أقامت منظمة سويدية ظهر أمس الثلاثاء ندوة خاصة عن المرأة في جنوباليمن، في مدينة اسكيلستونا السويدية، شارك فيها عدد من النشطاء والنشاطات والسياسيين المحليين والمهتمين في قضايا المرأة، استطلعت خلالها الحقوق السياسية والمجتمعية التي حظيت فيها المرأة الجنوبية قبل الوحدة مع شمال اليمن، ما جعلها رائدة ومتفوقة عربيا وعالميا. وفي الندوة التي نظمتها رابطة التعليم الليبرالي السويدي أحد أكبر الرابطات في السويد المعنية في تبادل الثقافات حول العالم وشاركت فيها عضوة المنظمة كريستينا ، قدمت الناشطة الجنوبية هند عميران محاضرة مفصلة عن المرأة الجنوبية قبل وبعد الوحدة مع شمال اليمن، على اعتبار أن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كانت من الدول المدنية الرائدة عربيا في مجال حقوق المواطنة، حيث كانت تتمتع المرأة الجنوبية بكافة الحقوق والحريات، بما في ذلك الوظائف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي لم تحظى بها مثيلاتها في دول عربية عديدة.
وأشارت عميران إلى أن أول قاضية في الوطن العربي تولت منصب القضاء بداية 1970م كانت القاضية حميدة زكريا في عدن، وأن أول نائب وزير وأول عميد كلية اقتصاد وأول مذيعة تلفزيون وأول مذيع إذاعة وأول مالكة ورئيس تحرير لصحيفة على مستوى الجزيرة العربية كانت جميعهن نساء جنوبيات في عدن، كما أن أول امرأة عربية أصبحت كابتن طائرة مدنية بوينج هي الجنوبية “روزاء مصطفى عبد الخالق، في حين أن انتصار مجيد أول مظلية جنوبية عام 1987، والتحقت بالجيش عام 84 اللواء الخامس مظلات. كما أن أول امرأة تصبح سائقة تاكسي في الوطن العربي هي السيدة ” عيشة يوسف” من سكان مدينة كريتر بعدن.
وبحسب عرض تقديمي للناشطة عميران فإنه وعلى الرغم من إصدار 5 دساتير و9 إعلانات دستورية و3 قرارات دستورية و4 قوانين انتخابية حتى العام 1990 في الجمهورية العربية اليمنية (اليمن الشمالي) إلا أن جميعها تجاهلت الحقوق السياسية للمرأة اليمنية في الانتخاب والترشيح، في حين أنه ومقابل ذلك وفي دستورين وثلاثة إعلانات انتخابية في دولة الجنوب حتى 1990 أجمعت كلها على المساواة السياسية بين الرجل والمرأة.
مستعرضة خلال ذلك المواد الدستورية التي نصت على حقوق المرأة في دستور جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الذي أقره مجلس الشعب الأعلى في دورته المنعقدة بتاريخ 31/10/1978. حيث أكدت المادة 27و 35 و36 " تشجع الدولة الزواج وتكوين الأسرة وينظم القانون علاقات الأسرة على أساس المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات. وأن "المواطنين جميعهم متساوون في حقوقهم وواجباتهم بصرف النظر عن جنسهم او أصلهم اودينهم". و "أن الدولة تضمن حقوقاً متساوية للرجال والنساء في جميع مجالات الحياة السياسية وتوفر الشروط اللازمة لتحقيق تلك المساواة وتعمل الدولة كذلك على خلق الظروف التي تمكن المرأة من الجمع والمشاركة في العمل الانتاجي والاجتماعي ودورها في نطاق الحياة العائلية، وتعطي رعاية خاصة للتأهيل المهني".
جميع هذه القوانين قالت عميران بأنه تم إلغائها عقب الوحدة مع اليمن الشمالي، حيث الغيت المادة 27 من دستور 1990 الخاصة باليمنالجنوبي بعد الوحدة، وتم استبداله في عام 1994بنص المادة (31): النساء شقائق الرجال ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون. في حين خصصت المادة (41) من الدستور اليمني هذه المساواة فقط في الحقوق العامة " جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات العامة".
وتضيف انه "منذ اقرار قانون الأسرة في جنوباليمن عام 1974م حققت المرأة الجنوبية خطوات أعلى من نظيراتها في الشرق الأوسط، فلقد وصلت نسبة التعليم بين النساء في المحافظاتالجنوبية إلى 61% بحسب إحصاءات العام 1987م وانخفضت هذه النسبة في إحصاءات العام 2010م إلى 39%، كما زاد عدد زواج القاصرات إلى نسبة وصلت إلى 74% مقارنة بنسبة 7% عام 1987. وفقدت المرأة في جنوباليمن كافة الامتيازات التي كفلها القانون ومنها التمثيل البرلماني والحقوقي ونسبة التوظيف من مناصب الدولة ومؤسساتها العُليا، وخسرت مراتب متقدمة تجاوزت من خلالها المرأة التونسية والمصرية واللبنانية فيما قبل 1990.
وعلى عكس وضع المرأة قبل التوحد مع اليمن الشمالي، تؤكد عميران أن المرأة في المحافظاتالجنوبية حالياً تعيش وضعاً صعباً نتيجة الوضع الاقتصادي وتقييد الحريات وتفشي الأمية، ومما يزيد من سوء المرأة هي التراجع الصحي، فلقد سجلت وزارة الصحة ارتفاع نسبة وفيات الأمهات عند الولادة من 2.8% عام 1989م إلى أكثر من 21% بحسب إحصاءات 2010. كما أن سوء التغذية تفشى في الأطفال الرُضع وأصاب ما نسبة 43% من أطفال المحافظاتالجنوبية، ويعود اسباب ذلك إلى سوء التغذية عند الأمهات بالدرجة الأساسية.
فقد عمدت قوى الاحتلال الجديدة بحسب عميران بعد الوحدة اليمنية بين دولتي الجنوب والشمال 1990، على إبعاد المرأة الجنوبية من المجتمع تدرجيا وفرضت القيود الدينية والسياسية وجردتها من أي حقوق أو مجال فاعل في المجتمع مقارنة بما سبق.
ورغم هذه القيود والإجراءات ، إلا أن المرأة الجنوبية لم تنهزم ، فقد شاركت بقوة في مسيرة الحراك الجنوبي التي انطلقت في العام 2007 في سبيل استعادة دولة الجنوب، فشاركت في التظاهرات المليونية ونظمت وحشدت وساهمت في التعبئة والنشاط الاعلامي والحقوقي والميداني . كما كان لها دور بارز في وجه الحروب الأخيرة التي شنت على الجنوب. وكانت مثالا للإبداع والعطاء في داخل وخارج منزلها وبلدها.