ما الذي كان يفعله "عبدالمجيد الزنداني" في آخر أيّامه    رفض قاطع لقرارات حيدان بإعادة الصراع إلى شبوة    قذارة الميراث الذي خلفه الزنداني هي هذه التعليقات التكفيرية (توثيق)    قوات دفاع شبوة تحبط عملية تهريب كمية من الاسلحة    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    قيادي إصلاحي يترحم على "علي عبدالله صالح" ويذكر موقف بينه و عبدالمجيد الزنداني وقصة المزحة التي أضحكت الجميع    عاجل: الحوثيون يعلنون قصف سفينة نفط بريطانية في البحر الأحمر وإسقاط طائرة أمريكية    دوري ابطال افريقيا: الاهلي المصري يجدد الفوز على مازيمبي ويتاهل للنهائي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    لا يجوز الذهاب إلى الحج في هذه الحالة.. بيان لهيئة كبار العلماء بالسعودية    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    مغالطات غريبة في تصريحات اللواء الركن فرج البحسني بشأن تحرير ساحل حضرموت! (شاهد المفاجأة)    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبلتها ومسحت دموعي بخصلات شعرها
نشر في الناشر يوم 16 - 08 - 2010

يملك صديقي من الخصال ولا تجده متوافرا مع رجل واحد خلوق ذو ابتسامة لا تفارق محياه ... ذكي ونبيه ... يحتكم قلما سيالا وأسلوبا أدبيا رفيعا إلا إن مشكلة صديقي العظمى ... والتي تصيبه بالاكتئاب المزمن انه لا يحب ذوي ( اللحى ) يمقتهم ويصرخ بذلك علنا وعلى روؤس الأشهاد – دائما ما يردد عنهم أنهم حجر العثرة الصماء ، على طريق سيرنا نحو الحضارة ، لم أشهده أبدا يدخل إلى المسجد أظنه كان لا يؤدي الصلوات ، كنا ننصحه فيقول لنا ( ومن قال لكم إني لا أصلي .،،، الإيمان هاهنا: ويشير إلى الجهة اليمنى من صدره لا اليسرى إمعانا منه في السخرية ) إذا خرجنا هو وأنا لوحدنا يفضفض لي عن ما يكنّه جوفه من أفكار و من هموم - بدأت أتقرب منه أكثر شيئا فشيئا في محاولة مني لتذكيرة بالله ورسوله واليوم الآخر فلم أجد منه إلا قلب صلدا وأذن صماء .


خوفا على تفكيري وديني نفدت بجلدي وأصبحت أتحاشى الجلوس معه أو التقرب منه وأبديت له شيئا من جفاء فقد اخذ اليأس طريقه إلى نفسي من عودة صديقي إلى جادة الصواب – شعر هو بذلك –فكان كلما رآني يقول – لن تبرح إن تكون صديقي – أرد عليه بابتسامة باهته وفي داخلي أقول ( اللهم رده إليك ردا جميلا ) هذا ما كنت اردده دوما وبعد مدة شهر – كنت أسير في احد الشوارع التجارية المكتظه بمحلات الأزياء بإحدى المدن – وإذا ببصري يقع على صديقي على قدميه وبجواره فتاة تلفُ ساعدها الأيسر حول يمناه وتحمل في يمينها عدد من الاكياس المليئة بالمشتريات – لم تكن الفتاة متحجبة بالشكل الذي نعهده نحن من نساء بلادنا فحجابها لا يكاد يغطي عشر وجهها وكعادتنا حينما يشاهد واحد منا صديقا له ومعه أسرته فانه يتحاشى اللقاء به مباشرة وهذا ما فعلته أتحت له الفرصة ليكون لقاءنا وسلامنا منفردا مسترجعا بذاكرتي – متى أقدم هذا الصديق على الزواج ؟ الا انه رفع رأسه مناديا ( صديقي ) توقفت – واقبل علي – وهو في ذات الوضع مع تلك الفتاة ومع اقتراب خطواتهما مني وهي بجواره بدأت اشعر بتعرق جبيني وكفاي !!! مد يده مصافحا ومعانقا – كيف الحال ؟؟؟ قالها لي !!!! يمم وجهة شطر صاحبته وقال ! أعرفك على خطيبتي ( فلانة الفلانية ) .. ومدت هي يدها للسلام شعرت بالارتباك وازداد تعرق جبيني وكأنني أقف تحت شمس حارقه0 تزامن مدها الجري ليمناها بقصد السلام مع صوت بالكاد يسمع لطقطقه لبان بين فكيها فشمئزت ، نفسي مددت يدي وبعنف نحو ذراع صديقي – وتنحيت به جانبا من هذه الفتاة قلتها له 0الم اقل لك ! إنها خطيبتي ؟؟ هكذا أجاب ... قلت له أظنك تقصد أن تقول قرينتي فقد تم عقد قرانك عليها ولم تدخل بها بعد ؟؟؟! تبسم وقال لا – اعي ما ترمي اليه؟ ... ياصديقي المتخلف – عقد القرآن سيكون بعد اختبار مشاعر كل منا نحو الآخر ؟؟؟!! شعرت بان ادواجي قد تورمت – ولكن ياصديقي –أنت هنا تجاوزت كل الخطوط الحمراء منها والسوداء شرعا –وعرفا – وسلوكا ... انت مذنب من أباح لك الخروج والانفراد بها بهذا الشكل الموغل في ازدراء المحيطين بك ؟؟ قاطعني – دع عنك نصائحك الذهبية ووفرها إلى
ان نلتقي وهناك سأشرح لك الأمر والآن دعني اذهب قبل إغلاق المتاجر لصلاتكم !!! تأبط ذراعها وغادرا وفي القلب منه حسرة انتظرت قدوم اليوم التالي بفارغ الصبر حتى وجدته حين شاهدني بادرني مرحبا بالرفيق هززت راسي لا يهم صديق أو رفيق اخدته إلى حيث لا احد وعلمت منه أن تلك الفتاة هي ابنه احد من عُرف عنهم حب التأمرك واهم دعاة التغريب وإنها بالفعل خطيبته وخروجها معه بموافقة ذويها وانه لا مانع لديهم طالما أنهم يثقون في صديقي ونواياه حسنة – بل أنها تلقى التشجيع من والدها شخصيا – بعد هذه المعلومات – حاولت أن أبيّن له خطأ ما يذهب إليه وان الشيطان حريص على إغوائه – تبسم قائلاً – لا زالت الرجعية تعشعش بين زوايا فكرك ياصديقي – حينها فقط شعرت إنني فعلاً أشفق عليه ( اللهم رده إليك ردا جميلاً ) – هكذا تمتمت – استأذنته وغادرت 0بقينا صديقين من مد وجزر على مستوى العلاقات الشخصية أكن له شفقة وخوفا ويحمل لي محبة وتقديرا اشعر بها من خلال تعامله معي !!!
ذات مره وفي مناسبة عشاء ... وبعد أن انتهينا من تناول الطعام تقابلنا أمام مغاسل اليدين فقد كان هو على يميني وعلى شمالي أخ ملتحي نظر إليه بتعجرف ... وهو في طريقه إلى مغادرة المكان – همس لي ( كم اكره هذا اللحى ) !!! اذاً فأنت تكره محمد عليه الصلاة والسلام وصحابته !!! هكذا رميت بها على مسامعه – ارتبك – وقال انا لا اقول بهذا ولكنك تكره سنته وأوامره – وهذا يعطي انطباعا بانك تكرهه – فلو كنت تحبه صادقا لاقتديت به وفي اقل الأحوال لصنت لسانك عن الاستهزاء بإتباعه ... استشفى من حديتي الجفوة والغلظة – فغير مسار الحديث – كرهت البقاء معه وغادرت ....
