تلقي حسابات مصالح الفاعلين الدوليين بظلالها على مسار الحرب في اليمن والأحداث في المنطقة بشكل عام، في ظل غياب القيادة الوطنية الفاعلة على الأرض، وهو الأمر الذي بات يثير المخاوف بشكل جدي من تكرار سيناريو سوريا أو العراق في اليمن، حيث لعبت التدخلات الإيرانية دورا في إطالة أمد الحرب وتعقيد المشهد أكثر. وتتباين آراء المراقبين للشأن اليمني إزاء تقييم الموقف الدولي تجاه الأحداث في اليمن، حيث يتفق العديد على إيجابية الموقف الدولي (ظاهرياً) الداعم للسلطة الشرعية في اليمن ورفض الانقلاب، يشير آخرون إلى أن الانقسام الدولي يبدو واضحاً لجهة المشهد السياسي لما بعد الحرب واستعادة الدولة المختطفة. المحلل السياسي اليمني سام الغباري، يرى في تصريح ل"الإسلام اليوم" بأن "المجتمع الدولي يقف بإسناد هائل ضد التمرد في اليمن، حتى روسيا ترفض التمرد، غير أنه يشكو من غياب الاسناد المحلي لاستعادة الشرعية". مضيفاً: "لدينا فقط جيوب ايرانية تشتغل في وسط المعركة، وعدم وعي من متنفذي السياسة اليمنية تجاه طبيعة الصراع وتعقيدات القبيلة". ويقول الغباري ردا على سؤال "الإسلام اليوم" بشأن تواطؤ هذه الدول مع مليشيا الحوثيين منذ أحداث دماج وصولا لإسقاط العاصمة والانقلاب على الحكومة الشرعية، بأنه "لم يكن لديها رؤية واضحة لطبيعة الصراع ، اضافة الى التواطؤ الحكومي الذي حاول دفع الحوثيين للقيام بمهمة نبيلة لقتال داعش والقاعدة"، مؤكدا بأن "الاحتلال الحوثي لشرعية الدولة كشف الخدعة، ولولا عاصفة الحزم لكانت اليمن في طريق واحد اسمه ايران". ويخلص الغباري إلى أن "اليمن لن تهدأ الا في حالين؛ إما أن يكون لديهم منقذ داخلي وقوي وهذا مستحيل حالياً نظراً لأنه غير موجود، والا تهزم احدى القوى اللاعبة الخارجية في المنطقة مثل روسيا او السعودية"، وبالتالي "من ينتصر في سوريا سيحكم الوضع في اليمن، لأنه ليس لدينا قيادة وطنية فاعلة على الأرض"، حسب تعبيره. ويتفق الصحافي عادل عمر عضو مؤتمر الحوار الوطني إلى حد ما مع هذه الرؤية، مؤكداً في تصريح إلى "الإسلام اليوم" بأن "المجتمع الدولي مضطر لمساعدة اليمنيين ليس حبا في اليمن ولكن حرصا على مصالحه"، مشيراً إلى أن "التصويت الاخير بالإجماع في مجلس الأمن يؤكد ان المجتمع الدولي ليس منقسما في ما يتعلق بقضية اليمن ولو انقسم لكان الوضع كارثيا، بعد ان كانت روسيا متحفظة في التصويت السابق قامت الان بالتصويت مع تمديد العقوبات على صالح وزعيم الحوثيين". ويضيف عمر: "المجتمع الدولي يدرك تماما ما الذي يعنيه انهيار اليمن وما هي انعكاسات ذلك الانهيار على مصالحه في المنطقة وعلى الاستقرار العالمي بما يمثله اليمن من موقع استراتيجي". من جهته، يطرح الصحافي اليمني أمجد خشافة رؤية مختلفة نوعا ما، حيث يشير في تصريح ل "الإسلام اليوم"، إلى "أن اليمن وما تشهده من أحداث لم يعد بمنأى عن الصراعات الدولية في المنطقة لا سيما في سوريا، إذ ساهم المجتمع الدولي على ربط الملفات ببعضها وهو بذلك يعبر عن انقسام دولي قبل أن يكون المجتمع الدولي شريكا في الحل". ويوضح خشافة: "قبل سنة تقريبا قالت مندوبة قطر في الأممالمتحدة إن هناك مؤامرة على اليمن من قبل دول اقليمية ودولية، وتسعى لمقايضة الملف اليمني بالملف السوري، وهو ما يجعل اليمنوسوريا في متناول هذه الدول أشبه بالبيع والشراء في سوق النخاسة". مضيفاً: "أمريكا، بعد أن اتضحت سياستها خلال الخمس السنوات الاخيرة سياسة "النأي بالنفس" عما يحدث في المنطقة واليمن تحديدا كشفت مؤخرا أنها سياسة مدروسة ليس لتجنيب نفسها كوارث الصراعات بل لإدارة الصراع ضمن خطة اشعال المنطقة بين تيارين السنة والتي تمثل الأمة والشيعة الطائفة الاقلية، على اعتبار أن يكون الشيعة متسيدين للمنطقة تحت راية ولي الفقيه الايرانية". ويستطرد خشافة: "هذه السياسة المدروسة للمجتمع الدولي والذي ترسمها أمريكا أدى إلى إطالة أمد الصراع في اليمن، حرب الحكومة الشرعية ضد الحوثيين، رغم أن هناك قرارا دوليا ضد الحوثيين إلا أن إنهاء الصراع في اليمن لا يلبي خطة استنهاض الاقليات التي تمشي عليها أمريكا". ويخلص إلى أنه "حين يكون ملف اليمن الآن مربوطا بالملف السوري فعلينا أن نعرف أن المجتمع الدولي يدير الصراع بنفس طويل وعلى اليمنيين أن يتحملوا تبعات تدويل قضيتهم العادلة". وفي المحصلة النهائية، رغم التقدم على الأرض الذي تحرزه المقاومة الشعبية والجيش الوطني المؤيد للشرعية بمساندة قوات التحالف العربي بقيادة السعودية، يبدو لزاما على اليمنيين اليوم أكثر من أي وقت مضى إعادة النظر في التعاطي مع ظروف المرحلة وفق مصالحهم الوطنية وأمن الإقليم تمهيدا لشغل الفراغات المحتملة الناجمة عن إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة.