يصعب على مراقبي كرة القدم الأوروبية استثناء فرص المنتخب النمساوي في إحداث مفاجأة خلال بطولة كأس أمم أوروبا 2016 التي تنطلق يوم الجمعة المقبل، رغم أن الفريق غالبا ما يغيب عن المناسبات الكبيرة. يأخذ النقاد بعين الاعتبار أن المنتخب النمساوي لم يتأهل إلى أي بطولة كبرى عبر التصفيات منذ مونديال 1998 في فرنسا، علما بأنه شارك في كأس أوروبا عام 2008 باعتباره أحد الدولتين المستضيفتين. هذه المرة، تحتل النمسا المركز العاشر على سلم تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم، ما يعني تقدمها على منتخبات عريقة مقل فرنسا وإنجلترا وإيطاليا وهولندا. وقال نجم النمسا ولاعب بايرن ميونيخ ديفيد ألابا في مقابلة صحفية سابقة مع وكالة "سيد" الألمانية: "لسنا على لائحة مرشحي المتابعين، لكني أعتقد بأننا نستطيع فعل الكثير، لقد أظهرنا أننا فريق جيد يمكنه تقديم كرة قدم جيدة، وإذا لعبنا بأفضل مستوى لنا فإن الكثير من الأمور ستصبح ممكنة". قبل عامين لم يكن أشد المتفائلين يتوقع تأهل النمسا إلى بطولة كبيرة، إلا أن اللاعبين ومدربهم مارسيل كولر آمنوا بقدراتهم وشقوا طريقهم نحو التأهل إلى "يورو 2016" عن المجموعة السابعة، فتغلبوا على روسيا ذهابا وإيابا، وسحقوا السويد في عاصمتها ستوكهولم 4-1، علما بأن المجموعة ضمت أيضا مونتينيجرو وليشتنشتاين ومولدوفا. ربما لا يعتبر المنتخب النمساوي ذلك الفريق القوي والمسيطر على زمام الأمور داخل الملعب، لكن إذا ألقينا نظرة على تشكيلته، فإننا سنجد الكثير من الأمور المبشرة بإمكانية تحقيق نتائج جيدة في فرنسا. تعتمد النمسا بكشل كبير على إمكانيات لاعبها الشاب ديفيد ألابا الذي يقدم مستويات رائعة مع فريقه بايرن ميونيخ الألماني، هو أحد اللاعبين الذي لا يحتاجون للتعريف في تشكيلة المنتخب، لكنه يلعب كذلك في موقع مختلف عن المركز الذي يحتله مع الفريق البافاري. في بايرن، يمارس ألابا (23 عاما) هوايته في الاختراق من الناحية اليسرى مع القيام بواجباته الدفاعية على أكمل وجه، أما مع المنتخب النسماوي فإنه يقوم بدور لاعب وسط الارتكاز الذي يشكل دعامة حقيقية للخط الخلفي مستفيدا من نشاطه اللامحدود وخبرته الكبيرة من أجل توزيع الأدوار على زملائه رغم صغر سنه. وجود ألابا في وسط الملعب لا يعني بالضرورة ضعف الجهة الدفاعية اليسرى في المنتخب النمساوي الذي ينعم بوجود ظهير آخر من الطراز الرفيع يتمثل في نجم ليستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي الممتاز كريستيان فوكس. صحيح أن فوكس لا يتمتع بهالة النجومية التي تحيط بألابا، لكنه مجهتد أكثر من غيره على المستطيل الأخضر، وقادر على توزيع الكرات العرضية وتنفيد الركلات الركنية باقتدار دون إغفال أهمية دوره في الناحية الدفاعية. وفي خط الهجوم، لا يوجد من هو أفضل في استغلال الكرات المرسلة نحو منطقة الجزاء، من نجم ستوك سيتي ماركو أرناوتوفيتش، فقد أظهر هذا اللاعب نجاعة يحسد عليها هذا الموسم خلال منافسات البريميرليج وأحرز 11 هدفا مع فريقه وصنع 6 أهداف وبات دعامة أساسية في فريق المدرب الويلزي مارك هيوز. وفي حال احتاج أرناوتوفيتش لاعب إنتر ميلان وفيردر بريمن السابق للمساندة، فإن العملاق مارك يانكو مهاجم بازل السويسري جاهز لصب خبرته في إناء منتخب بلاده مستفيدا من طولة الفارع وإجادته الارتقاء للكرات العالية أمام المرمى. ويحتوي المنتخب النمساوي أيضا على لاعب فيردر بريمن زلاتكو يونوزوفيتش أحد ألمع اللاعبين في تنفيذ الركلات الحرة بأوروبا هذه الأيام. وما يتوجب على رجال المدرب مارسيل كولر استغلاله، هو تنافسهم في المجموعة الأسهل نظريا خلال النهائيات، حيث أوقعته القرعة في المجموعة السادسة التي تضم البرتغال البعيدة عن مستواها، والمجر التي تشارك في البطولة الأوروبية للمرة الأولى منذ عام 1972، إضافة إلى الضيف الجديد على البطولة أيسلندا