وبقيت ذكرى صديقي ومواقفه المؤلمة تدور في مخيلتي – كان في داخلي صوت ينادي – بأن لا تدعه للشيطان وكنت كلما قرأت له أعجب بأسلوبه وأتذكر جميل أخلاقه فادعوا له ( اللهم رده إليك ردا جميلا ) تقطّعت بنا السبل – ونأت بنا الأيام ونسيت صديقي وهو كذلك نسيني فمن بعد عن العين نسيه القلب وانشغل كل منا بحياته ولم اعد اعلم ما الذي انتهى أمره إليه – هو وصاحبته – إلا إنني كلما التقيت بأحد ممن زاملنا وسألته عنه .. قال لي هو بخير ( ولا زالوا في طغيانهم يعمهون )
مرت سنوات .. وذات يوم وبينما كنت منهمكا في عمل ما بحضور جمع من الناس إذا بصوت يأتيني من الخلف ومن صوب كتفي الأيمن هامساً مرحباً ياصديقي – التفت بدهشة فالصوت قد لا مس مسمعي وهو ليس بغريب على طبقات أوتار أذني فإذا بصاحبي 0عقدت الدهشة لساني – ولم أمد له يدي مصافحاً 0ألجمتني الدهشة وشعرت بان خلايا المخ لدي قد تأخرت للحظات في نقل التوجيه إلى تفكيري ... فلم اعد أدرك ما الواجب عليّ فعله – حساسية المكان وأهمية المكان الذي التقينا فيه وهول المفاجأة تواكبت جميعها لتشل قدرتي على اتخاذ القرار المناسب –التقت عيناي بعينه وشعر هو بهول الصدمة والحيرة التي أعيشها تسمّر في مكانه وأغرقت عيناه بدمعه حرى صامته جامدة !
فلا هو بالذي مسحها ولا هي بالتي انسكبت على خده لم أمد له يدي مصافحا – أبدا – أبدا – فما تلك اللحظة – بلحظة التقاء الأكف فقط ... بل هي لحظات التقاء القلوب شرعت له ذراعي الاثنتين وما كاد يراها وقد شُرّعت إلا وارتمي بكل ما أوتي من قوة والتقت يمينه لتلقى شماله حول كتفيّ وكأنه غريق في بحر لجّي وقد وجد ضالته شعرت بأزيز أضلعه وسخونة أنفاسه وكأنما في حنجرته سدود وحشرجات وما زال مقدار احتضانه كما هي لم تخبوا ... أو تقل تركت له نفسي ووضعت يمناي خلف رأسه المتعب وإذا به يطبع قبله على كتفي الأيمن لم اشعر باصدق منها من أخ لأخيه رفعت راسي لابصر وجهة فإذا بأودية من الدموع قد تراكمت وسارت وانسدلت بجنات بالغ على خديه ومن ثم على لحيته – لم أرى أجمل منها قد نبتت على عارضيه قال لي وعبراته تتزافر وأضلعه تتنافر أنت ( أخي ) ولست صديقي فقط قبلت جبينه بقوة وعانقته من جديد كان المكان في مخيم دعوي على ارض طاهرة اخدته بيده فانقاد طواعية وفي الطريق إلى الخيمة كانت دموعي تذرف بصمت وأصابع يسراه تقبض على أنامل يمناي بكل ما أوتي من قوة ، أو كأني أسير بين يد يخشى هروبي اللهم ما أكرمك وما أحلمك ، وما أجودك أهذا هو صديقي عدو اللحى اللدود وقد أصبح صديق اللحى الودود ( اللهم رده إليك ردا جميلا )
دخلت الخيمة وبعد أن أسندته إلى صدرها – حيّا الله ( صديقي ) قلتها له رمقني بنظره عتاب وقال الم اقل بانك اخي بل أنت من أغلى الأخوان – أيها الحبيب – مرت لحظة صمت – وفي قلبي شوق عارم لمعرفة سر تحوله من ذلك المقاتل الشرس إلى الحمل الوديع أردت أن اسأله – أنى لك هذا ؟؟؟؟!!! لدي ألف سؤال وسؤال – أريد نثرها بين يديه فأثرت الانتظار ريثما تهدأ نفسه وتستقر مشاعره وما هي إلا لحظات حتى عاد إلى هدوؤه ونظر إلي – وبحنكته التي اعرفها فيه قال لديك أسئلة كثيرة – أليس كذلك ؟ أومأت له برأسي كأنني موافق سأجيبك على كل شيء 0فقط عندما نعود الى مدينتنا وبعد أن نكمل أعمالنا 0بأهم حدث في حياتي !! وبعد أن أحياني الله ، بعد موتي !! وماذا قلت لابنتي الصغرى ؟
بقينا في أعمالنا – بقية أيام المخيم – رأيت في أخي لهف وشوق إلى محبة الله لم أره في احد قبله ، كان دعائه مصحوباً بدموع الندم وحسرات الضياع .
