الناس أو المساكين أو الفقراء هم الشعب ، وعلى النقيض منهم يأتي النظام أو السلطة أو المسؤولون أو الطبقة الحاكمة بمستوياتها المختلفة ، فالشعب في بلادي أصبح لا يجد قوة يومه وليلته ، فراتب 40 ألف لا يفي بالغرض ففيه التطبيب والماء والكهرباء والغذاء والملبس ، فكيف سيفي هذا المبلغ بهذه الأشياء مجتمعة ؟ أما المسؤول سواء أكان في فنادق وقصور الرياض ، أم في قاعات الكويت وفنادقها ، أو في عدن أو صنعاء فإنه لا يبالي بوضع اقتصادي ولا غيره ، بل أن المسؤولين قد وصلوا إلى مرحلة غنى فاحش ، فترهلت كروشهم وأحمرت خدودهم وتغيرت نبرات أصواتهم ، فلم نعرفهم عند رؤيتهم على شاشات التلفزة إن رأيناهم أصلاً .
إن المواطن اليوم أو الشعب الذي هتف في 2011 ليسقط النظام مازال يعيش نفس المعاناة بل ربما زادت معاناته أضعافاً مضاعفة ، لأنه فرط في ثورته بل إن ثورته قد ولدت مشوهة ، لأنها حملت جينات أبيها المشوه أصلاً ، فثورة اليمن لم تكن ثورة ضد الفساد ولكنها كانت ثورة سياسية بامتياز ثورة حزب على حزب ، لذلك لم يُكتب لها النجاح ، فضاعت في دهاليز السياسة ، ورضي المسؤولون بوضعهم المادي الذي حققوه ونأوا بأنفسهم عن المسكين الشعب واهتموا بجمع الأموال الطائلة من الدولارات والدراهم والريالات وعافوا حتى النظر إلى الريال اليمني ، وأزعجهم النظر إلى الشعب ، فمطالب الشعب لا تُطاق ولا تنتهي عند المسؤول المتسلق .
الشعب ينظر الفرج من المسؤول ، والمسؤول يجمع بنهم عرق الشعب ، والفرج من الله وحده ، فاتقوا الله في هذا الشعب المسكين ، فالحر يقتله ، والجوع يتربص به ، ولا يحس به أحد ، فارفقوا أيها الحكام بكروشكم ليتحول جزء مما يصل إليها إلى المساكين الذين يعانون ويتكبدون متاعب هذه الحياة وأنتم أصابتكم التخمة وأنتم تتاجرون بمعاناة هذا الشعب المغلوب على أمره ، فارفقوا به حتى لا تصيبكم دعوة مظلوم قد تسري بليلٍ وأنتم غافلون عنها .
لقد تجرع هذا الشعب كل كأسات المرارة فكان سلاحه الصبر ، وسيصبر حتى يفنيكم الله إذا لم تنظروا إليه بعين الرحمة والشفقة ورمضان شهر الصبر ، وسترفع الأكف فيه لتدعو على من أوصل الشعب إلى هذه المرحلة ، فبعض الأسر قد ضاق بها الحال حتى أصبحت تتمنى كسرة خبز ، قد لا يصدق المسؤول هذا الكلام ولكنها الحقيقة المُرة ، فالله الله في الشعب ، والله من وراء القصد .