يقال: "ارتداء الطفل أحذية الكبار لا تزيد في خطواته، بل تعرقل سيره، فانتبه أن تتقمصم شخصية هي أكبر منك"!. ومن مفارقات المشهد العربي، يبدو ذلك جلّياً، وهو أننا أخطأنا عندما أسمينا غضبنا العارم، وعشقنا المجنون للحرية، وصمودنا المتفجر، وعزيمتنا المتقهقرة، بإسم "الربيع العربي".. #نعم..لم نعي تلكم العبارة جيداً، ولو فهمناها أگثر، لما أطلقناها گ"مسمى" لهوسنا التائه المجنون..
فكلمة "الربيع" كبيرة جداً، مقارنة بحال وطننا العربي المشتت أجزاءه، المفكك من گل أواصره. لقد خدعنا أنفسنا باتخاذنا العجل، وها نحن اليوم نتكبد عواقبه غصة تتبع أخرى، ونحتسي العلقم غصباً عن أفواهنا.
لقد خرجنا من أجل الحرية، لكننا أضعنا الطريق لها، خرجنا من أجل التقدم والتطور، فبادرنا بإسقاط حكّامنا. خرجنا من أجل الإصلاح وسد النزاعات، فأججنا الصراع، وشتتنا صفوفنا. فأيُّ ربيع هذا..؟
فلو أننا أسمينا تلك الثورات العربية السابقة التي أطاحت بالمستعمرات الأجنبية في گل بلدان العرب، بهذا الإسم، لكان حرياً بنا، وتمجيدنا لثوراتنا، التي تستحق گل ما يقال عنها، مقابلة بالربيع الخافت الحالي، الذي يقتاتنا الخجل عند ذگره، أو حتى سماعه.
فأي زرعٍ، وأي محصولٍ جنيناه من هذا الربيع، غير الدمار والخراب، والقتل والتشريد.. وأي ورودٍ أينعت في هذا الربيع، غير أشواك النكبات والأزمات، والفقر وتزايد الفساد والترديد..
ثار غضب "تونس"، فأطاحت برئيسها، وهاهي اليوم تعيش حالة تخبط، كمن يتخبطه الشيطان من المس-فقدت-أمنها وأمانها..
وأُشعلت نيران "مصر"، فأحرقت عرش حاگمها، وهاهي اليوم تعايش الإضطراب گل ساعةٍ وضحاها..
وتفجرت مودة "اليمن السعيد"، بين الغرماء، فخلعت عفاشها، فأصبحت ساحة حرب مفتوحة حد أقاويل المراقبين لها..
واستيقظت حارات "سوريا"، وهاهي تقارع نظام أسدها، متناسيتاً أن سقوط "بشار"، ليس بالعلامة الشافعية لها..
فصحيحٌ أن الأسد تحوّل إلى طاغية هنجمي، گسابقيه من حكام العرب الملعونين، فقتل السوريين، وأدمى جراحهم، ودمر منازلهم، وألبسهم ثياب أحزانهم..لگنّ سقوطه من عرشه هو سقوط سوريا بأگملها، من أرضها ومكانها..
لقد تحوّلت الأوطان العربية إلى ساحات، تحتضن الصراع العربي العربي، وتتلذذ بطعم الدماء العربية المسفوكة بأييادٍ عربية خالصة.. أما حگامه فتحولوا إلى حيواناتٍ مفترسة، تأگل الأخضر واليابس وتلتهم جلود البشر.. تجرّدوا من المسؤولية، والرحمة، وخرجوا ليذيقوا الشعب الذي عمّ الشوارع، يطالب بمحقوقه ويلات العذاب..
نعم..هذا ما وجدناه في قطارنا المگتظ بأحلامنا المشّوهة، التي بعثرناها بأنفسنا، وبمساعدة من جحافلنا الذين أكلوا أوطاننا، ونهبوا ممتلگاتها، وعاثوا فساداً وقتلاً بشعبها ودمروا گل بيوتها وأرضها..