بعد عودتنا إلى مدينتنا هاتفته فتبين لي انه في شوق للقاء !! اقترح هو الزمان والمكان الذي سنجتمع فيه وعلى الموعد – كنت شاهدته – وكأنني لأول مره أبصره –سبحان الله – هذا شيء أريد أن انقله لكم – قرأت في عينيه مالم اقرأه في سير العائدين والتائبين الرجل الذي ألقاه الآن لايمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هو ذات الرجل الذي كان صديقي يوما ما في سلامه سلام وفي كلامه وقار وفي هدوءه رزانة لم أعدها فيه من قبل ، حتى ابتسامته التي كانت جميله أضحت أجمل مما سبق ، بعد مقترحات وسؤال عن الأحوال بادرته من قمة راسي حتى أخمص قدمي كلي آذان صاغية فهل لك أن تسترسل ...!!! ما أن تلقف هذه العبارة مني حتى انشرحت أساريره وكأنه يريد أن يخرج أثقالا جاثمة على أضلعه وما احتوت !!!! أن قال : لعلك تعرفني أكثر من نفسي في ما مضى ، كنت أظن الحياة مجرد لهو وعبث تصحو لتنام وتنام لتصحو وما بين الصحو والنوم يجب أن تستغل كل لحظة للملذات فقط كانت فلسفتي في الحياة استغل كل ساعات يومك لتسعد قلبك وكنت افعل ما أظنه سعادة ، سفر ، سهر ، لقاءات عابره ، حرية ، انطلاق دون ضوابط انعتاق من قيود ، لاشيء يردعني من هوى ، طالما أن نفسي تشتهيه أكثر ما كان يؤرقني ، أولئك الذين كنت أراهم متزمتون كنت اسخر من كل واحد فيهم حين رؤية لحيه ومسواك وإزار لايصل إلى الكعبين أي شعار يتنمطه هؤلاء !!! كنت أقول في قراره نفسي حين رؤية أي منهم أيعقل أن يعيش مثل هؤلاء البشر في قرننا هذا !! نحن في زمان ناسا ،الانترنت والبلوثوت وصغر حجم الكون وسرعة الوصول من شرقه إلى غربه ... وأولئك لا هم لهم إلا إطالة شعيرات وبضع سنتيمترات من قماش طال أو قصر ( استغفر الله ) توقف برهة ... وكأنه سيتخذ قرارا ما – ثم واصل حديثه – تزوجت بتلك الفتاة التي رصدتها معي ذات يوم عشت بها ومعها وعلى الرغم من مضي فترة ليست بالقصيرة على خطبتي إياها – إلا إننا اكتشفنا بعد زواجنا أن كل منا لم يستكشف الأخر بعد واتضح لي لاحقا أن كل ذلك مجرد حكايات أفلام لا اعلم من منا كان الجاني على الأخر – مضى أشهر على زواجنا ولم نستطع الاستمرار فالحرية والسعادة التي كنت انشدها تبخرت بمجرد كتابة العقد ، اتفقنا على الانفصال بمودة دون أن نرزق بأبناء عادت هي إلى أهلها وعدت أنا إلى غيّ – بعد حوالي عام – أصرت والدتي على تزويجي أصبح الأمر لدي سيان لم أتردد وافقتها خطبت لي ابنه إحدى الأسر العادية في محافظتنا لم تكن بتلك الأسرة المتحررة ولا المتزمتة بين البين .... تزوجت بامرأة لا اعرفها شعرت بالتخلف والانهزامية اهكذا خاتمتي ؟؟؟ دخلت بها دون انشراح في ليلتنا الأولى ، لم ترفع رأسها أمامي خفرا وحياء وعهدي بمن عرفت من النساء هنا وهناك الصولة والجولة فأعينهن تسابق عيناي وأياديهم تسابق يداي ... وما إن دخلت عليها وحدّثتها حديث الغريب للغريب حتى استأذنتني للحظات فأذنت لها توقعتها ستتجمل لزوجها كفتاة ليلة فرحها وإذا بها تمد سجادتها وتلتحف بدثارها وتصلي ... فقلت في نفسي ساخراً ( مطوعه ) الله يسامح الوالدة .. أهذا وقت صلاة ؟ تركتها على سجيتها وما أن انتهت من صلاتها قالت لي : هل أوترت ؟ !!!؟ لم اجبها مرت الأيام وتوالت الليالي .
