كان المبدأ الاول لجميع الدول التي تقدمت في العقود الاخيرة من القرن الماضي هو بناء الانسان و رفعه مستواه في مجالات شتى الى مستويات معينة ، و لكن المستوى الاخلاقي هو اهم جانب في ارتقاء الشعوب ، الفرد الجنوبي و لعوامل معينة وصل الى مستوى اخلاقي لا بأس به كان يهيئه بأن يرتقي بوطنه و اللحاق بركاب المجتمعات المتقدمة ، نحن لا ننكر سلبيات النظام الشمولي الذي كان سائد آنذاك و الذي كان السبب في اقحام الجنوب في وحدته المشؤومة و لا ننكر ايضا النعرة القبلية الموجودة في الجنوب و في بقية المجتمعات العربية و لكن بنِسَب متفاوتة ، مثلا لا وجود للنعرات القبلية في تونس ، و لكن الامر يختلف تماماً في جارتها ليبيا. عندما أتكلم عن الأخلاق هنا انا أتكلم عن اخلاق المرء تجاه وطنه بالدرجة الأولى لأنه لا يوجد اصلا مجتمع كامل الأخلاق. كان اول طلب تقدم به لي كوان يو باني نهضة سنغافورة للمدرسين هو "ابنو لي الانسان و انا سابني لكم وطن" اول ما قام به المسؤليين اليمنيين في الجنوب و على رأسهم رئيس سحرتهم علي عبدلله صالح هو افساد الانسان عبر طريق وسائل عديدة أولها نشر الفساد الاداري و ادخال الرشاوى و الاتاوات و زعزعة الأمن افساد النظامين التربوي و ألصحي بث النعرات ألقبلية ادخال القات بكميات و بأسعار زهيدة في البداية ، تسهيل انتشار الحبوب المخدِرة ، الخ الخ . اهم شيء افسده نظام الوحدة هو النظام القضائي و الذي هو العماد الفقري لتقدم المجتمعات. بدون نظام قضائي نزيه لن تقوم لأي مجتمع قائمة. في الوقت الراهن التحدي الذي يواجه الجنوب الان هو ليس العمليات الإرهابية و إنما بناء الانسان الذي يحتاجه الوقت ألراهن الانسان الذي يدرك بأن المجتمع لن يرتقي اذا لم يتكاتف الجميع. من الصعب شرح و إقناع جيل او جيلين تربيا في عصر ألوحدة جيلان لم يريا نظام نزيه و مجتمع مبني على مبدء الصالح العام و ليس المصلحة الشخصية او ألقبلية و هذا هو التحدي الحقيقي في مكافحة الارهاب و الفساد و التخلص من تركة الوحدة. عندنا التقي بأجيال جنوبية مختلفة في الاعمار ارى الفروق في التفكير و العقليات بكل وضوح الجنوبي الذي تربى و ترعرع في الجنوب غير الجنوبي الذي تربى في ألشمال الجنوبي الذي تربى ترعرع في الخليج او في أمريكا الشمالية او أوربا غير الجنوبي الذي تربى في زمن الوحدة في الجنوب. التحدي الكبير لنا الان هو بناء الإنسان الانسان الجيد يأتي كنتيجة لمجتمع فيه النظام القضائي ألنزيه أنظمة تربية و صحية صلبه الوحدة دمرت كل هذه الأنظمة ، و لكن اذا استطعنا التفكير بعقلية غير قبلية سيكون سهلا نوعا ما بناء الانسان الذي يحتاجه الجنوب الان. و لكن هناك بارقة امل و هي بأن الغالبية من لفظت و رفضت الوحدة كانت من جيل الوحدة و هذا دليل على أن المعدن الجنوبي الطيب لا زال موجود.