في الضواحي الشمالية لمدينة البساتين بمدينة عدن يقع منزل رجل الأعمال العدني " احمد شيخ اللبني" يحيط بالمنزل جدار أنيق ومساحة واسعة زينت بعدد من الأشجار . لم يتبقى من المنزل إلا كومة من الأحجار والركام بعد ان اصابته غارة جوية نفذها طيران التحالف خلال معارك مسلحة مع عناصر ميليشيا الحوثي أواخر مايو الماضي . يعيش اللبني اليوم بمنزل مؤجر بحي ريمي ومع نهاية كل شهر يجد الرجل نفسه مجبرا على دفع ماقيمته 500 $ دولار أمريكي نظير ايجار منزله الجديد . مثل "اللبني" يعيش المئات في منازل مؤجرة بعدد من مديريات مدينة عدن . في ال 26 من مارس 2015 اندفعت قوات موالية للحوثيين وصالح صوب مدينة عدن لتدور معارك عنيفة بين هذه القوات ومقاومين من أبناء المدينة . استخدمت القوات الموالية للحوثيين السلاح الثقيل في مواقع عدة وشارك طيران التحالف بمئات الطلعات الجوية التي أحدثت بدورها دمارا إضافيا للمدينة . غادر الآلاف من أهالي عدن مساكنهم صوب المديريات التي لايسيطر عليها الحوثيون هربا من أعمال القصف . لكن حينما عاد المدنيون إلى مساكنهم وجدوا الآلاف منها وقد تدمر وكان غالبيتها غير صالح للسكن . بعد أشهر من انتهاء الحرب لايزال كثيرون يعيشون في مدارس حكومية واماكن ايواء في حين لاتلوح في الافق أي بوادر حكومية أو دولية لتدشين برنامج اعمار جديد في المدينة . يعتقد قطاع واسع من المدنيين في مدينة عدن أنهم يدفعون اليوم ثمن حرب لاصلة لهم بها ، لكنهم لايزالون يأملون ان تدفع جهود اعمار دولية مدينتهم إلى الأمام . في ال 21 من سبتمبر 2014 سقطت العاصمة اليمنية صنعاء بيد عناصر من ميلشيا الحوثي وبعد أشهر من ذلك وجد الرئيس اليمني "عبدربه منصور هادي" نفسه هاربا على متن سيارة نقل صغيرة صوب مدينة . تصاعدت حدة الأزمة لاحقا قبل ان تندلع الحرب بين قوات موالية لهادي وأخرى موالية لصالح والحوثيين .
دونما سابق انذار وجد الآلاف من المدنيين في عدن أنفسهم وسط أتون حرب لايبدو أنها اتصلت بشكل فعلي وحقيقي بكافة مصالحهم وقضاياهم الوطنية . وبعد أشهر طويلة من انتهاء الحرب لايزال الآلاف من الناس يعيشون في العراء ولايبدو ان أيا من الأطراف المتحاربة سوى كانت المملكة العربية السعودية والحكومة الشرعية أو ميلشيا الحوثي وقوات صالح مهتمة للمصير المأساوي الذي باتت الناس تعاني منه .