علمتُ انه وجب عليّ الاستعداد لقدوم ضيف جديد على منزلنا خلال الأشهر القادمة كانت هذه الزوجة تتقرّب مني كلما ابتعدت عنها تشتري رضاي براحتها يخجلني توددها لا هم لها إلا البحث عن سعادتي فاستحي أن اجلب لها التعاسة .... اكتشفت أن زوجتي مطوّعه لطيفه بل لطيفه جدا لا حديث لها إلا عن الجنة والنار أجد بين أيديها كتباً كلما قرأتها غالطت نفسي وقلت لا يمكن أن يكون هذا إلا مبالغة فألقي بها جانبا ما أن أعود من الخارج إلا وتسألني هل صليت الظهر ؟ هل صليت العصر ؟ نعم .. نعم صليت هذه اجابتي بتذمر وأنا والعياذ بالله لم افعلها ... بدأت اكره لقاءها حتى لاتسألني عن الصلاة رزقنا بمولودتنا الاولى وازدان بها منزلي تشبه امها كثيرا 0الا انني عشقتها دون امها كبرت الصغيرة الجميلة وأصبحت رفيقتي في خروجي وعودتي لاهم لها إلا البقالة ومحل الألعاب المجاور .هاتفنا
اخي يريد مني الحضور اليه لاصطحابه الى المطار كنت حينها اشعر بالارهاق فالليلة الماضية سهرت ولم اخذ كفايتي من النوم أخذت طفلتي بجواري وذهبنا سويا إلى منزل عمها ومن هناك اصطحبناه الى المطار وودعته عند بوابته ، في الطريق إلى منزلي شعرت بشيء لم اشعر به من قبل !! لست انا بالذي اعرفه عن نفسي ... بدأت اشعر بالدوار خفقات في القلب زغلله في بصري ، اشعر بثقل يخدر مفاصلي حاولت جاهدا الخروج من مأزق هذا الشعور غالطت نفسي وبدأت أنفاسي تضيق أصبحت اخرج زفير هوائي من فمي لا انفي 0العرق يتصبب من جبيني وخداي ، تمكن الخوف سيطر عليّ الرعب خشيت الارتطام بالسيارات التي أمامي ولا إراديا أوقفت سيارتي إلى جانب الطريق وقفزت إلى الكرسي المجاور واختطفت صغيرتي وجريت بها ملوحا للسيارات العابرة أن توقفوا 0رتل من السيارات مرّ بي لم يتوقف وفجأة توقفت تلك السيارة وإذا بي اركض نحو مقعد الراكب لم استأذن صاحبها بل لم امكنه حتى من سؤالي قلت له أرجوك – أرجوك – اشعر باني سأموت وهذه ابنتي انقدني الى اقرب مستشفى كأنه قرأ في عيني الرعب ،، ابشر باذن الله سأوصلك اطمئن كانت هذه عبارته التي أجابني بها اطبقت على أضلع الصغيرة وأغمضت عيناي والسيارة تسير بنا نحو مستشفى لم احدده لسائقها شعرت اني مقبل على الموت ، وازداد ضغطي على فلده كبدي لا اريد ان اشعر باني قد خذلتها وتركتها وحيدة ( اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله ) رددتها اكثر من مره ،،،، وماذاك عهدي بنفسي حاولت قراءة شيء من القرآن فاذا برصيدي لا يسعفني ياالهي لا احفظ منه الا الفاتحة وقصاره ، حتى اية الكرسي التي سمعت بفضلها لا أتقن حفظها يالغفلتي ، أين كنت من هذا ،، أكثرت من الاستغفار ، بدأت اردد سبحان الله ، سبحان الله ،، كان همي الاول والأخير أن لا وقت أضيعه يجب أن اجمع اكبر قدر من الحسنات ، مرت ايام حياتي امام ناظري كشريط سينمائي شعرت اني كنت بعيدا عن الله ،واني قد دنوت من لحظه الحقيقة ، التي كنت اتجاهلها دوماً- استحيت أين أفكار غاندي وسارتر مني الآن ، أين ترانيم نزار0 وقصص اجات كريستي ، أين سنين ضعيتها من قصص وروايا ت وخيال ، أين مني كل هذا ! وهذا آخر ماعهدته بنفسي .
