ضغط الأزمة الإنسانية المتفاقمة في اليمن على أطراف الصراع للذهاب نحو حل سياسي للأزمة، لاسيما أن الحرب المندلعة في اليمن لم تتمكن إلى الآن من إنهاء الصراع، وهو ما عبر عنه المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد عندما قال أمس الأربعاء إن التقارير القادمة من اليمن توحي بحجم المعاناة التي يعيشها الشعب، والمعاناة يجب أن تتحول لحافز لحل شامل وسريع للأزمة. ولد الشيخ أحمد أكد على أهمية التوصل إلى ركائز للحل الشامل للأزمة في اليمن، وضرورة بلورة ضمانات لتنفيذ الحلول والمقترحات التي يتم التوصل إليها في الكويت. وأضاف المبعوث الأممي في بيان صحفي أمس الأربعاء أن المشاورات تضمنت ثلاث جلسات، "البداية كانت مع وفد الحكومة اليمنية الذي استمع إلى عرض قدمه خبير من الأممالمتحدة عن الإجراءات التنفيذية التي اتخذتها دول خاضت نزاعات مشابهة وكيف تعاطت معها، كما دار النقاش حول احتمالات مختلفة لخريطة الطريق للحل السلمي الشامل". وتابع :"أما الجلسة الثانية فكانت مع وفد أنصار الله (الحوثيين) والمؤتمر الشعبي العام وكان التركيز على ضمانات تنفيذ ما توصلت إليه الأطراف من اتفاقيات". وأضاف البيان أن ممثلي الأطراف لدى لجنة الأسرى والمعتقلين التزامهم أكدوا تقديم الإفادات الأولية حول الأسماء التي وردت في الكشوف التي تم تبادلها فيما يتعلق بالإفراج عن مجموعة من المحتجزين قبل حلول شهر رمضان. واتفقت الأطراف على الاستمرار في تقديم الإفادات خلال المرحلة المقبلة. كما استكملت اللجنة نقاشها حول مسودة اتفاق المبادئ المطروح لحل القضية على المدى المتوسط والطويل. وقال ولد الشيخ: "التقارير القادمة من عدد من المدن اليمنية توحي بحجم المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني في ظل انعدام الخدمات الأساسية. وينبغي أن تتحول المعاناة إلى حافز للتوصل إلى حل شامل سريع للأزمة لاسيما ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم". وشدد على ضرورة أن: "نستمر في حث الأطراف على تقديم التنازلات وتقديم مصلحة اليمن على كل ما عداها. لقد حان الوقت ليقدم الأطراف الحلول بعيدا عن معادلات الربح والخسارة. إنهم مؤتمنون على مصلحة شعب اليمن، كل الشعب في كل اليمن." وفي تقرير مطول لها، عاينت القناة الألمانية "دي دبليو" الأزمة الإنسانية في اليمن، حيث أشارت إلى أن الحرب في اليمن شردت ملايين اليمنيين ودفعتهم إلى هجرة مساكنهم الأصلية الواقعة في مناطق الصراع. وبحسب مكتب الأممالمتحدة فإن مليونين ونصف مليون مواطن نزحوا داخل البلاد هربا من الحرب المشتعلة في اليمن منذ ما يزيد عن عام. أحمد عبده أستاذ جامعي بجامعة تعز هو واحد من بين آلاف الاشخاص الذين اضطروا للفرار من منازلهم الأصلية الواقعة في قلب الصراع والنزوح إلى المناطق النائية التي تنعدم فيها الخدمات الأساسية وأبسط سبل العيش. أحمد يروى لموقعDW عربية قصة نزوحه قائلاً: "لم يكن لدي خيار آخر بعد انفجار الحرب وتوسع الاشتباكات بين المسلحين إلى جوار منزلنا سوى الانتظار وانتهاز الفرصة حتى تهدأ المعارك قليلاً ومن ثم الفرار والنزوح". ويتابع " كنت في حالة رعب وقلق شديد لم أصدق أنه من الممكن أن ننجو ونتمكن من الخروج من منزلنا والنزوح إلى أي منطقة من المناطق الأمنة. نقاط التفتيش التي نصبها المسلحون المتقاتلون في الشوارع العامة كثيرة، القناصة يعتلون المباني المرتفعة ويطلقون النار على المارة دون التحقق من هويتهم، الاشتباكات مشتعلة. لكن بحمد الله، نجونا وتمكنا من الفرار من المدينة إلى قريتنا "عزبان" الواقعة شمال تعز". من جهته قال مدير مكتب المنظمة الدولية للهجرة في اليمن "نيكوليتا جيوردانو" في تصريحات صحافية في وقت سابق "إن 45 بالمائة من عدد النازحين فرّوا من ديارهم إلى محافظاتهم الأصلية، فيما غادر 55 بالمائة منهم إلى محافظات أخرى. ويعاني النازحون الفارون من الحرب حياة تشرد وأوضاع صعبة في ظل عدم الاستقرار وصعوبة الحصول على مساكن آمنه, كما هو حال السيدة نبيلة اليوسفي التي لم تستطع الحصول على مسكن آمن منذ نزوحها من سكنها الأصلي في تعز. وبحسب القناة الألمانية الناطقة بالعربية فإن معاناة النازحين الفارين من الحرب لا تتوقف عند فقدان المساكن الأصلية والبحث عن مساكن آمنة فقط, بل إن هؤلاء يعانون أيضاً من النقص الشديد في الغذاء والدواء وعدم القدرة على تلبية أبسط الاحتياجات خصوصاً في ظل الرعاية والمساعدات المحدودة التي تقدمها منظمات دولية للمتضررين من الحرب وهو ما دفع بالكثير من النازحين إلى ممارسة التسول أو العمل في مهن هامشية كبيع المياه في الشوارع العامة أو تنظيف السيارات لتسديد أبسط الاحتياجات الأساسية.