منذ عقود خلت . عفاش لازال حاضراً بطوابيره الظاهرة والخفية وهذه حقيقة يعلمها حتى اطفال الجنوب ، هناك الكثير منهم يقفون معنا بالصف يوزعون الابتسامات البلهاء والبائسة كدموع التماسيح ومنهم من كان حليفنا في حربنا المقدسة ولكنه ( كقصير الذي جدع أنفه ليخدع الزبّاء) ولا شك انكم تعرفون المثل الشهير ( لأمر ما جدع قصير أنفه ) ، وقد تمكن قصير من خداع الزبّاء ملكة تدمر بهذه الحيلة الماكرة ولكم ان تتخيلوا كم قصيراً لدينا مخترق الصفوف ( وحذاري ان تكونوا كالزبّاء ). بلا شك أنهُ تحدي كبير، ولقد قبلتما ذلك التحدي ومعكم شعبكم العظيم واشقاءكم في دول التحالف العربي ، أعتقد أنكم في المكان الصحيح |،وما كان مجرد امنيات واحلام وكنا نعتقد انها ابعد من ان تلامس او تطال اصبحت اليوم حقيقة وفي متناول اليد علينا ان نقتنصها ببراعة وان نرفع الاشرعة على صواري سفينتنا وان نبحر بها طالما والرياح مواتية .