وعيت فإذا بي بين الستر البيضاء أحدق في لا شيء استعدت شي من الوعي ونظرت حولي أتفحص المكان في محاولة مني للرجوع بالذاكرة الى الوراء قليلاً وسألت نفسي ما الذي أتى بي إلى هؤلاء ؟ أين أنا ؟ فجأة وبتصرف لا إرادي ضممت ذراعي إلى صدري ابحث عن شيء ما تذكرت غاليتي وفلده كبدي أكانت بين أحضاني ؟ اين ذهبت ؟ اين هي ؟ اين ابنتي ؟ فاذا بصوتي يعود الى عهده نتيجة كافية من الاكسجين وضعوها على انفي وفمي معاً ، نزعتها بقوة ،،، سألت الدكتور ، دكتور اين ابنتي ؟ لا تتعب نفسك آنت بحاجة إلى الراحة هكذا أجابني – شعرت انه لا يفهمني – وانه لا يعلم ان ابنتي كانت في حضني فجأة – ظهر لي شاب متألق في ملبسه مؤدب في حديثه وحادثني باسمي قائلاً – احمد الله على سلامتك يافلان – وناداني باسمي الأول ، اقلقتنا عليك يارجل ! حفظك الله لكن الحمد لله طمأني الطبيب انك بخير كل مافي الأمر مجرد إرهاق وسيزول بأذن الله وشقيقك فلان واسماه باسمه في طريقة إلينا ابنتك معي ومع زوجتي انظر اليها هناك وأشار بيده إلى نهاية الممر التي تطل عليه الغرفة ، فاذا بالفلده في أحضان امرأة متحجبة تداعبها وبين يديها لعبة اعدت النظر الى الرجل بتمعن وانا لازلت في مرحلة التأرجح بين واقعي الذي أعيشه وبين آخر المشاهد التي كنت اعيشها ، واذا بي امام شاب ملتحي انيق وسيم مؤدب – عفواً من أنت ؟ قلتها له ! أنا أخوك عبد الله ال........ إلا تتذكرني ؟ كانت تلك إجابته ، لم يدع لي مجالاً لمحاولة الاستذكار حتى لا يجهد ذاكرتي !! لله ما أروعه وواصل حديثة قائلاً انا الذي توقفت لك بسيارتي على طريق المطار وأخذتك وابنتك معي وطلبت مني أن أوصلك إلى اقرب مستشفى ، كنت لحظتها تعيش رعباً لا يوصف ، سمعتك تردد الشهادتين وتسبّح ربك وتستغفره ما شاء الله عليك هذا نتيجة عظمة الإيمان في قلبك بعد ركوبك معي أحسست انك فقدت وعيك شعرت بالقلق عليك ودعوت الله بعزته وعظيم جلاله أن يحفظك لهذه الصغيرة ومن معها وان لا يريها مكروه فيك ، سحبت ابنتك الجميلة من بين يديك وحثثت المسير نحو هذا المستشفى الذي نحن فيه الان وحين كنا على الطريق هاتفت زوجتي وطلبت منها أن تلقاني هنا برفقه أخيها لتعتني بطفلتك ، وقد حضرت كما ترى ... كما أرجوك ان تعذرني أخي فقد تجرأت وادخلت يدي في جيب قميصك واخذت هاتفك الجوال وبطاقتك الشخصية ومنها عرفت اسمك واتصلت باحد الارقام المدخله مسبقا في هاتفك تحت مسمى فلان اخي وسألته عنك وعلمت منه بانه شقيقك اخبرته بالامر وهو في طريقه الينا .
