إلى أرواح كل الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم لأجل عدن وكل الجنوب. سأتجاهل اليوم كل واقعٍ مرعب ومخيف يعيشه الجنوب عموماً وعدن خاصة .. سأترك الأحياء، وسأكتب إلى الموتى .. إلى الشهداء، لن أذكر أسماء أو مناطق .. لأنهم جميعاً شهدائنا وأبطالنا ..
كيف أبدأ رثاءكم .. يتعثر الكلام ويتجمد الحبر قبل أن يصوغ عبارات رثاءكم يا أبطالنا .. أوحقاً رحلتم أيها الأبطال دون وداع؟!
يا للحسرة .. سنفتقدكم أيها المجاهدون .. سيفقدكم الوطن والأهل أيها البسطاء العظام، أحقاً رحلتم أيها التواقون إلى الفجر الجديد؟
سيفتقدكم كل البسطاء الطيبين .. هاهو العامل شاهراً عصاه مجلجلاً ينعيكم .. وذلك الصياد نصف العاري الحافي يلوح بمجدافه رثاءً وحسرةً وألماً ..
الحفاة الحالمون بشروق شمس الحرية المتخمون إحباطاً ومعاناةً ينسجون لكم من شجر المراعي وأعشابها اليابسة أكفان المجد والخلود.
عشاق الحياة المخضبون عرقاً وملوحة، المتحدون ووهج الشمس .. رجال البحر والمخاطر يبنون لكم مزاراً لا يصله إلا المكافحون أمثالكم.
عدن، لحج، أبين، شبوة، حضرموت، المهرة وسقطرى .. كل شبرٍ من وطننا الجنوبي يبكيكم ويتذكر عطاءكم ومآثركم.
شهدائنا ..
قد تتساءلون ما دهى الرفاق يخيم عليهم الصمت .. أهي الظروف ((ظروف المحافظة)) التي اعتادوا على قولها أم هو المستجد .. أم الاعتقاد بأن الصمت أفضل في زمن استبيحت فيه كل القيم بما فيها الشهادة.
عموماً .. نعرف أنكم أكبر من مجرد مقالة أو مجموعة مقالات تكتب لكم .. وأكبر من تهويل مزيف تصحبه صور لبطولة زائفة ترفضونها لأنكم لا تعشقون صور اللافتات في اللحظات الهزيلة.
صوركم أيها الخالدون في ضمير ووجدان من ناضلتم واستشهدتم من أجلهم .. صوركم محفورة ومرسومة بحجم الوطن في قلوب كل شرفاء هذا الوطن.
أما أولئك القابعون في ترف القصور الزجاجية ورغد الفنادق العملاقة .. وفي زوايا الصالونات الكبرى .. ممن صارت اللامبالاة عشقهم وهلوسات الثمالة نشوتهم فهم لا يدركون سمو الاستشهاد في الشوارع والحواري والأزقة وفي هضاب الوطن المهجورة وروابيه المنسية ..
لذا فهم لا يأبهون ولا يجيدون صياغة المراثي لتمجيد من نذروا أنفسهم قرباناً لحياةٍ أفضل لهذا الجنوب هم مبدعون فقط في إظهار هلوساتهم وأمراضهم الخبيثة عبر قنواتهم بعناوينٍ براقةٍ فيؤكدون لنا كل يوم وطنيتهم المبتذلة والمصطنعة بمساحة جرائدهم الضيقة وقنواتهم المفصلة على حدود قرائهم ومشاهديهم ومناطقهم.