في هذا الشهر المبارك تزداد أصوات الجوعى والفقراء والمحتاجين ، في هذا الشهر أنين أسرة أنهكها الفقر لا تستطيع علاج مريضها ، وأخرى لا تستطيع ملء جوف صغارها ، وأنين ونحيب في بيتٍ آخر لأسرة لا تستطيع كسوة صغارها وإدخال الفرحة إلى قلوبهم ، ياالله ألهذا الحد وصل الحال بنا ؟ ألهذا المستوى يعيش جاري وأنا لا أعلم بحاله ؟ وما الفائدة إن علمت بحاله ؟ ما الفائدة والحال من بعضه ؟ لقد أصبحت بيوتنا تشكو قلة الجرذان ، وأصبحنا نبحث عمن يتفقد هذا الفقير ، لقد أصبحنا نبحث عن عمر ليحمل إلينا من ملذات هذه الحياة ، فهل سيأتي عمر ؟ هل سيأتي عمر حاملاً علاجنا ، وغذاءنا ، وكسوتنا ؟ هل سيأتي اليوم الذي يأتي فيه عمر حاملاً عدله على ظهره ؟ هل سيأتي عمر ليتفقدنا في بيوتنا كما كان يفعل ؟ أم هل سيخرج علي حاملاً سيفه متوعداً الفقر ليقتله ؟ أم هل سيأتي الصديق شاهراً سيفه لمن منع زكاة ماله التي هي حق من حقوقنا ؟ أنين يتلوه أنين ، وبكاء أطفالٍ حُرموا البسمة في هذا الشهر ، وحزن أبٍ يرى ضعفه في عدم مقدرته على توفير مستلزمات فلذات كبده .
إنها مأساة أم ترى أبنائها لا يجدون ما كانت تحلم به ، تراهم وقد أذاب المرض أجسادهم النحيلة أصلاً ، تراهم يزفون نحو القبر ولا تستطيع عمل أكثر من جرعة مهدئات صباحاً ومساء إن استطاعت توفيرها أصلاً . يا الله ألهذا وصل الحال بنا حتى أصبحنا لا نستطيع أن ننظر في عيون الفقراء ، ولا نستطيع حتى الفرح وقد أخرسنا الأنين وأصم آذاننا النحيب ، وملأت مآقينا الدموع ، كيف لنا أن نفرح ، وأمهات يبكين وآباء يحزنون ؟ من أين يأتي الأنين ؟ إنه الأنين القادم من كل بيت ، هذا يشكو وجعه ، وذاك يشكو جوعه ، وآخر يندب حظه ... يامن ستكوى جنوبكم وظهوركم وجباهكم بما كنزتموه من أموال يوم القيامة أرأفوا بأنفسكم من ذلك اليوم وبالمساكين الذين اشتد أنينهم هذه الأيام ، فاطعموهم واكسوهم وطببوهم من مال الله .