كان ذلك الشاب يثحدت بانطلاقه غريبة شعرت وهو يخبرني بما جرى لي ولابنتي بانه اطهر من يسير على الأرض ، تتطاير من عينيه نظرات الحنان ومن بين شفتيه كل معاني البذل والإيثار أحسست بطيب معدنه ولطافه معشره يسّرك بحديثه وطيب عباراته ابتسامته لم تفارق محياه البتة ، حتى وهو يحدثني عن وقع المفاجأة عليه حين حمل شخصا غريباً ، وفجأة يغمى عليه ، يملك هدوءا غريبا يبعث على السكينة ، الغريب جدا ان الرجل ملتحي ما هكذا كنت أظن الملتحين اخبرني الطبيب بأن الفحوصات نتائجها تطمئن ولكن طلب بان اعمل أشعه مقطعية للرأس مما أفزعني قال عبد الله سهله جدا هذا للاطمئنان على سلامتك وصحتك ثم أردف قائلا – أرجو بان تعذرني ، الصلاة ستقام الآن ، سأصلي في مسجد المستشفى وأعود إليك ... غادر ... وبقى بصري متسمرا نحو مسيره تاركا لي ألف سؤال وسؤال ، وأنا لماذا لااصلي ؟ هكذا حدتت نفسي . حاولت أن أترجل من سريري فوجدت إني قادرا على ذلك مرّ الطبيب من أمامي وحين رآني أهم بالنزول سألني قائلاً إلى أين ؟ أريد أن أصلي ؟ قلتها مرة واحدة ، وتردد صداها بين ردهات صدري وفي أعماق جوفي مرات عديدة شعرت باني افخر بها وان غربتي عنها قد طالت ..حسنا ، لاباس إذا كان ذلك استقم. و يشير إلى اتجاه القبلة 0أريد المسجد.....؟ أريد أن اتؤضا أولا ، نزلت من سريري وحين انتصفت في الممر شاهدتها وقد أقبلت تسارع الخطى نحوي تفتح ذراعيها وكأنها مهاجر وقد عاد إلى وطنه بعد اغتراب ، فلده كبدي احتضنتها ، واستشفت أنفاسها قبلتها وضممتها حتى شعرت بان أضلعي قد خلطت إضلاعها ... بابا وش فيك ؟ قالتها وبكت فأبكتني !! مسحت دموعي بخصلات شعرها حتى لا اريها بكائي قلت لها ارجعي إلى خالتك واجلسي معها حتى أصلي وأعود ( صرت تصلي زي ماما ) طعنتني بهذه العبارة التي خرجت بعفوية وبراءة وكأنني كنت بحاجة الى هذه الطعنة ، أعدتها إلى حيث أتت وجرجرت أقدامي الى مكان الوضوء وأنا اشعر بثقل في راسي وباقي جسمي .
دخلت المسجد والمؤذن يقيم الصلاة كأني لم ادخل مسجدا في حياتي قط – رباه – عبد يثوب بحمل ثقيل وقف ببابك فأرحم ضعفه واقبل توبته اصطففت مع الرجال طردت ما يحول بخاطري من أفكار واستحضرت إنني ضيف جديد على كريم 0شعرت إنني أقف أمام ربي وأريد أن اعتذر منه على مابدر مني ... بعد تكبيرة الإحرام قرأ الإمام الفاتحة لله ما أعذب صوته وما أروعة وبعد الفاتحة ثلاث آيات ما كنت ادري أصلا إنها من القرآن – بالله كأنها تعنيني أنا المخاطب بها يارب – أنا المعني بها يارب – شعرت بحرارة الرعب من الله تشتغل في جوف صدري وضاقت غصتي وذرفت دمعتي ، حاولت أن أجاهد نفسي واكتم لوعتي فما قدرت ، لا أريد من حولي أن يسمعوا أو يعلموا دمعتي فانقلبت الدمعة إلى بكاء وتحول البكاء الى نحيب ضاقت –بكيت وبكيت وبكيت وحين سجدت ازداد لهب الحسرة والندم قلت اللهم ان اثقلتني ذنوبي وكانت كالجبال فما أحقر حجمها أمام عفوك ورحمتك وحين قمنا للركعة الثانية قرأ قوله تعالى ( قال اخسؤا فيها ولا تكلمون * انه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا و

أرحمنا وأنت خير الراحمين * فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون * إني جزيتهم اليوم بما صبروا إنهم هم الفائزون * ) فتذكرت يااخي مواقفي التي لا تخفاك من أولئك الذين نسخرمنهم وشعرت بفداحه اثمي وقله زادي وخبالة عقلي قارنت بين حالي وحالهم شعرت بان قدماي لم تعد تحتملني وأحسست بالانهيار .
التفت إلى أخي وهو يواصل قصته ... ورمقني بنظره منه وإذا به غارق في بحر من الدموع الصامتة .. أوجعتك ... قالها متسائلا ! بل والله أبهجتني – أجبته –( اللهم ردنا إليك ردا جميلا )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.