قبل عام، كان يوماً واحداً هو كل المساحة المتوفرة لمغادرتي المدينة، لا وثائق أو معالم لوجهتي القادمة غير جواز السفر وعدد من الاصدقاء وبعض الأحلام العالقة، اما وداع أمي فكان الوقت قصير جداً ولا أستطيع الان كتابة عذراً صادقاً، حتماً سأعترف لم يكن قصدي وهي تعرف كم ابنها طيب ومطيع ونبيل. الامنيات الممكنة وحدها التي بقيت حاضرة في مقدمة رأسي وأنا أتنقل في صنعاءالمدينة نفسها التي عشت فيها سنوات الجامعة وأصبحت فجأة غريباً في الأماكن التي كنت أرتادها، أحدق جيداً في نافذ البريد الوارد من هاتفي ولا أجد شيئاً، ثم اتحسس جيبي خوفاً من أن يضيع جواز السفر فيتعثر كل شيء.
مجبر حتما على انتظار موعد الرحلة البرية القادمة، أكره الانتظار في الغالب لكن هذه المرة أشعر بشيء غريب يشدني للوراء، وسرعان ما يقفز السؤال الى عقلي هذه التذكرة الورقية سترمي بك هي ذاتها غدا خارج حدود البلاد وربما قلبها؟
هل أنت مدرك لكل هذا؟؟ مرة أخرى أفتش في صندوق الوارد، اضاءة هاتفي المحمول تربكني وأكثر منها رنين التلفون من مكالمة واردة، وقبل ذلك ملامح العابرين في الشوارع كل شيء في المكان يؤدي إلى امنية واحدة وحلم بمصادفة عابرة أو أي شيء.
أمضي، أصل، أحاول النسيان، وتحظر أكثر في الغياب وطناً كاملاً كاملاً، ثم لا أستطيع فعل شيء غير النحيب كطفل غارق حتى النخاع، بشكل مضاعف أيضاً لا أتحمل الوداعات الأخيرة لأي شيء" وجه أخوتي الصغار أو رأس والدتي وحتى مصافحة صديق مسافر، واحياناً الانتهاء من محادثة كلامية" فكيف يكون أذا كان الأمر متعلقاً بنفسها كل أحلامك الطائرة.
صوت الجيتار هو وسيلة للترفيه على الروح، لكنه لم يعد كذلك، سيصبح أداة لعذاباتك أيضاَ في حال كان في كلتا يديها وتعزف بها أناملها على أوتار قلبك وليس على اسلاكه النحاسية.
بعيدا على الوطن، تصبح شخصاً ضعيفا للغاية، وأمام صورتها الذهنية في مقدمة رأسك فسرعان ما تحولك إلى رجلا عاطفياً جداً، وأما الموسيقى التي قد تسمعها بعد ذلك فستكون مصدرها بكل تأكيد، وستبصر كل شيء بلونها.
مختلف جداً كل شيء الان، القارتين التي تستطيع الانتقال بينهما الان صغيرة جداً، وكل محطات الانتظار في هذه المدينة تذكرك بتفاصيل لحظاتك الأخيرة دون مصادفة باللقاء، صوت أمك والأصدقاء وأخبار البلد وكل شيء تختزله في كلمة الاستفهام متى؟؟ ولن تجد إجابة منصفة.